كوميديا بدون قضية!

حجم الخط
0

بيروت – من زهرة مرعي: ‘حلوة كتير وكذابة’ هو عنوان الفيلم اللبناني الذي نزل إلى الصالات اللبنانية في الأسبوع الماضي، والذي تصدت لإنتاجه شركة مروى غروب. وهي واحدة من الشركات التي تمكنت من شق طريقها بقوة إلى الشاشات التلفزيونية من خلال الانتاجات الدرامية التي تقدمها، والتي جعلت منها واحدة من أهم الشركات المحلية.
كما أنها تمكنت عبر مسلسلاتها من اختراق العديد من الشاشات العربية، حتى وإن لم يكن ذلك من خلال العرض الأول. إنما نجاح مروى غروب في الدراما، لم يكن هو نفسه في السينما. هو مسلسل من 30 حلقة حمل عنوان ‘حلوة وكذابة’ تابعة مشاهدو الدراما المحلية، وقد ارتأت شركة مروى غروب تحويل الحلقتين الأخيرتين منه إلى فيلم سينمائي. وقد برر صاحب الشركة ذلك بالقول بأن المسلسل زار المشاهدين على مدى 30 ليلة، وبات واجباً رد الزيارة من خلال مشاهدة الفيلم. إنما في ‘حلوة كتير وكذابة’ كنا مع فيلم يمكن أن يحمل تسمية تيليفيلم. هذا في الشكل، أما في المضمون فيمكن وصفه بالفيلم الذي لا يحمل قضية. ورغم كون الفيلم يتخذ الطابع الكوميدي، إلا انه لم ينجح حتى في تقديم الكوميديا المرتبطة بمسألة ما، عميقة كانت أم حتى سطحية.
‘حلوة كتير وكذابة’ من بطولة المطرب زياد برجي والممثلة داليدا خليل. السيناريو والحوار للممثلة كارين رزق الله، ووقع الإخراج سيف شيخ نجيب. وفي السيناريو أن المطرب زياد برجي مغرم بداليدا خليل الطالبة الجامعية. وفي مسار علاقة الحب هذه تكتشف داليدا أن حبيبها متزوج ولديه طفلة، فيجن جنونها وتحبس نفسها في غرفتها دون طعام أو شراب. أما ردة فعل والدها فكانت في منع ذكر أسم الحبيب الكذاب في منزله بتاتاً. وعلى أطراف علاقة الحب المبتورة هذه نتيجة الكذب، تنشأ سلسلة مواقف تحاول أن تتخذ من الكوميديا حالة ترتكز عليها، تنجح في أحيان، وتبدو مفتعلة في أحيان أخرى. منها على سبيل المثال تلك العلاقة بين المطرب ومدير أعماله. وفيها زاد ‘دوز’ التحكم بمدير الأعمال عن حده المتخيل، حتى بات مكسر عصا، لا بل عبداً بين يدي المطرب، يتحكم به ليل نهار وعلى مدى 24 ساعة فقط.
في جانب آخر من مسار الفيلم ركز النص على عائلة داليدا، وهي عائلة كبيرة وفيها تبدو ‘الطاسة ضايعة’ كلياً. ليس هناك من سلطة قادرة على فرض النظام في عائلة ‘ضومط’ لا الأب ولا الأم. ولا حتى الإخوة الكبار قادرين على ضبط الاخوة الأصغر. هي عائلة يمكن تسميتها بحسب ما يقال بالعامية عائلة ‘دبي وأعصري’. الحالة الكوميدية البارزة في هذا الفيلم والأكثر اقناعاً ظهرت من خلال الطفلة ‘ميمي’ شقيقة ‘داليدا’ والتي وقع هاتف الأخيرة بيدها عن طريق الصدفة، ففتحت قناة اتصال مع ‘رمزي’ حبيب شقيقتها. هو أرادها صلة وصل، وهي أرادت منه مصدراً تبتزه في تلبية رغباتها. لم يقف الابتزاز عند حدود ‘رمزي’، بل مدت ‘ميمي’ خطوطها نحو شقيقتها ‘داليدا’ فصارت كل معلومة بثمن، وكل خدمة لها بدل. وأول ثمار الابتزاز الذي نفذته ‘ميمي’ على ‘رمزي’ كانت في الحصول على دراجة هوائية. ركبتها في الحي الشعبي الذي تسكنه وتبعها أبناء الجيران ركضاً وهم يمنون النفس بأن تعيرهم الدراجة ولو لبعض الوقت.. ولكن.. ‘ميمي’ أذكى من أن تتشارك في ممتلكاتها حتى مع أشقائها. ‘ميمي’ حققت قدراً جيداً من الحالة الكوميدية المرسومة لها. كما أظهرت امتلاكها لموهبة فنية جيدة، قدمتها لنا على أنها ومنذ طفولتها ‘مسبعا الكارات’. وقادرة على اقناع والديها وكذلك اخوتها بمصدر غناها المفاجئ. انها الطفلة والممثلة الموعودة ناديا شربل، ابنة الممثل فادي شربل، والممثلة وكاتبة السيناريو والحوار ل’حلوة كتير وكذابة’ كارين رزق الله. وسبق لها الحضور في أكثر من مسلسل مع والديها. وقد يحق لنا طرح الملاحظة التي تقول بأنه الدور الأكثر إقناعاً في فيلم ‘حلوة كتير وكذابة’. وربما هذا ما أرادته الكاتبة لابنتها؟
وفي الحالة الكوميدية النافرة جداً وغير المقنعة، برز جزء من دور زياد برجي ‘رمزي’، فقد أدى في مشاهد متكررة دور العاشق الموتور، الذي يحتاج لمن يرده عن ‘التنطح’ للمشاكل دفاعاً عن شرف الحب العظيم. فداليدا تقرر دب الغيرة في نفس حبيبها رمزي عن طريق استئجار شاب تدعي أنه خطيبها، وقد أدى الدور الممثل الكوميدي الموهوب كريستيان الزعبي. ومع هذا الشاب وبرفقة شقيقتها المنفصلة عن زوجها، وصديقتها يرتادون أرقى المرابع الليلية. وفي خلال هذا الظهور المتكرر لداليدا وخطيبها المزعوم يقرر ‘رمزي’ أن يشرب ‘حليب السباع’. إنما في مشاهد الفيلم الأخرى بدا زياد برجي شديد العفوية في حضوره على الشاشة.
الأزياء التي ارتدتها داليدا خليل سواء خلال النهار وفي الحي الشعبي الذي تسكنه، وكذلك خلال خروجها إلى المرابع الليلية مبالغ جداً بها. هي أزياء ملفتة للنظر، وليست منسجمة على الاطلاق مع البيت المتواضع الذي تعيش به. بل هي ملابس فيها الكثير من البذخ. حتى يمكننا السؤال من أين لك هذا؟ أو كذلك السؤال إن كنا بصدد عرض أزياء أم سهرة شبابية؟ وكذلك الأمر عندما عادت الأمور إلى مجاريها بينها وبين ‘رمزي’ وداليدا، وذهبا في نزهة بحرية على أيقاع أغنية جميلة لزياد برجي ‘قلبي معك مرتاح’، كنا مع عرض أزياء حقيقي قامت به خليل على متن اليخت الذي تجول على شواطئ بيروت. وهذه المشاهد ستكون ناجحة جداً في تقديمها كفيديو كليب منفصل عن الفيلم.
نذكر هنا أن مشهد الطفلة الداهية ‘ميمي’ وهي تقود الدراجة الهوائية في الحي، وكذلك بعض من مشاهد ابتزازها لرمزي وداليدا، حملتنا بالذاكرة إلى الفيلم السعودي ‘وجدة’. فثمة شبه كبير بين جرأة ميمي ووجدة، وإن كانت الأخيرة أكثر حيوية وحركة وبطلة في دورها.
الترفيه مطلوب، والكوميديا هي أكثر ما يحتاجه المشاهد في لبنان. فرق كبير بين كوميديا ذات بعد وقضية، وأخرى تسبح هائمة دون أن تشد عصبها قضية ذات مغزى. فهل لم تعد لدينا قضايا؟ وهل بات سهلاً لهذه الدرجة استدراج المتفرجين إلى السينما؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية