نيويورك- طرابلس- “القدس العربي”: استعرض يان كوبيتش، الممثل الأممي الخاص و بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مساء الجمعة، في احاطة دورية أمام مجلس الأمن الدولي، تطورات الأوضاع في ليبيا، والحالة السياسية والأمنية والاقتصادية.
واستأنف كوبيتش إحاطته قائلا إنه “متبقي ما يزيد قليلاً عن 100 يوم على 24 كانون الأول/ ديسمبر، موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية والذي اتفق عليه ملتقى الحوار السياسي الليبي وخارطة الطريق التي أقرها الملتقى ووفق ما أقرتموه في قرار مجلس الأمن 2570”.
وأضاف كوبيتش أنه وخلال زيارته الأخيرة إلى ليبيا، التقى مع أهم الفاعلين السياسيين وبعض فئات المجتمع المدني وممثليه وحثهم على التوصل إلى اتفاق لحماية المسار الانتخابي وإدارة الوضع ما بعد الانتخابات .
وأكد كوبيتش “أن إجراء الانتخابات في ليبيا، حتى في وضع أقل من المثالي، ومع كل السلبيات والتحديات والمخاطر أمر مرغوب فيه أكثر بكثير من عدم إجراء انتخابات، والذي لن يؤدي إلا إلى تعزيز الانقسام وعدم الاستقرار والنزاع”.
وعن القوانين الانتخابية، قال كوبيتش إن مجلس النواب بصدد الانتهاء من قانون الانتخابات الخاص بالانتخابات النيابية ، مردفا “قد أبلغني رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أن قانون الانتخابات الرئاسية قد تم اعتماده بالفعل وصدر القانون رقم 1 لسنة 2021 بينما يمكن تنظيم الانتخابات البرلمانية بالاستناد إلى القانون الحالي مع احتمال إدخال تعديلات يمكن النظر فيها والموافقة عليها في غضون الأسبوعين المقبلين”.
وأوضح كوبيتش أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات قد تلقت بالفعل قانون الانتخابات الرئاسية، فيما أعرب المجلس الأعلى للدولة عن تذمره من اعتماد القانون دون التشاور معه.
وأكد كوبيتش أن المفوضية على استعداد تام لبدء التنفيذ؛ وستجري إعادة النظر في الجدول الزمني للتنفيذ بمجرد معرفة المعايير المحددة في القوانين الانتخابية ، حيث صرح رئيس المفوضية في المؤتمر الصحفي بأن المفوضية ستبذل كل ما في وسعها للوفاء بموعد 24 كانون الأول/ ديسمبر.
وأوضح كوبيتش أن على المفوضية أن تضع تقويماً انتخابياً واضحاً للسير بالبلاد نحو الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر، بدعم من المجتمع الدولي للجهود التي تبذلها حكومة الوحدة الوطنية وجميع السلطات والمؤسسات المعنية من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشاملة وذات مصداقية قدر الإمكان في ظل الظروف المتطلبة والصعبة وفي ظل التناقضات.
وفي كلمة له للمجتمع الدولي، قال كوبيتش إنه بوسع المجتمع الدولي أن يساعد في إيجاد ظروف أكثر ملاءمة لذلك من خلال تيسير بدء الانسحاب التدريجي للعناصر الأجنبية من ليبيا دون تأخير ومن أجل المساعدة في ضمان نزاهة ومصداقية العملية الانتخابية وقبول نتائجها، مضيفا أن المراقبة الدولية والمحلية للعملية برمتها أمر بالغ الأهمية.
وحث المبعوث الأممي جميع الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية على إرسال فرق مراقبة، بالتنسيق مع السلطات والمؤسسات الليبية، ولا سيما المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ووزارة الخارجية عندما يحين الوقت.
وثمن اكوبيتش جهود المجلس الرئاسي موضحا أنه أصبح فاعلاً في اقتراح حوار سياسي لتأمين انتقال سياسي سلس وسلمي وكذلك في النظر في سبل تيسير إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 كانون الأول/ ديسمبر.
ورحب كوبيتش بالإجراءات التي اتخذتها حكومة الوحدة الوطنية لتيسير الاستعدادات لإجراء الانتخابات، وبالأخص توفير التمويل الكافي للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات فضلاً عن مختلف الاستعدادات الأمنية التي تقوم بها بشكل خاص وزارة الداخلية.
وقال كوبيتش أنهم ينتظرون موافقة مجلس النواب على الميزانية الوطنية الموحدة، والتي ما تزال معلقة، موضحا أنها ذات أهمية حاسمة لإتاحة المجال لحكومة الوحدة الوطنية لتحسين تقديم الخدمات والمساعدة للشعب بشكل منصف في جميع أنحاء ليبيا.
وأضاف المبعوث الأممي أن حكومة الوحدة الوطنية تواصل ممارسة عملها بالاعتماد على المخصصات الشهرية التي يقدمها المصرف المركزي داعيا مجلس النواب إلى الإسراع في الموافقة على ميزانية موحدة.
وأشار كوبيتش إلى أنه منذ منتصف شهر آب/ أغسطس، كانت هناك دعوات عديدة لاستجواب حكومة الوحدة الوطنية من قبل مجلس النواب بسبب ضعف الأداء وكانت هناك حتى دعوات للتصويت بحجب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية في مجلس النواب وكذلك في ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وعقب كوبيش عن محاولات سحب الثقة أنه “في الوقت الذي نسلم فيه وبقوة بحق مجلس النواب في ممارسة وظيفته الرقابية، فقد حذرت من أن محاولات تغيير السلطة التنفيذية المؤقتة مع اقتراب موعد الانتخابات لن تؤدي سوى إلى مزيد من الارتياب بشأن الانتخابات وستسفر عن مشاكل في الاستعداد للانتخابات وتأمينها وهذه الانتخابات هي التي ستمنح الليبيين الفرصة لتثبيت حكومتهم ورئاستهم وبرلمانهم”.
وشدد كوبيتش على الانتخابات ليست مجرد التزام أخلاقي أو سياسي، بل هي ضرورة سياسية وأمنية تضمن استمرار التطورات الإيجابية التي تحققت في ليبيا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2020 وأن ليبيا ستتجاوز حالة الأزمات المستمرة والنزاع والانتقال الدائم نحو استكمال العملية السياسية وولوج مرحلة البناء المشترك للأمن المستدام والاستقرار والوحدة والتنمية.
وخلال كلمته أمام مجلس الأمن، رحب كوبيتش بما حققته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من تقدم حتى الآن بشأن التحضير لإجراء الانتخابات الوطنية في كانون الأول/ ديسمبر.
وأثني كوبيتش على رئيس المفوضية للجهود الحثيثة التي تبذلها المفوضية للتخطيط والإعداد لإجراء الانتخابات في كانون الأول/ ديسمبر، حيث تمكنت المفوضية خلال الشهرين الماضيين من تحديث سجل الناخبين للتصويت داخل البلاد كما شرعت في تحديث تسجيل الناخبين الليبيين المؤهلين المقيمين بالخارج والذي سيستمر حتى منتصف أيلول/سبتمبر.
وأشار كوبيتش أنه مؤخراً، تم تسجيل أكثر من نصف مليون ناخب جديد بغرض المشاركة في الانتخابات المقبلة، وبذلك يصل العدد الإجمالي للناخبين المسجلين إلى أكثر من 2.8 مليون، 40 في المائة منهم من النساء ، مشيرا الى أن معظم المسجلين حديثاً هم دون سن الثلاثين، مما يدل بجلاء على تلهف جيل الشباب للمشاركة في تحديد مصير بلادهم عبر عملية ديمقراطية.
وقال كوبيتش إن الأمم المتحدة قد دأبت على دعم جهود المفوضية الوطنية العليا للانتخابات والجهات الفاعلة الليبية الأخرى الرامية الى تعزيز مشاركة المرأة في الانتخابات
وأردف كوبيتش قائلا أن البلاد وشعبها بحاجة الى التأكد بجلاء من أنه سيتم إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر، حيث إن الغموض القائم يولد أرضاً خصبة للمعرقلين والمشككين لاستغلال هذا الوضع للعمل ضد الانتقال السياسي، مما سيغذي التوترات القائمة في العلاقات بين مختلف المؤسسات والسلطات الليبية
وأشار كوبيتش إلى أن المجادلات العلنية بين الأطراف والتصريحات والخطوات ذات الطابع التصادمي تعزز من حدة التوتر القائم، والمخاوف من هذا النوع من العلاقات المتوترة في ظل الافتقار الى خارطة طريق واضحة نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سوف تزداد عمقاً، في ظل احتمالية أن يكون لذلك تداعيات أمنية وسياسية تؤثر سلباً على أمن وسلامة ووحدة ليبيا.
الوضع الأمني والعسكري ..
وعن الوضع الأمني أوضح كوبيتش أن الوضع الامني في ليبيا يحتاج إلى إيلاء المزيد من الاهتمام من جانب حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي بالتنسيق مع قيادة حفتر وذلك لتهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات في بيئة آمنة ولتحقيق الاستقرار.
وشدد كوبيتش مجدداً على حاجة السلطات والمؤسسات الليبية للعمل بشكل مشترك، بما في ذلك مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)لمعالجة كل هذه القضايا والشروع في سلسلة من البرامج التي تستهدف نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني.
وأشاد كوبيتش باقتراح وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، عقد مؤتمر لدعم الاستقرار مع شركاء ليبيا الدوليين الأساسيين، معتبرا اياه بمثابة منبر لتنفيذ قرارات مؤتمري برلين، ولا سيما دعم سحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية على نحو يتسنى التأكد منه ويتم الاتفاق عليه وبطريقة ممنهجة ومعيارية، فضلاً عن الإعداد لعمليات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني وتوحيد المؤسسات العسكرية كل ذلك بمساعدة ودعم وتيسير دولي.
وأكد كوبيتش أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تدعم هذه المبادرة التي تضطلع بها ليبيا بشكل كامل، والتي تتطلب، مع ذلك، تحضيرات مستفيضة وتنسيقاً وتكاملاً جوهرياً ومتسقاً مع عمل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) والمجلس الرئاسي وجميع المؤسسات والسلطات المعنية.
وأدان كوبيتش استمرار وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية معتبرا اياه مصدر قلق شديد لليبيا والمجتمع الدولي، بما في ذلك دول المنطقة ولا سيما جيران ليبيا.
واعتبر كوبيتش الاجتماع الوزاري الذي عقد في الجزائر العاصمة في الفترة من 30 إلى 31 آب/ أغسطس، مبادرة ضرورية جاءت في الوقت المناسب وقدمت من طرف شركائنا الجزائريين بالتعاون مع دول ومنظمات إقليمية أخرى، بما فيها الأمم المتحدة، وضمت ليبيا والدول المجاورة لها .
ولدعم السلطات الليبية في إحراز تقدم نحو التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، تتواصل الاستعدادات لإرسال المجموعة الأولى المكونة من 10 من مراقبي وقف إطلاق النار التابعين للأمم المتحدة وموظفي الدعم في الأيام المقبلة.
وفيما يتعلق بالمصالحة، لفت كوبيتش النظر إلى أنه في 5 و 6 أيلول/ سبتمبر على التوالي، تم الإفراج عن الساعدي القذافي بمعية عدد من مسؤولي النظام السابق، وذلك بعد سبع سنوات أو أكثر في السجن، وقد تمت تبرئتهم من التهم الموجهة إليهم من قبل محكمة ليبية في عام 2019.
وأشار كوبيتش أنه وتحت رعاية اللجنة العسكرية المشتركة، قامت قوات حفتر بإطلاق سراح 17 سجيناً من مصراتة من جانب واحد ويعد ذلك مساهم إيجابية في بناء الثقة والمصالحة وأعقب ذلك إطلاق سراح 8 محتجزين آخرين من جانب واحد في 5 أيلول/ سبتمبر.
ورحبت البعثة بهذه العمليات وجددت دعوتها إلى الإفراج عن جميع المحتجزين بصورة غير قانونية، كجزء من سياسة مصالحة أوسع نطاقاً.
كما نوه كوبيتش الى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ، مضيفا أن تورط التشكيلات المسلحة يتواصل في جميع أنحاء البلد .
وقال كوبيتش أن ارتفاع عدد المحتجزين لفترات طويلة، يثير القلق موضحا أن كثير منهم محتجزون في ظروف لا إنسانية فحتى آب/ أغسطس 2021، ووفقاً للإحصاءات الرسمية التي قدمتها السلطات الليبية يقبع 12300 محتجزاً في 27 سجناً وأماكن احتجاز معترف بها في جميع أنحاء ليبيا، ويعد هذا الرقم الأعلى حتى الآن ، موضحا أن التقارير تفيد بأن 41 في المائة من المحتجزين المسجلين هم في الاحتجاز السابق للمحاكمة، وقد أمضى العديد منهم سنوات خلف القضبان في انتظار المحاكمة.
أما عن النازحين فأوضح كوبيتش أن أعداد النازحين داخل البلاد تقلص بشكل كبير ،حيث يصل عدد النازحين حالياً إلى ما يقرب من 212000 شخص مقارنة بـ 278000 نازح بداية هذا العام.
وفيما يتعلق بالجرائم المرتكبة في ترهونة قال كوبيتش إنه تم اكتشاف أكثر من 100 مقبرة جماعية بعد انسحاب مجموعة الكانيات المسلحة من المدينة في عام 2020، مشيرا أن المئات في عداد المفقودين، وتستحق أسرهم الحصول على معلومات وافية عن مصير أحبائهم.
وشدد كوبيتش على ضرورة تقديم الجناة إلى العدالة حيث يعد ذلك حجر الزاوية في عملية المصالحة الوطنية، فضلاً عن ضمان الحق في معرفة الحقيقة لأسر ضحايا الجرائم بموجب القانون الدولي.
عجيب ما يحدث لبعض الدول العربية،. لم نشهد دولة أوروبية أو غربية تدخلوا في أمر انتخاباتها كما يحدث في ليبيا وسوريا والعراق واليمن وهلم جرا