كان ياما كان… لبنان!

حجم الخط
16

بحزن، قرأت أن عدد المهاجرين من لبنان ازداد بنسبة كبيرة عن العام الماضي. كنا من زمان نهاجر إلى لبنان وحلمنا الحصول على بطاقة إقامة، واليوم صار اللبناني يهاجر هرباً من انقطاع الكهرباء وماء الشرب، واغتصاب البنوك لماله وغير ذلك كثير، كهبوط قيمة الليرة اللبنانية إلى الحضيض، وارتفاع الأسعار، وتدني مستوى الخدمات..
أحزن لأنني كوني سورية عتيقة، كنت أرافق أسرتي لقضاء يوم على الأقل في لبنان، حيث نتناول الغداء على شاطئ البحر في مطعم من المطاعم العديدة المنتشرة في الروشة، ونعود إلى دمشق مساء بعد يوم إجازة ممتعة. وكان كثير من العرب يهاجرون أو يحلمون بالهجرة إلى لبنان مرددين: «نيال من له مرقد عنزة في لبنان»، وكان لبنان سويسرا الشرق، واليوم نبكي منه وعليه. ألا يبالي المسؤولون عما يدور أم أن هاجس بعضهم الهرب بأموالهم إلى سويسرا مثلاً؟

فرنسا وانقطاع الكهرباء!

العاصفة التي ضربت شمال أوروبا (وفرنسا منها) برياح عاصفة دمرت بعض البيوت واقتلعت الأشجار التي سقطت على السيارات ودمرتها وقتلت العديد من الضحايا، قطعت الكهرباء عن مئات آلاف البيوت في شمال فرنسا، لكن العمل بدأ في اليوم التالي لإصلاح الأسلاك التي قطعتها العاصفة وإعادة الكهرباء إلى البيوت.. وشاهدت على شاشة التلفزيون الفرنسي العديد من المواطنين يشكون افتقارهم للكهرباء ليومين مثلاً. ترى، ماذا يقولون لو عاشوا في لبنان حيث انقطاع الكهرباء مزمن ويدوم منذ أعوام وقد يتمتع بها من لديه المال لشراء محرك كهربائي ويبقى أن يجد المازوت لتغذيتهّ!.. فالكهرباء في لبنان صارت للأسف، حالة استثنائية، أما في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية فانقطاع التيار لا يدوم أكثر من يومين.
ويريدون ألا يهاجر الشباب من لبنان، من الحياة في ضوء الشمعة في القرن الحالي؟
كم يخسر لبنان بهجرة شبابه وأطبائه والمتعلمين فيه وكم نشعر بالحسرة نحن الذين نحب ذلك الوطن.. لكن..

الاستشهاد ليس روتيناً نألفه!

هذا خبر لا يجوز أن يصير روتينياً، نطالعه كخبر قديم مكرر. إسرائيل العنصرية تهدم بيوت الفلسطينيين في الأرض المحتلة، ويحتج الفلسطينيون، فيطلق الإسرائيليون الرصاص عليهم ويستشهد صبي فلسطيني، كما حدث مؤخراً في حي «الشيخ جراح». ويتكرر ذلك في مدن فلسطينية تريد إسرائيل قضمها في شهية مفرطة لابتلاع فلسطين، لكنها لقمة (أكبر من فمها) بكثير.
لا يجوز للقمع أن يصير روتينياً ونألفه نحن العرب، بل لا بد من معاقبة إسرائيل ومقاطعتها مقابل كل صبي فلسطيني أو شاب تقتله أو أسيرة في سجونها تتم معاملتها بطريقة وحشية.
لا، لن يصير الاعتداء الإسرائيلي روتينياً ولن نألفه يوماً نحن العرب.

الأعمار بيد الله تعالى

هذا خبر يشرح القلب.. فقد قرأت أن رجلاً في إيطاليا عمره 100 سنة شفي من وباء فيروس كورونا وغادر المستشفى. هذا خبر جميل، يرفع الروح المعنوية للناس جميعاً، لكن ذلك لا يعني أن نرفض اللقاح ضده أو أن نستخف به، وعلينا أن نتذكر دائماً عبارة «اعقل وتوكل».
ترى، متى تشفى فلسطين من الوباء الإسرائيلي؟

ملكة «عيد العشاق»

أظن أن ملكة بريطانيا اليزابيت الثانية، تصلح لتكون رمزاً من رموز «عيد الحب». فقد عاشت مع حبيبها وزوجها الأمير فيليب طوال 73 سنة بلا فضائح ولا أزمات، بل في حب استثنائي. وحين فقدته قبل عام ونيف، فقدت صديقها الوحيد أيضاً. الملكة اليزابيت 2 تصلح رمزاً «لعيد الحب»، حيث لا طلاق كما حدث لابنها الأكبر وولي عهدها الأمير شارلز، ولا فضائح كابنها الأصغر الأمير اندرو.

هدباء وأغيَد أم زينب وعمر؟

الشاعر نزار قباني قام بتجديد الشعر العربي، وبالذات في قصيدته «خبز وحشيش وقمر»، كما في قصيدته في رثاء أمي، التي ماتت في الثلاثين من العمر، وقصيدته هذه طويلة سبق أن نشرتها في مجلة (الحوادث) في صفحتين، وكان نزار يوم كتبها شاباً صغيراً. وحاول نزار تجديد الأسماء، وحين أنجبت زوجته الأولى زهراء بنتاً سماها «هدباء» وهو اسم جديد، لكنه لم ينتشر، وبقيت المرحومة هدباء قباني وحدها تحمل ذلك الاسم، كما اسم «أغيَد» للصبيان، وقد حمله ابن شقيقه، لكنه لم ينتشر وبقي أغيد قباني هو الوحيد. وحين تزوج نزار من السيدة العراقية صديقتي الرائعة اللامنسية بلقيس الراوي، أنجبت ابنة وتمت تسميتها زينب (لا هدباء) وأنجبت صبياً وحمل اسم عمر، وكانت بلقيس تناديهما باسم «عموري» و«زنوبة» وكان ذلك جميلاً.

عمر صار «عموري» أي عمري!

وهكذا صرت أنادي أطفال أصدقائي الذين يحملون اسم عمر باسم عموري، الذي اختارته الرائعة بلقيس زوجة نزار وتجاوزته في هذا الحقل. أما عن ذكرياتي مع بلقيس الراوي، فكثيرة وكانت كأخت لي.. وهي بحاجة إلى «لحظة حرية» أخرى مطولة، لكنني أتذكر دائماً جمال خلقها الموازي لجمالها بل يفوقه.. ومرة اتصلت بي هاتفياً حين كنت أقيم في بيروت، وقلت لها إنني ذاهبة إلى الحلاق، وقالت سأرافقك، وكان شعرها مبتلاً، وأكدت لي الممشطة في حانوت الحلاق أنها لم تر شعراً أجمل من شعر بلقيس.. وأثبت نزار الذي لقبه البعض بشاعر المرأة، أنه اختار المرأة الأجمل عقلاً وصورة، هي العراقية بلقيس الراوي رحمها الله.
وأعترف أنني لم أجد يوماً صديقة تحل في قلبي محل بلقيس الراوي؛ فقد كانت أختاً أثبتت أن نزار ليس «شاعر المرأة» وحدها، لكنه بالتأكيد أبدع في اختيار امرأة حياته. وشاء الانفجار في السفارة العراقية، حيث كانت بلقيس تعمل، قتلها لكن نزار لم يتزوج بعدها.. لا يمكن لامرأة أن تحل محل بلقيس!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أفانين كبة - كندا:

    شريط الذكريات يفرض نفسه علينا بأحزانه وأفراحه ويبقى يلاحقنا أينما نذهب ، لكن هنيئاً لمن يرحل ويترك الأثر الطيب والذكر الحسن في قلوب أهله ومحبيه .
    من جميل ما كتبت الأديبة غادة السمان في وصف الراحلة بلقيس الراوي في كتاب ” الأعماق المحتلة “ تقول فيه “ بلقيس كانت نتاج حضارة عريقة ، وكانت تلك الحضارة الإنسانية تتمثل في سلوكها ، وفي مظهرها ، وفي قراراتها ، سكوتها المتزن الواعي ، وصراحتها المتناهية اذا نطقت “ . وأضافت اليه وصف جمالها الداخلي وجوهرها وحنانها ونبلها وأمومتها و عقلها الراجح المتزن والذي يتوجها نموذج للمرأة العربية ، وأنها كانت عميقة الأبعاد تجد سلامها النفسي في أسرتها وعملها ، وتضيف أيضا كيف أحبها ونالت قلوب جميع أفراد العائلة في دمشق ، كبيرهم وصغيرهم .

    أفانين كبة – كندا

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    الشهيد هو المقتول في سبيل الله مخلصاً نيّته له-سبحانه وتعالى-، وهو الذي دخل المعركة وقاتل من أجل إعلاء كلمة الله -تعالى-، والدّفاع عن الإسلام، ودفع الضّرر عنه ونشره في الأرض، أمّا الذي دخل المعركة من أجل تحقيق غايات دنيويّة؛ من مال، أو منصب، أو جاه، أو سُمعة ثمّ قُتل بعد ذلك فلا يُعدّ شهيداً؛ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قَاتَلَ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي العُلْيَا، فَهو في سَبيلِ اللَّهِ)
    – موقع موضوع –

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    يُشترط في الشّهيد أن يُقبل على عدوّه في القتال وألا يُدبر عنه، ففي الحديث النبويّ لمّا ذكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لأصحابه الجهاد في سبيل الله فسأله رجل: (يا رَسولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللهِ، تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: نَعَمْ، إنْ قُتِلْتَ في سَبيلِ اللهِ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ)
    – صحيح مسلم –

  4. يقول نجم الدراجي _ العراق:

    في القرن الماضى كانت عيون الشباب العرب ترنو صوب لبنان حيث الجامعة الامريكية في بيروت ، والمستوى المتقدم في التعليم ، وازدهار الثقافة والكتابة والترجمه وتعدد دور النشر ، وحرية الفكر ، لبنان بلد العظماء …
    كيف لبلد يحمل كل هذا التميز أن يستمر بالتوهج امام جغرافيا التخلف والتطرف التي زحفت لتطويقه منذ اندلاع الحرب الاهلية في لبنان …
    لبنان عاصمة الثقافة العربية والملاذ الامن وواحة الجمال ، وهو رمز الديمقراطية في محيط مشحون بالديكتاتورية الحزبية وسلطة العائلة الحاكمة …
    بلقيس الراوي لم ترحل فهي تعيش في شعر نزار قباني ، وهي رمزية النخلة العراقية والمرأة السومرية ، وتتنفس الحياة في وجدان وكتب الايقونة غادة السمان .
    تحياتي
    نجم الدراجي – بغداد

  5. يقول الكروي داود النرويج:

    الشهادة في الإسلام لها معانٍ واسعة، فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «من قُتِلَ دون ماله فهو شهيد، ومن قُتِلَ دون أهله فهو شهيد، ومن قُتِلَ دون دينه فهو شهيد، ومن قُتِلَ دون دمه فهو شهيد»، وفيه أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار..».
    قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ وَالمَبْطُونُ وَالغَرِيقُ وَصَاحِبُ الهَدْمِ وَالشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ».
    – الكاتب أحمد زمان –

  6. يقول سلام عادل(المانيا):

    تحية للسيدة غادة وللجميع
    «عموري» و«زنوبة» وغيرهما من الاسماء هما صيغة تصغير او لنقل تحبيب فعلي هو علاوي وحسن هو حسوني وفاطمة هي فطومة وهناك صيغ اخرى تقال لالاسماء لمن نحب ان نناديهم في العراق فالشائع في مناداة داود ابو سلمان وعلي ابو حسين وخليل ابو اسماعيل وهي واضحة انها اتت من منطلقات دينية والاسماء في العراق لها اسبابها في التسمية فبعد سقوط الملكية ظهرت اسماء للبنات كجمهورية وثورة والغريب في الاسماء العراقية هو وجود قبح او نفور منها في بعضها لاسباب اجتماعية لابعاد الحسد والسحر عنها وخاصة في الجنوب العراقي ومنها زبالة او مهتلف وتعني غير منتظم او غير سوي او اسم لانواع من السمك العراقي كشبوط ولكن بالمقابل نجد اسماء لما يمكن تسميته احلى ما يملك العراق كاسم برحية والبرحي اشهى تمور العراق والفضية تطول مع اسماء العراق والعراقيين

  7. يقول عمرو - سلطنة عمان:

    ومن لم يحب بلقيس تلك المرأة الاستثنائية والنخلة العراقية التي دخلت حياة الشاعر نزار قباني وألهمته. كل ما كان يربطهما لم يكن حدثا عاديا من تعارفهما والخطبة إلى نهايتها.. أتمنى أن تكتبي أيضا عن هدباء اعلم أنها صديقة مقربة ولها مواقف عديدة لا تنسى وأشعر أن شخصيتها مثل اسمها رومانسية وشاعرية كما أنها صاحبة مبادرات.
    اعتقد أن اسم أغيد أكثر حظا وانتشارا وتداولا في سوريا من هدباء فقد صادفت بعضا ممن يحملون هذا الإسم.

    1. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

      صحيح أخي عمرو، إسم ابن خالي أغيد لكن لا أعرف أبدًا فتاة بإسم هدباء.

  8. يقول سيف كرار... السودان:

    كيف أقص جذور هواك من الأعماق علمني كيف تموت الدمعة في الأحداق علمني كيف يموت القلب وتنتحر الأشواق إن كنت نبياً .. خلصني من هذا السحر..
    نزار قباني… رسالة من تحت الماء….

  9. يقول سنتيك اليونان:

    لا يجوز للقمع أن يصير روتينياً ونألفه نحن العرب ….اه اه…….المشكلة ليست هنا ….المشكلة ان الاحتجاج اصبح روتينيًا …التنديد اصبح روتينيًا ….الوعيد اصبح روتينيًا

  10. يقول عبد الرحيم المغربي .:

    لم أرى تعليقاً للأستاذة أفانين كبة…لعل المانع خير إن شاء الله.

    1. يقول ع ن:

      تحية طيبة
      د عبد الرحيم
      لمراسلتي
      [email protected]
      مع التقدير

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية