قبل أن يغوينا الهوى الصيني

حجم الخط
0

‘أمكنني قبل بضعة اسابيع أن أكون حاضرا حينما حلل ايراني ذو مكانة دروس حكومته في مجال سياسة الخارجية والامن بعد التوقيع على اتفاق جنيف المتعلق بالشأن النووي. كان الانجاز الاول الذي عده هو احباط نية اسرائيل أن تجر الولايات المتحدة الى هجوم على ايران.
والثاني أن ايران أحبطت محاولة اسرائيلية لجعل مجلس النواب الامريكي يتمرد على الرئيس اوباما وسياسته. وانجاز آخر هو أن الايرانيين نجحوا في افشال مجموعة الضغط اليهودية القوية في واشنطن. وكذلك بالطبع حقيقة التوصل الى اتفاق مع الولايات المتحدة برغم أنف اسرائيل. وهو يرى أن النتيجة المجتمعة لهذه الانجازات هي زيادة عمق الصدع في العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة.
تبدو الامور مختلفة من وجهة نظر اسرائيلية: فعلاقات القدس بواشنطن ما زالت وثيقة في الصعيد الامني. لكن وجهة النظر الايرانية يجب أن تقلقنا وأن توجب محاسبة النفس قُبيل بدء 2014.
ستجدد المحادثات في جنيف في آذار، وستتم مباحثات مجلس النواب الامريكي في اقتراح مجموعة من الشيوخ تشديد العقوبات على ايران اذا فشلت الاتصالات، في الشهر القادم. وقد أعلن اوباما من جهته أنه سيعترض على القانون اذا تم اتخاذه. فما هي الفائدة التي ستجنيها اسرائيل من تدريب فاشل مكرر؟ اذا فشل التدريب فستصيبنا هزيمة وعي اخرى، واذا ‘نجحنا’ واستُعمل النقض فلن نحرز الهدف أصلا وسيتسع الفرق بين القدس وواشنطن. ويتوقع أن يربح الايرانيون ربحا مضاعفا وأن نخسر خسارة مضاعفة.
في حين بدأت الولايات المتحدة تبتعد عن اسرائيل أو تبعدها اسرائيل، أخذ قادة الدولة يتحدثون علنا عن ضعف امريكا وعن الحاجة الى توزيع علاقاتها الاستراتيجية والبحث عن شريكات اخرى، والصين هي واحدة من المرشحات لهذه السياسة الجديدة.
إن زيارة وزير الخارجية الصيني لاسرائيل قبل اسبوع أتاحت فرصة نادرة ليسمع من رئيس الوزراء مقدار الأهمية التي يوليها لهذه العلاقة الاستراتيجية. ويستحق اقتباسان الذكر. الاول: ‘إن للدولتين قيما مشتركة، فنحن معا نقدر التربية والعائلة’، وقال ايضا: ‘أريد أن أتحدث إليك عن سكة الحديد التي ستربط آسيا باوروبا، من ميناء ايلات على البحر الاحمر الى ميناء أسدود على البحر المتوسط، وأنا أعتقد أن ذلك مهم للتجارة العالمية وللتجارة الصينية’.
اعتاد زعماء اسرائيل الى الآن أن يمتدحوا باشتراك الشعب الامريكي والشعب الاسرائيلي في القيم نفسها ونحن الآن لا نتقاسم المصالح مع الصين فقط بل القيم ايضا.
وهذا تحول يستحق نقاشا عميقا في الكنيست التي لا يُسمع صوتها ألبتة في شؤون السياسة الخارجية العالمية.
ذُكر أكثر من مرة في اثناء زيارة وزير الخارجية الصيني الحرب العالمية الثانية حينما منحت الصين اليهود الذين فروا من اوروبا اللجوء. اجل من المناسب أن يشكر شعب اسرائيل الصين على عملها الرائع ذاك. لكن اذا تناولنا التاريخ فقد كان من الصواب ذكر تاريخ أقرب وهو علاقات الصين باسرائيل منذ أيار 1948، فقد ساعدت الصين مدة تزيد على اربعين سنة استقلال، أعداء اسرائيل ولم تنشيء علاقات دبلوماسية بها. وما زالت منذ أُنشئت في مطلع تسعينيات القرن الماضي تساعد حليفتين مركزيتين لها وهما ايران وسوريا، فما صلة ذلك بالقيم المشتركة التي نشترك نحن وبجين فيها؟.
حينما تبدأ الحكومة تغيير اتجاه سفينة اسرائيل في المحيط الواسع لـ ‘التجارة العالمية’، فمن المناسب أن نذكر أنه أخذ ينشأ بين الصين والولايات المتحدة صراع على السيطرة على الطرق البحرية. ويلوح هذا الصراع باعتباره من المعارك العالمية المهمة في القرن الواحد والعشرين. تحدث وزير خارجية الصين عن حلم السيطرة على ‘المحيطات الثلاثة’، وبُشرنا قبل اسبوعين في الحقيقة باتفاق بين الصين واليمن على تطوير ميناء عدن. وبذلك تُتم الصين تقريبا منظومة الموانيء التي تنشئها من البحر الجنوبي الصيني الى الغرب حتى الخرطوم على الساحل الافريقي الشرقي. وبقيت درة واحدة فقط في هذا العِقد: فهل ينوي رئيس الوزراء أن يضيفها الى كنز الصين في صراعها العالمي مع الولايات المتحدة؟.

يديعوت 26/12/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية