قطاع غزة بين وعود المساعدات وواقع المجاعة

حجم الخط
0

غزة: يشهد قطاع غزة أوضاعا إنسانية وصحية متدهورة في ظل انتشار المجاعة ووسط استمرار حرب تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

يأتي ذلك في وقت يعاني فيه القطاع، الذي يواجه أصلا حصارا إسرائيليا مشددا منذ منتصف صيف 2007، من نقص حاد في الإمدادات الأساسية من الغذاء والأدوية رغم تصريحات عدد من الأطراف والدول بتقديم المساعدات الغذائية والإغاثية والصحية.

وتتباين مواقف عدد من الأطراف الفلسطينية المحلية والأممية وبعض الدول حول وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وسط وجود شكوك إزاء الكميات الواصلة وإدارتها وكفاءة توزيعها.

ويقول المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن حرق وتدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي لمعبر رفح البري الحدودي مع مصر في 17 يونيو/ حزيران الجاري، أدى إلى خروجه عن الخدمة بشكل نهائي ومنع دخول المساعدات للقطاع.

وفي 7 مايو/ أيار الماضي سيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح ضمن عمليته البرية في المدينة، والذي كان يعد ممرا رئيسيا لدخول المساعدات للقطاع.

وسبق أن توقع مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في 12 يونيو/ حزيران الجاري، أن يواجه نصف سكان غزة الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو/ تموز المقبل، ما لم يتم السماح بحرية وصول المساعدات.

مساعدات عالقة

انقطع دخول المساعدات للقطاع منذ سيطرة جيش الاحتلال على المعبر في 7 مايو وحتى 24 من ذات الشهر، حينما اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأمريكي، جو بايدن، بنقل المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي وتسليمها للأمم المتحدة لحين بحث آلية تشغيل معبر رفح.

والاثنين، قال المكتب الحكومي بغزة في بيان، إن تدمير إسرائيل للمعبر أعاق إدخال أكثر من 15 ألف شاحنة مساعدات للقطاع ما زالت عالقة على المعابر.

وتقول مصادر محلية إن عدد شاحنات المساعدات “الشحيحة” التي تصل إلى قطاع غزة عبر كرم أبو سالم، تبلغ نحو 50 شاحنة يوميا، لافتة إلى أنه في بعض الأيام قد لا تدخل مساعدات بتاتا.

بدورها، تقول إيناس حمدان، مديرة الإعلام بوكالة “أونروا“، إن عدد الشاحنات التي تدخل عبر كرم أبو سالم “قليل جدا لا تكاد تكفي للحاجات الضخمة والمهولة لقرابة 2 مليون شخص”.

وأضافت: “خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، لم يتجاوز عدد الشاحنات التي وصلت 450 شاحنة مساعدات للقطاع، وهذه نقطة في بحر الاحتياجات”.

وأشارت إلى عدم وجود “تغير ملحوظ على مستوى دخول المساعدات إلى قطاع غزه بما في ذلك شمال القطاع”.

استهداف لجان تأمين المساعدات

ادعت إسرائيل لأكثر من مرة أنها تعمل على توفير طرق آمنة لإيصال المساعدات لغزة والعمل على زيادتها، وسط ضغوط ومطالبات دولية لتوسيع حجم المساعدات.

وفي 16 يونيو، ادعى أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش، في تغريدة نشرها على منصة “إكس”، أنه “سيتم تعليق الأنشطة العسكرية بشكل تكتيكي لأغراض إنسانية في الطريق الواصل من كرم شالوم (كرم أبو سالم) إلى شارع صلاح الدين وشماله”.

وزعم أدرعي أن هذه الخطوة جاءت “في إطار الجهود المتواصلة التي يبذلها الجيش لزيادة حجم المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى قطاع غزة، بعد مناقشات مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية”.

لكن الميدان أثبت عدم صحة الادعاء الإسرائيلي، حيث استهدفت طائرات إسرائيلية حربية، في 20 يونيو، تجمعا لتجار ولجان حماية كانت تعمل على تأمين المساعدات الواصلة وذلك خلال تواجدهم في شارع صلاح الدين، شرق مدينة رفح.

وشرع تجار ولجان حماية غير حكومية، بتأمين شاحنات المساعدات الواصلة للقطاع، بعد أن تعمدت إسرائيل لأكثر من مرة استهداف الجهاز الشرطي الذي كان يقوم بتلك المهمة.

لكن لم تسلم الجهة المدنية الجديدة التي تعمل على تأمين هذه الشاحنات من الاستهداف الإسرائيلي.

الرصيف العائم والمساعدات

في الوقت الذي تزعم فيه الولايات المتحدة الأمريكية إدخال آلاف الأطنان من المساعدات إلى محافظتي غزة والشمال عبر الرصيف العائم الذي أنشأته على شاطئ غزة، تقول الحكومة في القطاع، في بيان، إن هذا الرصيف لم يقدم شيئا مذكورا من المساعدات.

وقال المكتب الحكومي إن إسرائيل تمنع دخول المساعدات إلى محافظتي غزة والشمال منذ أكثر من شهرين، حيث يواجه أكثر من 700 ألف فلسطيني يعيشون هناك فصول المجاعة، وفق البيان.

في المقابل، قالت القيادة الأمريكية المركزية (سنتكوم)، الاثنين، إنها سلمت خلال نهاية الأسبوع الماضي، نحو ألف و384 طنا متريا من المساعدات إلى غزة عبر الرصيف العائم.

وأشارت، في بيان، إلى أنها سلّمت نحو 6 آلاف و206 أطنان مترية من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر الرصيف العائم، منذ بدء تشغيله في 17 مايو/ أيار الماضي على شاطئ المدينة.

فيما رد المكتب الإعلامي الحكومي مقدرا أن هذا الرصيف لم “يقدم ما نسبته 1 بالمئة من حاجة سكان القطاع من الغذاء”.

كما حذر من وجود “دور عسكري وأمني لهذا الرصيف في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بغزة كان آخرها مجزرة النصيرات في 8 يونيو/ حزيران الجاري”.

وفي 10 يونيو الجاري وعقب مجزرة النصيرات، أعلن برنامج الأغذية العالمي أنه “أوقف مؤقتا” أعمال توزيع المساعدات عبر الرصيف الأمريكي في غزة بسبب “مخاوف أمنية”.

وكان “الأغذية العالمي” ومنظمة الأمم المتحدة يعملان على توزيع المساعدات الشحيحة الواصلة عبر الرصيف العائم.

المساعدات الجوية

ومنذ بداية مايو الماضي، وبالتزامن مع العملية العسكرية الأخيرة التي شنتها إسرائيل على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة، علقت الولايات المتحدة مساعداتها الجوية للشمال.

فيما أعلنت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”، في 10 يونيو الجاري، استئناف “عمليات الإنزال الجوي لمساعدات إنسانية بغزة، بعد تعليقها لفترة بسبب العمليات الإسرائيلية في شمال القطاع”؛ الأمر الذي لم تصرح به “حكومة غزة”.

ولا يوجد إحصائية لعمليات الإنزال الجوي للمساعدات في محافظتي غزة والشمال، لكن شهدت هذه العمليات تراجعا واضحا في الشهر الأخير، وفق مراسل الأناضول.

وقالت سنتكوم في بيان: “أجرينا عملية إنزال جوي لمساعدات إنسانية شمال غزة، لأكثر من 10 أطنان مترية من الوجبات الجاهزة للأكل”.

ويقول فلسطينيون في محافظتي غزة والشمال إن المساعدات الأمريكية الغذائية “هي وجبات فردية، لا يكفي الصندوق الواحد منها جميع أفراد العائلة”.

ومنذ 5 مارس/ آذار الماضي، تنفذ سنتكوم عمليات إنزال جوي للمساعدات الغذائية حيث قدمت بهذه العمليات أكثر من ألف و50 طنا متريا، وفق البيان.

وشهدت المناطق الجنوبية لقطاع غزة، عمليات إنزال جوي للمساعدات بشكل متفرق وشحيح.

وواجهت عمليات الإنزال الجوي انتقادات من الفلسطينيين خاصة بعد أن تسببت بمقتل عدد منهم جراء عملية إنزال خاطئة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي مطلق، خلفت أكثر من 124 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، إضافة إلى آلاف المفقودين.

وتواصل إسرائيل حربها رغم قرارين من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية