قلق عراقي من خطر عودة تنظيم “الدولة”: ماذا لو فُتحت بوابة “مخيم الهول”؟

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد-“القدس العربي”: لم يخفّ المسؤولون في العراق مخاوفهم من تبعات التغيير السريع في إدارة دفّة الحكم في سوريا، وسيطرة الفصائل السورية المسلحة على السلطة خلفاً لنظام الأسد، خصوصاً فيما يتعلق بالملف الأمني العراقي المرتبط إلى حدٍّ كبير بدول الجوار وعلى رأسها سوريا، وسط قلقٍ متزايد من خطورة عودة نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية” في الساحة العراقية، عِبر بثّ الحياة في خلاياه النائمة في الداخل، أو تدفّق مقاتليه المحتجزين في مخيّم “الهول” السوري.
السلطات العراقية سارعت مبكّراً لتأمين الحدود المشتركة مع سوريا (أكثر من 600 كم)، بعدد من الإجراءات منها مدّ جدار كونكريتي وأسلاك شائكة، ونصب كاميرات حرارية، فضلاً عن تدعيم قوات حرس الحدود بقوات إضافية من الجيش و”الحشد”.
هذا الاستنفار العسكري عندّ الحدود، عزّز ثقة المسؤولين العسكريين والأمنيين في تصريحاتهم بشأن قدرة القوات العراقية على صدّ أي تعرضٍ محتمل أو هجومٍ ينطلق من العمّق السوري، وإن لا مخاوف من اختراق الحدود.
وفيما ينشغل المسؤولون العراقيون في تأمين الحدود، تنفذ قوات الأمن بين الحين والآخر، عمليات تفتيش وبحث عن عناصر التنظيم في المناطق الصحراوية وتلك التي تربط محافظات صلاح الدين ونينوى بالأنبار، وضبطت بالفعل عدداً من المطلوبين والأسلحة والأعتدة والآليات، وفق بيانات صحافية دأبت على نشرها بشكلٍ شبه يومي.
ووسط انشغال قوات الأمن بعمليات تصفها بـ”الاستباقية”، تجري في الغالب خارج المدن، وثّقت مواقع إخبارية محلية نشاطاً لتنظم “الدولة الإسلامية” في محافظتي الأنبار وكركوك، تمثّل بكتابة شعارات مؤيدة للتنظيم أو رفع راياته.
في الأسبوع الماضي، أقدم مجهولون على كتابة عبارات تعود للتنظيم على جدران منازل في حي النسور بمحافظة الأنبار الغربية، ذات الغالبية السنّية، قبل أن تتمكن قوات الأمن من اعتقال الفاعلين، حسب المصادر ذاتها.
وفي خبر آخر انتشر يتحدث عن رفع علم تنظيم “الدولة الإسلامية” على مدرسة في محيط قضاء داقوق في محافظة كركوك، في حالة هي الثانية من نوعها خلال أسبوعين، بعد أنباء سابقة عن حادثة مشابهة سُجّلت في قضاء الحويجة.
غير أن سلطات الأمن العراقية، سارعت بإصدار بيان صحافي، نفت فيه تلك المعلومات قائلة: “انتشر على بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خبر مفاده رفع راية عصابات داعش الإرهابي في قضاء داقوق للمرة الثانية خلال أسبوع في محافظة كركوك”، مشيرة إلى إنه “بعد التحري والبحث من قبل شعبة محاربة الشائعات وإخراج الدوريات برفقة مختاري المنطقة، وتبين عدم صحة الخبر ولا أساس له من الصحة”.
ويحذّر عضو تحالف “الفتح” المنضوي في “الإطار التنسيقي” الشيعي، علي الزبيدي، من خطورة “ضعاف النفوس” والخلايا “الإرهابية” النائمة التي قد تستغل الوضع السوري لارباك المشهد الأمني داخل العراق، لافتا إلى أهمية اتخاذ إجراءات حكومية عاجلة لضمان عدم تأثر الأمن القومي العراقي بأحداث سوريا.
وذكر في تصريحات لمواقع إخبارية مقربة من “الإطار”، أن “الدولة يجب ان تبادر لملاحقة والقضاء على الخلايا النائمة داخل العراق، وذلك للحفاظ على الأمن والاستقرار وابعاد خطر الإرهاب عن البلاد”.
وأضاف أن “سوريا تسيطر عليها مجاميع متطرفة، وهذا الأمر يشكل خطورة على أمن واستقرار العراق، ما يحتم على الحكومة اتخاذ إجراءات لضمان الحفاظ على الأمن القومي للبلاد، والتحرك باتجاه الخلايا النائمة”.
وبين أن “هناك عددا كبيرا من ضعاف النفوس موجودين داخل العراق، وقد تكون الأحداث في سوريا دافعا لانجرارهم وراء هذه الفوضى، وهو أمر يدفع الحكومة لاتخاذ إجراءات أمنية لإحباط أي محاولة لتنشيط هذه الخلايا والحفاظ على الأمن والاستقرار”.
ومن بين الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات العراقية، أخيراً، تشديد الإجراءات عند حدود العاصمة الاتحادية بغداد، وتمثّلت بتدقيق الأوراق الثبوتية للوافدين- خصوصاً غير العراقيين.
وحسب نائب رئيس مجلس محافظة بغداد، محمد الجويبراوي فإن “حكومة بغداد المحلية وعلى ضوء التغيرات التي حصلت مؤخرا في المنطقة، وانطلاقا من حرصها الشديد على سلامة العاصمة وأمنها، قررت اتخاذ عدة إجراءات لتأمينها ودرء أي تسلل قد يحصل فيها”، حسب الصحيفة الرسمية.
وأشار إلى أن “الإجراءات تتضمن التنسيق مع الجهات الأمنية لتكثيف التواجد الأمني في محيط العاصمة، وتعزيز الجهد الاستخباراتي، وكذلك التحقق من هوية جميع الوافدين الذين يحملون جنسيات غير عراقية، والوقوف على أسباب مجيئهم إلى العاصمة قبل دخولهم، فضلا عن إلزام الوحدات الإدارية بالاحتفاظ بنسخ من أوراقهم الثبوتية”.
وأوضح الجويبراوي، أن “الإجراءات تتضمن تنظيم استمارة كفالة من أصحاب العمل للأجانب لحين تنظيم أوضاعهم، فضلا عن تكليف المختارين ومدراء الوحدات الإدارية كافة بمتابعة أي تحركات غريبة تحصل ضمن مناطقهم”.
ولفت أيضا، إلى وجود “تنسيق مع الجهات الأمنية والجهد الاستخباراتي، من أجل القيام بحملات لملاحقة المطلوبين والمتهمين بقضايا إرهابية، سواء كانوا عراقيين أو غير ذلك، من أجل القضاء على أي خلايا نائمة، وكذلك عقد اجتماعات مع شيوخ عشائر في مناطق حزام بغداد، لتعزيز الاستقرار الأمني في العاصمة”.
ولا تمثّل تحركات مسلحي التنظيم في الداخل، الخطر الوحيد على العراق، بل أن وجود آلاف “الإرهابيين” المحتجزين في مخيم “الهول” السوري، الخاضع لسيطرة “قسد” يعدّ تحدياً أمنياً آخر.
هذا الملف مثّل محوراً رئيسياً في الاتصال الهاتفي الذي جمع وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البريطاني هاميش فالكونر، نهاية الأسبوع الماضي.
المسؤول البريطاني، أعرب عن قلق بلاده إزاء احتمالية “وقوع تصادم مسلح بين بعض التنظيمات المسلحة وقوات سوريا الديمقراطية”، مشدداً على أن “الوضع في سوريا لا يتحمل المزيد من القتال الداخلي”.
أما الوزير حسين فأشار إلى أن “تنظيم داعش الإرهابي يُعيد تنظيم صفوفه، حيث استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري وتركه لمخازن أسلحته، ما أتاح له توسيع سيطرته على مناطق إضافية”.
وحذّر أيضاً من “خطورة هروب عناصر داعش من السجون، ومن انفلات الوضع في معسكر الهول، وانعكاس ذلك على الأمن في سوريا والعراق”.
هذه التصريحات جاءت موازية لحديث الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، بشأن عزم التنظيم “تحرير أكثر من 8 آلاف من عناصره المحتجزين حاليًا في منشآت في سوريا”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية