الرباط ـ «القدس العربي»: بعد ما يزيد قليلاً عن خمس سنوات دون عقد قمة ثنائية، يخطط رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، ونظيره المغربي، سعد الدين عثماني، لقمة ثنائية أواسط كانون الأول/ ديسمبر الجاري في الرباط مع عدد من وزرائهما؛ في ظل زيادة ضغط الهجرة في جزر الكناري كواحدة من القضايا ذات الأولوية.
وفي انتظار التأكيد الرسمي، من المقرر عقد هذه القمة رفيعة المستوى، وهي الثانية عشرة بين إسبانيا والمغرب في الرباط يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وبالتوازي سيكون هناك أيضاً منتدى أعمال في العاصمة المغربية، برئاسة كبار أرباب العمل في البلدين.
وأكدت مصادر دبلوماسية لوكالة الأنباء الإسبانية «إيفي» أن هذا هو الموعد الذي يُعتزم فيه تنظيم القمة، رغم أنها أشارت إلى أنه «لم يُؤَكَّد رسمياً بعد».
وكشف رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، مؤخراً أنه تلقّى مكالمة هاتفية من نظيره الإسباني سانشيز، ناقشا خلالها العلاقات الثنائية والتحضير لقمة الرباط.
وجرى عقد أولى هذه القمم في عام 1993 وكان رئيس الوزراء الإسباني حينها فيليبي غونزاليس، وكان محمد كريم العمراني على رأس حكومة الرباط؛ ومنذ ذلك الحين تم عقد 11 قمة، واستضافتها كل دولة بالتناوب.
وكانت آخر قمة عُقدت في مدريد في 5 حزيران/ يونيو 2015 مع ماريانو راخوي رئيساً للوزراء الإسبان آنذاك وعبد الإله بن كيران رئيساً للحكومة المغربية آنذاك، والوقت الذي مضى منذ ذلك الحين (خمس سنوات) كان الأطول بين عقد القمم منذ إطلاقها.
وتؤكد المصادر أن التأخير لم يكن بسبب «مشكلات في التواصل الثنائي» بل نتج عن ظروف مختلفة مثل «الوضع السياسي في إسبانيا» حيث أجريت أربع انتخابات عامة منذ تلك القمة في عام 2015.
إغلاق الحدود
وبحلول ذلك الوقت، سيحافظ كلا البلدين على بعض التدابير التقييدية المطبقة حالياً على حدودهما بسبب جائحة فيروس «كورونا» المستجد. ومن بين هذه التدابير، إغلاق حدود المغرب البرية مع مدينتي سبتة ومليلية منذ 13 آذار/ مارس الماضي، وكذلك الحدود البحرية بين البلدين.
ومن المرتقب أن يكون الوصول الهائل للمهاجرين غير النظاميين إلى جزر الكناري؛ أحد محاور المحادثات بين رئيسي الحكومتين وبعض وزرائهما الذين سيشاركون في القمة، لأن «تعاون المغرب ضروري لمواجهة هذه المشكلة» وفق التعبير الإسباني.وتحدث وزير الداخلية، فرناندو غراندي مارلاسكا، عن هذا الأمر قبل عشرة أيام في الرباط مع نظيره المغربي عبد الوافي لفتيت، رغم أنه لم يحدد ما إذا كان قد تم إحراز تقدم في البحث عن آلية لإعادة المهاجرين غير النظاميين من جزر الكناري إلى وطنهم.
وتعتزم الحكومة الإسبانية، وفق مصادر إسبانية، المصادقة على التعاون المغربي في هذه القمة والدفاع عن وصول الأموال الأوروبية إلى الرباط لتسهيل عملها.
ملف الهجرة
ويعدّ التعاون مع دول مثل المغرب أحد المعالم البارزة في وثيقة العمل التي أرسلتها إسبانيا وإيطاليا واليونان ومالطا إلى الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، معتبرين أن النص الذي أعدته بروكسل حول «سياسة الهجرة المشتركة غير كافٍ» لأنهم يعتقدون أنه «لا يعكس التضامن الضروري بين جميع الدول الأعضاء».
وعلى الرغم من أن سانشيز قد سافر بالفعل إلى المغرب رئيساً للحكومة واستقبله العاهل المغربي محمد السادس، فإنه سيكون أول رئيس وزراء سيشارك في هذه القمم، وبأول حكومة ائتلافية.وتسبب شركاؤه في الحكومة «أونيدوس وبوديموس» مؤخراً في وضع غير مريح في العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، من خلال المطالبة بإجراء استفتاء في الصحراء الغربية. وفي مواجهة هذا الطلب، شددت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانتشا غونزاليس لايا، على أن موقف الحكومة في هذا الصدد واضح للغاية، ولم يتغير ويتطلب دعماً كاملاً للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لضمان وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية، وتحقيق حل سياسي تفاوضي وعادل ودائم.
وعلّقت وزيرة الدفاع، مارغريتا روبلز، على تصريح «بوديموس» فأعربت عن أسفها لأن بعض أعضاء السلطة التنفيذية ينسون أنهم يجب أن يحكموا للجميع، وليس فقط من أجل ناخبيهم، موضحة أن «السياسة الخارجية هي التي تضعها رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية».
الجدير بالذكر أنه، كما حدث في بعض القمم الثنائية السابقة بين المغرب وإسبانيا، بالتوازي مع اجتماعات الحكومات المعنية، يجري تنظيم منتدى يشارك فيه رجال الأعمال الإسبان والمغاربة.