إلى لقمان ديركي
لو يعلم الناس كم صعبٌ أن تكتب عن الحبّ
لكنّهم يحبون فحسب
بينما أنا وأنت نحبّ ونمرض من كثرة ما نخلق دروباً ونرسم أخيلةً للقاء
نحبّ ونراقبُ حبّ الآخرين
كلّ الآخرين..
الناس والحمام والقطط الشاردة والسناجب النّزقة
والأطفال الذين يحاولون تقليد القُبَل
أقول: لم يعد الشِّعر كما كان
والناس لايعبؤون
وتقول أنت: لم يعد الناس كما كانوا
والشِّعر لا يعبأ
هل تعلمين من أنا؟
إنني رجلٌ بجراحٍ لا تبرأ
أمسكني أبي من خطاي وطردني من اسمه
أتركي سيرة وحدتي البائسة التي يعرفها الجميع
أتركي كل هذا الزيف
وانظري إلى حزمة الضوء العابثة التي تتسلّل في الفجر من تحت الستارة
تلك هي الأبديّة
تلك هي الحقيقة التي تداعب أحلام الناس وكوابيسهم
شعاعٌ خافتٌ يسقط في الأعماق
فنرى الرعب ونبتسم له
تعبر حياتنا أمامنا قرب ذلك الضوء
كماءٍ دافقٍ في حقل
تلسعه الشمس
ويجرح وجهَه انعكاس العصافير
لا أريد من المرأة ندّاً
ولا أمّاً
ولا صديقةً
ولا حبيبةً
ولا زوجةً
ولا وطناً
لا أريد من المرأة كلّ ذلك الهراء
أريدُ امرأةً تجعلني أسامح أبي!
أسامح وأنسى
فتمنحني هدأة النعاس
والتأمل في ذلك الشعاع المتسلل من خلف الستارة عند الفجر
كانت الشياطين تقلدني
وتقطع الطرقات بلا هوادة
ضاحكةً ضحكةً مكتومةً
وبين أن أفتح فمي للصراخ من الألم أو الرغبة
كنت أفتح فمي مكشراً عن ضحكةٍ غاضبة
أضحك من وحدتي
من حيرة الناس عندما لا يفهمون الألم
أضحك عندما أرى الجند يستمعون للأغاني التي نحبها
عندما أرى الحب مذبوحاً على ركبة الملل
أضحك عندما تبكي امرأةٌ من أجلي فتضحك معي
أضحك عندما أرى الناس في الطوابير
ينتظرون الخبز والماء والغاز
ودور غسيل الكلى
ومعجزةً للقضاء على السرطان
أضحك فيضحك الناس
أضحك عندما أقرأ نصّاً رديئاً،
فيضحك صاحبُه ويكتب نصّاً رديئاً آخر
حول ضحكتي تحلّق الناس ثمّ أنكروني
فمضيت تاركاً خلفي كلّ المكائد
والترف والشهوات والقصص التي حكتها لتحبّني النساء..
وعلى طول طريق هجرتي كنت أضحك
ضحكت للماء الذي ابتلع أصدقائي
لخفر السواحل الذي انتشلنا من الماء وبصق في وجوهنا
للشرطي الذي ركَلنا ونحن نقطع الحدود
للبلاد الجديدة التي أدارت وجهها وهي تصافحنا
وحين سألني الغرباء: أين بلادك؟
ضحكت..
التفتّ إليها فلم أرها
لويت عنقي إلى الخلف
استدرت بحواسي كلّها
فلم أجد شيئاً ممّا ترَكْتُه
هيّا بنا نمازح الحنين
ماذا تشرب أيها الحنين؟
– كاكاو
يطلب الحنين مُنتَجاً مهاجراً مثلنا
فيضحك النادل والزبون وتضحك القصيدة
نحمل معنا المقاهي
طقوس التدخين والكتابة
نحمل مطابخنا
أطباقنا
الأشياء التي لم نحبّها يوماً
ويبيعُنا الحنين بضاعته
شراباً مستورداً بعلبةٍ خضراء
ليحمل عن القصيدة اسمها
كاكاو…
يضحك لقمان:
بصحّتكِ..
ويرفع العلبة الخضراء عالياً
ويعطي القصيدة اسماً!
٭ شاعرة من سوريا
يقدّم الشّعر متعة الاصطياد خارج الغابة وخارج الصّحراء، يشكل أشياءنا التي نبحث عنها وحين نعثر عليها، نبحث فيها عن صورنا التي تشبهنا فلا نجد سوى الزمن وقليل من الذاكرة وحناجر تغنّي الضحك كعربون للغربة حين تقبض علينا ولا تتركنا للقصيدة، حينها ترسم الشاعرة ورشا للاشتغال. تشتعل القصيدة كما لهب خافت يهيّئ مستحضر “كاكاو” للماء الذي يأتي باردا من شواطئ تعرفنا ويتدفق عند عتبات نوافذ لا يطل منها الياسمين….
رائع ما قرأت الشاعرة لينة عطفة…..
جميل و رائع
تحية إلى لينة و إلى الجميل لقمان