قمة المناخ لا مناخ فيها لدفع الاحتلال الأطول في التاريخ المعاصر، أن يقتنع بأن رهافة الحس المزعومة ونبل الأخلاق تجاه البيئة والبشرية والأرض والأوزون، يجب أن تسبقها إزالة الكتل الهوائية والعواصف الرعدية والأعاصير المدمرة وتسونامي الطوفان، المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي.
ما من شك بأن استضافة مصر العروبة لقمة المناخ هو حدث استثنائي لدولة طالما كانت وستبقى استثنائية في أحلامنا ووجداننا وضمائرنا، وهي الشجرة الباسقة الباحثة عن التطور والنهوض من تراكمات الفقر والهم ورواسب السياسة، لكن استضافة رئيس دولة الاحتلال ليس بالأمر الاستثنائي بالنسبة للكثيرين، بل هو متوقع في ظل طبيعة القمة، ومحدداتها الدولية والتزامات مصر السياسية.
ولو شاء القدر لكان لرئيس الحكومة المدحورة يائير لبيد حظوة الحضور، لكن هزيمة صندوق الاقتراع له، جعلت الغياب أمراً قسرياً. وعليه يطل هرتسوغ ليس بصفته رئيس دولة شكليا، لا حول ولا وزن له في نظامه السياسي، وإنما ممثل صريح للدولة والحكومة الصهيونية، وإرث لا ينتهي من الجور والعدوان.
الحرص على المناخ يبدأ بتجسيد أسس العدالة وقيم الإنسانية واحترام القانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإعلاء حقوق الإنسان ورفض الظلم
لذلك فإن حديثه المرهف خاصة مع نجوم التطبيع الذين وصفهم بتغريداته المتتابعة بأنهم أصدقاؤه، يجب أن يرفضه الجميع حضوراً وزعماء وذلك عبر تذكيره بأن الاهتمام بالمناخ والبيئة يجب أن تسبقه قناعة صريحة بضرورة إنهاء واضح للاحتلال الصهيوني. فالاحتلال هو الملوث الأول للبيئة الأخلاقية للبشر، وهو الإعصار المحمل بزخات الظلم وعواصف الموت، وهو الزلزال المزعزع لحقوق الإنسان وقيم البشر، وهو البركان المجبول بحمم الحقد والتوسع والظلم والعدوان، بل يوازي بالنسبة للفلسطينيين وأنصارهم، الاحتباس الحراري وثقب الأوزون وتسونامي المحيطات. لذلك يجب أن لا يقبل الجميع بمحاضرة عن المناخ يلقيها هرتسوغ وكأن دولته دولة عادية، دونما تذكيره بأن الحرص على المناخ يبدأ بتجسيد أسس العدالة وقيم الإنسانية واحترام القانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإعلاء حقوق الإنسان ورفض الظلم. فكما يتسابق العالم اليوم لتدارك المآسي التي ارتكبتها البشرية بحق البيئة والمناخ، فإن من الواجب أن يتسابق لدرء الظلم والمآسي التي يرتكبها الاحتلال وغيره من منصات الظلم الأخرى حول العالم. فمن يريد الحفاظ على البيئة إنما يحتاج حتماً لوقف العدوان وجميع الاحتلال وتحديد معالم إنهائه. لذلك وإلى أن تشرق شمس الحرية على فلسطين فإن حديث إسرائيل عن حرصها على المناخ والشمس والقمر والكواكب، لا يتعدى كونه فرقعات استعراضية، فإزالة المظالم عن البشر، لا بد أنها تقود نحو إزالتها عن الحجر والشجر.
يبقى أن أذكر دول التطبيع بأن «الحمل الوديع» المزعوم، الذي تلتقونه بود إنما هو الذي يمثل الدولة التي تستهدف نساءكم وأطفالكم وأبناءكم ومقدساتكم في فلسطين، فإما مناخ مجبول بالحرية وممهور بإشراقة الشمس، أو غيوم ومذلة مدى الحياة! التاريخ لن يرحم…
كاتب فلسطيني
[email protected]