الرباط – “القدس العربي”: لطالما حلم أيوب مبروك، بطل المغرب في رياضة الـ”كيك بوكسينغ” 4 مرات، بأن يصبح مثل بدر هاري، وهو بطل هولندي من أصل مغربي في تلك الرياضة القتالية.
لكن أيوب (21 عاما) مُني بخسارة مفاجئة من خصم لم يتوقع يوما أن يضع حدا لأحلامه ببلوغ العالمية وجني أموال يساعد بها أسرته. ركب بطل المغرب مياه الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، لكن أمواج البحر الأبيض المتوسط لم تدعه يمر. غرق أيوب، الشهر الماضي، قبل أن ينقل حلمه من المحلية إلى العالمية، ليخيم الحزن على النادي الرياضي، الذي كان يتدرب فيه بمدينة سلا المحاذية للعاصمة الرباط.
“طيلة أسبوع ونحن لا نقدر على التدرب في النادي، فالجميع يبكي بسبب غياب أيوب من دون رجعة”، هكذا قال مدربه نور الدين بلماحة. ويجد المدرب صعوبة في التعبير عن حزنه على فقدان أيوب، الذي كان يطمح في بلوغ العالمية، بعد أن صعد منصات التتويج المحلي. وأضاف بلماحة: “دربت أيوب نحو 7 سنوات، وأعجز عن التعبير عن المصير الذي لقيه”. وتابع: “كنت دائما أرى في عينه بطلا سينجح على المستوى الدولي، وكنت أعده ليصبح كذلك، ولكن قدر الله وماشاء فعل”. وأردف: “أحد أصدقاء أيوب أخبرني أنه حاول الهجرة قبل 3 أشهر… اتصلت به فأخبرني أنه في حالة نفسية صعبة، فجلست معه وحاولت إقناعه بأنه لا يزال في سن مبكرة والمستقبل أمامه”. لكن كلمات المدرب لم تقنع أيوب، الذي كان يتابع دراسته في السنة الثانية بكلية الآداب في سلا. وانتقد بلماحة غياب الحوافز المالية للحفاظ على أبطال المغرب. وأوضح أنه “لا توجد تعويضات مالية في بطولة الشبان، عكس بطولة الكبار”. وتابع: “أيوب شاب خلوق… لا أعرف لماذا أصر على الهجرة رغم أنه يملك كافة الإمكانات لتسلق المجد”.
لم يكن أيوب، ابن حي “لعيايدة” الشعبي في ضواحي سلا، الوحيد على متن مركب صغير، بل كان معه نحو 22 من أبناء حيه، نجا بعضهم. أسبوع من الحزن خيم على الحي، بعدما شيع سكانه جثامين 12 من أبنائهم لم يروا إلى أحلامهم سبيلا في الوطن، فحاولوا بلوغها على الضفة الأخرى. وتكاد أسرة أيوب المكلومة لا تصدق حتى الآن أن آخر صورة له هي تلك التي التقطها صحفي إسباني لجثة عُثر عليها في الشواطئ الإسبانية. شقيقه محمد قال إن “أيوب كان يبحث دائما عن مورد مالي لتلبية حاجياته ومساعدة الأسرة”. واستطرد: “الرياضة التي وصل إلى أعلى هرمها في البلاد لم توفر له، ولو حد أدنى من الموارد المالية”. وأوضح أن “أيوب سافر، مؤخرا، من ماله الخاص، من سلا إلى مدينة الناظور (أقصى الشمال) لخوض مباراة ضد بطل اسبانيا، وفاز عليه”. وتابع: “وفي الأخير حصل على كأس ودبلوم، ورجع بخفي حنين إلى سلا، وما هي إلا أيام حتى هزمت أمواح البحر أيوب، الذي كان ينتصر على خصومه بسهولة”. وقال محمد إن أيوب “كان يريد أن يرسل أبويه إلى الحج… كان دائما يريد أن يساعد أسرته ماليا”. وأردف: “حاولت إقناعه بالعدول عن فكرة الهجرة، فكان يقول لي إنه وصل إلى التتويج 4 مرات بطلا للمغرب، ولا يجد لقمته… كان يريد أن يهاجر من أجل تحسين دخله”. ذهب أيوب وترك خلفه صورا له وهو يتقلد ميداليات وجوائز تزين غرفته وجنبات منزله. لكن أكثر ما تركه البطل المغربي الشاب هي أسئلة بالعشرات تبدأ كلها بـ”ماذا لو…؟.