جنين- «القدس العربي» : اغتالت قوة من قوات المستعربين في جيش الاحتلال الإسرائيلي، تنكر بعضهم بلباس ممرضين، ثلاثة 3 شبان بينهم جريح في مستشفى ابن سينا في جنين فجر أمس الثلاثاء.
فقد تسلل 12 من هذه القوة إلى المستشفى فجرا مرتدين زي طبيب وممرض، وقد أخفوا تحت ملابسهم الدافئة أسلحة حديثة قاتلة.
واستخدم القتلة أسلحة كاتمة للصوت وأقدموا على تصفية الشبان الثلاثة وهم نائمون.
وتظهر تسجيلات كاميرات المراقبة دخول مجموعة القتلة وفي عدادها مجندتان، ـ فيما كان أحد القتلة يجرّ عربة طفل صغيرة، وثالث كان يمسك بكرسي متحرك، توجهوا إلى الطابق الثالث من المستشفى واجهزوا على ضحاياهم مستخدمين كواتم الصوت.
وعلّق شاب غاضب كان يشارك في جنازة التشييع بالقول «لا مكان آمنا في جنين».
وخلال التشييع الغاضب، هتف الشبان ضد جرائم الاحتلال، فيما حمل شبان أسلحة رشاشة مؤكدين الاستمرار في طريق النضال.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن الشهداء الثلاثة هم: الشقيقان محمد وباسم غزاوي، ومحمد جلامنة، وهو ما يرتفع عدد الشهداء في الضفة الغربية إلى 8 خلال الـ 24ساعة الماضية.
وأفاد شهود عيان أنه سمع دوي أصوات إطلاق نار كثيف بمحيط المستشفى، وأشارت مصادر إلى أن الشهداء هم أحد أبرز قادة «كتائب القسام» و»سرايا القدس» في جنين.
ودعت القوى الوطنية إلى الإضراب والنفير العام في جنين بعد اغتيال الشبان الثلاثة.
وكان الشهيد باسل يتلقى العلاج بالمستشفى منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023، جراء إصابته بقصف إسرائيلي من طائرة مسيرة.
وأفادت المصادر بأن القوات الخاصة تسللت لغرفة الشهيد باسل بالمستشفى، وأطلقت عليه النار أثناء نومه، حيث كان بجانبه شقيقه والشهيد جلامنة. وبذلك يرتفع إلى 58 عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بداية العام الجاري في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وإلى 377 شهيدًا منذ بداية العدوان على غزة.
كيلة: خرق للقانون الدولي
ودعت وزيرة الصحة مي الكيلة، الهيئة العامة للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية إلى وضع حد لسلسلة الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا والمراكز الصحية في قطاع غزة والضفة الغربية، وتوفير الحماية اللازمة لمراكز العلاج وطواقم الإسعاف.
وأضافت الكيلة في بيان صحافي، بعد استشهاد الشبان الثلاثة، أن هذه الجريمة «تأتي بعد عشرات الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق مراكز العلاج والطواقم الطبية».
وقالت: «يوفر القانون الدولي حماية عامة وخاصة للمواقع المدنية، من ضمنها المستشفيات، وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لاتفاقيتي جنيف لعام 1977 ولاهاي لعام 1954».
إسرائيل تقرّ بالعملية
وأقرت إسرائيل أمس بمسؤوليتها عن عملية الاغتيال. وذكر بيان لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) والجيش الإسرائيلي أن «محمد جلامنة، يبلغ من العمر 27 عاماً، موجود في مخيم جنين منذ فترة زمنية، كان على علاقة مع قيادة حركة «حماس» في الخارج، وجرح خلال محاولته تنفيذ عملية بسيارة مفخخة، وزود نشطاء المقاومة بالسلاح والذخيرة لغاية تنفيذ عمليات إطلاق نار، وعمليات اقتحام كتلك التي كانت في السابع من تشرين الأول / أكتوبر).
وأضاف البيان: «مع جلامنة اغتيل شخصان آخران وجدا في نفس المكان، محمد الغزاوي ناشط في كتيبة جنين، وكان على علاقة بتنفيذ سلسلة عمليات إطلاق نار على القوات الإسرائيلية في جنين، ومعه اغتيل شقيقه باسل غزاوي، ناشط في الجهاد الإسلامي، وشارك في عمليات للمقاومة في المنطقة».
وادعت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية أن الثلاثة الذين تم اغتيالهم، اثنان تابعان لحركة «حماس» والثالث لـ»الجهاد الإسلامي»، «خططوا لتنفيذ عملية مقاومة في المدى القريب في إسرائيل مستوحاة من أحداث السابع من تشرين الأول / أكتوبر».
ويكذب نشطاء رواية الجيش والشاباك والصحافة العبرية، مشيرين إلى أن حالة الشاب المصاب ما كانت تسمح له بذلك، معتبرين أن هذه «حجج يستخدمها الاحتلال من أجل تبرير عمليته المتوحشة».
وقال الدكتور نجي نزال، المدير الطبي لمستشفى ابن سينا التخصصي إن «يد الغدر اقتحمت وامتدت واغتالت الشبان الثلاثة اثناء النوم».
وأشار إلى أن «الشهيد المريض كان يعاني وما زال، حيث قضى شهرا في قسم العناية المركزة، حيث مضت فترة طويلة على جهاز التنفس الصناعي.. وهو الآن كان في قسم التأهيل».
وتابع قائلا: «لقد دخلوا متنكرين.. في وقت الفجر، وهي فترة تشهد ركودا في الحركة داخل المستشفى، لقد دخلوا متنكرين بزي مدني، ما يقرب من ١٠ جنود. بين نساء وأطباء وممرضين ومواطنين مرضى».
وأوضح بأنّ «هناك اقتحاما مشابها لما حدث حصل في المستشفى الأهلي في الخليل، وآخر في المستشفى العربي التخصص في نابلس».
وأكد أن إدارة المستشفى ستقوم بتحليل الحادثة وسيكون لها توصيات.
وقال: «القانون يمنع اقتحام المستشفيات وتنفيذ عمليات اغتيال وقتل. سنقوم بتوجيه الملف لوزارة للصحة، وهنا يأتي دورها، فقوات الاحتلال تستبيح كل شيء في الفترة الأخيرة. ما يجري في غزة استباحة المستشفيات بشكل كامل».
وأضاف أنّ «وسائل الإعلام الإسرائيلية عملت في الفترة الماضية على بث فتنة ونقلت إشاعات حول دور المستشفيات في الضفة وغزة».
المستعربون… وحدة اغتيالات إسرائيلية بهيئة عربية
القدس المحتلة – الأناضول: في الشرطة والجيش الإسرائيليين توجد وحدة «المستعربين»، وهم أشخاص بملامح شرق أوسطية يجيدون اللغة العربية ويرتدون ملابس تقليدية فلسطينية.
وعلى مدى سنوات، نفذت هذه العناصر اغتيالات واعتقالات عديدة في صفوف الفلسطينيين، أحدثها اغتيال 3 شبان فجر الثلاثاء في مستشفى «ابن سينا» في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.
ووفقا لمقطع فيديو التقطته كاميرات المراقبة في المستشفى، أحصى مراسل الأناضول مشاركة 13 عنصرا ملثما يحملون أسلحة رشاشة في عملية الاغتيال.
ومن بين هؤلاء شخص ظهر بزي طبيب، وآخر في هيئة مسعف، وآخرون في هيئة سيدات محجبات ورجال بملابس عربية.
وأمس الثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اغتال في عملية مشتركة بين جهاز الأمن العام (الشاباك) والوحدة الشرطية الخاصة (مستعربين)، 3 فلسطينيين داخل مستشفى ابن سينا.
وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، في تغريدة على منصة «إكس»، إن مَن نفذوا عملية الاغتيال هم عناصر من وحدة النخبة في شرطة حرس الحدود.
وحسب الشرطة على موقعها الإلكتروني، فإن هذه الوحدة تتعاون بشكل وثيق مع جميع قوات الأمن، بما في ذلك الشاباك والجيش، ويتم تفعيلها في عمليات عديدة، بينها حوادث الرهائن.
ويتكون طاقم الوحدة من جنود أنهوا الخدمة العسكرية الكاملة في الوحدات القتالية والخاصة، وينخرطون في الجيش لفترات طويلة كأفراد دائمين، ويستمر عدد كبير منهم في الوحدة حتى سن 45 عاما.
ومتطلبات عنصر الوحدة، وفقا للموقع، هي القدرة على استخدام جميع أنواع الأسلحة ذات الصلة، واللياقة البدنية، ومهارات عالية للتعامل مع الآخرين، والقدرة على استيعاب البيانات في فترات زمنية قصيرة وتطبيقها في الميدان.
وإلى جانب الشرطة، توجد أيضا «وحدة مستعربين» في الجيش الإسرائيلي تعرف باسم «وحدة دوفدوفان (217)».
وهذه الوحدة، بحسب الجيش على موقعه الإلكتروني، «أُنشئت في حزيران / يونيو 1986، على أساس ضرورة تطوير أسلوب حرب محدد للتعامل مع مختلف الأحداث الأمنية في منطقة الضفة الغربية، وخصوصاً في المناطق المدنية المكتظة بالسكان».
و»تختص وحدة النخبة هذه بالقتال في مختلف المناطق، وتعمل على منع الأنشطة المعادية وتعمل بشكل علني وسرية بين السكان العرب المحليين»، وفقا للجيش.
وبدأ الفلسطينيون بتداول اسم «المستعربين» في الانتفاضة الفلسطينية الأولى (الحجارة) التي اندلعت عام 1987، ثم الانتفاضة الثانية (الأقصى) عام 2000.
واشتق اسم هذه الوحدة من طريقة تنكر أفرادها، إذ غالبا ما يرتدون ملابس مشابهة لتلك التي يرتديها الفلسطينيون ويضيفون إليها الكوفية الفلسطينية، أما النساء فيرتدين الحجاب.
وخلال الانتفاضتين وغيرهما من الاحتجاجات الفلسطينية ضد اعتداءات الاحتلال، كان أفراد هذه الوحدة يتغلغلون وسط المحتجين قبيل تنفيذ مهمة اغتيال أو اعتقال نشطاء.
وعادة ما يستخدمون سيارات تحمل لوحات فلسطينية للتنكر أثناء اقتحامهم البلدات والمخيمات الفلسطينية لتنفيذ عمليات الاغتيال والاعتقال.