الناصرة- “القدس العربي”:
فيما تتواصل عملية تصاعد “الاحتكاكات والتباين في المواقف” بين إسرائيل والولايات المتحدة، تفيد تسريبات إسرائيلية أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يغازل دونالد ترامب مجددا، ويجري اتصالات سرية مع أوساط في الحزب الجمهوري، ويطلب دعوته لتقديم خطاب في الكونغرس نكاية بالإدارة الأمريكية والحزب الديموقراطي كما فعل في 2015، عندما شغل باراك أوباما منصب الرئاسة.
بالتزامن تحذّر أوساط إسرائيلية من مغبة ذلك، وقال رئيس المعارضة يائير لبيد إن ذلك تدخل فظ في شؤون داخلية أمريكية، وعبث بالتحالف الاستراتجي بين الدولتين.
ويحذر مدير مكتب صحيفة “معاريف” في واشنطن، شلومو شامير من ذلك، ويقول إن الرؤية التي تعتبر ترامب جيدا لإسرائيل ليست خاطئة فحسب بل خطيرة أيضا. ويمضي شامير في تحذيراته: “إنه لأمر مذهل، وبصورة خاصة في الوقت الذي تنهار الرؤية نتيجة كارثة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، يبدو أن هناك رؤية جديدة- قديمة تنضج، وباتت أخطر وأكثر تهديداً. إنها دونالد ترامب. في مقالات الرأي التي تُنشر في وسائل الإعلام، وفي التصريحات التي تصدر عن السياسيين، وفي الردود على الخطوات المختلفة في مجال العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، تصدر تصريحات متتالية تعبّر عن حب وتشجيع لترامب. هذه التصريحات تهدف إلى الإقناع والشرح بأنه أفضل من جو بايدن، ومن المهم انتخابه رئيساً مرة أخرى”.
في مقاله المنشور بـ”معاريف” يشير شامير إلى أن استطلاعا جديدا للرأي، أشار إلى أن 44% من الإسرائيليين يفضلون ترامب كرئيس، و72% من ناخبي نتنياهو يفضلون ترامب. ويقول إنه بكلمات أخرى، رؤية ترامب جيدة لإسرائيل ويجب نشرها، محذرا من أن هذه الرؤية ليست رهاناً فقط، بل هي خطيرة أيضاً، وتهّدد الولايات المتحدة والعالم الحر، وفي الأساس إسرائيل.
ويقول شامير أيضا إنه في عواصم الغرب والبلاد الديموقراطية المركزية، تُعتبر التقديرات التي تشير إلى احتمال عودة ترامب بمثابة كابوس، ويُذّكر أنه هو مَن هدم مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى مؤثرة وقائدة، وأنه الشخص الذي أذلّ قوى عظمى، كألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وهو الشخص الذي أبدى إعجابه بالديكتاتوريين، مثل فلاديمير بوتين، وخضع لهم، وتفاخر بالمحبة التي تجمعه برئيس كوريا الشمالية كيم جون أون.
ويتابع شامير: “أوساط السفراء والدبلوماسيين الكبار في الأمم المتحدة ونيويورك، تصف احتمال عودة ترامب رئيساً بأنه كارثة. هذا الأسبوع، هاجم ترامب اليهود الذين يصوّتون للديمقراطيين، وقال إنهم يكرهون أنفسهم، وعليهم أن يخجلوا. مَن يتجرأ على الحديث هكذا عن اليهود؟ فترامب قال إن “هتلر قام بأمور جيدة”. وفي مقابل هذه الأقوال المجنونة، يريد دعم اليهود في الولايات المتحدة؟ جمعية ضد الكراهية نشرت بياناً للصحافة، دانت فيه ترامب بسبب قوله إن تصويت اليهود “لا ساميّ”.
ويستذكر شامير نشر مقال في “نيويورك تايمز” هذا الأسبوع تحت عنوان “تريدون أن تعرفوا ما الذي سيقوم به ترامب؟ اسمعوا ما يقول”، ويفصّل الكاتب قائمة غير قصيرة من الأقوال التي صدرت عن ترامب في الأعوام الماضية، وفي كل منها، تظهر عنصريته بشكل واضح. عنصرية إزاء الغرباء وأبناء الأقليات، ومن ضمنهم اليهود. ويرى شامير أن هذا المقال بمثابة تلخيص مرعب لما يمكن أن تكون عليه إسقاطات رؤية ترامب، وبصورة خاصة بالنسبة لإسرائيل.
وللتدليل على خطورة السيناريو المطروح، يعود شامير للماضي قائلا: “لا أذكر في تاريخ المنافسات الانتخابية الرئاسية بالولايات المتحدة، أن أعلن مرشح بصراحة ما سيقوم به عندما يُنتخب رئيساً، وما الذي سيقوم به عندما يخسر. هذا بالضبط ما أعلنه ترامب منذ تبين أنه المرشح الجمهوري للرئاسة في سنة 2024. لقد أعلن أنه عندما يُنتخب رئيساً، فإن أول ما سيقوم به سيكون تحرير جميع المتهمين الموجودين في السجون بسبب مشاركتهم في الهجوم العنيف والقاتل على مبنى الكابيتول. كما أعلن أنه سيعمل على اعتقال المسؤولين الذين أزعجوه خلال رئاسته، وامتنعوا من تنفيذ أوامره. وهذا الأسبوع، أعلن أيضاً للمواطنين في الولايات المتحدة أنه في حال خسر الانتخابات، فسيسيل الدم في أمريكا”، وأضاف: “ستكون هذه الانتخابات الأخيرة في الولايات المتحدة، لا أكثر ولا أقل”.
ويوضح شامير أنه “بكلمات أكثر بساطة، دونالد ترامب يوضح مسبقاً، وبشكل حاسم، أنه لن يقبل نتائج الانتخابات إن لم تكن في مصلحته، ويقول ويشرح أنه لو انتصر جو بايدن، فإن “النتائج ستكون مزيفة”.
وعن ذلك يعقب الكاتب الصحافي الإسرائيلي بالقول: “هذا ليس مضحكاً، هذا مخيف. المُقلق بشأن رؤية ترامب الخطِرة هو التخوف من أنها ستكون جزءاً مما يقوم به رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في مقابل الرئيس بايدن. ممنوع إلغاء احتمال أن يكون الدافع وراء استفزازات نتنياهو لبايدن، ومحاولاته خلق مواجهة معه، هو اعتقاده أنه سيخسر بعد أشهر قليلة، ويتم انتخاب صديقه الأفضل دونالد ترامب”.
يرى شامير أن الكارثة في هذه الاعتبارات هي أنه حتى لو فاز ترامب وأقام في البيت الأبيض أربعة أعوام، فهذا سيكون كارثة لإسرائيل. ويعتبر أن “ما لا يفهمه نتنياهو ولا يريد فهمه، هو أن ترامب لن يكون ترامب نفسه الذي كان قبل 4 أعوام. فهو ليس فقط لم يعد صديق نتنياهو، بل إنه يسخر من نتنياهو ويتعامل معه باستهزاء. مسؤول يهودي كبير قال إن حقيقة أن بايدن هو الرئيس خلال الحرب ضد حماس هي هدية من السماء”. مضيفاً: “لو كان ترامب الرئيس الآن، فكان سيرسل بعض المساعدات العسكرية لإسرائيل في أعقاب الضغوط. لكن من الواضح أنه لم يكن ليبادر، أو يفكر حتى في منح إسرائيل 17 مليار دولار كمساعدات مالية في وقت الحرب”.
كما ينبّه أن التصريحات التي صدرت عن ترامب في الأيام الأخيرة بشأن الحرب التي تديرها إسرائيل ضد حماس، ومطلبه بوقف فوري لإطلاق النار، هما الدليل على الخطر المتوقع منه لإسرائيل، إذا تم انتخابه رئيساً. “فليحمِنا الرب” كما قال المسؤول اليهودي.
ويخلص شامير للقول: “عملياً، الوضع الذي يعيشه ترامب ليس جيداً، وليس مشجعاً في المنافسة الانتخابية. فهو شخصياً لا يملك المال، وأعلن محاموه أنه لن يستطيع دفع الغرامات التي فُرضت عليه بقيمة 400 مليون دولار. وبحسب الأخبار المحدثة، فإنه لا يملك المال للحملة الانتخابية، ولا يوجد لديه متبرعون. وبحسب الصحف، فإن حملته الانتخابية ليست منظمة، وناشطون مركزيون تركوها. الخلاصة هي أن رؤية ترامب التي تتغلغل في أوساط إسرائيليين كثر ليست أكثر من واهمة، وهي كارثة على إسرائيل”.