باريس- “القدس العربي”: في عموده بصحيفة لوموند الفرنسية قال الكاتب الصحافي المخضرم آلان فراشون إنه بالنسبة لمعظم الدول العربية فإن الحرب مع إسرائيل بحافز القضية الفلسطينية قد انتهت، معتبرا أن تطبيع إسرائيل لعلاقاتها مع بعض جيرانها، أدى إلى فرض نظام جيوسياسي جديد، يطبع عليه التوسع الإيراني، هكذا يرى آلان فراشون.
ففي الثامن من الشهر الجاري عبر أسطول جوي مذهل المجال الجوي في سماء الشرق الأوسط، حيث قامت طائرتان مقاتلتان من طراز F-15 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي بمرافقة قاذفتين أمريكيتين من طراز B-52، في دورية جوية فوق المجال الجوي الإسرائيلي. القيادة المركزية الأمريكية أشارت في بيان لها إلى أن طائرات تابعة لعدة دول شريكة، منها إسرائيل والسعودية وقطر، رافقت القاذفتين خلال الدورية، بالإضافة إلى مقاتلات تابعة لسلاح الجو الأمريكي.
خلال الأسبوع نفسه، أشار أحد المعلقين في صحيفة نيويورك تايمز، توماس فريدمان، إلى أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020، ومنذ الإعلان عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، زار 130 ألف إسرائيلي العاصمة أبو ظبي. الرحلة الجوية بين تل أبيب وأبو ظبي تكاد تكون ممتلئة دائما، لا سيما وأن مواطني كلا البلدين تم إعفاؤهم من التأشيرة، كما تدرس الصناديق المالية الإماراتية القوية استثمار حصص في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلية العالية.
ومضى الكاتب إلى التوضيح أن البحرين التي وقعت على “اتفاقيات أبراهام”، وقعت مع شركة المياه الوطنية الإسرائيلية “ميكوروت” أول صفقة لتزويد البحرين بتكنولوجيا لتحلية مياه البحر المالحة. ولم تكن “دبلوماسية أبراهام” لتحدث لولا الضوء الأخضر من المملكة العربية السعودية. وصادقت عليها جامعة الدول العربية، على الرغم من احتجاجات الفلسطينيين.
المبادرة التي أشرفت عليها إدارة ترامب، تم الترحيب بها في الولايات المتحدة طبعا، في انسجام تام بين الجمهوريين والديمقراطيين، ولكن أيضا في أوروبا وموسكو وبكين، وكل منهم يردد آيات غامضة حول القضية الفلسطينية. بعد شقاق طويل ذي طبيعة سياسية – أيديولوجية، تصالحت إمارة قطر إلى حد ما مع آل سعود، ولكن دون اتباع الخط الإبراهيمي. ومع ذلك، وبناء على طلب إسرائيل، تقدم قطر بانتظام مساعدات إنسانية إلى غزة، هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية الذي تسيطر عليه حماس، كما ذكر ذلك جيل كيبيل في كتابه الأخير (النبي والوباء).
أما مصر المشير عبد الفتاح السيسي التي كانت أول دولة عربية تفتح سفارة في تل أبيب (عام 1979)، فأشار الكاتب إلى أنها تتعاون الآن مع الجيش الإسرائيلي ضد شبكات “العصابات الإسلامية” في سيناء. وحذا الأردن حذوها في عام 1994، وهو يتمتع بأفضل العلاقات مع الجيش الإسرائيلي منذ ذلك الحين.
في خريف عام 2020 لاحظ الصحافي جاي سيتبون، الباحث المخضرم في مغامرات الشرق الأوسط، أنه “لا أحد يعلن ذلك، لكن الحرب انتهت”. بالنسبة لغالبية الدول العربية – ليس الرأي العام العربي – فإن حالة الحرب مع إسرائيل “دفاعا عن القضية الفلسطينية” قد انتهت.
نهاية الحرب من أجل فلسطين ليست وليدة الأمس، لكن اتفاقيات أبراهام أعطتها “طابعا رسميا” من جهة، ودفنت الصراع العربي الإسرائيلي كعامل وسط من جهة أخرى
قد يقول قائل إن هذا الواقع ليس وليد الأمس، لكن اتفاقيات أبراهام أعطته “طابعا رسميا” من جهة، ودفنت الصراع العربي الإسرائيلي كعامل وسط من جهة أخرى، هذا ما كتبه كيبيل، مضيفا بأن التاريخ يحتاج إلى تسطير بعض المحطات: “نحن نطوي الصفحة على قرار جامعة الدول العربية الموقع في الخرطوم، والذي التزم الموقعون عليه غداة حرب حزيران / يونيو 1967، بقاعدة اللاءات الثلاثة مع إسرائيل، أي إنكار أي سلام مع إسرائيل أو اعتراف بها أو تفاوض معها.
هناك أسباب عديدة تفسر تهميش القضية الفلسطينية: نهاية الحرب الباردة، فشل القومية العربية، تراجع أهمية نفط الشرق الأوسط، التهاون الأمريكي والأوروبي الآثم مع الاستعمار الإسرائيلي، بالإضافة إلى انقسام الحركة الوطنية الفلسطينية، وانفجار الراديكالية الجهادية.
سنتوقف عند أحد هذه الأسباب وهو ما يتعلق بالتوسع الإيراني في العالم العربي. بعد أن تعرضت للهجوم من قبل الأنظمة العربية، وعدت الجمهورية الإسلامية التي نشأت في عام 1979 بالأسوأ وأرادت بناء خط دفاع خارج حدودها.
على مر السنين والحروب والتدخلات الأمريكية على وجه الخصوص، طهران ركزت على “هلالها الشيعي” كنوع من الهيمنة العربية، عبر الميليشيات الشيعية المحلية. تسيطر إيران جزئيا على السلطة في سوريا وتخضع العراق ولبنان لإرادتها. كل من هذه المواقف لها تاريخها وميزتها الخاصة. من جهة أخرى استطاعت الثيوقراطية الإيرانية “الحكومة الدينية”، التي تتحدث بصوت عالٍ وواضح عن القضية الفلسطينية وتشكك في استدامة إسرائيل، كسب تعاطف الرأي العام العربي.
لكن هذا التوسّع الإيراني الدائم والمفترس، الذي تمارسه دولة ذات مخططات نووية غامضة، على الأقل، يُنظر إليه اليوم على أنه “استفزاز لجزء من الرأي العام العربي وتهديد وجودي تقريبا للأنظمة القائمة، في الرياض كما في القدس”.
الإمبريالية “الفارسية” خفضت من أهمية القضية الفلسطينية وساهمت في إنشاء التحالف العربي الإسرائيلي. اليوم تلعب القوى الثلاث غير العربية في المنطقة – إيران وإسرائيل وتركيا – دورا رائدا، وتعاونهم يعطي للشرق الأوسط صيغة جديدة، الإسرائيليون يعززون تحالفهم المعادي لإيران مع العرب، فيما يتشبث الإيرانيون بـ ”الهلال الشيعي”. وتلعب تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان دورا على جميع الجبهات، في سعيها لإحياء العثمانيين الجدد.
أما الولايات المتحدة فلا تزال القوة الإستراتيجية المهيمنة في الشرق الأوسط، مستغلة الحروب في سوريا، بينما استعادت روسيا مكانتها.
الصين تقوم بتأسيس نفسها اقتصاديا وتنشر شبكة موانئ متزايدة الكثافة. أوروبا ليست غائبة. لكن نهاية الصراع العربي الإسرائيلي مكّنت المنطقة من نفسها. يتحدث كيبيل بلطف عن “شرق أوسط غير مقيد من القوى العظمى”، لتبدأ بذلك قصة أخرى.
لم يطبع مع اسرائيل نظام سيد قراره أو حتى سيد نفسه وإنما انظمه سيقت للتطبيع مرغمه مهدده ظنن منها أنه الحل لمشاكلها أو ضمان البقاء
فى السلطه لو طبعت اسرائيل مع كل دول العالم هذا لن يضمن لها البقاء طالما فى الدنيا فلسطينى وعربى حر .
لا يا استاذ…التطبيع لا قيمة ميدانية و لا قيمة جيواستراتيجية له و لم يغير اي شيء على الارض……اضغاث احلام و محاولة من انصار الكيان الصهيوني المحتل لارض فلسطين فرض ……” واقع استراتيجي جديد ” ……
هذه حملات علاقات عامه مدفوعة الثمن الهدف منها تلميع اسرائيل وابرازها كواقع والحقيقه أن اسرئيل دولة احتلال تناصب العداء للجميع والذين طبعوا مكرهين لضغوط اترامب لايمثلون شعوبهم