قصة سقوط الاخوان!

ما يجري في مصر محزن وموجع ومقلق للغاية، رغم اشارات الضوء الاولية التي استبشر بها الكثيرون خيرا،عندما سقط مشروع الدفع بمصر الى حصان طروادة ضد بلاد الشام على مدى عام كامل من تخبط ادارة مرسي وسيرها على غير هدى في مشروع الفتنة السياسية والمذهبية التي كان يراد بها تفجير صراع سني شيعي على مستوى المنطقة !
يومها وقع الاخوان المسلمون في مصر وعلى مستوى الوطن العربي في فخ ‘شيطنة’ كل ما هو عروبي وقومي او ليبرالي او علماني او يساري، ما ساعد جعل يومها صاحب المخطط الاكبر ينجح في حشرهم في الزاوية الحرجة من المشهد الجماهيري العام !
ولما استنفدت قوى هذا التيار الديني في حروب استنزافية منهكة ووصلت الخطة الى نهاياتها المرسومة قرر ‘مخرج ‘ حروب الفتن المتنقلة الانقلاب على اولئك الذين عقد معهم صفقات منفردة صارت معروفة للجميع مع بدايات ما سماه الغرب متعمدا بـ ‘الربيع العربي’!
وهكذا فتح الباب امام مشروع ‘ شيطنة ‘ الاخوان هذه المرة حتى يظهر الامر وكأنه رد طبيعي على مشروع او خطة ‘اخونة’ الدول والمنطقة كلها !
وجاء دور من وكلت اليه اقليميا مهمة تنفيذ خطة سحب ورقة ‘الاخوان المسلمين’ من التداول في بازار ‘ الربيع العربي’ واستبدالها بورقة الجيوش و تحالف واسع من القوميين والعلمانيين مترافقة بـ ‘قاعدة’ جديدة لا دين ولا مذهب لها،لكنها تضرب بسيوف السلطان الجديد المفوض بلا حدود لمفاوضة كل القوى الاقليمية والدولية فضلا عن القوى المحلية في سائر اقطار ‘ الربيع العربي ‘ او من هي مرشحة له او تلك التي تشكل الجبهة الخلفية للانتقال من مرحلة ‘الاخونة’ الى مرحلة العلمنة !
وكما تؤكد المعلومات الاستخبارية المتداولة في الكواليس والتقارير الميدانية فان كثيرا مما جرى ويجري على مستوى دول او مشيخات او امارات وما يجري في ليبيا وتونس وسوريا من تحولات ميدانية واخيرا في كل من مصر والاردن ولبنان انما يأتي في هذا الاطار اي استنزاف الجيوش العربية بعد انتهاء مهمة استنزاف الحركات الاسلامية !
ويقطع مطلعون على هذا السياق بان المفوض المطلق الصلاحية في هذا المضمار والذي بات بمثابة ‘ المندوب السامي ‘ لانجاز هذه المهمة هو امين عام مجلس الامن القومي السعودي الامير بندر بن سلطان !
معلومات تتناقلها دوائر اقليمية وقوى حزبية في المنطقة تؤكد بان الامير السعودي المذكور قضى ثلاثة ليال بكاملها في العاصمة الروسية موسكو في زيارته المعلنة الشهيرة قبل نحو عشرة ايام وهو يشرح تفاصيل خطة سحب ورقة ‘ الاخوان ‘ او كما سماها انتهاء مدة صلاحيتها،وضرورة استبدالها بالجيوش المسلحة وغير المسلحة،الى ان توج لقاءه بساعتين كاملتين مع القيصر بوتين لاقناعه بضرورة اللحاق بهذا المشروع الامريكي للمنطقة قبل فوات الاوان وضياع ‘الفرصة التاريخية ‘ والتعبير للامير بندر !
المعلومات نفسها تؤكد بان ثلاث غرف عمليات اقليمية استخبارية باشراف امريكي وادارة ميدانية سعودية تقوم بهذه العملية الانتقالية الكبرى !
الاولى في بنغازي بليبيا مكلفة بشمال افريقيا ومصر لتفتيت كل دولة من دول المنطقة كل على حدة وجعلها دويلات متناحرة وضرب دول المنطقة فيما بينها !
والثانية في عمان باشراف الجنرال مارتن ديمبسي وادارة الامير سلمان بن سلطان يعاونه عدد من كبار الضباط السوريين المنشقين ورجال مخابرات امريكيين متخصصين في الشؤون العراقية !
والثالثة في لبنان باشراف السفيرة كونيلي او من سينوب عنها بعد مغادرتها لبنان وتنفيذ ضابط مخابرات سعودي كبير مدرب تدريبا جيدا من قبل المخابرات المركزية الامريكية السي آي أي ويعمل في خدمته عدد من الاردنيين والسوريين والفلسطينيين والعراقيين واللبنانيين !
وطبقا للمعلومات المتداولة فان السبب الرئيسي لهذه النقلة التي اتخذ قرارها الامريكيون هو الشعور المتنامي لديهم ولدى من عمل معهم طوال الفترة الماضية بان خطة ‘ ضرب الاسلاميين بالاسلاميين ‘ من خلال تشكيل ‘قوس سني’ في مواجهة ‘ هلال شيعي ‘ قد فشلت،وان الذي صار مطلوبا اليوم هو سحب الورقة الدينية من بازار السياسة الميدانية باسرع وقت قبل ان تستفحل تداعياتها على ما بات يعرف في اوروبا وامريكا بـ ‘ ارتدادات التطرف الديني ‘ على الامن الغربي في عواصم المتروبول الصناعي نفسه !
المطلوب كما ابلغ بندر بوتين،ان يسرع الروس في اتخاذ قرار المشاركة في هذه النقلة الكبرى لان ‘الشمولية الدينية ‘ والتعبير للامير بندر يمكن ان تنتقل اخطارها الى داخل حصون القيصر الروسي !
ولما كانت ايران و حزب الله منخرطين بفعالية في مشروع منع سقوط دمشق والنظام السوري،فلابد من احتواء اندفاعتهما هذه باتجاهين :
الاول: وهو تفجير ساحتيهما بصراع جدي مع كل القوى ‘السنية الراديكالية او الاصولية المتطرفة بما فيها الاخوان المسلمين ‘ والتعبير للامير بندر عبر وضعهما وكأنهما مشروعان متناحران وغير قابلين للتعايش.
الثاني: تفجير ساحتيهما الداخليتين بعمليات ارهابية انتحارية عمياء تستهدف البيئة الجماهيرية الحاضنة وذلك عبر اظهار الكلفة الكبيرة التي ستدفعها هذه البيئة الحاضنة نتيجة مواقف قيادتيهما الى جانب دمشق والنظام السوري !
تحقيق الهدف الاول يفترض ان يتم من خلال مجريات الساحة المصرية،فيما يفترض انجاز الهدف الثاني من خلال تصعيد العمليات الانتحارية والارهابية على الساحتين العراقية واللبنانية .
هل يعني ما سبق ان كل ما جرى و يجري في المنطقة لم يكن سوى ‘مؤامرة ‘ وانه قدر لا حيلة لنا تجاهه وانه ليس امامنا سوى الرضوخ له ؟!
قطعا ليس كذلك،فلا الذي جرى ويجري كله مؤامرة ولا الذي ينتظرنا قدر لا فكاك لنا منه !
نحن شرحنا جانبا مما يجري على السطح من الصفيح الساخن ولا غير لننبه للاخطار المحيطه بالمشروع النهضوي للامة !
ولنقول لكل من يهمه الامر من قادة حركات تحرر وقادة جيوش وطنية وقادة احزاب جماهيرية وقادة دول مقاومة ورائدة استقلال وطني بان يتحركوا بوعي واقتدار وصلابة لكي لا تتحول كوادرهم الى بنادق للايجار،او مشاريعهم الى مادة ملء فراغات مربعات جدول مؤامرات الاعداء،او ان يتسلل احدهم ليضع علما او بيرقا مزيفا حتى وان بدا جذابا في ظاهره بدلا عن علم العروبة والاسلام الاصيل .
فالرجعية والظلامية والتكفيرية والشيطنة لا يتم مقاتلتها برجعية او ظلامية او تكفيرية او شيطنة مقابلة !
ومن يعمل او ينخرط في مثل هكذا مشاريع يكون حاله في الواقع كمن خرج ‘من تحت لدلفة لتحت المزراب’ كما يقول اهلنا في بلاد الشام ان لم يكن وضعه كمن خرج من حفرة ليقع في البئر !
فما هو محضر لهذه المنطقة من مؤامرة كبرى لخلط الاوراق رغم قوة الوعي الجماهيري وجهوزية المقاومات المتعددة اخطر بكثير مما نتصوره وما بان منه حتى الآن ليس سوى ‘قمة الجبل’!

‘ كاتب من ايران

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    لا مفر الا من رؤية الامور بهذه الطريقة لكي نخرج من هذا النفق المظلم.

  2. يقول أحمد:

    يقول السيد محمد صادق الحسيني حرفيا (ولنقول لكل من يهمه الامر من قادة حركات تحرر وقادة جيوش وطنية وقادة احزاب جماهيرية وقادة دول مقاومة ورائدة استقلال وطني بان يتحركوا بوعي واقتدار وصلابة لكي لا تتحول كوادرهم الى بنادق للايجار،او مشاريعهم الى مادة ملء فراغات مربعات جدول مؤامرات الاعداء،او ان يتسلل احدهم ليضع علما او بيرقا مزيفا حتى وان بدا جذابا في ظاهره بدلا عن علم العروبة والاسلام الاصيل). إن هذا الكلام ينطبق أيضا حرفيا على مايقوم به عناصر حزب الله في سوريا حيث انحرفوا كليا عن إداء المهمة الرئيسية التي تأسس من أجلها هذا الحزب وأرجو من الكاتب المحترم ومن خلال علاقاته القوية مع حزب الله أن يحثهم إلى العودة لمقارعة العدو الصهيوني وهي المهمة الأساسية التي أنشئ من أجلها الحزب بهدف تحرير المقدسات والأراضي المحتلة .

  3. يقول سلام:

    هل مصر مقبلة على تقسيمها إلى اربع دويلات على الأقل كما ورد في كتابات المستشرق الصهيوني برنارد لويس ؟؟؟ فلينتبه العسكر و الإخوان و الليبراليون و القوميون و كل الأجناس السياسية و غير السياسية ،،، أما أن تدركوا بلدنا و أما أن يلحق بكم عار ضياع البلد إلى يوم القيامة ،،،

  4. يقول علي حسين الموسوي / السويد:

    و لكن …
    ثمة تباين جلي بين الموقفين الأمريكي و السعودي من التطورات السياسية الحالية في مصر , فبينما تحشد السعودية كل طاقاقتها السياسية و المالية و الإعلامية في دعم إسقاط حكم جماعة الأخوان نرى أمريكا في المعسكر المعاكس في رفض هذا التغيير و دعم بقاء حكم الأخوان , فهلا يقول لنا الكاتب لماذا هذا التباين و مصالح الطرفين الأمريكي و السعودي متطابقة دائما لمصلحة الأول ؟. فالأمريكي و الغربي الأوروبي بل و حتى الإسرائيلي يفضلون حكم الأخوان الذين وصلوا إلى الحكم في مصر بصفقة سياسية شاملة معهم .
    كذلك إذا كان الكاتب يقيِّم حكم الأخوان كما فعل , فما هي الأسباب التي جعلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتبع سياسية ودية من طرف واحد تجاه الإخوان أثناء فترة حكمهم لمصر رغم أنهم كانوا إستمراراً لحكم سلفهم نظام مبارك في كل شيء بل و كانوا أسوأ منه طائفياً في الساحةالإسلامية ؟ و شاهد العالم و خاصة المحبين لإيران بحزن كيف أُهين رئيسها محمود نجاد أثناء زيارته لمصر , و بعد سقوط حكم الأخوان الأخير نرى موقفين متناقضين منه في إيران الأول منتقداً لفترة حكمهم و يعبر عنه كبار علماء الدين الرسميين بينما الجانب السياسي الرسمي ممثلاً في الناطق باسم وزارة الخارجية و كبار المسئولين ينحازون لجماعة الأخوان و يرفضون التغيير السياسي الحالي في مصر رغم أنه جاء لمصلحة إيران حيث كما نعلم و كما يؤكد الكاتب أن وصول جماعة الأخوان للسلطة في مصر هو ضمن مشروع مشبوه و خطير لخلق حرب سنية شيعية في المنطقة تكون أخطر من قادسية صدام . نرجو من الكاتب أن يتحفنا قريباً بمقالة يسلط فيها شيئاً من نوره العلوي على سياسة إيران الأخوانية أثناء حكمهم و بعد سقوط حكمهم .

  5. يقول نزار حسين راشد:

    عندما ثار الشعب السوري ضد الأسد لم يكن لذلك علاقة بالدين وإنما شعب ضد طاغية،تماما كما ثار شعب إيران ضد الشاه،فجاء رجال الدين بزعامة الخميني وألبسوا ثورة الشعب الثوب المذهبي الذي لا زال يتعثر في عباءته،وسيسقط حين يواصل تعثره،وسينقض عليه الشعب ولن ينهض بعدها أبدا!وإلا لماذا لم يكن مشروعه مقنعا لا لشعبه ولا للشعوب العربية التي لم تُكن للشعب الإيراني إلا الود!ولكن الوقوف مع الطغاة يقبّح وجه صاحبه فكيف إذا كان باسم الدين والمذهب الذي لا علاقة للطغاة به أصلا ،بل هم أبرياء منه كل البراءة!والسعودية ليست قدرا حتى تصنع ربيعاَ عربياً أو غيره وإنما نظام مُجّند لخدمة أمريكا تماما مثل العلمانيين وضباط الجيش بغض النظر كيف يتسمون!خطيئة الإخوان المسلمين أنهم لم يقدموا مشروعا ينسجم مع ايديولوجيتهم الإسلامية،وكبديل لمشروع النظام الإيراني المصاب بالعمى المذهبي وبالتعصب الأعمى الذي لم يترك مجالا لا لسُني ولا عربي ليقف معه!

  6. يقول نبيل العلي:

    قطع قول السيد حسن نصرالله كل قول… إنه العراف بكوامن الأمور واتجاه البوصلة الصحيح

  7. يقول محمد احمد فلسطين:

    تاريخهم اسود ولم يفعلوا شئ ايجابي واحد لمصلحه شعوبهم.

إشترك في قائمتنا البريدية