قرارات الرئيس التونسي تثير موجة جدل على شبكات التواصل: إنقلاب على الدستور أم انتفاضة ضد الإخوان؟

حجم الخط
0

لندن-»القدس العربي»: أثارت القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد موجة واسعة من الجدل على مستوى العالم العربي، حيث تباينت المواقف بين من اعتبرها إنقلاباً وانتهاكاً للدستور الذي أقسم الرئيس على حمايته، وبين من اعتبرها قرارات رئاسية تستجيب لرغبة الشعب التونسي الذي يريد الانتفاض على الإخوان المسلمين، أي حركة النهضة التي تتولى رئاسة البرلمان التونسي.

وأصدر الرئيس قيس سعيد قراراً بإعفاء هشام المشيشي من رئاسة الحكومة في تونس، وتجميد أعمال البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، كما أصدر لاحقاً جملة من القرارات بتعطيل عدد من المؤسسات العامة وإعفاء وزير الدفاع الوطني وإقالة مجموعة من كبار المسؤولين في الدولة.
واعتبر العديد من الكتّاب والنشطاء أن ما حدث في تونس يشكل «انقلاباً» على شرعية البرلمان المنتخب والمسار الديمقراطي في البلاد، كما أشار البعض بأصابع الاتهام الى وقوف دولة الإمارات وراء هذه القرارات، فيما رآى آخرون أنها «انتفاضة ضد الإخوان» عبر قرارات تصحيحية من أجل إنهاء الأزمة التي تعاني منها تونس.
ووصف آخرون قرارات الرئيس بأنها «تاريخية» وتهدف إلى وقف حالة التدهور في تونس وإخراج البلاد من سيطرة جماعة الإخوان المسلمين التي تنتمي لها حركة النهضة ذات الأغلبية في البرلمان.

إنقلاب على الدستور

وكتب الصحافي الأردني ياسر أبوهلالة: «يبدو سعيّد طفلا فرحا بلعبة السلطة شغوفا بها، وقد صادفت قلبا خاليا، فهو في حياته لم يتولّ مسؤولية أي إدارة ولو من 5 موظفين، وعندما أدار دولة فجأة، سعد سعيّد أيما سعادة وقرر الاحتفاظ باللعبة وحده دون أقرانه وتكسيرها أن اضطر للتخلي عنها».
أما الكاتب والصحافي الفلسطيني ياسر الزعاترة فعلق على ما حدث في تونس بالقول: «كل الانقلابيين على الشرعية في التاريخ جاؤوا بوعود كبيرة، ولكن النتيجة هي المزيد من المعاناة. حين يسود الاستبداد؛ ينهض الفساد، ولا تكون المحاسبة لأن الجنرال أو «المنقلب» يحتاج لدائرة تدافع عنه، وهذه لا تتوفر إلا بشبكة مصالح عنوانها الفساد. نظام التداول لم يخترعه العالم عبثا».
وأضاف الزعاترة في تغريدة ثانية على «تويتر»: «قرار سعيّد بمنع التظاهر يؤكد أنه يعرف تماما من هو الطرف الأكثر قدرة على حشد الجماهير. وحده إعلام «الثورة المضادة» هو من يبيع حكاية انحياز الناس للانقلاب. غالبية برلمانية ترفضه، وهذا أكبر دليل؛ بجانب ما ذكرنا عن قدرات الحشد الشعبي. من يملك السيوف قد يتفوق، لكن القلوب لها مسار آخر».
وغرد حساب يُدعى «حكيم تونس» على «تويتر» بالقول: «بحسب البيانات الرسمية كانت حملة سعيّد الأعلى إنفاقا على الفيسبوك. طبعا هو الخصم والحكم وهو الدستور والقانون، لن يحقق مع نفسه، وسيسلط القضاء العسكري التابع له لتصفية خصومه. شخصية مريضة بالكذب».
وكتب الناشط أنس التكريتي: «تفاهة الثورات المضادة تتجلى في فشلهم حتى في تزويق وفبركة اتهامات من نوع جديد أو فيها شيء من الإبداع والتفكير.. هي هي، أموال خارجية وتخابر. اتهامات جاهزة ومعلبة من المصنع الرئيسي».
وغردت بيري أحمد: «قيس سعيد بدا من دلوقت بالاستغناء عن كل المناصب العليا من أول الداخلية والمخابرات وغيرها في جميع المؤسسات، الانقلابيون اتعلموا من الدروس المستفادة التي مرت عليهم من قبل، كل شوية هنشوف تطور جديد في الانقلاب».
وكتبت رئيسة تحرير موقع بوابة تونس وجدان بوعبد الله: «كيف تصفقون لرجل يعلن أنه يجمع بيده جميع السلطات: التنفيذية والتشريعية والقضائية بحجة «تلبية رغبة الشعب»؟ ألا تفقهون؟ ألا تتذكرون كل الديكتاتوريات ورجالها الأحياء منهم والأموات؟ البهجة التي تكتبون بها اسمها حماقة لأنها تعني خرابكم وخراب تونس».
وعلقت الصحافية سلمى الجمل: «سيسجل التاريخ كيف طعن أستاذ القانون الدستوري به وكيف خرب الحياة الديمقراطية في بلده وكيف بدأ بمحاربة الصحافة والكلمة.. مسار يقود إلى اتجاه واحد وحتمي حكم الفرد والحزب الواحد».
الفنان رشيد غلام علق قائلاَ: «عندما كانت تونس تحت وطأة طغيان بن علي، تضامنا معه وسميناه: استبداداً، وعندما انتفض الشعب في ثورة الياسمين آزرناه وسميناها: ثورة. اليوم لايسعنا إلا نسمي الالتفاف على الشرعية الديمقراطية: إنقلابا، ولسنا نحابي في الحق أحداً ولا نتودد بالباطل لأحد».

إنتفاضة ضد الإخوان

في المقابل، أيد الكثير من المعلقين إجراءات الرئيس التونسي، وأطلق المغردون على «تويتر» الوسم «#تونس_تنتفض_ضد_الإخوان» معتبرين أن قرارات الرئيس تهدف إلى إنهاء الأزمات التي تعاني منها البلاد.
وكتب الناشط السعودي منذر آل الشيخ مبارك: «بشائر الخير بدأت تصل من تونس، عمل الإخوان طوال الفترة الماضية على التغلغل في مفاصل تونس وتعطيل كل إجراءات التحقيقات والتغطية على ملفات الفساد، قالها الرئيس قيس سعيد اللصوص تختبئ خلف النصوص وقريبًا ستخرج فضائح أكبر لفساد أنهك تونس لعقد من الزمن».
أما الكاتب والناشط السعودي المقرب من النظام في الرياض تركي الحمد فعلق قائلاً: «سيأتيك من يشجب ما يجري في تونس ويتحسر على الديمقراطية المغدورة والانقلاب على الدستور والمؤسسات الدستورية، متجاهلاً أن تلك كانت ديمقراطية إخوانية، أي مفصلة على مقاس الإخوان، فالإخوانية بل كل الإسلام السياسي مناقض تماماً في منطلقاته مع مبادئ الديمقراطية مهما حاولوا أن يجملوه».
وغردت ناشطة تُدعى زينب: «الحمدلله تونس تخلصت من الإخوان المفلسين متأكدة لي خاوتنا التوانسة مايزيدوش يصوتوا عليهم خوفي يزيدوا يزوروا الانتخابات زي المرة الآخرة».
وعلق أحد الناشطين: «الإخوان ليسوا هم الحل هم جزء من المشكلة؛ وعلى أي نظام عربي يريد الديمقراطية أن يضع نصاً صريحا في الدستور يحظر على الإخوان العمل السياسي».
السعودي حمادة الشمري كتب يقول: «خطوةً قيسية باتجاه تصنيف النهضة والإخوان في تونس منظمةً ارهابية، وهذا ما يجب في تونس وفي جميع البلدان العربية، لا يمكن للأمة ان تنهض بوجود جماعة الإخوان».
وغردت سناء الهاجري: «يكذبون وينشرون الأخبار الكاذبة ليظهروا كالعادة ضحايا…إنقلاب ماذا.. شعب تونس قال لكم ارحلوا وهو أيضا من يطلب ويطالب بشدة ان يحاسبوا قضائيا على كل ما فعلوه في بلادنا منذ احداث باب سويقة الي اليوم».
وكتب وهاب رحماني: «قيس سعيّد نموذج عن الرئيس المحنك بالقانون ولا عجب وهو أستاذ في القانون الدستوري. التمسك بالدستور وتطبيقه بحزم هو الضامن لحقوق الشعب التونسي العظيم».
يشار إلى أن الرئيس سعيد أوقف اختصاصات البرلمان وأقال الحكومة وأعلن توليه السلطة التنفيذية مع صلاحية التشريع عبر الأوامر والمراسيم، كما سيتولى رئاسة النيابة العامة لضمان ملاحقة النواب المتورطين في قضايا وجرائم بعد أن قرر رفع الحصانة البرلمانية عنهم.
وفجرت هذه القرارات جدلا لا سيما مع غياب المحكمة الدستورية التي تأخر وضعها منذ 2015 فيما استفاد الرئيس سعيد من الاحتجاجات وأعمال الشغب التي اجتاحت عددا من المدن التونسية يوم الأحد الماضي من أجل إعلان التدابير الاستثنائية فضلا عن السخط العام من المناوشات المتكررة في أعمال البرلمان وأدائه السيء طيلة السنوات الماضية.
وينص الفصل 80 على أن «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية». ولكن الفقرة التالية للفصل تفرض أن يبقى البرلمان في حالة انعقاد دائم ولا تتيح للرئيس إنهاء أعمال الحكومة بشكل صريح.
وقالت الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي ترأسها سعيد حينما كان مدرسا في الجامعة، في بيان للرأي العام إن قرار الرئيس تجميد جميع اختصاصات البرلمان «لا يدخل ضمن التدابير الاستثنائية». وأضافت أن الفصل 80 ينص على بقاء المجلس في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة، الأمر الذي يتناقض مع تجميد اختصاصاته. وأوضحت الجمعية في بيانها «إن حالة استثناء، تمثل بطبيعتها وضعية دقيقة يمكن أن تفتح الباب على عدة انحرافات». كما أعلنت الجمعية عن مخاوفها من مخاطر تجميع كل السلطات لدى رئيس الجمهورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية