الناصرة- “القدس العربي”:
يتواصل الجدل في إسرائيل حول تكليف المخابرات العامة (الشاباك) بتعقب المواطنين عبر هواتفهم المحمولة للتثبت من بقاء المطالبين بالحجر الصحي داخل منازلهم وعدم التجول في الحيز العام وتعريض الآخرين للعدوى بفيروس كورونا.
وتعتبر بعض الأوساط الإسرائيلية أن هذا الإجراء غير ديموقراطي وانتهاك لخصوصيات الفرد. كما عبر نواب في كتلة “أزرق- أبيض” منهم أحد قادتها يائير لابيد عن مخاوف أوساط إسرائيلية أخرى من استغلال هذا الإجراء لتعقب المواطنين والمساس بحقوقهم مستقبلا بعد الانتهاء من معالجة وباء كورونا.
وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية أنها تلقت في اليوم الأول من تطبيق هذا الإجراء الجديد بيانات جمعها الشاباك حول مواقع مصابين بفيروس كورونا، وتم رصد أشخاص خالطوا المرضى، ولفتت الوزارة إلى بعثت 400 رسالة نصية لأشخاص تم تحديدهم على أنهم خالطوا أشخاصاً تأكدت إصابتهم بالفيروس.
وقالت الصحة الإسرائيلية إن هذا الإجراء يأتي بهدف تسهيل عمليات الاستقصاء الوبائي وتقصير الإجراءات، والوصول بأكبر قدر ممكن من الدقة إلى الأشخاص الذين خالطوا مريض كورونا.
وأوضحت الوزارة في رسالتها إلى الأشخاص الذين خالطوا مرضى كورونا، تاريخ الحادثة، وطالبتهم بالدخول إلى العزل الصحي الفوري. في المقابل، ذكرت الوزارة أنه تم إبلاغ مرضى كورونا أنه تم استخدام البيانات المتعلقة بمواقع تواجدهم لاستكمال التحقيق الوبائي لتحديد الأشخاص الذين اختلطوا بهم.
وأصدرت المحكمة العليا في إسرائيل أمرا احترازيا يلزم الدولة وجهاز الأمن العام بتشكيل لجنة برلمانية تراقب تنفيذ إجراءات الطوارئ التي أقرتها الحكومة، والتي تتيح تعقب الأشخاص ومراقبتهم من خلال وسائل تكنولوجية مختلفة من قبل المخابرات العامة.
يشار إلى أن اللجنة البرلمانية المذكورة غير موجودة بسبب تعطيل البرلمان من قبل رئيسه يولي إدلشتاين بذرائع مختلفة منها كورونا ضمن خطوات حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو للتهرب من استحقاقات نتائج الانتخابات التي حولت معسكر اليمين لأقلية برلمانية، ودفعت رئيس دولة الاحتلال رؤوفين ريفلين لتكليف رئيس كتلة “أزرق- أبيض” بيني غانتس بتشكيل حكومة.
وجاء هذا الأمر بعد التماس قدمه مركز عدالة، والتماسات من جهات أخرى، تم النظر فيها ظهر اليوم. ومنحت المحكمة العليا، الدولةَ حتى يوم الثلاثاء لتشكيل هذه اللجنة، وفي حال لم يتم ذلك لن تسمح بتطبيق هذه الإجراءات.
كم منحت المحكمة العليا مهلة للدولة حتى يوم غد الأحد، للرد على أسئلة عدالة التي طرحت خلال الجلسة التي ترافع خلالها مدير عام مركز عدالة، المحامي حسن جبارين. ويؤكد المحامي جبارين أن الحكومة لا تملك أي صلاحية لإقرار مثل هذه الإجراءات أو سن قوانين مماثلة في حالات الطوارئ.
وأثنت النائبة إيمان خطيب ياسين على قرار المحكمة العليا بالاستجابة للالتماس الذي قدمه مركز عدالة والقائمة المشتركة، وإصدار أمر احترازي بهذا الخصوص. وكانت النائبة ياسين قد أعربت في رسالة بعثتها للمستشار القضائي للحكومة عن رفضها قيام الشاباك بهذه الإجراءات التي وصفتها بأنها غير قانونية وتمس حرية وخصوصية الأفراد، دون أية رقابة ودون الرجوع للكنيست. وحذرت النائبة ياسين من أن تصبح هذه القوانين الطارئة قوانين دائمة ومستمرة، خاصة وأننا لا نعرف متى ينتهي خطر كورونا، وأكدت على أنها ليست ضد اتخاذ إجراءات للحد من انتشار كورونا، لكنها ضد اتخاذ إجراءات من شأنها أن تمس بحياة الأفراد وخصوصيتهم، دون أية رقابة من أية جهة أخرى”.
** عنصرية القنوات الإسرائيلية
وفي سياق متصل، أبرق مركز “إعلام” رسالةً إلى المديرين العامين في القنوات الإسرائيلية المركزية مطالبا إياهم بالعمل على ملائمة المضامين التي تبث عبر القنوات للمجتمع الفلسطيني في إسرائيل. وأوضح مركز “إعلام” أنه ومنذ اندلاع ازمة “كورونا” وتفشيها، عملت القنوات الإسرائيلية على بث معلومات وأخبار شملت العديد من التوجيهات الحكومية للتعامل مع الأزمة، إلا أن المعلومات كانت باللغة العبرية فقط، علما أنّ قرابة 43% من المجتمع الفلسطيني أقل من 18 عاما، فيما قرابة الـ10% من المجتمع العربي هم من كبار السن، المجموعتان اللتان تحتاجان إلى ترجمة للغة العربية.
وأكد مركز “إعلام” على أن التجاهل من قبل المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية رافقه تجاهل مؤسساتي، حيث عممت وزارة الصحة عشرات البيانات باللغة العبرية بداية الأمر (لاحقا تمت ترجمتها) كما عممت الجبهة الداخلية فقط جزءا من المعلومات باللغة العربية، الأمر الذي يؤكد على أهمية ملائمة البث إلى المجتمع العربي.
وأوصى المركز باتخاذ 3 خطوات من شأنها ملائمة البث للمجتمع العربي، منها استضافة مختصين عرباً، من كافة المجالات، على أن يقدم المختصون رسائل باللغة العربية وليس العبرية المترجمة، كما أوصى بمقابلة عدد من المختصين ميدانيا على أن يتحدث المختصون باللغة العربية، واقترح العمل على ترجمة النشرات على رأس الساعة والتي تلخص أهم الأحداث.
وأكد المركز على ضرورة اتخاذ خطوات لضمان وصول معلومات سليمة للجمهور العربيّ الذي بدّل من سلوكيات تتعلق بمشاهدة وسائل الإعلام، حيث ركز أكثر على الوسائل المركزية باللغة العبرية في البلاد، علما أنها تتطرق اليوم إلى الموقف وخطورته، حيث جاء التغيير من باب استقاء المعلومات مما يؤكد على ضرورة ملائمتها.
وحسب معطيات وزارة الصحة الإسرائيلية تجاوز عدد المصابين بفيروس كورونا خلال عشرة أيام 700 مصاب. وأوضحت أن من بين المصابين 6 في حالات خطيرة و13 في حالة متوسطة و540 إصابة بحالة طفيفة. وأشارت الوزارة إلى أن المستشفيات تستقبل 266 مريضا، فيما يتم علاج 86 مريضاً في منازلهم.
وكشف الناطق بلسان المحاكم الاسرائيلية، أنه تم تشخيص قاضي محكمة الصلح في مدينة ريشون لتسيون كمريض كورونا، علاوة على 25 قاضيا دخلوا العزل الانفرادي.
ووفقاً لتعليمات وزارة الصحة، فإن أي شخص خالط القاضي في جلسات المحكمة يومي 11 و 12 مارس/ آذار دخل في العزل الانفرادي، كما فعل القضاة والموظفون والمسؤولون الذين اتصلوا به. وأعلنت السلطات الإسرائيلية، إخضاع وزيري الداخلية آريه درعي، والزراعة تساحي هنغبي، وعضوي كنيست (رام بن باراك من أزرق-أبيض) للحجر المنزلي.
وقالت القناة إن الوزير هنغبي وعضوي الكنيست خالطا “ِشاي حجاج” رئيس مستوطنة ما تسمى “المجلس الإقليمي مرحافيم” الواقعة قرب قطاع غزة، في مؤتمر عقد الأسبوع الماضي حول استعدادات الزراعة للتصدي لفيروس كورونا. وأضافت أن الوزير درعي خالط هو الآخر “حجاج” خلال اجتماع عقد الأحد بمقر وزارة الداخلية في القدس المحتلة بحضور عدد من مسؤولي الوزارة. وكشف بالأمس أيضا عن تعطيل قسم الداخلية في مستشفى بوريا في قضاء طبريا وإخضاع نحو 40 طبيبا وممرضا للحجر الصحي بعد إصابة طبيب بالعدوى.
وعبرّ مدير عام وزارة الصحة الإسرائيلية بار سيمان عن خشيته من اضطرار إسرائيل لمواجهة حدث طويل سيستمر حتى عام 2021، معتبرا أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الشتاء المقبل، عندما يكون هناك إنفلونزا موسمية واستشراء كورونا.
وتابع بار سيمان: “نستخدم كل القوى الممكنة بما في ذلك المختبرات الجامعية، عندما وضعنا لأنفسنا هدفا للوصول إلى 3000 فحص في بداية الأسبوع المقبل (على غرار كوريا الجنوبية) وأكثر من 5000 فحص في وقت لاحق”.
وبحسب معطيات وزارة الصحة الإسرائيلية حتى الآن، فقد تم إجراء 12 ألف فحص، ما يعني إجراء 1432 فحصا لكل مليون إسرائيلي في البلاد، علما أن هذه المعطيات تعتبر أقل مقارنة بالفحوصات التي تجريها دول العالم.
يشار إلى أنه قد تم كشف النقاب قبل يومين عن أن جهاز الموساد قام في حملة خاصة حول العالم، تم خلالها إحضار نحو 100 ألف وحدة مجموعة اختبار لفيروس كورونا، فيما قالت مصادر إسرائيلية إن الإمارات كانت قد قدمت الكمية الأكبر من هذه المعدات الطبية لإسرائيل. فيما قال مدير عام وزارة الصحة الإسرائيلية لاحقا أن المعدات التي تمت حيازتها من الإمارات غير مطابقة للمعدات الناقصة. يشار إلى أن إجراءات الإغلاق شبه التام وإخضاع المواطنين للمكوث داخل منازلهم بعد تعطيل 70% من مرافق العمل في إسرائيل، قد سببت بطالة 700 ألف إسرائيلي تسجلوا حتى الآن لتلقي مخصصات بطالة تعينهم على الاستمرار في حياتهم.
ويؤكد محللون اقتصاديون أن خسارة إسرائيل بعد إغلاق كافة المحال العامة عدا المستشفيات ومخازن الغذاء وبقية مواقع العمل الحيوية يلحق ضررا فادحا يقدر بعشرات المليارات.