قضية شميمة بيغوم: مواجهة «الدولة» بقتل الأطفال!

حجم الخط
12

تناولت الصحف البريطانية أمس الأحد قضية الشابة شميمة بيغوم التي توفّي طفلها قبل أيام بعد أن جرّدتها وزارة الداخلية من جنسيتها بسبب سفرها، ورفيقتين لها، إلى سوريا للانضمام لتنظيم «الدولة الإسلامية»، ومنعتها بذلك من الوصول إلى عائلتها في بريطانيا ومن إمكانية إنقاذ طفلها الذي ولد قبل 3 أسابيع في مخيم الهول قرب مدينة الحسكة السورية وتوفي يوم الخميس الماضي.
واعتبرت أغلب الصحف أن موقف وزير الداخلية ساجد جافيد هو «لعبة سياسية» انتهازية المقصود منها، وهو المسلم ديانة، أن يظهر بمظهر المتشدّد ضد «الجهاديين الإسلاميين»، وذلك ضمن خطته الطموحة لوراثة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، بل إن لورد ماكدونالد، أحد كبار رجال الدين المسيحيين، والذي كان رئيس الادعاء العام في إنكلترا وويلز، وصف قراره بتجريد بيغوم بـ«القرار الخسيس» و«الانتهازي» الذي أدى إلى «فقدان الإحساس بالسيادة» مما جعل المملكة المتحدة «جمهورية موز غير قادرة على مساعدة مواطنيها»، مؤكدا أن «ليس هناك دولة لديها قدرة على حكم الذات تتخلى عن مسؤوليتها عن مواطنيها بهذه الطريقة، محاولة رميهم على دول أفقر منها فاشلة في إجراءاتها الأمنية» واصفا ذلك بـ«الجبن الأخلاقي».
لا يقتصر الأمر طبعاً على وفاة طفل شميمة بيغوم (وهو ثالث طفل يموت لها) فقد سجّل الصليب الأحمر مصرع 100 طفل خلال رحلة خروجهم المأساوية من مناطق الصراع بين القوات الكرديّة المدعومة من قوات التحالف الأمريكية وتنظيم «الدولة»، وهناك تحذيرات من أن ثلاثة آلاف طفل من أبناء «الجهاديين» الأجانب في وضع خطر، وباستثناء كندا وفرنسا فقد رفضت باقي الدول الغربيّة، مثل بريطانيا، مساعدة أي من مواطنيها، وقام بعضها بتجريدهم من جنسيتهم أيضاً.
مفروغ منه أن الذين انضمّوا لـ«الدولة الإسلامية» (بغضّ النظر عن أسبابهم) يجب أن يخضعوا لمحاكمات قانونية وأن ينالوا عقوبات تناسب الأفعال التي ارتكبوها، لكن في الوقت نفسه، من غير المعقول، أن تقوم الدول الغربيّة بالتخلّي عن مواطنيها الذين وُلد أغلبهم على أراضيها ولا يعرفون دولاً أخرى ينتمون إليها على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية يمكن التخلص منهم كما لو كانوا نفايات، وانتظار موتهم تحت شمس الصحراء.
عقاب الدول الغربيّة لمواطنيها أولئك، إلى كونه يعتبر سابقة قانونيّة شائنة، فإنه عار أخلاقيّ لا يوصف، وهو يضعف، إلى أبعد الحدود، ادعاء تلك الدول باختلافها عن طغم الدكتاتورية، ويجرّدها من ورقة التين التي تحتمي بها.
الأمر لا يتعلّق، في اعتقادنا بالإجراءات القانونية، فالدول الغربيّة لا تتردد أبدا في العمل على استعادة أشخاص متهمين بجرائم من بلدان أخرى، أو تسفيرهم حسب اتفاقيات التبادل إلى البلدان التي قاموا فيها بجرائمهم، ولا يتعلّق فقط بـ«الدولة الإسلامية»، وهو تنظيم تحوّل إلى بعبع تعمل مختلف الاتجاهات السياسية العالمية على الاستثمار فيه، بل يتعلّق بموجة العداء للمسلمين عموماً، وهو أمر يجتاح القارة الأوروبية، وفيما يُعامل المسلمون «معاملة خاصة» حين ينتسبون لتنظيمات إرهابية أو يرتكبون جرائم، فتسقط عنهم الجنسية ويسلّمون لسلطات معروفة بوحشيتها وابتعادها المزمن عن حكم القانون، يتمّ السكوت عن غير المسلمين حين ينتسبون أيضاً إلى تنظيمات إرهابية من نوع آخر، وبعضهم يجري تكريمهم (كما هو حال بعض من شاركوا في القتال مع حزب العمال الكردستاني)، أو تتمّ التغطية على بعض أعمال الإجرام الجماعية للدفاع عن لوبي السلاح في أمريكا أو عن الأحزاب العنصرية التي ينتمون إليها.
لا يستقيم ادعاء الغرب مواجهة تنظيم «الدولة» وترك أطفال، آباؤهم محسوبون على تلك الدول يموتون من المرض والجوع والإهمال، وسواء كان أهل الأطفال من جنسيّات غربيّة أم لا فما يجري هو وصفة كبرى لاستمرار الأحقاد والكراهية والظلم، وهذه بالتأكيد إحدى وصفات ظهور «الدولة» من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فؤاد مهاني - المغرب:

    الإسلاموفوبيا وداعش وقبل ذلك القاعدة وكل ذلك من رعاية الغرب والصهيونية العالمية قصد المتاجرة السياسية ولتنفيذ أجنداتهم الجهنمية.باسم القاعدة وداعش فتكوا بدول عربية وإسلامية كالعراق وسوريا بتواطؤ مع قوى عربية وصفوية ولو كان رجل الدين المسيحي المسمى لورد ماكدونالد مكان وزير الداخلية ساجد للعب نفس الدور الأول استغل قضية شميمة بيغوم لكي يجمل الوجه القبيح للمستعمر البريطاني والثاني يتاجر بهذه القضية سياسيا من أجل المنصب

  2. يقول سلام عادل(المانيا):

    انا من اكثر الناس تعاطفا مع النساء والاطفال ولكن ان يقول البعض ان تلك النساء ليس لهن ذنب فهذا امرغريب فهي تعتنق فكر الارهاب وتركت بلدها والتحقت بداعش من اجل الاسناد والدعم

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية