يجري غير قليل من الحديث عن التهديد الكبير الذي يحوم فوق دولة إسرائيل – هذا يدعي إيران، وأولئك يدعون الفلسطينيين. أما في نظري، فإن التهديد الأكبر هو نحن. أو للدقة، آلية التدمير الذاتي التي تتطور في السنوات الأخيرة. تماماً مثلما في عهد خراب البيت الثاني، الذي كتب عنه اسبسيانوس في “تاريخ حرب اليهود ضد الرومان”: “الرب استراتيجي عسكري أعظم مني، فهو سيسلم اليهود للرومان ويعطينا النصر دون أن يتعرض جيشنا للخطر، بينما يقتل أعداؤنا بعضهم بعضاً”. في حينه، وقفت فيالق الرومان وانتظرت بصبر أن ينهي اليهود المهمة عنهم. علينا إيقاف هذا قبل نقطة اللاعودة.
إن دولة إسرائيل أعجوبة تاريخية، من بقايا اللجوء وسبعين منفى أقيمت دولة، ضد كل الاحتمالات، في قلب منطقة معادية، وتنجح في ظل حرب دفاعية أن تقيم بيتاً للشعب اليهودي. إن سبع حروب وحرب لا تتوقف ضد أولئك الذين لا يزالون يحاولون القضاء علينا، لم تمنع جعل قطعة بلاد بلا مقدرات طبيعية قوة اقتصادية عظمى. لكن الدولة ممزقة ودامية، والساعون لإيقاع الشر بنا ينتظرون اللحظة المناسبة. بعد أربع معارك انتخابية في غضون سنتين قامت حكومة، صعبة على الهضم، نالت الأغلبية، وإن كانت طفيفة، لكن أولئك الذين أطيحوا من الحكومة بعد 12 سنة يرفضون الاعتراف بالنتيجة، بل ويرفضون التوجه إلى رئيس الوزراء بلقبه. عندما لا ينفذ زعيم عشرات المقاعد مثل هذه البادرة الرمزية، فهذا تقويض حاد لخلاصة الإجماع السياسي الذي يشكل حجر الأساس لوجود الدولة. وهذه المعارضة إياها تقاطع كل مشروع قانون، ولا شك أن دور المعارضة وحقها الكامل هو أن تحاول إسقاط الحكومة، لكن على ألا تمنع إجازة القوانين التي تناسب فكرها، وكذا الأمن القومي أو المصلحة العامة. فشلل عمل الحكومة لا يستوفي قواعد العقد الاجتماعي الذي يقوم النظام الديمقراطي على أساسه.
فضلاً عن ذلك، فإن الخطاب الإسرائيلي يتميز بانعدام التسامح والعنف اللفظي تجاه من يفكر بشكل مختلف، وكنيست إسرائيل تشكل مثالاً سلبياً يتغلغل إلى المجتمع الإسرائيلي. الاستقطاب ليس بين فكر اجتماعي ورأسمالية، وليس بين الليبرالية والمحافظة أو بين اليسار واليمين، كما درج على الاعتقاد. الاستقطاب الحقيقي، المخفي عمداً، أساسه في الفكر الرئيسي لجوهر الدولة اليهودية. النقاش الحقيقي في العام 1948 كان في مواضيع الدين والدولة، والخلاف السياسي في الموضوع منع وضع دستور. النقاش الثاني، الذي لم يحسم، كان حول حدود الدولة. وذلك رغم أن التعريف الأساس للدولة هو “تنظيم سياسي لتنفيذ مصالح مدنية في أرض إقليمية محددة”.
من العاشر من حزيران 1967 ليس لدولة إسرائيل حدود. حكومات إسرائيل على مدى 55 سنة، من اليمين واليسار، باستثناء ضم القدس الشرقية وهضبة الجولان، لم تعرف يهودا والسامرة وقطاع غزة في داخل حدودها. يعيش في الدولة اليوم ثلاثة أجيال لا تعرف واقعاً آخر، يهوداً وغير يهود على حد سواء. منذ حزيران 1967 ونحن دولة بلا استراتيجية. لا جواب على سؤال كيف نريد أن نرى دولة اليهود بعد 30 سنة، ولا يوجد سياسي واحد مستعد لوضع هدف، معظمهم يدحرجون عيونهم إلى السماء. زعماء الدولة على أجيالهم امتنعوا عن اتخاذ القرار، خافوا ويخافون من اتخاذ القرار، يخشون من حمل مسؤولية التنازل عن أجزاء من البلاد الموعودة، ومن جهة أخرى يخافون من فقدان الحلم الصهيوني لدولة يهودية إذا ما ضموا كل أجزاء الوطن.
لكل شخص يعرّف نفسه صهيونياً يدرك أن الدولة التي لا أغلبية يهودية مطلقة فيها ستشكل نهاية الحلم الصهيوني. اليوم بين النهر والبحر يهود صهاينة، ويهود غير صهاينة، وغير يهود في نطاق حدود 1967، وغير يهود في يهودا والسامرة، وغير يهود في الأرض الإقليمية الغزية. التفكير أو الإيهام بمجيء يوم نجد أولئك البشر ممن يوافقون على التمييز بحقهم، بلا حقوق متساوية مع أرباب البيت اليهود، هذيان مجنون. يجدر بنا أن نفهم مرة واحدة وإلى الأبد: لا قوة في العالم تمنع البشر من التطلع والعمل إلى الحرية والمساواة بكل الوسائل.
لكلمة “حدود” في اللغة العبرية عدة معان، لكن انعدام ترسيم الحدود، والأرض الإقليمية، سيؤدي إلى تشويش الحدود الأخلاقية ومعايير السلوك. فانعدام التسامح تجاه الرأي الآخر، ورفض حماة الحمى والعنف على أنواعه، كل هذه جزء من فقدان الحدود النابع من انعدام الرغبة في تناول المشكلة رقم واحد لدولة إسرائيل: أي دولة نريد، وما هي حدودها.
بقلم: تمير باردو
يديعوت أحرونوت 9/6/2022
هكذا وصفهم القرآن منذ أكثر من 1400 سنة خلت هههههه
والله ينصر فلسطين و يهزم إسرائيل شر إسرائيل شر هزيمة يارب العالمين