بغداد ـ «القدس العربي»: رغم أن قوات الأمن العراقية في محافظة ذي قار (جنوباً) تنتظر نتائج «وساطات عشائرية» للإفراج عن الناشط المدني المختطف منذ السبت الماضي، سجاد العراقي، لكن وزارة الدفاع أكدت أنها سترسل قوات مسنودة بمروحيات عسكرية إلى محافظة ذي قار، للبحث عن الناشط، في وقتٍ هاجم مجهولون مكتباً «مدنياً» يُعنى بتقديم الخدمات لعائلات «الشهداء والجرحى» يتبع فصيلاً شيعياً مسلحاً، يحظى بدعم رجل الدين الشيعي البارز، علي السيستاني.
وتعرضت أجزاء من مقر «فرقة العباس القتالية» المنضوية في «الحشد الشعبي» في الناصرية، مساء الأحد، إلى حريق، فيما أعلن المتظاهرون براءتهم من الهجوم، في الوقت الذي تشهد محافظة ذي قار احتجاجات عارمة تنديداً باستهداف الناشطين.
وقالت فرقة العباس القتالية في بيان صحافي، أن جزءاً من المقر احترق وليس المقر الرئيسي.
وأوضح البيان أن «الحريق طال المكتب المدني لعوائل الشهداء والمضحين المعني بمتابعة شؤون الشهداء وتقديم الخدمات الإنسانية من تعفير الدوائر والأحياء وكذلك خدمات التكافل والتي ستتوقف نتيجة هذا الحادث».
إلى ذلك، أعلن متظاهرو ساحة الحبوبي، وهي المعقل الرئيسي للاحتجاجات، براءتهم التامة من ما وصفوه بـ«الفعل الشنيع» وإحراق المكتب المدني لفرقة «العباس القتالية» في الناصرية، مؤكدين استعدادهم لإعادة ترميمهِ.
وجاء البيان المصوّر الذي تلاه ممثل عن «ثوار ساحة الحبوبي» من أمام مقر أحد فصائل «الحشد» ليلة الأحد / الإثنين، إن «بعد سماعنا احتراق ممثلية الشهداء التابعة لفرقة العباس القتالية، وما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي من اتهامات مغرضة وجهت بها أصابع الاتهام إلى ثوار ساحة الحبوبي، نعلن براءتنا التامة من هذا الفعل الشنيع الذي لا يمتّ بصلة إلى ثوار ساحة الحبوبي».
وأضاف البيان: «نحن على أتمّ الاستعداد لمدّ يد العون والمساعدة في ترميمه وإعماره من جديد».
رجل دين يشكر المتظاهرين
وظهر في الفيديو رجل دين شيعي، يمثل «الفرقة» قائلاً للمتظاهرين: «أشكر وجودكم وتجمعكم واستنكاركم للعمل الذي أدى إلى احتراق مكتب خدمة الشهداء والجرحى في محافظة ذي قار» مشيراً إلى أن هذا المكتب يُعنى بمساعدة الفقراء في المدينة، «وهو تابع للعتبة العباسية المقدسة، وفرقة العباس القتالية، وهو مكتب مدني يُعنى بالشهداء والجرحى، وتقديم المساعدات والمعونات».
وزاد: «خلال فترة جائحة كورونا، وزّعت نحو 5 آلاف و820 سلة غذائية في محافظة ذي قار، بالإضافة إلى توزيع قناني وأجهزة الأوكسجين وتوفير كادر صحي (لمعالجة المصابين) في المنازل. بعضهم من ثوار ساحة الحبوبي اشتركوا معنا في هذه الحملات».
وأشار إلى أن المبنى المستهدف «هو مكتب مدني، وليس سياسياً أو حزبياً أو أمنياً، مهمته تقديم الدعم تحت إشراف المرجعية الدينية والعتبة العباسية» معرباً عن استغرابه من قيام ما وصفهم «بعض المخربين» بـ«العبث والتجاوز» على هذا المكتب
«ثوار ساحة الحبوبي» ناشدوا جهاز مكافحة الإرهاب إلى التدخل «فوراً»
وفي بيان آخر، ناشد «ثوار ساحة الحبوبي» رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، إلى التدخل «فوراً» و«تحرير الناشط المدني والثائر سجاد العراقي، الذي طالته يد الغدر (السبت الماضي) أمام عجز الحكومة المحلية والأجهزة الأمنية».
يأتي هذا في الوقت الذي لا يزال فيه مصير العراقي المختطف منذ مساء السبت مجهولاً، رغم أن الشرطة أعلنت تحديد وتطويق مكان المختطفين منذ الساعات الأولى لعملية الاختطاف.
وأكدت قيادة شرطة ذي قار أنها تضيق الخناق على خاطفي الناشط سجاد العراقي بالقرب من منطقة «آل أزيرج» والتي تبعد 15 كلم عن مركز مدينة الناصرية، فيما أفادت أن الطابع العشائري للمنطقة هو ما أخر عملهم.
وقال المتحدث الرسمي باسم شرطة ذي قار فؤاد كريم عبدالله في تصريح صحافي، إن عناصر شرطة المحافظة حددت نوع السيارة ومسارها والمكان الذي اتجهت إليه، مضيفاً أن فور رصد مكانها تم تحريك فوجين لتطويق منطقة بالقرب من «ال ازيرج» التي تبعد 15 كلم عن مركز المدينة، التي توجه لها الخاطفون.
وتشهد محافظة ذي قار منذ يومين، احتجاجات عارمة وقطعاً لأغلب الطرق والجسور احتجاجاً على اختطاف الناشط سجاد العراقي وإصابة رفيقه باسم فليح.
وأوضح عبد الله أنه تم تضييق الخناق على منطقة وجود الخاطفين وفي الساعات المقبلة ستتم مداهمة المكان، مبينا أن طبيعة المكان العشائري «تتطلب مزيداً من التأني في تنفيذ مهام مماثلة، ما اضطرنا إلى تأخير عملية المداهمة».
وأكد المتحدث الرسمي باسم شرطة ذي قار أن جريمة الاختطاف هذه ذات طابع جنائي.
وقالت وزارة الدفاع العراقية، إنها سترسل قوات مسنودة بمروحيات عسكرية إلى محافظة ذي قار، للبحث عن الناشط.
وأفاد بيان صادر عن خلية الإعلام الأمني، التابعة للدفاع، بأن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، «وجه قيادة العمليات المشتركة (في الجيش) بإجراء فوري للبحث عن الناشط المدني، سجاد العراقي، الذي اختطف في مدينة الناصرية».
وأضافت أنه «تم تكليف قوة مِن جهاز مكافحة الإرهاب للتوجه إلى محافظة ذي قار (جنوب) مسنودة بطيران الجيش (مروحيات عسكرية) للبحث عن المخطوف وتحريره، وتنفيذ القانون على الخاطفين وتقديمهم للعدالة».
قطع طرقات وجسور
وتظاهر المئات أمام مبنى ديوان المحافظة ومجلس ذي قار بعدما توجهوا إلى المكان منطلقين من ساحة الحبوبي، كما قطعوا عدداً من الطرق والجسور ومنها جسري الحضارات والزيتون.
وأفادت مصادر محلية أن مسلحين مجهولين كانوا يستقلون ثلاث سيارات مضللة اختطفوا الناشط سجاد العراقي وأطلقوا النار على صديقه باسم فليح الذي كان برفقته بأسلحة كاتمة للصوت، حيث تم إسعاف الأخير للمشفى لإنقاذ حياته، فيما لا يزال مصير الأول مجهولاً.
وعلى إثر ذلك، أصدر المتظاهرون في ساحة الحبوبي في الناصرية بياناً تضمن إمهال قيادة الشرطة ساعة واحدة للقبض على الجناة، مهددين بإغلاق كافة شوارع ومنافذ الناصرية والدوائر بعد انتهاء المهلة.
وفي وقت لاحق، أعلنت شرطة ذي قار تحديد العجلة التي اختطفت العراقي، وفيما أشارت إلى أن استجابة الأجهزة الأمنية كانت سريعة بعد وقوع الحادث، دعت المتظاهرين للتعاون مع الأجهزة الأمنية لتهدئة الأوضاع.
وعرف سجاد العراقي بكتاباته الجريئة على منصات التواصل الاجتماعي، وأشار في 4 أيلول/ سبتمبر الجاري إلى تهديده من قبل أحد المنتمين للتيار الصدري، محملاً إياهم المسؤولية عما يتعرض له في المستقبل.
ويشهد العراق منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على نحو متقطع احتجاجات شعبية عمت معظم محافظات الوسط والجنوب تخللتها أعمال عنف أسفرت عن مقتل المئات وإصابة الآلاف، كما تصاعدت خلال الآونة الأخيرة عمليات الاغتيال التي استهدفت الناشطين.