قوارب الموت والممارسات اللاانسانية ضد المهاجرين

حجم الخط
23

وفاة اكثر من 300 مهاجر بينهم اطفال ونساء بعضهن حوامل، اثر غرق سفينتهم بعد اشتعال النار فيها على بعد كيلومتر واحد من شواطئ جزيرة لامبيدوسا، يسلط الاضواء من جديد على مأساة انسانية تتكرر خلال العقود الثلاثة الماضية، ولم يتم وضع حد لها ولا بذل محاولات جادة لمعالجتها.
كارثة القارب يوم الخميس الماضي الذي لا يتجاوز طوله العشرين مترا، ويحمل 500 مهاجر افريقي، هي واحدة من المآسي في سلسلة طويلة من الحوادث المفجعة، فقد حصلت المأساة بعد اربعة ايام فقط من غرق 13 مهاجرا ارتيريا امام سواحل جزيرة صقلية. وفي مطلع آب (اغسطس) الماضي غرق ستة مصريين قبالة سواحل صقلية. وخلال الاسبوع الماضي تم انتشال جثث 36 شخصا، اغلبهم لبنانيون بينهم سبعة اطفال من مياه الساحل الجنوبي لاندونيسيا اثناء محاولتهم الهجرة الى استراليا.
وما زال عشرات آلاف الافارقة يتواجدون بدول شمال افريقيا بانتظار فرصة الانضمام الى رحلة قد تكون نهايتها الموت.
عشرات آلاف المهاجرين يقومون سنويا برحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر المتوسط او الاطلسي في محاولة الوصول الى سواحل جنوب اوروبا هربا من الفقر والحروب والاضطهاد، ولا بد من توفير بدائل فعالة للاشخاص الذين يلجأون للمتاجرين بالبشر مخاطرين بحياتهم.
بعد مأساة جزيرة لامبيدوسا، شهدت العواصم الاوروبية مباراة بالتباكي على الضحايا، دون بذل اي جهود حقيقية لايجاد حلول جذرية للمشكلة، فبدلا من دفع الاموال على اغلاق الحدود، عليها زيادة قدرات عمليات البحث والانقاذ وتحسين عمليات اغاثة القوارب التي تواجه مخاطر.
على الدول الاوروبية التي تتباكى على الضحايا ان تحافظ على حقوق المهاجرين، بغض النظر عن وضعهم لضمان قواعد العمل اللائقة.
خلال اليومين الماضيين واجهت فرنسا قضية مجموعة من المهاجرين السوريين الذين اعتصموا بميناء كاليه، واضرب عشرون منهم عن الطعام، ولم تتوقف الشرطة عن محاولات اخلائهم بالقوة، الا بعد تهديد اثنين منهم برمي نفسيهما من اعلى مبنى مجاور. هؤلاء اللاجئون جاؤوا هربا من الحرب في سورية واملا في السلام في فرنسا، وصف احدهم الوضع قائلا ‘كنا نعتقد ان فرنسا بلد حقوق الانسان لكننا نعيش فيها بالعراء كالكلاب’.
ومنذ مطلع العام الجاري وطيلة تسعة شهور لم تسجل فرنسا سوى 850 طلب لجوء من سورية، رغم ان عدد اللاجئين الفارين من الحرب يفوق الـ2.1 مليون سوري.
‘المحظوظون’ من الحالمين بحياة أفضل ان حالفهم الحظ ووصلوا الى الشواطئ الاوروبية، ولم يكن مصيرهم في أكياس من البلاستيك، سيبدأون بمواجهة مأساة اخرى، وحملة مطاردة وممارسات عنصرية وترحيل قسري. وتكاد لا تخلو انتخابات في اوروبا او استراليا من حملة دعائية ضد المهاجرين، وقد كان موقف رئيس الوزراء الاسترالي توني ابوت المتشدد من الهجرة محور حملته الانتخابية، وهو نفس موقف العديد من الاحزاب في بريطانيا واليونان وفرنسا وايطاليا والمانيا.
وشهدت دول اوروبا حملة مطاردة ضد المهاجرين، ففي اليونان مثلا توقف السلطات في الشوارع اي شخص يبدو على سحنته انه من المهاجرين، مفترضة ان وضعه غير قانوني، وفي لندن انطلقت مؤخرا حملة دعائية في صيغة تهديد للمهاجرين غير الشرعيين للعودة الى بلدانهم، حيث تجوب شاحنات شوارع احياء يقطنها اغلبية من المهاجرين، وهي تحمل اعلانات عملاقة تقول ‘اذا كنتم تقيمون بصفة غير شرعية فغادروا والا سيتم توقيفكم’ وتحمل الاعلانات اصفادا وارقاما احصائية من نوع ‘تم اعتقال اكثر من مئة شخص في حيكم الاسبوع الماضي’.
هذه الممارسات اللاانسانية ضد المهاجرين من شأنها فقط ان تشجع العنصرية والعنف ضد اللاجئين.
الدول الغربية تتكاتف في جهودها لمنع الهجرة، بينما عليها نجدة هؤلاء المهاجرين لتفادي حدوث مآس جديدة في البحر، فالمطلوب عملية انسانية وليس أمنية لمنع هذه المآسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد:

    من هو الاوروبي الذي بعث برسالته لهم حتى يتوجهوا الى أوروبا

  2. يقول رضوان بن الشيخ عبدالصمد:

    السلام عليكم ورحمة الله
    أشكر صحيفتنا صحيفة القدس العربي
    انا كمواطن اوروبي ارجوامن الدول الأوروبية أن تعامل هؤلاء المهاجرين معاملة إنسانية .

  3. يقول سامح // الامارات:

    شكرا لقدسنا العزيزة على تعاطفها ووقوفها مع اللاجئين المساكين .
    حقيقة …هذه المشكلة والمعضلة …خطيرة ومركبة ومتشابكة …؟؟؟
    توجد ثلاثة أطراف مسؤولة عن هذه المأساة الكبيرة :
    1 ـ البلد الأصلي للمهاجرين .
    2 ـ البلد المضيف ( وعادة ما يكون بلد أوروبي ) .
    3 ـ الأمم المتحدة .
    بالإضافة الى بلد ( الممر ) …وعادة تكون ( دول شمال إفريقيا ) …؟؟؟!!!
    هذه الأطراف جميعها مسؤولة عن هذه المأساة الإنسانية الكبيرة .
    يجب تعاون وتشاور هذه الأطراف الأربعة والتوصل …لأفضل الحلول
    لمشكلة المهاجرين من بلدانهم …عار على الجميع بقاء هذه المشكلة بلا حل
    وعدم إكتراث …وكأن حياة هؤلاء المهاجرين المغلوب على أمرهم :
    لا تساوي شيء …وكأنهم ليسوا بشرا ولهم حقوق إنسانية وكان الله في عونهم .
    شكرا .

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.(الدول الغربية تتكاتف في جهودها لمنع الهجرة، بينما عليها نجدة هؤلاء المهاجرين لتفادي حدوث مآس جديدة في البحر، فالمطلوب عملية انسانية وليس أمنية لمنع هذه المآسي)هذه آخر فقرة من رأي القدس اليوم تحت عنوان(قوارب الموت والممارسات اللاانسانية ضد المهاجرين)0موقف الدول الغربية بهذا الخصوص فيه عنصرية ضد غير الاوروبيين؛اذ ان قتلى هؤلاء المهاجرين لا يعدو عن كونه ارقاما في سجلات دوائر منع الهجرة الملونة الى بلدان اوروبا البيضاء.ان حياة الانسان الاوروبي مقدسة بعكس حياة غيره من هؤلاء المساكين التي تضطرهم ظروف عيشهم المعدمة الى ركوب المخاطر والتضحية بارواحهم بحثا عن ملجأ آمن يوفر لهم لقمة عيش تقيم اودهم وتحفظ حياتهم وتبعث لاطفالهم المتضورين جوعا ما يبعد عنهم شبح الموت.ان هذه الهجرة ليست نزهة اوترف السياحة والترحال ولكنها محاولة للتغلب على ظروف قاهرة.وما يضطر الكثيرين للهجرة من اوطانهم،بلاضافة للفقر المدقع هو الاضطهاد والقهر الذي تمارسه سلطات بلادهم ضد مواطنيها كذلك؛اذ ان النخب الحاكمة في معظم بلدان العالم الثالث هي نخب مفروضة وفاسدة ولا تعكس ارادة شعبية في اختيارهم.لا يحسبن احد ان الهجرة من الاوطان ترف؛بل انها تعادل نزع الروح من الجسد،ولكن الذين يضطرون لتجرع مرارة ترك الاوطان هو ما يعانونه في بلداهم وما هو اشد مرارة من الهجرة0 ان رسول الله محمد عليه السلام عندما نظر الى مكة وهو يهاجر منها قال ما معناه(والله انك لاحب ارض الله الي ولولا انهم اخرجوني منك ما خرجت)وكما يقول المثل(مسقط الراس غالي)ونهيب باوروبا ان ان تنظر بانسانية الى هؤلاء المعذبين المعدمين او المقموعين وتجد طريقة انسانية للمحافظة على حياة هؤلاء وتعاملهم بانسانية ورحمة لا بقسوة امنية مهلكة؛قد تضطر كثير منهم للسلوك المنحرف

  5. يقول الرمحي:

    قبل ان نوجه اللوم على غيرنا علينا ان نقوم بواجبنا اتجاه مواطنينا- ماذا قدمنا لهم من حياة كريمة واحترمنا انسانية المواطن وحقوقه كي يبقى معززا في الوطن

  6. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    بلاد العرب تستطيع اطعام ابناء البلاد الاخرى. فبدلا من ان يكون مواطنامواه على اجنبية او يدفع ملايين الدولارات من اجل ان يلتقي ابناءه مع ميكي ماوس او ان تنفق الاموال على الاندية الاوروبية او على صفقات السلاح الصدئة او تمويل الحروب الاهلية والقتل – ساهموا في بناء المحتمعات وتباهوا بفعل الخيرواستروا عورات العرب والمسلمين فان ذلك انجى لكم عند الله.

  7. يقول يحيي ابو دبورة النرويج:

    أنني اتفق مع الكاتب في ضرورة وقف الحملات العنصرية ضد الأجانب و لكن الكثير من الأجانب و لاسيما من البلدان الاسلامية يأتون بشعارات غريبة مثل قال الله قال الرسول ! و يحاولون تطبيق مبادئ الشريعة في أوروبا و هي القارة المسيحية !

  8. يقول Baboonov:

    شيىء محزن جدا لا شك، لكن اوقفوا محاولات اسلمة الغرب لان الغربيين سوف يحرقونكم .

  9. يقول Hassan:

    أن يذهب المرء إلى الموت على قوارب هذا ما لا يقبله العقل. إيطاليا هي حاضرة من حواضر العرب والمسلمين مستقبلا. إن الله يعد أمرا ولو سألت أحدهم لماذا تذهب إلى الموت مع العلم أن إيطاليا ليست ببعيدة عن اليونان في الإفلاس فإن الإجابة ” لا أدري”.
    يجب على الطليان أن يقبلوا بواقع إستيعاب العرب على الجزر المهجورة والفارغة من
    السكان كما عليها إعمار الجنوب الذي تركه أهله منذ القدم وركبوا البحار والمحيطات هم أيضا واستقروا في أمريكا وفي أستراليا وغيرهما وحتى يوم الناس هذا. هجرة بهجرة والحل ممكن.

  10. يقول أبو شوكة:

    قال الله وقال الرسول اشرف مليون مرة من زعماء العالم وأوروبا يا اخ يحي في النرويج وأسألك نفسك كيف أتيت الي أوروبا اول مرة؟؟؟فراجاءا ان لا تعلق علي قول قال الله ورسولة لأنة كلام رب العالمين وشكرا يا يفهم أوروبا

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية