لو سألنا عشرات ملايين من البشر، ما هي اللحظة الأكثر سعادة التي مررت بها في حياتك؟
سيقول علماء فلك إنها اللحظة التي التقطوا فيها صوراً لثقب أسود على مسافة 130 مليون سنة ضوئية، وسيقول فلاحٌ إنها لحظة حصوله على قطعة أرض ليفلحها، وستقول سيدة إنها لحظة تخرّج ابنها أو ابنتها بشهادة الطب أو قيادة طائرة.
سيذكر كثيرون لحظات علاقة عاطفية، ولادات، وشفاء من مرض، أو براءة من تهمة خطيرة، إلا أن عشرات الملايين سوف يذكرون لحظة تسجيل هدف الفوز لصالح الفريق الوطني لبلادهم في مباراة كرة قدم حاسمة، تلك لحظات لا تضاهيها في فرحتها سوى الفرحات التاريخية، مثل انهيار جدار برلين، وفرحة العرب بالبلاغ العسكري المصري لحظة عبور قناة السويس في عصر السادس من أكتوبر/تشرين الأول من عام 1973.
ضربة الجزاء، هي تلك المسافة الزمنية الممتدة من صفرة الحكم إلى تحرّك اللاعب الذي سيسدد، تقليبه الكرة على العشب حتى يثبتها على الوضعية التي يظنها الأنسب، ثم التراجع عنها بضع خطوات، وانتظار صافرة الحكم للانطلاق تحت أنظار الملايين، لصناعة الطفرة أو إخطائها.
ما السر؟ ولماذا تتحول كرة جلدية منفوخة كأنها ثقب أبيض كثيف يمتص كل شيء.
ثم ما الذي يدفع الجزائري ليهتف لفلسطين في لحظة نشوته، كأنه عاشق يودُّ التواصل مع من يحب، أم أنها فرحة مصدرها تأنيب ضمير بأن هناك جزءاً مهماً من أرض هذه الأمة قد ضاع أو على وشك الضياع.
هل هي الفرحة التي نريد اقتسامها مع المستضعفين مثلنا؟ هل هو احتجاج على واقعنا بطريقة التفافية لا يستطيع أحد محاسبتنا عليها؟
وما الذي يريد أن يقوله المغربي عندما يتدثّر برايتي المغرب والجزائر صائحاً خوا خوا..أخوة أخوة! لماذا يحاول بعضهم التعبير عن فرحته بتسلق الجدار الحدودي بين الجزائر والمغرب؟ ليقول نحن شعب وأمة واحدة ولتسقط الجدران؟
ولماذا تهتف جماهير الجزائر للمصري أبي تريكة دون غيره، كأنما تتحدى النظام الذي حاول عزله، وما هي الرسالة التي يقولها الفلسطيني في غزة ورام الله وعكا وحيفا وقرى الجليل وهو يعبّر عن سعادته بهدف الفوز الجزائري الذي أهل المنتخب إلى نهائي الأمم الإفريقية، وما هو الكم العاطفي الهائل الذي يحمله عشرات الملايين لمنتخب الجزائر يوم غد الجمعة، وطبعاً ملايين السنغاليين والأفارقة وغيرهم لمنتخب السنغال.
لماذا يحشر رؤساء الدول والسياسيون أنوفهم، ويحاولون تجيير فوز الفريق الوطني لصالحهم وإضافته لإنجازاتهم. وما دام أن الفوز يسجل للرئيس، فلماذا لا يحاسب على الخسارة؟ لماذا على المدرب أن يستقيل؟ هل هو الأب الذي فشل في توصيل أبنائه إلى النصر، أم أنه كبش الفداء لأسباب كثيرة توصل إلى الفشل!
خلطة أحاسيس فردية وجمعية يغذيها الشعور بالمصائر المشتركة، وبقدر ما هي عابرة للمسافات البعيدة، فهي تنبع من أعماق لا وعي وأعصاب وحتى هرمونات الإنسان، هي مناسبة يطلق الفرد من خلالها كل مكبوتاته الاجتماعية والسياسية والجنسية والعاطفية والتاريخية، وأمراضه وعاهاته غير المرئية، في تلك اللحظة تطفو المدفونات العميقة سافرة بلا أقنعة على شكل صرخة وقفزة وهتاف، تفضح قوتنا أو ضعفنا، سطحيتنا أو عمقنا، قد تكون إلى جانب أحدهم فيضمّك إلى صدره ويقبّلك، وقد يصفعك أو يدفعك آخر بوحشية، وآخر يأتي بحركة مشينة وكأنه في خضم عملية اغتصاب جنسية، ثم يعدو صارخاً وباكياً، وقد يخلع كثيرون ملابسهم العلوية!
يقول مختصون نفسيون، إن لحظة هز الكرة للشباك تمثل اختراقاً جنسياً في لا وعي اللاعبين وملايين المؤيدين في اللحظة ذاتها.
ويقول آخرون بأن تسجيل الهدف يعني القدرة على الحياة والاستمرار في مواجهة الموت المتمثل بالهزيمة، وكلما كان الخصم عنيداً وقوياً كان الفوز ألذّ وذا معنى غير ظاهر، ويا حبذا إذا كان بين شعبي الفريقين القوميين صراع سياسي، فإن النصر سيأخذ أبعاداً قد يبلغ قطرها ألف عام من التاريخ وأكثر، يجمحُ خيال المشاهد إلى الخيول والصهيل والرماح والقصف المدفعي ودوي الطائرات والكاميكاز والاستشهاديين، وحتى القنبلة النووية إذا كانت المباراة بين اليابان وأمريكا، أما إذا كان الخصم ضعيفاً ومن بلد شقيق أو صديق وأتى الفوز سهلاً وبنتيجة مرتفعة، بأربعة أهداف فما فوق مثلاً، حينئذ يفقد النصر لذّته، لأنه فشل في تحريك الغرائز والثارات العميقة، وفي أحسن الأحوال هو أقرب إلى مداعبة القبلة الخفيفة الخالية من الشغف.
هكذا نرى أنفسنا من خلال الكرة منتصرين على الموت وعلى الفشل والظلم والضعف، تتدفق الحياة بقوة في عروقنا في تلك اللحظات الرائعة، فنهديها لذواتنا ولمن نحب، إنه انفجار تعويضي لبؤرة مكبوتاتنا الشخصية والجمعية.
أما عندما يكون الفريق تابعاً لناد رياضي مثل ليفربول أو غيره من الفرق التي تضم لاعبين أجانب، ويكون بطل المباراة أجنبياً، حينئذ تتلاشى في لحظة النصر الضغائن العرقية، تنهار الحواجز بين الأمم، تسقطها تلك القدم الماهرة التي تصنع الفرح للملايين.
من ناحية أخرى، نرى بعض الجمهور المغرق في العنصرية يشتم إدارة فريقه وأحد لاعبي التعزيز الذي جلبته، لأن اسمه علي محمد، وهو لاعب من النيجر جاء ليكسب بعض المال من خلال اللعب مع فريق (بيتار يروشالايم)، أعدّ جمهورُ فريقه له ولنبيّه محمد حفل استقبال من الشتائم والكلمات النابية وحتى التهديد، فوجود عنصر غريب بين القطيع يحمل اسم العدو ينغّص على القطيع متعة ولذة إطلاق غرائز الكراهية، خصوصاً إذا ما أسهم هذا الغريب بنصرٍ وسجّل هدفاً لصالح فريقه الذي هو فريقهم، فكيف يمكن لعلي محمد أن يكون سبباً في نصر بيتار يروشالايم، بينما الهدف العميق المكبوت الذي يسعى إليه هذا الجمهور العنصري، هو سحق أمة علي محمد كلها.
هذه الحماسة والمشاعر المتلاطمة لم نرها في مباريات المنتخبات النسائية، كأن لعب النساء خال من التحديات التي تثيرها منتخبات الذكور، وكأنهن منزوعات الغضب والطاقات المكبوتة، فهن أكثر نعومة، وأقل عدوانية تجاه بعضهن، حتى عندما يُسجلن هدفاً فهو ليس اختراقاً للشباك بل يهزها بلطف، يفتقر للشحنة السادية، وبالتالي يفتقد لردة الفعل الوحشية التي يطلقها فريق الذكور، تبدو تسجيلاتهن مصافحات ومداعبات، خصوصاً وأن الفرق التي وصلت إلى المراحل النهائية من شعوب ودول معظمها صديقة، ليس بينها حزازات وضغائن سياسية معاصرة، وليس بينها فريق عربي أو فريق من دولة إسلامية يحرّك مكبوتات الملايين من العرب والمسلمين في مواجهة الأوروبيين والأمريكيين، نأمل في العقود القريبة أن تنجح الفرق النسائية العربية بالتقدم إلى أمكنة مقبولة، فلدى المرأة العربية مكبوتات ومشاعر شخصية وجماعية غنية جداً، لا تختلف عن مكبوتات الرجل العربي، لهن رغبات ويحتجن إلى نصر على الموت.
أحب لعبة كرة القدم حين ألعبها! ولا أحب مشاهدتها بالتلفاز!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لا أحب الملاكمة, لكني كنت أشاهدها لأشجع محمد على كلاي! دعائي للجزائر بالفوز بالرئاسة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
مباريات كرة القدم هي عبارة عن حروب قصيرة فيها المنتصر و المهزوم. و كذلك تحمل في طياتها ابعاد سياسية و هي متنفس للجمهور و الشعب ليعبر عما يدور في نفسه. لا ارى فرق بين الشعوب العربية و مصيرها. اسأل الله العلي القدير ان يؤلف بين قلوبنا ويهدينا لما هو خير لنا
قلوبنا مع الجزائر اليوم جزائر الثورة ضد الطغيان والفساد وجزائر بطلة افريقيا ان شاء الله
ايها الجزائريون لقد اثلجتم صدورنا يا أبطال العرب
لعبة كرة القدم هي “الحرب” الوحيدة التي يشارك فيها كل سكان الكرة الأرضية , بين لاعب او مشجع او جمهور او عدو او صديق او منتقم او سياسي لكسب بعض الـتأييد …الخ . وهناك فئة تخرج طاقات مدفونة لكي تعبر عن نفسها وليس لها مكان الا بكرة القدم , اما نحن البسطاء والمظلومين فنبحث عن فرحة ولو بسيطة وتكون في فوز فريق لا تربطنا به اي علاقة وهذه “فرحة المسكينة” ..وتبقى كرة القدم المعركة الأكثر شعبية في العالم..
شكرا استاذ سهيل. من فلسطين الحبيبة، من الأرض المحتلة، الف الف تحية لكل الشعوب العربية المقهورة وأخص هنا الشعب الجزائري العظيم. حقيقة مواقفهم تجاه القضية الفلسطينية ووقوفهم مع فلسطين ظالمة او مظلومة كما يقولون مميزة جدا وتبين أصالة هذا الشعب الثائر العظيم. فتحية لكم من الأرض المحتلة.
صباح الابتهاج والسعادة والفرح لك ولكل القراء والقارئات ، مقالتك استاذ سهيل اليوم ثريه بنشوة النصر والفوز واليوفوريا والانتشاء الروحي.
الاديب والصحفي ادوارد جاليانو قال :”هل دخلت يومًا ملعبًا فارغًا؟ جربها … قف في منتصف الملعب وأصغ السمع … لا شيء أكثر خواءً من ملعب خاوٍ … لا شيء أكثر صمتًا من مدرجات خلت من المشجعين.” حسب رأيي أشبه ببلد او وطن خلا من اهله وناسه.
كرة القدم ظاهرة عالمية فريدة، تجاوزت حدود الجغرافيا واللغة والثقافة والأيديولوجيا. تسللت إلى الأكاديميا، والفنون، والآداب فها هو الشاعر والكاتب العراقي معروف الرصافي، يتغنى بها فيقول في مطلعها: قصدوا الرياضة لاعبين وبينهم كرة تراض بلعبها الأجسام
وقفوا لها مستمرين فالقيت فتعاورتها منهم الأقدام
يتراكضون وراءها في ساحة للسوق معترك بها وصدام
وبرفس أرجلهم تساق وضربها بالكفّ عند اللاعبين حرام( هناك تتمه)
( تتمه ثانيه )كما اهتم بها عدد من العلوم الانسانية، باعتبارها نشاطًا إنسانيًّا، يكشف الكثير عن طبيعة البشر والمجتمع. لكنه اهتمام لم يقتصر على الفروع ذات العلاقة المباشرة، مثل فلسفة الرياضة، بل درسها علماء الاجتماع والأنثروبولوجيون أيضًا ، هذا وعلى الرغم بأنها كلعبة لم تتعدى ان تكون نسخة أكثر عدلا من الحياة ، الا انها أكثر متعة وإثارة على الدوام.
تهنئه مني ابنة فلسطين المحتلة للجزائر والجزائريين هنيئا لكم هذا الفوز السحيق وهذا ليس بغريب عن الجمهورية الجزائرية التي حملت لقب بلد المليون شهيد ونصف المليون شهيد فقد كانت سباقة للفوز في ثوراتها المختلفة ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954م وفي ثورتها الاخيرة هذا العام مطالبة من خلال حراكها الشعبي باستفاقة لواقع جديد حمل خلاله الثوار هواجسهم وامانيهم ومواجعهم على اكتافهم ومشوا ، وجميعها انتصارات عظيمة تسجل اهدافا في مرمى التاريخ العربي والوجع العربي المشترك . فهل احلام مستغانمي في روايتها ( ذاكرة الجسد) تمكنت من فصل ذاكرة الجزائر عن الذاكره الجمعيه التاريخيه كلا فذاكرة( خالد بن طوبال) هي صناعة للإرث القومي العربي عامة والجزائر خاصة .
( تتمه اخيره ) فالوجع واحد والنصر والفوز واحد ، ومن هنا تشكل كرة القدم متنفسا لمكبوتاتنا الروحية وتمنياتنا باختراق حاجز الذل والمهانة والغلبة وكما قلت كاتبنا : ” نصر على الموت.”
كاتبنا العزيز بالنسبة لمباريات المنتخبات النسائية فأسمع مني انا كامرأة اقول لك ان تلك المباريات الغنية بالمصافحات تعتمد على سياسة وحنكة تملكها الإناث فكل أنثى مغلوبه تسلم على أخرى فائزه وتبتسم لها إنما تقول لها في سرها : “طيب بورجيكي يومك جاي “.
كاتبنا سلم لنا يراعك المبدع وقلبك الواسع الذي احتوى أوجاع وطننا العربي النازف وحلم بنصر وفوز قريب، وأشكر لك دعمك الدائم لنهضة النساء عامة .
السلام عليكم
تحية طيبة للجميع
كرة القدم هي اللعبة الأكثر شهرة وجماهيرية في العالم من حيث عدد اللاعبين والمشاهدين لها، وتعتبر من الألعاب البسيطة التي يمكن ممارستها في أي مكان.ومن فوائدها:” تعزيز صحة الجسم- اللياقة البدنية-الفوائد النفسية والاجتماعية-المهارات الحياتية-التقارب بين الأفراد والشعوب”
ومن ذلك كانت ألأكثر إنتشار بين الشعوب ومن خلالها تعبر عن بعض مكبوباتها التي لم تستطع البوح بها نظرا لعوامل مختلفة أوالجهر بها علانية.وفيها من مشاهد المتعة والفرح والحزن ما يجعلها “ناموس حياة جديد” وفيها من المحطات ما يجعل المتتبع في غاية الغرابة من أمره وقد صنعت الجزائر الحدث بمناصرة فريق”فلسطين” والتهليل له والتصفيق على مداعبته للكرة عكس المتوقع أنّ الجماهير الجزائرية قد اصدرت تصفيرات وصيحات ضد فريقها ليس أنّه لم يجد اللعب ولكن حبّا في فلسطين..وما قد يثبت أنّ كرة القدم وسيلة تقارب هو صنيع الإخوة المغاربة مع تاهل الجزائر للنهائي هذا يدل على أنذها وسيلة تقارب…
ليس كل رياضة أفيون وليس كل سياسة عامل تقارب بل السياسة هي أفيون الشعوب .فعلينا بالرياضة وهجر السياسة
ولله في خلقه شؤون
وسبحان الله