دمشق – «القدس العربي» : «كأنها القيامة»… هكذا وصف السوريون مشهد أمس وما آلت إليه أوضاعهم في إدلب شمالي سوريا، بعد أن نكثت روسيا بوعودها تجاه الهدنة التي وقعتها مع الجانب التركي قبل 72 ساعة فقط، لتنفذ مقاتلاتها الحربية وتلك العائدة للنظام السوري عشرات الغارات الجوية على إدلب المدينة ومدن وبلدات في أريافها، مستهدفة الأسواق الشعبية والمناطق السكنية، موقعة العشرات بين قتيل وجريح، بينما آخرون لا يزالون تحت الأنقاض.
وارتفعت حصيلة ضحايا قصف النظام السوري، أمس، على سوق شعبية في مدينة إدلب، إلى 18 قتيلاً من المدنيين. وأفادت مصادر في الدفاع المدني لمراسل الأناضول، بأن عدد القتلى ارتفع إلى 18 مدنياً، فيما تتواصل عمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض. وأشارت المصادر إلى وجود عدد كبير من الجرحى ما يجعل عدد القتلى مرشحاً للارتفاع.
مصادر ميدانية قالت لـ «القدس العربي» إن ست مقاتلات حربية روسية وأخرى تابعة للنظام السوري، تناوبت على قصف إدلب المدينة، مع أريافها، فقتلت أكثر من 15 مدنياً كحصيلة أولية، وأصابت أكثر من 40 آخرين، كما طال القصف أحد مراكز الدفاع المدني السوري في جبل الزاوية، مما أدى إلى تدميره وإخراجه عن الخدمة بشكل كلي.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن أن روسيا وقوات النظام السوري هاجمت منطقة خفض التصعيد في إدلب بأكثر من 100 غارة جوية وبرميل متفجر، مستهدفين من خلال تلك الضربات أكثر من 25 منطقة سكنية، بالإضافة إلى أكثر من 500 صاروخ وقذيفة مدفعية.
الحملة العسكرية العنيفة على إدلب، تأتي بعد إعلان وزارة الدفاع التركية أن الجانبين التركي والروسي اتفقا على وقف إطلاق نار في منطقة خفض التصعيد في إدلب، بدءًا من يوم الأحد، إلا أن قوات النظام السوري والطائرات الروسية، ضاعفت من استهدافها للمناطق السكنية منذ ذلك الحين، وقتلت وشردت العشرات.
ووفق المرصد السوري، فقد استهدفت الضربات الجوية كلاً من مدينة إدلب، ومناطق في معرة النعمان والدير الشرقي وداديخ وخان السبل وتلمنس ومعصرات ومعرشمشة ومعرشورين والحامدية والهرتمية وتل كرسيان والشيخ ادريس ومحاور التماس شرق إدلب. كما استهدفت طائرات النظام الحربية بأكثر من 33 غارة جوية، أماكن في كفروما وأبو جريف وحرش بينين والبارة والشيخ أحمد ومدينة أريحا وكفرنبل ومعرزيتا وكتلانا والشيخ ادريس ومنطف.
إنشاء «منطقة آمنة»
وعلقت تركيا، عبر وزير دفاع خلوصي أكار على الضربات التي استهدفت إدلب بالقول: هجمات قوات النظام والميليشيات الموالية له في المنطقة مستمرة، على الرغم من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ قبل ثلاثة أيام، مشيراً إلى أن تركيا تعمل على تعزيز نقطة مراقبة تحاصرها قوات النظام، من دون أن يشير إلى أي نقطة، كما نوه أكار، إلى أن تركيا وروسيا تبحثان إنشاء «منطقة آمنة» في إدلب.
أما على صعيد المعارضة السورية، فقد نعت الأخيرة «الهدنة»، وقال القيادي في الجيش الوطني السوري مصطفى سيجري لـ»القدس العربي»: إن اتفاق الهدنة فشل نتيجة عدم التزام «الاحتلال الروسي»، وأعمال القصف والقتل تتواصل بحق المدنيين والمستضعفين في إدلب وما حولها. كما طالب القيادي المعارض الحكومة التركية بإعلان رسمي لفشل اتفاق «سوتشي» والبحث عن خيارات جديدة لمساعدة السوريين الذين تطاردهم المقاتلات الروسية وتلك العائدة للنظام السوري.
قيادي في المعارضة لـ «القدس العربي»: روسيا ربطت الملف السوري بـ «الليبي»
واعتبر سيجري أن روسيا لا يمكنها أن تكون طرفاً ضامناً، واصفاً إياها بـ»دولة احتلال» و»داعمة للإرهاب»، وطرف في المعركة مع السوريين. وأشار إلى أن روسيا تتخذ من إدلب «صندوقاً للرسائل النارية»، واتخذت من جبهة النصرة ورقة للابتزاز، وربط ملف ادلب بملف شرق الفرات، ليشكل ضغطاً كبيراً على الأتراك، تنازل الأتراك في شرق الفرات نتيجة انعدام الثقة بالأمريكيين، فسارع الروس اليوم أيضاً لربط ملف إدلب بملف ليبيا ليشكلوا ضغطًا جديدًا على الأتراك. وأضاف أن الملف السوري بات اليوم معقداً للغاية، وبات من الواضح أن الجانب الروسي لا يفقه سوى لغة «السلاح».
تصعيد في الشمال
التصعيد الذي بدأته روسيا في الشمال السوري، رغم توقيعها لاتفاق تهدئة مع الضامن، يحمل في طياته العديد من الرسائل والغايات، وفي هذا الإطار، يقول الخبير في العلاقات الروسية – التركية «إبراهيم إدلبي» لـ»القدس العربي»: ان تقوم بتجريب الحدث نفسه بالطريقة ذاتها، وترتجي نتائج مختلفة فهذا ضرب من الجنون، فقد تعود الشعب السوري على عدم وفاء روسيا، بوعودها وسباقها الدائم لخرق الهدن واستهداف مراكز المدن وتجمعات المدنيين في مناطق خفض التصعيد.
ويضيف، أن روسيا اختارت هذا التوقيت لتثبت للضامن التركي جديتها في تطبيق مخرجات «سوتشي» و»أستانة»، بدءًا بحل هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ وإعادة فتح الطرق الرئيسية، والشروع في بناء المنـطقة مـنزوعة السـلاح وتسيـير الدوريات.
فالروس يريدون استكمال «انتصاراتهم المزعومة» على حساب الدم السوري، وأن مدينة إدلب تحديداً لها رمزية خاصة، حيث طالب الروس بعودة مؤسسات النظام السوري إلى مركز المدينة، ورفع راياته عليها، وهذا القصف بمثابة ضغط في المرحلة الأولى للأتراك، ثم الفصائل التي تقرأ القصف على أنه رسالة تهديد قبل الشروع بعملية عسكرية في ريف حلب الغربي والجنوبي.
ويقول الخبير إدلبي لـ»القدس العربي»، إن تركيا هي دولة ضامنة للفصائل العسكرية وليست دولة رادعة او مراقبة لروسيا، فهي تقوم بمهامها بتطبيق مخرجات سوتشي وأستانة، ضمن آلية زمنية ومنها عدم السماح للفصائل بشن عمليات عسكرية على المحاور، وستستثمر تركيا هذه الغارات للحديث مع المعارضة من أجل الوصول إلى آلية لتطبيق ما بقي من مخرجات لم تطبق حتى الساعة.
«بدنا نعيش»… مظاهرة في السويداء السورية تندد بارتفاع الأسعار
كامل صقر
دمشق – «القدس العربي» : تظاهر العشرات أمام مبنى محافظة السويداء أمس منددين بارتفاع الأسعار وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد وتراجع الخدمات. وذكرت وكالة سانا الرسمية أن عدداً من الأشخاص تجمعوا وسط مدينة السويداء وهتفوا بشعار «بدنا نعيش».
وذكر موقع جريدة «الوطن» السورية أن تجمُّع هؤلاء كان سلمياً وتوجهوا إلى بناء المحافظة وطالبوا المسؤولين بتحسين الوضع المعيشي وخفض الأسعار وتأمين المستلزمات الضرورية من مازوت وغاز وكهرباء بعد تردي الأوضاع التي أوصلت الكثيرين إلى حالة الجوع، مؤكدين ضرورة محاسبة الحكومات الاقتصادية والفاسدين في الدولة، واستياءهم من الأوضاع الاقتصادية المتردية في ظل ارتفاع كبير لسعر صرف الدولار أمام الليرة السورية.