كيفية تعامل الدول مع وباء كورونا تحدده أعداد المصابين والمتوفين، وكيفية اتخاذ الإجراءات الاحترازية، والبدء حتى بالإمكانيات القليلة الموجودة في الدولة لمقاومته، وتوعية الشعوب وحثها على المشاركة بفعالية في محاولة القضاء عليه، والتعامل جديا مع هذا الفيروس القاتل، الذي يُزهق الأرواح بلا حساب، وينتقل ليس من دولة إلى دولة فحسب، وإنما من قارة إلى قارة.
اكتشف المرض في ديسمبر 2019 في مدينة ووهان وسط الصين، وصنّفته منظمة الصحة العالمية في 11 مارس الماضي جائحة. الصين يسكنها مليار و400 مليون إنسان على وجه التقريب، ووفقا للجنة الحكومية الصينية للصحة، في بيان أصدرته في 28 مارس الماضي أن عدد الوفيات جراء الفيروس بلغ 3 آلاف و179 حالة. وأن إجمالي عدد الإصابات بلغت 90 ألفا و813 إصابة، مشيرة إلى أن 4020 في حالة خطيرة. بينما قال ممثل إيطاليا لدى منظمة الصحة العالمية، فالتير ريتشاردي، إن العدد الحقيقى للمصابين بالفيروس يقترب من 60 ألفا (حتى حينه). ثم فرنسا (91831)، وإسبانيا (9020). فيما أعلنت الصين عن 19 إصابة جديدة بفيروس كورونا فى عموم البلاد.
وتسعى السلطات المحلية داخل الدول، التي ظهر فيها الفيروس إلى اتخاذ إجراءات وقائية واحترازية، مثل إغلاق المدارس والجامعات، وفرض حظر التجول وغيرها، من أجل السيطرة على انتشار هذا الفيروس، وتعمل مختلف شركات الأدوية ومعامل الأبحاث الطبية، على إيجاد علاج والتوصل للقاح لفيروس كورونا. من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية إن الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول حتى الآن لتطويق الوباء، ما زالت غير كافية. وحثت المنظمة الدول على تكثيف إجراء الفحوص للحالات التي يشتبه في أن تكون حاملة لفيروس (كوفيد 19). وقد اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أن القادة الأوروبيين قللوا في البداية من حجم خطر فيروس كورونا، وسط تساؤلات عن تداعيات أزمة كورونا على مصير التضامن الأوروبي. فما الذي تكشفه تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية؟ وأي تداعيات ستتركه الأزمة على الاتحاد الأوروبي؟
الاقتصاد والمبدأ الريعي والربح القائم على استغلال الآخرين، أعمدة النظام الرأسمالي القائم على الاحتكار ومصادرة حرية الشعوب
وحول «نظرية القطيع» أدلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بتصريحات يخبر فيها الناس: أن عائلات كثيرة ستفقد أحباءها بفيروس كورونا المستجد، وتحدث المستشار العلمي للحكومة البريطانية عن «مناعة القطيع»، التي تقضي بأن يصاب بالمرض 60% من الشعب البريطاني. فهل تقوم آلية التعامل الطبي البريطانية على التضحية بمليون شخص، ليعيش بقية الشعب؟ لقد صدم بوريس جونسون مواطنيه قائلا: إنه يتعين على العائلات الاستعداد لفقد أحبائها، لأن فيروس كورونا سيواصل الانتشار في البلاد على مدار الأشهر المقبلة، حاصدا المزيد من الأرواح. وأضاف «سأكون صريحا معكم، ومع كل الشعب البريطاني؛ عائلات كثيرة جدا، ستفقد أحباءها قبل أن يحين وقتهم». بعدها بيوم صرح كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية السير باتريك فالانس، بأنه كلما توسعت دائرة انتشار الوباء، فستصبح هناك مناعة وطنية أوسع للأجيال، رغم ما قد يرافق ذلك من خسائر في الأرواح.وألمح فالانس إلى احتمال ترك فيروس كورونا يصيب نحو أربعين مليونا من سكان المملكة المتحدة، أي 60% من السكان، للوصول إلى «مناعة القطيع»، وهي نظرية معروفة تقول بمواجهة أي فيروس بالفيروس ذاته، أي «داوها بالتي كانت هي الداء». معروف أن جسم الإنسان يحارب الأمراض المعدية، عبر جهاز المناعة، فعندما يتعرض جهاز المناعة لعدو جديد ـ فيروس مثلا- فإنه يتعامل معه، وإذا عاش الشخص وتعافى فإن جهاز المناعة يطور ذاكرة لهذا الغازي، بحيث إذا تعرض للفيروس مستقبلا فيمكنه محاربته بسهولة. لكن ينسى المستشار العلمي، أن هذا ـ حتى الآن- ينطبق على لقاحات البكتيريا، وليس الفيروس الذي يتطور في حالة كورونا من شكل إلى آخر أكثر عدوانية ومحتوى بروتيني جديد! لذلك فإن المناعة لا بد أن تأخذ شكلا جديدا.
تصريحات فالانس قوبلت بانتقادات حادة، حيث شككت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس في جدوى استراتيجية بريطانيا، لمواجهة انتشار فيروس كورونا، وأوضحت هاريس أنه لا تتوفر معرفة علمية كافية بالفيروس، لأنه مستجِد وليس معلوما بعد كيف يتفاعل من الناحية المناعية، مبينة أن كل فيروس له طريقة مختلفة في التعامل مع المناعة التي تتطور لمواجهته. كما انتقد عديدون من العلماء تلك التصريحات.
من زاوية أخرى، حذّر الرئيس ترامب الأمريكيين من أن عليهم مواجهة «مرحلة مروعة» ستشهد «موت كثيرين» مع انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة أكثر من 63 ألف شخص في العالم (حتى تلك اللحظة). و بلغ عدد الإصابات المؤكدة في أمريكا 200 ألف . وقال ترامب في مؤتمر صحافي يومي في البيت الأبيض «سيكون الأسبوع المقبل أقسى أسبوع على الأرجح» في الولايات المتحدة، و»سيموت كثيرون». من جانبها قالت صحيفة» نيويورك تايمز» أن الرئيس ترامب حاول الاستهانة بالتهديد الذي يشكله فيروس كورونا المستجد في الأيام الأولى من تفشيه، كما حاول ترامب مرارا التقليل من خطورة المرض، وكان قلقا من تأثير التحذيرات السلبية على أسواق الأسهم»، ما دعا عمدة نيويورك أندريو كوومو، إلى الرد عليه، معتبراً أنه «لا تجوز المفاضلة بين الاقتصاد والأرواح». وقارن ترامب كورونا المستجد بالأنفلونزا الشائعة، ووصفه بأنه «خدعة» تم ابتكارها من قبل الديمقراطيين في المسيرة الانتخابية. في فبراير الماضي وعلى ذمة الصحيفة فإن ترامب غضب جدا بشأن التحذيرات الصارخة التي وجهها مسؤولو الصحة بشأن التأثير السلبي المحتمل للمرض، وألقى اللوم عليهم في إثارة الذعر بالأسواق المالية، بينما كان يستعد لحملة إعادة انتخابه. وسعى عدّة مرات للوم وسائل الإعلام واتهمها بالمبالغة، وردد ما كان كوشنر قد قاله أمامه. وألقى في وقت سابق باللوم على «وسائل الإعلام الإخبارية المزيفة» لسعيها إلى «المبالغة في ما يحيط بفيروس كورونا» بحسب ما نقلت الصحيفة. ونشرت أيضا تغريدة لترامب قال فيها: «تقوم وسائل الإعلام المزيفة وشريكها، الحزب الديمقراطي بكل شيء في حدود قوتها شبه الكبيرة (التي اعتادت أن تكون أكبر!) لتأجيج حالة فيروس كورونا، وبما يتجاوز بكثير ما تبرره الحقائق من خطر قليل على الأمريكيين. ثم عاد ليدرك هول الفاجعة التي تنتظر بلاده، والتي ألقت على حملته الانتخابية ظلالا سلبية، حيث أن كثيرين من المراقبين يتوقعون فشله في الانتخابات.
من حق الإنسان التساؤل، لماذا العديد من الدول كالصين، كوبا وروسيا وغيرها قدّمت المساعدات إلى دول كثيرة، منها أوروبية لمواجهة كورونا، في الوقت الذي لا الدول الأوروبية ولا أمريكا، رغم قدراتها الفائقة استطاعت التعامل مع حالات الإصابة فيها أولا، ولا الوقاية منها ثانيا، كبديل، ساوم ترامب مركز أبحاث ألماني لشراء أبحاثه حول كورونا، ويؤكد تقرير مجلة «دي فيلت» الألمانية أن ترامب حاول شراء قسم الأبحاث لشركة «كيورفاك» في توبينجن بألمانيا، ونقله إلى أمريكا لتطوير اللقاح حصرياً لمرضى الفيروس فيها، واحتكار بيعه لدول العالم. وأكدت وزارة الصحة الألمانية أن واشنطن حاولت الاستيلاء على «كيورفاك» المصنعة للأدوية، فيما أشارت مصادر حكومية إلى أن برلين تقدم حوافز مالية للشركة للبقاء في ألمانيا. وقد ردت برلين بغضب على لسان وزير الاقتصاد على عرض للرئيس الأمريكي قائلا: «ألمانيا ليست للبيع سيدي الرئيس».
جملة ما كُتبَ يؤكد أهمية الإنسان وأولويته على الاقتصاد والمبدأ الريعي والربح القائم على استغلال الآخرين، وهي أعمدة المبدأ الرأسمالي عموما، القائم على الاحتكار والتفرد ومصادرة حرية الشعوب المحتلة أراضيها والمغتصبة إرادتها، كما في الحالة الفلسطينية، لحساب مساندة ودعم مالي وتكنولوجي وسياسي وعسكري مستمر لنظام فاشي عنصري صهيوني (لا يحافظ على سكانه العرب من كورونا ولا يعالجهم). تهدف الدول الرأسمالية إلى السيطرة على ثروات العالم وأسواقه، خاصة في الدول النامية، وبذلك ليس غريبا أن يعطى الاقتصاد أهمية قصوى مقارنة بمنع الناس من الإصابة بالمرض وواجب خدمته من مختلف النواحي، بما في ذلك تأمين علاجه في حالة المرض، خصوصا في حال انتشار الوباء على صعيد العالم. نعم في مجتمعات الاستغلال يتركز رأس المال في أيدي أقلية (البورجوازية الكومبرادورية ) ما يؤدي إلى حالة استقطاب حاد داخل المجتمع يتمخض عنها بالطبع ظهور المجتمع الطبقي ونشوء طبقتين متعارضتيْ المصالح هما: البورجوازية والكادحين.
شهد التاريخ وما يزال يشهد تجارب دول وأنظمة ديمقراطية تتبنى العدالة في توزيع الثروة، وتحجّم الملكية الخاصة مقابل تعزيز الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج. تقوم هذه المجتمعات على نزعة إنسانية عموما وشاملة أيضا، وتدعو للانتقال إلى نظام اجتماعي يحقق العدالة والرفاهية للجميع، من خلال تعزيز الدور الإنساني للإنسان ومجانية التعليم والطبابة والخدمات والعمل والتأمينات، بما فيها الشيخوخة والقضاء على الفقر وعلى كل أشكال الاستغلال.
*كاتب فلسطيني
ألشكر لللدكتور فايز رشيد على مقاله لهذا اليوم ألذي أثبت دون أدنى شك بأن فايروس الكورونا قد كشف بأننا نعيش بين نظامين وتربيتين إنسانية ومستغلّة. ومما أورده بما قام به ترامب وعلى ألأخص بخصوص ألرغبة بالسيطرة على شركة ألمانية تقوم بتطوير لقاح لفايروس الكورونا بهدف أحتكار ألولايات ألمتحدة لهذا أللقاح في ألوقت ألذي تقوم به ألصين بمساعدة ألدول ألمحتاجة في هذه ألظروف ألصعبة . أن هذا أن دل على شئ فيدل بأن ألعالم سيشهد في ألوقت ألمناسب تتويج ألصين لقيادته.