كانت بريطانيا أول من طرح أسلوب «مناعة القطيع» لمواجهة وباء كورونا، وتبعتها هولندا، قبل أن تتراجع بريطانيا عنه مؤخرا. ويرى بعض العلماء أن هذا الأسلوب يقدم حلا جذريا ودائما لوباء كورونا، وهو يعتمد على فكرة بناء مناعة ذاتية عند 60% من السكان، ما يخفف انتشار العدوى تلقائيا، لأن المصابين بالفيروس ستتكون عندهم مناعة ذاتية، تمنع إصابتهم به مجددا، بينما المسنون والمرضى هم فقط من سيتم الحجر عليهم بصرامة.
وتنبع أهمية هذا الأسلوب «مناعة القطيع»، من عدة حقائق تم استخلاصها من بيانات المرضى في الدول التي اصيبت به مبكرا، خصوصا الصين، الأولى، أن 80% من السكان لن يتأثروا بأي أضرار جراء الإصابة بالفيروس، وقد لا تظهر عليهم أعراض المرض، بينما سيحتاج أقل من 20% للرعاية الصحية، ويتوفى أقل من 2% معظمهم من المسنين أو المرضى، وبالتالي فإن إصابة الأصحاء ومن هم دون الستين عاما، ويمثلون أغلبية السكان، لن يسبب أذى لهم أو للمجتمع، ولن يشكل ضغطا على الرعاية الصحية، ولكنه سيمنحهم مناعة ذاتية تمنع تفشي الفيروس بالمجتمع مع اي موجة مقبلة. بينما الفئة المهددة، وهم المسنون والمرضى سيكونون بحاجة لحجر وعزلة منزلية ورعاية صحية، ولكن بالمقابل فإن ترك الفيروس ينتشر بسرعة خلال فترة وجيزة ، بدون فرض عزل وحجر منزلي للسكان الأصحاء، سيعني ايضا أن النسبة المهددة ومن هم بحاجة لرعاية صحية، ستصاب به بموجة واحدة، وهذا يعني ضغطا هائلا على الرعاية الصحية وغرف الانعاش في فترة وجيزة، لا تحتمله إمكانيات معظم الدول الاوروبية وامريكا، ما دعا بريطانيا وهولندا، اللتين دعمتا فكرة «مناعة القطيع» في البداية، أن تتراجعا عنه، بحيث دعت الحكومة البريطانية السكان لالتزام منازلهم.
ومن إيجابيات «مناعة القطيع»، حسب الأبحاث المتخصصة المنشورة، انه يمنع عودة الفيروس للانتشار في الشتاء المقبل، في حال لم يتوصل للقاح خاص للفيروس، خلال أقل من عام، ولاحظ باحثون أن الفيروس الذي من المتوقع أن يضعف تأثيره مع ارتفاع درجات الحرارة، قد ينتشر في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، الذي سيكون باردا الاشهر المقبلة، ليعود مع الشتاء المقبل للانتشار في النصف الشمالي، وهذا يعني، انه في حال عدم إنتاج لقاح، فإن الحجر المنزلي الذي فرضته الدول، هو مجرد إبطاء لانتشار العدوى وليس انهاء لها، ولن يمنع عودة موجة جديدة للوباء.
يرى علماء أن «مناعة القطيع» يعتمد على فكرة بناء مناعة ذاتية عند 60% من السكان، ما يخفف انتشار العدوى تلقائيا
هذا كله يخص الدول المتقدمة طبيا، وتمتلك نظام رعاية صحية يشخص الإصابات بالمرض، أما معظم دولنا العربية، فتبدو عاجزة حتى الآن عن إجراء فحوصات لمعرفة الأعداد الحقيقية للمصابين، والاهم، أن معظم الدول العربية لا يلتزم سكانها بالحجر المنزلي، خصوصا الدول كثيفة السكان مثل مصر، والعراق مثلا، وبسبب الطقوس الدينية التي حالت دون تطبيق الحجر المنزلي، بدأ يعاني من اعداد الوفيات وارتفاع المصابين، خصوصا أنه مجاور لإحدى بؤر الوباء، ايران. أما سوريا حيث تنتشر أعداد من الميليشيات الإيرانية، وضعف الإمكانيات الصحية، فهي الأخرى تعاني بلا شك من انتشار الوباء. هذه الحالة من الفوضى وصعوبة تطبيق حجر منزلي في الدول العربية، وضعف الرعاية الصحية وإجراءات الوقاية، جعل الفيروس ينتشر بين سكانها، وبسبب عجز السلطات عن إجراء فحوصات لتشخيص الكورونا، فإن الارقام الحقيقية للمصابين كبيرة جدا، والوفيات بسبب المرض قد تكون مرتفعة، وقد تواصل الارتفاع، ولكن هذا يعني أن «مناعة القطيع» تتحقق في دولنا العربية بدون تخطيط مسبق، إذ سيصاب معظم السكان بالفيروس بسرعة، ويحصلون على مناعة ذاتية، لكن بالمقابل، فإن أعداد الوفيات والمرضى بحالات حرجة ستكون كبيرة وفي فترة زمنية وجيزة، ما قد يسبب انهيارا للمنظومة الصحية المهترئة أصلا.
وقد يكون ارتفاع درجات الحرارة المرتقب في الاسابيع المقبلة في البلدان العربية، عاملا مساعدا على تخفيف انتشار الوباء، إذ أنه ووفق ثلاثة مراكز بحوث، آخرها معهد ماساتشوستس، فإنه لوحظ أن الفيروس ضعيف الانتشار في البلدان التي تتجاوز فيها الحرارة 17درجة مئوية. ومن المهم هنا الإشارة، إلى أن الاهتمام الاعلامي الكبير بوباء كورونا، يأتي كونه سريع الانتشار والعدوى، مقارنة بغيرة من سلالات الانفلونزا، بينما نسبة الوفيات لا تزال محدودة في نطاق 1% إلى 2%، ويؤكد الكثير من المختصين والباحثين أن نسبة الوفيات قد تكون أقل من ذلك بكثير، نظرا لأن العدد الحقيقي للإصابات قد يكون أعلى من المعلن بكثير، وهذا بسبب العجز عن إجراء فحوصات بأعداد كبيرة، وبسرعة، وأيضا بسبب عدم ظهور أعراض أصلا على عدد كبير جدا من المصابين الأصحاء، وقدرت إحدى المؤسسات الصحية في بريطانيا، عدد المصابين بعشرة أضعاف العدد المعلن. لكن الدراسة الإحصائية، الأهم التي صدرت، كان من طرف باحثي «إمبريال كوليدج» البريطانية، وهي الدراسة، التي أوصت الحكومة البريطانية بعدم اتباع «مناعة القطيع»، رغم إيجابياتها، لأنها تشكل ضغطا كبيرا على القطاع الصحي .
التقرير الذي نشر قبل اسبوعين، قارن إحصائيا بين أسلوبين، وهما الأخماد Suppression، والتخفيف Mitigation الذي يقود لـ»مناعةالقطيع»، ويشرح التقرير الفرق بين الاسلوبين المتاحين للتعامل مع كورونا، وأحدهما «مناعة القطيع»، ليتوصل بالنهاية للخلاصة، ويوضح التقرير أن أسلوب الإخماد وهوالمتبع حاليا بمعظم الدول، يعتمد على الحجر وعزل السكان لعكس نمو الوباء ومنع انتشارالعدوى، لتخفيف الضغط على القطاع الصحي، ولكن أهم سلبياته أن الفيروس قد يعود للانتشار بموجة جديدة الشتاء المقبل، حال تعذر إنتاج لقاح، كما وضحنا سابقا، أما الاسلوب الثاني فهو سياسة التخفيف (مناعة القطيع)، وهو لا يهتم بوقف انتشار العدوى، بهدف تكوين مناعة للسكان الاصحاء، ويحجر على الفئة المهددة فقط كما يستخدم التدخل غير الدوائي NPI، وتعمل المناعة المكتسبة عند الاصحاء على منع عودة الفيروس بموجة جديدة، ولكن مشكلته أنه يسبب ضغطا هائلا على القطاع الصحي 8 أضعاف طاقة الاستيعاب، ويشير التقرير إلى نسب وفاة منخفضة لمن هم اقل من 60 عاما، وهي أقل من 1%، ولا تتجاوز 10% لمن هم 70 عاما فما فوق. كما يعتقد خبراء «إمبريال كوليدج» أنه سيصاب 81% من السكان في بريطانيا والولايات المتحدة خلال فترة الوباء، وأن الوباء سيكون أوسع في الولايات المتحدة منه في بريطانيا، ويقول التقرير إن أسلوب التخفيف، استخدم ببعض المدن الأمريكية في عام 1918 وفي أوبئة الإنفلونزا 1957 و1968 و2009. لكنه يخلص إلى أنه من غير المحتمل أن يكون «التخفيف» ممكنًا بدون تجاوز الطاقة الاستيعابية لخدمات الطوارئ/الرعاية الصحية في بريطانيا وأمريكا. وفي النهاية يستنتج الخبراء في «امبريال كوليدج» أن: قمع الوباء، هو الاستراتيجية القابلة للتطبيق حاليا «مع آثارعميقة اجتماعيا واقتصاديا.» ويفسر التقرير تراجع الحكومة عن اتباع «مناعة القطيع» بالقول إنه «لم يتم التوصل إلى هذا الاستنتاج إلا في الأيام القليلة الماضية، بعد متابعة الوباء في إيطاليا والمملكة المتحدة».
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
” إذ أنه ووفق ثلاثة مراكز بحوث، آخرها معهد ماساتشوستس، فإنه لوحظ أن الفيروس ضعيف الانتشار في البلدان التي تتجاوز فيها الحرارة 17درجة مئوية.” إهـ
البلاد العربية الآن تتجاوز الحرارة فيها 20 درجة مئوية ولم يمت الفيروس! هناك من العلماء من يرجح درجة حرارة 50 درجة مئوية لقتل الفيروس!! ولا حول ولا قوة الا بالله
جاري العزيز الكروي داود , شلونك ؟ و شلون سميك الكروي داوود ؟ .
دمتم .
حياك الله جاري العزيز علي وحيا الله الجميع
لقد تعلمت من خلال مناقشاتي بحزب العمل النرويجي برودة الأعصاب! وكأنه قتل بأعصاب باردة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
الكروي داود .
” وقال الذي عنده علم من الكتاب ” .
عزيزي داود ، ما علاقة حزب العمل النرويجي و برودة الأعصاب بسؤالي عن حالك ؟ أنا سألت شلونك ؟ لا أكثر و لا أقل و ” إن بعض الظن إثم ” و أنت و الحمد لله لست من أهل الظن الآثم .
تدرج مقلوب بطيء لمنظمة صحة عالمية سرع نشر وباء بكل العالم، والأصح فور تفشي وباء بأي دولة أن تعتزل كل الدول فوراً بحظر حركة سفر دولية بري وبحري وجوي وحظر اجتماعات وتجمعات دولية وتحويل للتعليم عن بعد للمدارس والجامعات وإغلاق استادات مقاهى مطاعم نوادي ليلية قاعات سينما أفراح أتراح أحزاب مهراجانات، وبذلك تكفي موارد كل دولة لعزل فوري لكل بؤرة إصابات تتسرب لها وتستمر عجلة اقتصاد وسلاسل توريد وصيانة وخدمات وملايين ساعات عمل إنتاج قطاع خاص ويحفظ رأس ماله وبنية مجتمع وتستمر إيرادات حكومة حتى نهاية الوباء