بيروت- أ ف ب- حققت قوات النظام السوري تقدما في هجومها الهادف للسيطرة على منطقة وادي بردى قرب دمشق، والتي تعد خزان المياه الرئيسي للعاصمة، في تصعيد اعتبرته الفصائل المقاتلة خرقا للهدنة الهشة التي دخلت الاثنين يومها الرابع.
وهددت الفصائل المعارضة الموقعة على اتفاق الهدنة الذي تم التوصل اليه برعاية روسية تركية الاثنين، بـ”نقض الاتفاق واشعال الجبهات” كافة في حال عدم وقف العمليات العسكرية على وادي بردى.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاثنين “بقصف جوي ومدفعي لقوات النظام على محاور عدة في منطقة وادي بردى، تزامنا مع معارك عنيفة بين قوات النظام ومقاتلين من حزب الله اللبناني من جهة والفصائل المقاتلة وعناصر من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)”.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان “قوات النظام ومقاتلين من حزب الله اللبناني احرزوا تقدما في المنطقة وباتوا على اطراف عين الفيجة، نبع المياه الرئيسي في المنطقة ويخوضون مواجهات عنيفة مع الفصائل لتأمين محيطه”.
واضاف عبد الرحمن أن “هذا التصعيد العسكري يعد خرقا للهدنة، رغم ان قوات النظام بدأت هجومها قبل اسبوعين بهدف السيطرة على منابع المياه التي تغذي معظم مناطق العاصمة”.
ودخلت الهدنة التي اعلنتها روسيا الخميس ووافقت عليها قوات النظام والفصائل المعارضة، يومها الرابع في سوريا مع استمرار الهدوء على الجبهات الرئيسية رغم تكرار الخروقات التي تزيد من هشاشتها.
وتم التوصل إلى اتفاق وقف اطلاق النار في ضوء التقارب الاخير بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق برعاية تركية، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات هدنة مماثلة تم التوصل اليها في فترات سابقة، لكنها لم تصمد.
ويستثني اتفاق وقف اطلاق النار التنظيمات المصنفة “ارهابية”، وبشكل رئيسي تنظيم الدولة الاسلامية. كما يستثني، بحسب موسكو ودمشق جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، الامر الذي تنفيه الفصائل المعارضة.
ويزيد هذا التباين من صعوبة تثبيت الهدنة بسبب وجود هذه الجبهة ضمن تحالفات مع فصائل اخرى مقاتلة في مناطق عدة ابرزها محافظة ادلب (شمال غرب) وكذلك منطقة وادي بردى.
وبحسب المرصد السوري، ثمة مئات من مقاتلي الجبهة، من بين آلاف مقاتلي الفصائل، في منطقة وادي بردى الواقعة على بعد 15 كيلومترا شمال غرب دمشق.
– دمشق بلا مياه
وتعد المنطقة مصدر المياه الرئيسي للعاصمة التي تعاني منذ نحو اسبوعين من انقطاع هذه الخدمة، ما دفع الأمم المتحدة إلى ابداء خشيتها في بيان الخميس من “وضع مياه الشرب (…) وانقطاع إمدادات المياه الرئيسية منذ 22 كانون الأول/ ديسمبر عن أربعة ملايين نسمة” من سكان دمشق وضواحيها.
وتحاصر قوات النظام وحلفاؤها المنطقة منذ منتصف العام 2015، وغالبا ما كانت تلجأ الفصائل الى قطع المياه عن دمشق عند تشديد قوات النظام حصارها، ثم تعود الامور الى طبيعتها مع سماح النظام بدخول المواد الغذائية، وفق المرصد.
ومنذ 20 كانون الاول/ ديسمبر، بدأت قوات النظام هجوما عسكريا على المنطقة بهدف السيطرة عليها او الضغط للتوصل الى اتفاق مصالحة، ينهي العمل العسكري للفصائل، على غرار اتفاقات مشابهة جرت في محيط دمشق خلال الأشهر الماضية، وفق المرصد أيضا.
وبحسب عبد الرحمن، تعرضت احدى مضخات المياه في عين الفيجة لانفجار بفعل المعارك، وعلى أثره تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنه.
واتهمت السلطات الفصائل بتلويث المياه بالمازوت ثم قطعها بالكامل عن دمشق.
في المقابل، نددت تلك الفصائل الموقعة على اتفاق وقف اطلاق النار في بيان الاثنين بما وصفته بـ”خرق جائر” للاتفاق.
وطالبت الدول الراعية للاتفاق بالتدخل “لحماية المدنيين من قصف النظام (…) وادخال ورش الصيانة لمؤسسة مياه عين الفيجة”، متعهدة “ضمانة سلامتها”.
وفي حال عدم التجاوب، لوحت الفصائل بانها ستطالب “بنقض الاتفاق وإشعال الجبهات دفاعا” عن وادي بردى.
– محادثات استانا
ومن شان استمرار وقف اطلاق النار في سوريا ان يسهل محادثات سلام تعمل روسيا وتركيا الى جانب ايران على عقدها الشهر الحالي في استانا، عاصمة كازاخستان.
واصدر مجلس الامن الدولي السبت قرارا بالاجماع يدعم الخطة الروسية التركية لوقف اطلاق النار في سوريا والدخول في مفاوضات لحل النزاع المستمر منذ نحو ست سنوات، من دون ان يصادق على تفاصيل الخطة.
واكتفى القرار “باخذ العلم” بالاتفاق الذي قدمه البلدان في 29 كانون الاول/ ديسمبر، مذكرا بضرورة تطبيق “كل قرارات” الامم المتحدة ذات الصلة حول سوريا.
وحرصت كل من تركيا وروسيا على التأكيد ان محادثات استانا لا تشكل بديلا من مفاوضات جنيف التي أملت الأمم المتحدة باستئنافها في الثامن من شباط/ فبراير.
وافاد قرار مجلس الامن بان المفاوضات المرتقبة في استانا تعد “مرحلة اساسية استعدادا لاستئناف المفاوضات برعاية الامم المتحدة”.
وتشهد سوريا منذ اذار/ مارس 2011 نزاعا داميا تسبب بمقتل اكثر من 310 الاف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.