لندن-“القدس العربي”:أشعل قرار السلطة الفلسطينية استئناف العلاقات مع إسرائيل وعودة التنسيق الأمني إلى سابق عهده موجة جديدة من الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي طالت العديد من الملفات وأهمها مستقبل المصالحة الداخلية الفلسطينية وكذلك الموقف من التطبيع العربي مع تل أبيب وما إذا كانت قيادة السلطة قد غيرت من مواقفها وتوجهاتها حيال هذه الملفات.
كما جدد القرار الجدل الفلسطيني الداخلي بشأن الرهان على الإدارة الأمريكية الجديدة والرئيس جو بايدن الذي سيتولى السلطة بشكل رسمي في البيت الأبيض اعتباراً من العام المقبل بعد أن تغلب على الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات التي جرت بداية الشهر الحالي.
وأعلنت السلطة الفلسطينية مساء الثلاثاء الماضي عن استئناف التنسيق والعلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، وقال رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ: “على ضوء الاتصالات التي قام بها سيادة الرئيس محمود عباس بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معنا، واستنادا إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبة وشفوية بما يؤكد التزام إسرائيل بذلك، وعليه فسيعود مسار العلاقة مع إسرائيل كما كان”.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية طلب في أيار/مايو الماضي من الوزارات المباشرة بخطوات عملية وإجراءات عاجلة لتنفيذ وقف التنسيق الأمني، وما ورد في قرارات القيادة الفلسطينية بشأن العلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة. وجاء الموقف الفلسطيني حينها احتجاجا على التهديدات الإسرائيلية بضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وأشعل القرار المفاجئ باستئناف العلاقات والتنسيق الأمني مع إسرائيل موجة من الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي، سواء داخل فلسطين أو على مستوى العالم العربي، بين من دافع عن قرار القيادة الفلسطينية ورآى فيها إنجازاً وانتصاراً وبين من رآى أنها انكسار وتراجع عن مسار المصالحة الداخلية مع حركة حماس.
وغرد الوزير في الحكومة الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ قائلاً “ما جرى اليوم انتصار لشعبنا الفلسطيني” وأضاف: “صفقة القرن لم تعد موجودة على الطاولة”.
وتابع الشيخ في تغريدات على حسابه على “تويتر” قائلاً: “نحن نأخذ ما أعلنته هذه الإدارة الأمريكية الجديدة ببرنامجها الانتخابي، وهي تشكل نافذة لعودة العلاقة بعد 20 من يناير” وأضاف: “تعرضنا للعديد من الضغوطات الإقليمية والدولية.. الذي تُرفع له القبعة هو الشعب الفلسطيني، هذا انتصار بامتياز لثبات وصمود وكبرياء رئيس هذا الشعب الرئيس محمود عباس، الذي كاد أن يكون وحيداً، تحمل ما لم يتحمله أحد طيلة الاشهر والسنوات الأخيرة السابقة”.
وانتهى الشيخ إلى القول: “الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة بيننا وبين الحكومة الإسرائيلية يعني ان صفقة القرن لم تعد موجودة على الطاولة، وهذا انتصار”.
أما القيادي في حركة فتح جمال نزال فكتب على “فيسبوك” يقول: “كادت خطة ترامب، صفقة القرن، أن تغطي الشمس في السماء، وكادت خطة الضم (نتنياهو) أن تمنع الهواء عن رئتينا، صمدت القيادة وصبر الشعب، خطة ترامب ذهبت، وخطة الضم ذهبت، وبقي شعبنا ومستقبله.. وستذهب كورونا ويأتي الخير”.
أما الإعلامي زياد حلبي فقال: “عودة السلطة الفلسطينية إلى التنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل كان متوقعاً بعد فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية لكن ذلك قد ينسف محاولات إنهاء الانقسام بمصالحة تبدو غير صالحة حاليا”.
في المقابل، غردت الأديبة والكاتبة الفلسطينية لما خاطر عبر حسابها على “تويتر” تقول: “أي عبثية هذه التي تنتهجها قيادة السلطة وحركة فتح؟ لا وزن الآن لأي كلام عقلاني يحلل ويفسر، أو يبرر تراجعها المهين هذا، وإعلانها إعادة التنسيق والعلاقات مع الاحتلال، فأولويتها واضحة: بقاء السلطة هو الثابت الوحيد، إنما نأمل ألا يعود كل مستنكر للخطوة لترديد مصطلح (طرفي الانقسام) بعد حين”.
وكتب الناشط والباحث الفلسطيني طارق حمود: “ما كنا نتجنبه في النقاش، لابد من مواجهته اليوم. كيف يمكن للسلطة إقناع شارعها وشعبها وحلفاءها أن التطبيع العربي ضد مصلحة القضية، والتطبيع الفلسطيني مصلحة لها؟” وأضاف في تغريدة منفصلة: “احتاجت فتح وحماس لعقد عشرات اللقاءات الفاشلة من أجل المصالحة ولم تنجح بعد مرور 13 سنة. بينما اتصالات فقط ووعد بالتزام الاحتلال بالاتفاقات كان كافياً لعودة المصالحة معه. مأساتنا ليست فقط بالاحتلال وحده”.
أما فراس أبوهلال فغرد يقول: “من توقع خيراً من السلطة الفلسطينية فليراجع نفسه. هذه سلطة أقيمت بناء على تعاقد هو أوسلو، وهو تعاقد يفرض عليها أن تكون جزءا من منظومة الاحتلال شاءت أم أبت.
أعادت السلطة اتصالاتها مع الاحتلال وستوقف بدون شك اتصالاتها مع الفصائل، وهذا أمر كان متوقعا. توقع سلوك السلطة لا يحتاج لتحليل!”.
وغرد الباحث والناشط في غزة أدهم أبوسلمية يقول: “لا يختلف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني عن التطبيع معه، كلاهما خيانة، وكلاهما خنجر مسموم في خاصرة شعبنا وقضيتنا، وكلاهما نحن منه براء”.
وكتب الناطق الإعلامي باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس حازم قاسم: “حديث السلطة الفلسطينية في رام الله عن انتصارات بعودتها للتنسيق الأمني هو استغفال للرأي العام الفلسطيني.. جماهير شعبنا بكل ألوانه عبر عن رفضه لهذا القرار، لذا على السلطة التراجع الفوري عن هذه الخطيئة السياسية”.
وغرد الإعلامي المصري وائل قنديل: “التنسيق الأمني بالنسبة لعباس هو الهواء والهوى. يشعر محمود عباس بالاختناق في الفترات التي لا يوضع فيها على جهاز التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني ضد المقاومة الفلسطينية”.
يشار إلى أن عدة فصائل فلسطينية أصدرت بيانات تستنكر فيها قرار السلطة استئناف العلاقات مع إسرائيل، بما فيها حركة حماس التي وصفت القرار بأنه “طعنة في الظهر”.
وأدانت حماس القرار، وقالت إن السلطة “ضربت عرض الحائط بكل القيم والمبادئ الوطنية، ومخرجات الاجتماع التاريخي للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية”.
ووصفت القرار بأنه “يمثل طعنة للجهود الوطنية نحو بناء شراكة وطنية، واستراتيجية نضالية لمواجهة الاحتلال والضم والتطبيع وصفقة القرن”.
وتابعت أن “السلطة الفلسطينية بهذا القرار تعطي المبرر لمعسكر التطبيع العربي الذي ما فتئت تدينه وترفضه” مطالبة إياها بالتراجع عن القرار.