لا تنظر إلى رقاص الساعة، وقت الممات
لا تسجل إلا على الأرض اعترافات الفقهاء
ولا تنس حـَبـْكَ الوصايا
لا تعاشر ممالك البلداء
لا تنصت للمرأة وهي موجوعة الروح
٭ ٭ ٭
حين كان بيتنا.. يشبه دورة الحب
لا أبواب له،
ولا شبابيك
ولا يحد بجغرافيا ماكرة
كنا نلوذ به
من القلب إلى الخاصرة
حتى تأسى الزمان
دورته الماكرة
وكان بيتنا عند مفترق لعنة التاريخ
وعودة المراكب
من المدن الحالمة
كان بيتنا العراق
مخدات صيف
وريح ساهمة
كان بيتنا حصناً
لذوي الشأو في الارتباك
ما عاش فيه
غير الشكاكين
والحاملين لمشعل الهم
والوعي والجنون
ولذا قيل
-العراق حنون-
كان بيتا مسجى
ككارثة حب
على مفرش الضباب
كان بيتنا
واهن القلب كالسراب
خطى إبراهيم
بكورته على الهور
وأردف الحب
بوحشة الاستلاب
كانت أمي تشدني إلى الأرض
ولا تمنح بركاتها إلا لوجع البلاد
وتعقب كل عودة
بحسرة افييييش يا ريحة هلي
وتقول شتاء: حدق مليا في خطى البدو
وحدق في ثنايا خيمتهم
ووبر الشتاء الأزلي
وما زلنا
نئن على خيمة البدو
حتى دخلناها جميعا
لاجئين وحالمين
٭ ٭ ٭
فلا تخش من ثغاء الإبل
وهي تجتلس مداخل الشوارع
يخيط البدو
بجامات عيد عند جارتنا
ويغنون ليلا:
ـ هلي وياكم يلذ العيش ويطيب
– ونسايمكم تداوي الجرح ويطيب
– هلي منكم تعلمت الوفا والطيب
هلي يا أهل المضايف والدلال
ولكم حزنت لك ومعك
يا ساري العبد الله
كيف غدوت نبيا للبدو؟
وليس لك سوى الأمير
كلبك شير
الأمين الوزير
باسط يديه
عند الهجير
كاي ملك سبئي
أو
خادن
في معابد سنحاريب
٭ ٭ ٭
هبط الليل عن الليل
وتكومت جثة الوقت فينا
تشاطر زغب الخيام
وبرودة غيث العراق
بلاد لا تحلم كثيرا
ولا تتوجع كثيرا
وليس فيها
سوى القمح والماء والشعراء
بلاد تتشكل نساؤها من الماء
فكل الشفاه مندائية – مائيه
كأنها جبين شهريار
أثداؤهن حليب المجرة
وأردافهن قوارير منحوتة
من رخام العصور
ومهيبة تلك الرباب
جيراننا الخطرة الجوارح
كانت تتلوى
كشجرة در خضراء
تولج الليل بالجنون
والشهوة بالصراخ
كانت مهيبة
وأشد قسوة من قلم المعلم
وسارية علم الخميس
لطالما تخيلت قامة معلمتي
سارية علم
أتابع مشيتها
مرتطما بخبث
على صدرها النافر الأبدي
وهي تبتسم لتوبخني بخبث
«انزل عينيك يا ملعون»
وتبتسم لمن حولها منتصرة
على حسد المعلمات
وأنا اضحك
والصبية يبتلعون ريق الصباح
في الزمن العراقي
كل شي مباح
حتى دعوة الله إلى الأرض مباحة
بل حتى عودة المسيح
فهنا ينتحر الليل
والحروب الكبيرة تتقاعد
أو تستريح
دلني على حائط الحب يا صاحبي
فكيف تضل من لا دين له؟
وترفع سبابة النصر
فوق جراح الحسين؟
ضمير المخاطب عاطل عن الرد
ورباب ما برحت تتأرجح
كأنها كمثرى احتفاء كردي
ويعقب الحب
بسملة بالشفاه
وعودة الآشوري إلى ممالك الرب
ليبقى العراق وحيدا
سادر الهم
كالفراش المبثوث
على أجنحة الفرات….
خارج الحلم
خارج الحلم
كل خطو يبعدني
عن العراق أكثر
كل عودة إلى بيتي
تبعدني عن العراق أكثر
كل ذاكرة تجمعني بالعراق
تبعدني عنه أكثر
العراق فكرة
تتبلور
شاعر عراقي