القاهرة ـ «القدس العربي»- : ليست الحكومة التي يترأسها الدكتور مصطفى مدبولي، والتي تتنقل ما بين العاصمة الإدارية ومدينة العلمين الجديدة على ما يرام في الوقت الراهن، إذ تعالت الأصوات المطالبة برحيلها، وقد فرض قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري برفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس، ليصل إلى 19.25%، 20.25% و19.75%، على الترتيب، أثره في توقعات الاقتصاديين بشأن مزيد من المصاعب تواجه الاقتصاد المصري خلال المرحلة المقبلة، كما قرر “المركزي” رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.75%. ويذهب كثير من المحللين إلى تعويم جديد للعملة الوطنية بات وشيكا، ما يعزز المخاوف بمزيد من الارتفاع في أسعار السلع كافة، ما سيزيد معاناة الملايين التي تتلمس طرق الخلاص، وتواصل صراخها للحكومة التي يفصل بينها وبين الفقراء في الصعيد والدلتا مساحات شاسعة، اذ تواصل عملها من مقرها الصيفي في العلمين. ومن أخبار صاحبة الجلالة: أرسل خالد البلشي نقيب الصحافيين خطابا بمطالب الصحافيين للأمانة الفنية العامة للحوار الوطني، وتوزعت المطالب بين عاجلة، وإجراءات قانونية على مستوى الحريات، ومطالب اقتصادية وتعديلات تشريعية. وأكد نقيب الصحافيين في خطابه أن الصحافة الحرة ستبقى إحدى الضمانات الرئيسية لجدية مخرجات هذا الحوار، ولنزاهة أي استحقاق ديمقراطي مقبل، من خلال القدرة المتاحة لها في التعبير عن التنوع وعكس كل رؤى المجتمع. وشدد نقيب الصحافيين على أن تحقيق هذه المطالب، لا بد من أن تتماشى مع توفير مناخ عام يضمن حرية الحركة للصحافيين ويتيح لهم نقل الآراء كافة بكل حرية ودون أسقف يتم فرضها على الجميع، سوى القانون والدستور، وكذلك دون مخاوف من أثمان يدفعونها أو مخاطر يتعرضون لها. وأكد البلشي أن مطالب الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين، تأتي ضمن سياق عام عماده الحلم بوطن يتسع للجميع، وبمساحات أكثر رحابة للحركة، وباستعادة دور طالما مارسته الصحافة في التنوير والتثقيف وكشف مكامن الخطر التي تواجه الدولة المصرية، كسلطة رابعة تراقب وتحذر وتبشر بمستقبل يليق بنا جميعا.
ومن أخبار القلعة البيضاء: وجه أحمد حسام ميدو نجم الزمالك السابق، رسالة إلى مجلس إدارة الأبيض، بعد خروج الفريق من البطولة العربية، بعد التعادل مع النصر السعودي، وكتب ميدو عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: أناشد مجلس إدارة الزمالك بالاستقالة وإتاحة الفرصة لمجلس جديد بالعمل فورا على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، إذا كنتم فعلا بتحبوا الزمالك لازم تمشوا.. النهارده قبل بكره التاريخ لن يرحمكم.
وقالت مصادر داخل نادي الزمالك إن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” أصدر قرارا بإيقاف محمود عبدالمنعم كهربا لاعب النادي الأهلي المصري ومنعه من المشاركة في أي نشاط رياضي لمدة 6 أشهر وسيتم تنفيذ القرار بمجرد استلام اتحاد الكرة خطاب الإيقاف..
تبييض أموال
يتساءل عبد المجيد المهيلي في “درب”، عجبا لأمر البنك المركزي أي عجب” أين المحافظ؟ أين رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية وباقي أعضاء مجلس الإدارة؟ عجبا لأمر مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أين رئيس مجلس إدارته؟ وأين أعضاء مجلس إدارته الكرام؟ لم يكن أمامي غير الاستفهامات الاستنكارية بعد مرور أكثر من 24 ساعة على البلاغ الذي قدمته إلى النائب العام ضد نائب رئيس البنك الأهلي المصري لمخالفته القانون والدستور، بتوجيهاته بعدم السؤال عن مصدر أموال المودعين في البنك الأهلي، الذي قيد تحت رقم 41842 لسنة 2023 عرائض المكتب الفني للنائب العام، وحتى الآن لم نسمع عن قرار بمعالجة الأمر وتصحيحه. عجبا لأمر الأبواق الإعلامية للجمهورية الجديدة، فلم نسمع في الإذاعة والتلفزيون كلمة واحدة عن البلاغ الخاص بغسل الأموال، كما لم نقرأ شيئا عنه في الصحف الرسمية، أو غير الرسمية، التي يقع ما تنشره تحت رقابة خانقة. الأمر جد خطير لا يمكن تجاهله أو التعامل معه بخفة واستهتار، ففشل أي بنك في تحديد مصدر أموال عملائه يلوث سمعته ويعرضه للانهيار. كما أنه يزعزع الثقة في سوق المال المصرية، ذلك أن الجريمة المنظمة ترتبط ارتباطا وثيقا بغسل الأموال، لاسيما أن الغرض من غسل الأموال هو إخفاء مكاسب غير مشروعة دون توريط المجرمين الذين يرغبون في الاستفادة من عائدات أنشطتهم.
تحذير!
يحذرنا عبد المجيد المهيلي من أن تبييض الأموال وغسلها أدى إلى انهيار بنك الاعتماد والتجارة الدولي BCCI في عام 1991. وفي عام 2012، دفع أتش أس بي سي HSBC (أكبر بنك في أوروبا) غرامة قدرها 1.9 مليار دولار، لأنه فشل في منع عصابات المخدرات من استخدام البنك لغسل ما يقرب من مليار دولار. أما بنك واكوفيا Wachovia الذي كان في 2010 أحد أكبر البنوك الأمريكية، فقد دفع غرامة للحكومة الأمريكية بمئات الملايين من الدولارات، لأنه سمح للكارتلات من المكسيك بغسل ما يقدر بـ380 مليار دولار من عام 2004 إلى عام 2007، ولتسوية قضية غسل أموال تجار المخدرات الكولومبيين، وانهار هذا البنك في ما بعد ولم يعد له وجود. إن القانون المصري والدولي والأعراف والواجب تحتم العودة إلى سياسة معرفة مصدر الأموال المودعة في البنوك من جميع العملات كالمتبع في كل المؤسسات المصرفية والمالية المحترمة في العالم أجمع. أثق تماما بأن هناك بعضا بل كثيرا، من العقلاء في القطاع المصرفي المصري وعلى رأسهم صديقي العزيز الأستاذ/ هشام عز العرب رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي والمستشار السابق لمحافظ البنك المركزي، وأنا هنا أناشده وأهيب به لما له من باع كبير في الحقل المصرفي بالتدخل لدى من بيده القرار للعمل على إلغاء قرار عدم السؤال عن مصدر الأموال المودعة في البنوك بشكل سريع حفاظا في المقام الأول على سمعة مصر المالية الدولية وعلى قوة واستقرار البنوك المصرية وسوق المال المصري، وذلك قبل أن يقع الفأس في الرأس.
تلفيق أوضاع
على الرغم من ذلك الجهد المبذول من جانب الدولة وفق ما يرى عبد العظيم الباسل في “الوفد”، إلا أن الحكومة في بعض الأزمات تميل إلى المسكنات لتمريرها بدلا من البحث عن حل ناجز لإنهائها؛ وهي تفعل ذلك لتخفيف الأحمال عن كاهلها وترحيل الأعباء على المواطن من فترة إلى أخرى. بهذا التصور تعاملت الحكومة مع أزمة الكهرباء؛ فبدلا من مصارحة الناس بنقص الوقود تعاملت مع الأزمة بقطع التيار لمدة أربع مرات يوميا في البداية دون تنبيه للمواطن، ثم خرجت مؤخرا لتعترف بالأزمة ولجأت إلى تحديد جدول زمني لقطع التيار. وفي صورة طبق الأصل تتعامل الحكومة مع الأسعار، فهي ما زالت تغض الطرف عن تعدد أسعار السلعة الواحدة في شارع واحد بحجة العرض والطلب، بينما تتغافل عن غياب الرقابة، أو وضع تسعيرات استرشادية لضبط الأسواق، مكتفية بتصريحات مسؤولة تشير إلى توافر السلع بغض النظر عن سعرها، وتشيد أيضا بدور المجتمع المدني وتوسعه في منح المساعدات الأهلية للأسر غير القادرة، وكأن ذلك إحدى وسائل ترحيل المشكلة، بدلا من مواجهة احتكار التجار واستغلال الأسواق، ويأتي المشهد الثالث أشد خطورة وتأثيرا في الوصول بالقمح إلى نصف الاكتفاء الذاتي على الأقل، حتى لا نقع تحت ضغوط الاستيراد بعقباته السياسية والمناخية والوبائية، فبدلا من أن نلجأ إلى دعم الفلاح العالمي بزيادة الاستيراد، نتجه إلى دعم الفلاح المصري برفع سعر القمح وزيادة مساحات زراعته، على نحو ما فعلت الحكومة مؤخرا، مع ضرورة تنوع مصادر الاستيراد، بدلا من التركيز على دول بعينها، ولن نصل إلى الاكتفاء الذاتي إلا بزيادة إنتاجنا من خلال صندوق دعم موازنة الأسعار، وتوفير التقاوى والمبيدات، ومستلزمات الإنتاج كافة، بأسعار مدعمة، حتى لا نترك الفلاح فريسة للسوق السوداء. ويبقى المشهد الرابع متعلقا بنقص الدولار في الأسواق، الذي تسعى الحكومة لتوفيره من خلال مضاعفة الفائدة العالمية على ودائعه في البنوك المصرية، بغض النظر عن مصادر جلبه، في محاولة لجمعه وتسكين أزمته الحالية، بينما الحل الدائم لن يخرج عن زيادة الإنتاج ومضاعفة الصادرات.
في انتظار أن يتكلم
يرى عبد القادر شهيب، أن الرأي العام المصري يحتاج أن يسمع الرئيس السيسي الآن لأسباب أوجزها الكاتب في “فيتو”: هناك العديد من الشواغل التي يفكر فيها المواطن ويحتاج لأن يحدثه الرئيس شخصيا فيها، بدءا من قطع الكهرباء، وحتى ما شهدته سيناء مؤخرا، مرورا بأحوالنا الاقتصادية.. نعم لقد سمع المصريون رئيس الحكومة، وسمعوا وزراء في الحكومة، ولكن ظلت الحاجة لسماع الرئيس موجودة، بل لعلها تزايدت أكثر مؤخرا. أعرف أننا بدأنا شهر الإجازات السنوية، وهو شهر أغسطس/آب، لكن الرئيس يواصل عمله بشكل يومي، وبالتالي يمكنه أن يخرج إلى الناس متحدثا في أي وقت، في ما يشغلهم، ولم تكف تصريحات وكلام رئيس الحكومة وعدد من الوزراء لتلقي ما يحتاج الناس سماعه. كما أن الذين يستمتعون بإجازات في كل فصل الصيف وليس شهر أغسطس فقط، هم نسبة ليست كبيرة وإنما محدودة من المصريين، وحتى هؤلاء سينصتون للرئيس عندما يخرج عليهم متحدثا في ما يشغلهم ويؤرقهم ويحتاجون الاطمئنان عليه. ولسنا في حاجة لإخراج لحديث الرئيس مع المواطنين، أو ننتظر لحفل افتتاح أو إنجاز جديد، وإنما يمكن للرئيس أن يخرج متحدثا للناس عبر شاشات التلفزيون، في أي وقت وبشكل مباشر بينه وبين الناس، دون الحاجة لمذيع أو مقدم برنامج تلفزيوني. لقد جرى الكثير من الأحداث منذ آخر مرة جمعت الرئيس بالناس، وهم يريدون أن يسمعوه حول كل ما جرى وما سوف يجري، وماذا سيكون تأثيره فيهم وفي حياتهم ومستوى معيشتهم، وهم في انتظار الرئيس.
المصحف شرفنا
بعد ردود الفعل التي وصفها علاء ثابت في “الأهرام” بالقوية من جانب الدول العربية والإسلامية، سواء الشعبية أو الرسمية، بشأن حرق المصحف وتدنيسه، لاحظ تغير ردود الفعل الأوروبية بعض الشيء، لأنها بدأت تدرك أن مصالحها في خطر، وأن الغضب الشعبي قد ينفلت أحيانا مثلما حدث في بغداد، وأن مواقف المؤسسات والمنظمات والمرجعيات الدينية اشتدت لهجتها مع تكرار هذا الفعل، بما ينفي عنه صفة الحالة الفردية، وأن منح جهات رسمية تصاريح لفعاليات تتضمن حرق نسخ من القرآن الكريم يعني موافقة ضمنية، إن لم نقل تشجيعا من تلك المؤسسات، وهذا دليل على توغل الفكر المتطرف المعادي للمهاجرين عموما والمسلمين خصوصا، الموجود في مراكز صنع القرار، وأن مراجعة تلك المواقف تتأثر بالمصلحة المباشرة، وليس بالبيانات والمواقف الشاجبة، التي لا تؤثر في قرارات الدول التي تسمح بانتهاك المقدسات بدعوى حرية التعبير، ولهذا جاء بيان الاتحاد الأوروبي أكثر قوة من السابق، وإن لم يكن بالقدر الكافي الذي نأمله، فقد جاء في بيان الاتحاد الأوروبي ما يلي: «ينضم الاتحاد الأوروبي إلى وزارة الخارجية السويدية في رفضها الشديد لحرق المصحف من قبل شخص في السويد، ولا يعكس هذا العمل في أي حال من الأحوال آراء الاتحاد الأوروبي.. إن حرق المصحف أو غيره من الكتب المقدسة مهين وغير محترم وعمل استفزازي واضح، وإن مظاهر العنصرية وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب لا مكان لها. وأضاف: «يتابع الاتحاد الأوروبي التطورات في بغداد عن كثب، ويدعو إلى الهدوء وضبط النفس. نحن ندين الهجمات على المباني الدبلوماسية»، في إشارة إلى اقتحام متظاهرين لمحيط السفارة السويدية في بغداد. وانتهى البيان بقوله: يواصل الاتحاد الأوروبي الدفاع عن حرية الدين أو المعتقد وحرية التعبير، في الخارج والداخل. حان الوقت الآن للوقوف معا من أجل التفاهم والاحترام المتبادلين ومنع أي تصعيد إضافي.
لن يردع الجناة
يرى علاء ثابت أنه رغم أن بيان الاتحاد الأوروبي أدان واقعة الإقدام على حرق نسخة من المصحف الشريف، فإنه لم ينته إلى إجراء يوقف مثل هذه الجريمة، صحيح أنه نأى بالقيم الغربية عن تلك الفعلة، لكنه في الفقرة الأخيرة قال إنه يواصل الدفاع عن حرية الدين والمعتقد وحرية التعبير في الخارج والداخل، وهي جملة مطاطة لا تعني شيئا في الحقيقة، وانتهى بالدعوة للوقوف معا من أجل التفاهم والاحترام، ولم أفهم دعوة الاتحاد الأوروبي للتفاهم؟ هل يعني أن الأمر يحتاج إلى مفاوضات، وتشكيل لجان ودراسة، والتوصل إلى حل يرضي الطرفين؟ لقد اعتدنا مثل هذه اللغة البراقة، الخالية من أي موقف أو إجراء على أرض الواقع في الوقت نفسه، إنها نوع من بيانات العلاقات العامة، التي تحاول ترضية المجني عليه بكلمات تطيب خاطره، دون أن تتخذ موقفا فعليا، وتلقي الأمر على قارعة الدعوة للتفاهم، فمع من نتفاهم، وعلى ماذا، ومتى؟ لا شيء محدد في بيان الاتحاد الأوروبي، يعكس مواقف الدول التي جرى فيها الانتهاك. أما مواقف الدول والمؤسسات والمنظمات الإسلامية، فقد دعت منظمة التعاون الإسلامي إلى اتخاذ «تدابير جماعية» تحول دون تكرار تدنيس المصحف الشريف، وقالت إن عدم اتخاذ السلطات في السويد والدنمارك إجراءات تمنع مثل هذه الأفعال مخالف لقرار مجلس الأمن رقم 26 الصادر في 14 يونيو/حزيران 2023 حول التسامح والسلم والأمن الدوليين، وطالبت بتطبيق القانون الدولى الذي يحظر أي دعوة للكراهية. وهذه لفتة ذكية من منظمة التعاون الإسلامي، ووضعت الدول الأوروبية في مواجهة القانون الدولي، وإسقاط أي ادعاء لها حول حقوق الإنسان وحرية التعبير وغيرها من المصطلحات البراقة، التي تتخفى وراءها. أما الأزهر الشريف فلم يكتف بمشاركة المنظمة في تلك الدعوة، بل طلب من الشعوب العربية والإسلامية وكل مسلم ومسلمة مقاطعة المنتجات السويدية والدنماركية، مهما تكن صغيرة أو كبيرة.
فلسطين في العلمين
لم تغب القضية الفلسطينية عن مصر لحظة واحدة، وفي العلمين، كما أوضح كرم جبر في “الأخبار” تجدد التفاؤل في المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وحرص الرئيس السيسي على تأكيد أن اجتماع الفصائل يأتي في ظل تطوراتٍ دولية وإقليمية، ويمثل فرصة سانحة للنقاش. والمصالحة الفلسطينية في هذا التوقيت بالذات أصبحت مسألة حياة أو موت، لأن إسرائيل تحاول القضاء على القضية الفلسطينية، وتكثف عمليات الاجتياح والاستفزاز، سواء في المخيمات أو المسجد الأقصى، وتستخدم القوة العسكرية المفرطة في مواجهة المدنيين، ولا يهمها سقوط قتلى أو هدم منازل أو الاستيلاء على الأراضي والممتلكات الفلسطينية. ويجاهر وزراء إسرائيليون بتصريحاتٍ شديدة العداء تنكر وجود الشعب الفلسطيني أصلا، وتراجع تماما الحديث عن حل الدولتين، ورفض أي مفاوضاتٍ لبحث مستقبل التسوية. والرأي العام العالمي يساوى بين الجاني والضحية. والإدارة الأمريكية لم تعد متحمسة للتدخل في مسار السلام، بعد أن كان الرئيس بايدن في بداية عهده متبنيا لفكرة الدولتين وعدم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والآن لم يعد ذلك مُدرجا ضمن اهتماماته. وفي فتراتٍ سابقة كانت إسرائيل تزعم أنها لا تجد من تتحدث معه بشأن مستقبل التسوية، نتيجة التنازع على السلطة بين غزة والقطاع «حماس وفتح»، وتمثل اجتماعات العلمين فرصة يجب ألا تضيع لإبطال الحجج الإسرائيلية، بمصالحةٍ تعيد إحياء القضية الفلسطينية وفرضها على أجندة المجتمع الدولي. فرصة حاسمة للتوصل إلى المصالحة ونبذ الخلافات ولم الشمل وتحقيق وحدة الصف الفلسطيني، فالعدو المشترك للفصائل هو إسرائيل، ، وتكسب القضية الفلسطينية كثيرا إذا تم اقتناص الفرص. ومنذ عام 2007، تنعقد اجتماعات للمصالحة، ولا تصل الاجتماعات إلى النتائج المرجوة، رغم أن إسرائيل تمضي بثباتٍ في خطة القضاء على القضية الفلسطينية. ونرى ضوءا في العلمين، بإعلان الرئيس أبو مازن تشكيل لجنةٍ للإشراف على المصالحة، وتكتمل أسباب التفاؤل بأن تكون للجنة خطة محددة للاتفاق على التفاصيل والانتقال من نقطة لأخرى في جدول زمني يتم الاتفاق عليه. هى اجتماعات الأمل والتفاؤل، بشرط أن تُخلص النوايا وأن يضع الجميع نصب أعينهم المصلحة العليا للشعب الفلسطيني الذي يعاني ويقاسي تحت الاحتلال، والإجراءات التعسفية التي تتخذها إسرائيل يوما بعد يومٍ.
بعبع إسرائيل
أزمات كثيرة ومتتالية تواجهها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، التي ذهب كثير من المحللين وفق ما يرى الدكتور خالد قنديل في “الأهرام” إلى ضلوعها وإرادتها في استمرار اشتعال المواجهات مع أبناء الشعب الفلسطيني، حيث يجد نتنياهو الفرص المتاحة أمامه بالاعتماد على مغازلة اليمين المتشدد، عبر شن هجمات متتالية على الأراضي الفلسطينية واستمرار عمليات التهجير والاستيطان، بحجة حماية أمن الإسرائيليين، بما ينتج عنه مزيد من العنف وتعقيد للصراع، وقد أعلن الرئيس الأمريكي بايدن في مقابلة مع شبكة تلفزيون سى أن ان، أن حكومة نتنياهو هي الأكثر تطرفا في إسرائيل منذ غولدا مائير، وأن حل الدولتين هو الطريق الصحيح لوضع حد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، منتقدا بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية بسبب آرائهم بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ووسط الخلخلة البادية في موازين القوى العالمية والاتجاه نحو عالمٍ متعدد الأقطاب، تلك الفكرة التي دعمتها الحرب الروسية الأوكرانية، صار الكيان المحتل بحاجة إلى إعادة ترتيب المفاهيم لمواجهة تحدي الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، لا تزال إسرائيل منشغلة بالمعسكر الإيراني وتطورات الأوضاع من حيث انعكاسات العلاقة الاستراتيجية في روسيا، ولا تزال إيران تشكل تهديدا وتحديا إقليميا لها في المنطقة، وتبحث في ظل أزماتها المتباينة عن محاولات لاتخاذ إجراءات ـ عند الضرورة ـ للتصدي لبرنامج طهران النووي، وفي الوقت ذاته لا تحبذ إسرائيل التصعيد نحو حرب إقليمية، فكيف ستصل إلى هذه النتيجة في ظل التأكد من مصلحة أغلب الدول المتفقة مع هذه المسألة، لكن في الوقت نفسه لا يخلو المشهد من تطور في العلاقات السياسية بين طهران والرياض مثلا، القائمة مؤخرا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتعزيز السلم والأمن الإقليميين والدوليين، الأمر الذي جعل الجانب الإسرائيلي في حالة ارتباك وتخبط حول إعادة النظر في خططها حيال هذه المواجهة مع إيران.
هل ستختفي؟
في إطار ما سبق أن رصده الدكتور خالد قنديل بشأن التغيرات في المشهد فإن أزمات إسرائيل الداخلية تتزايد، ومؤخرا بدا أن إقرار التعديلات القضائية الجديدة، التي تحد من بعض سلطات المحكمة العليا، سيؤدي إلى استمرار التوترات السياسية، وتوقع عواقب سلبية على الوضعين الاقتصادي والأمني، حيث يرى خبراء أن طبيعة المقترحات الحكومية الواسعة النطاق، سوف تضعف استقلال القضاء، وقد احتشد مئات الآلاف من المتظاهرين الغاضبين، الذين أدى إقرار تعديلات قانون المعقولية إلى بلوغ الأوضاع ذروتها في الشارع بين المعارضة والحكومة، إذ أن جزءا من الذين احتشدوا في الشوارع رافض للتعديلات القضائية معتبرينها انقلابا قضائيا، وتعريض الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لمخاطر كبيرة، في حين أن جزءا آخر مؤيد، معتبرا إنها إصلاحات جوهرية لإعادة تقويم النظام القضائي، وهناك مثلا أكثر من 80% من الشركات الناشئة الإسرائيلية استقرت على نقل أعمالها خارج إسرائيل هذا العام، ونجد أن وكالة موديز خفضت نظرتها المستقبلية لإسرائيل من إيجابي إلى مستقر، وعلى جانب آخر أعلن جنود الاحتياط إنهاء التطوع وعدم الحضور للخدمة، كما انتاب القلق مستثمرين أجانب، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الشيكل 10% مقابل الدولار. وسط كل هذا تترقب الأطراف في الداخل والخارج الموقف الإسرائيلي المهتز، الذي أولى صوته الرسمي اهتماما وانحيازا للحكومة المتطرفة، مقدما التنازلات غير الضرورية للمتشددين، ما أدى إلى زيادة التوتر مع المقاومة الفلسطينية، وعدم القدرة على تحقيق قدر من الاستقرار للسلطة الفلسطينية ودعمها تجنبا لنمو العمليات التي تأتي كردود أفعال غير متوقعة من جانب أشكال المقاومة المختلفة، التي تقاوم تطرف المتشددين من الكيان المحتل، والذين باتوا يهددون الحلم الصهيوني الذي يحتاج إلى جذب المزيد من المهاجرين، ولكن هيهات في ظل هروب المستوطنين أنفسهم والمستثمرين والسؤال هنا: كيف يمكن الاستفادة من الوضع الإسرائيلي الحالي لدعم القضية الفلسطينية، وفي ظل التوقعات بنشوب حرب أهلية في إسرائيل.
لدغة ترامب
تتجدد الاتهامات ضد الرئيس الأمريكي السابق ترامب، وأحدثها التي طالعها أسامة غريب في “المصري اليوم” احتفاظه بوثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض، وهناك مَن يرى أن كوكتيل التهم التي سيمثل الرجل أمام القضاء لمواجهتها كفيل من الناحية القانونية البحتة بإدخاله السجن لعشرين عاما، ومع ذلك فإن دونالد ترامب لا تهتز عضلة في وجهه إزاء هذا الموقف غير المسبوق لرئيس أمريكي، والسبب، أن شعبيته تزداد كلما كانت الحقائق الدالة على فساده وانحرافه دامغة. تعودنا أن المجتمعات المتقدمة لديها دائما القدرة على تصويب المسار، بسبب أنها لا تتسامح مع المخطئ، خاصة إذا كان من الشخصيات العامة في دنيا السياسة والأدب أو الفن والرياضة. ويكفي للقضاء على مستقبل أحد السياسيين أن تظهر له فضيحة تتعلق بالاغتصاب أو التحرش أو الفساد المالي، حتى لو كانت من عشرات السنين. هذا هو الفرق بين المجتمعات في أوروبا وأمريكا، والمجتمعات الأخرى.. أو هكذا كان الأمر قبل أن يظهر ترامب على مسرح السياسة، فهذا الرجل عصف بكل القيم، وتلاعب بالأخلاق والمبادئ، وداس على اعتبارات الكرامة دون أن يصيبه أي سوء. لقد ارتبط اسمه بقضايا اغتصاب رفعها ضده بعض النساء ممن كان على علاقة بهن، وعلقت بسيرته فضائح عديدة حفظتها سطور الكتب التي ألفها أفراد من عائلته يعرفونه عن كثب، وقد نسبوا إليه أشياء مُشينة، هذا غير كتب أخرى ألفها موظفون عملوا في إدارته، وتحت أيديهم الوثائق التي يثبتون بها اتهاماتهم له بخرق الأعراف السياسية والدبلوماسية.
القائمة تطول
لم تتوقف قائمة المتاعب التي تلاحق الرئيس الأمريكي السابق ترامب فقط عند ما ذكره أسامة غريب، وإنما لاحقته كذلك اتهامات بالتخابر مع الروس وتلقي العون منهم في انتخابات 2016.. وإمساكه متلبسا بمساومة الرئيس الأوكراني بحرمان بلاده من المعونة الاقتصادية، إذا لم يقم بفضح أحد أبناء بايدن، إلى جانب هذا، فإنه لم يتردد في السخرية من مواطن معاق أمام الناس، وتقليد إعاقته وطريقته في الكلام، وكذلك السخرية من السود وممارسة الاستهزاء بهم على الملأ، ووصف اللاتينيين بالمجرمين، ولن نتحدث عن موقفه من العرب والمسلمين. ويمكن أن نضيف إلى ما سلف كبيرة الكبائر، وهي التهرب الضريبي. كل هذا فعله ترامب ومع ذلك لم يعاقبه المجتمع، ولم يفقد اعتباره بين مواطنيه البيض، الذين لم يتأثروا بكل ما نُسب إليه، بالعكس لقد ضاعف جنوحه وانفلاته، عدد معجبيه وحجم تبعيتهم له وانسياقهم وراءه. هذه هي خطورة ترامب الحقيقية على المجتمع الإنساني.. ومن عجب أن القانون الأمريكي لا يمنع السجين من الترشح للرئاسة، فهل يحكم ترامب الولايات المتحدة لأربع سنوات جديدة وهو خلف القضبان؟
مواعظ مصطفى أمين
علّم الكاتب الراحل مصطفى أمين ابنته صفية، إن العمل شرف، وقال لها إنه كان يعمل منذ أن كان طالبا في المرحلة الثانوية.. وعندما تقدم به العمر كان يسعد إذا رأى طلبة يعملون في حفر نفق المترو، أو في طلاء الكباري أو تنظيف الشوارع، وكانت سعادته تزداد لو سمع صبيا من أسرة مقتدرة يلح على أبويه أن يعمل في إجازة الصيف. تابعت صفية في “المصري اليوم”: نحن اليوم أحوج ما نكون لهذه الروح الجميلة. نريد أن نبثها، فنحول الشعب كله إلى شعب من العاملين المُجدين المُنتجين. نشعر بالفخر بكل شخص يعمل مهما كان عمله بسيطا. نغرس قيمة العمل في أطفالنا منذ نعومة أظفارهم، لأن الذين يبدأون العمل في سن مبكرة، يجدون الطريق مفتوحا أمامهم في شبابهم. نشجع أيضا من يبلغ سن المعاش على مواصلة العمل بأجر بسيط، بدلا من الجلوس على «القهاوي». أعرف رجل قانون جليلا يعمل مديرا لمعهد أيتام منذ خروجه إلى المعاش، وأعرف رجل أمن سابقا كان يقود سيارة أجرة ويكسب ضعف مرتبه السابق، كما رأيت موظفا كبيرا سابقا يعمل محاسبا في سوبر ماركت. كان يستمتع بعمله ويجد تسلية لا تقدر بثمن، وهو يلتقي كل يوم زبائن جددا، يستمع لأحاديثهم ويُراقب تصرفاتهم، كان قد جرب أن يبقى في البيت بعد الإحالة إلى المعاش، فكان ينتقد كل أفراد الأسرة، ويتشاجر معهم باستمرار. تحسنت صحة الرجل بعد أن عمل في السوبر ماركت، لم تعد الابتسامة تفارق وجهه. كان يشعر بحرية في عمله الجديد، بعيدا عن الجو الخانق في المكاتب. كان على راحته في التعامل مع زملائه ولم يشعر يوما أنه يحتاج أن يجامل أو ينافق أحدا. أدعو البيوت الصغيرة في بلدنا أن ينشئوا مصانع صغيرة في البيوت كما يحدث في كثير من دول جنوب شرق آسيا. يشترون بالتقسيط آلة خياطة، أو آلة تريكو، أو يقيمون ورشة لإصلاح الأجهزة الكهربية المنزلية، أو ورشة لإصلاح الموبايل.
للكيف قواعد
مقام “الكيف” في حياة المصريين كبير، وقديم، ومتجذر في تاريخهم، كما أخبرنا الدكتور محمود خليل في “الوطن”، بما نقله عن المستشرق الفرنسي بريس دافين أو إدريس أفندي، كما سماه أولاد البلد، في مذكراته حول عصر محمد علي: “للشرقيين كلمة تستعصي على الترجمة، يعبرون بها عن ذلك النعيم الذي لا يوصف، ذلك المزاج من راحة الجسم وطمأنينة النفس، تلك السعادة الأليفة، إنها كلمة الكيف”. أهم وأقدم مصادر الكيف في حياة المصريين – ونحن هنا نتحدث عن الكيوف المقبولة بالطبع – هما القهوة والدخان. صعود مقام فنجان القهوة والسيجارة في حياة المصريين ارتبط تاريخيا بالبطالة من ناحية، والحياة دون مشاغل ولا رغبات أسفل سحابات تيجان الدخان البيضاء من ناحية أخرى. كذا يذهب إدريس أفندي. وحتى في غياب البطالة واشتداد المشاغل، فإن العامل أو المشغول، يحن، من وقت إلى آخر، إلى هذه اللحظة التي يجلس فيها هادئا مسترخيا يحتسي فنجان القهوة، ويسحب الأنفاس من سيجارته، وهناك من يترك القهوة إلى الشاي، على أن تكون السيجارة حاضرة في الحالتين. هل سمعت أغنية “أه يا مين يقول لي قهوة”.. أو أغنية “فنجان شاي مع سيجارتين.. ما بين العصر والمغرب”؟ إنهما أشبه بالوثيقتين المؤرختين لهذه الحالة المزاجية المفضلة لدى الكثير من المصريين. تكاد تكون “القهوة” أو البن من أقدم أنواع الكيوف التي عرفها المصريون، وكان ذلك أوائل العقد الثاني من القرن السادس عشر (أيام السلطان قنصوة الغوري). وارتبطت هذه المعرفة بواقعة طريفة، كما يقرر محمد الأرناؤوط في كتابه “من التاريخ الثقافي للقهوة والمقاهي”، حين ضبط خاير بك نائب السلطان الغوري على قافلة الحج، أحد الحجيج وهو يشرب القهوة إلى جوار الحرم، فألقي القبض عليه، وأشيع الأمر بين الناس.
القهوة حلال
بدأت مسألة شرب القهوة كما قال الدكتور محمود خليل تدخل مربع الفتوى الدينية فصدرت فتوى بتحريمها، بسبب ميل الناس إلى شربها في جماعات، تشبه الجماعات التي تنعقد لتعاطي الخمر. وتم حسم مشروعية “القهوة” من الناحية الدينية، حين أصر عدد من محبي هذا المشروب على مراجعة شيخ الإسلام في مكة زكريا الأنصاري، الذي يأخذ عنه فقهاء الأقطار الإسلامية المختلفة، بمن فيهم الفقيه الأكبر في مصر شهاب الدين الرملي، أمام هذا الضغط قرر الأنصاري أن يقوم بتجربة عملية يختبر من خلالها تأثير هذا المشروب على عقل المسلم وبدنه، فعزم جماعة من أصحابه وطبخ لهم القهوة وسقاهم المشروب، ثم انخرط معهم في الحديث، وهو يلاحظ بدقة أي تغير يحصل على طريقتهم في الكلام، أو وعيهم بالحديث الذي يدور.. بعدها خرج الأنصاري إلى الناس قاطعا برأيه في القهوة وأعلن أنها حلال.. حلال. بعد صدور فتوى تحليلها تحولت القهوة إلى طقس أساسي من طقوس الحياة اليومية للمصريين، ويحكي “مواريه” في كتابه “مذكرات ضابط في الحملة الفرنسية على مصر”، أنه لم يكن في مصر قبل قدوم الفرنسيين أي حانات، ولم يكن ثمة مرطبات سوى القهوة السادة كعادة المصريين في تناولها، وكانوا لا يدخرون في هذا وسعا، حتى أنهم كانوا يحتسون ما يقرب من 20 فنجانا في اليوم، وكان هذا يمثل غذاءهم الرئيسي. تخيل تبعا لذلك مقام “فنجان القهوة” في حياة المصريين.