كيري والمشكلة اليهودية

حجم الخط
0

‘رحلات كيري الى الشرق الاوسط أدت في الاسابيع الاخيرة الى بحث متجدد في ‘المسألة اليهودية’ في امريكا. وهاكم وصف لمنطق ليبرالي يهودي من مدرسة بيتر باينرت، الممثل الجديد لليسار الصهيوني في الولايات المتحدة.
يكتب باينرت بأن كيري يوشك على الفشل في 2014. وبالنسبة له، فان فشله هو تحصيل حاصل لرفض نتنياهو واليمين، اللذين يستندان الى مظلة حماية المؤسسة اليهودية الامريكية التي منعت اوباما من الضغط على اسرائيل بشكل فاعل. وعليه، كما يتنبأ باينرت، سيضطر كيري الى العودة الى الديار دون اتفاق، والادارة، بخيبة أملها، ستقلل دورها في النزاع. وسيجعل فشل كيري امريكا ذات صلة أقل في منطقتنا، وستكون النتيجة قاسية على اليهود وعلى اسرائيل. لماذا؟ لأن المؤسسة اليهودية التقليدية، التي تمتعت لسنوات من السيطرة في السياسة الامريكية الداخلية وفي العلاقات الخارجية، ستضعف من حيث قدرتها على التأثير على الاحداث في واشنطن وفي الشرق الاوسط، وإن كان فقط لأن ادارة اوباما والولايات المتحدة ستضعفان هما ايضا.’
بتعبير آخر: ستكون الولايات المتحدة ضعيفة ومنهكة في الشرق الاوسط بسبب المؤسسة اليهودية التي أفشلت الانجازات في المسيرة السلمية وهكذا مست بشكل غير مباشر بسلامة وأمن اسرائيل. ادارة امريكية منهكة ومنقطعة ومؤسسة يهودية ضعيفة ستُسرعان حسب باينرت موجة عداء أقوى ضد اسرائيل في الجامعات، في الكنائس، في منظمات العمال وفي المؤسسات الدولية، حيث المؤسسة اليهودية التقليدية ليست ذات نفوذ مشابه لذاك الذي جمعته في السياسة الامريكية الداخلية وفي واشنطن.
وبالفعل، نظرية نموذجية لفرض الذنب على اليهود الذين يجلبون المعاناة على أنفسهم بسبب قوتهم الكبيرة، التي أدت باسرائيل وبهم الى الغرور والدمار الذاتي.
نظرية باينرت تبسيطية وخطيرة. وهي تُذكر بمفاهيم تآمرية عتيقة عن قوة اليهود الهدامة في العالم والميول اليهودية الداخلية ‘في المنفى’ لفرض الذنب الذاتي. يمكن التوسع في الظاهرة اليهودية هذه المتعلقة بجلد الذات، ولكننا سنكتفي بتذكير بسيط في أن الواقع الشرق اوسطي المجنون يثبت، المرة تلو الاخرى، بأن التنبؤات لا تصمد حتى لفترة قصيرة. ومع ذلك، اذا كان مسموحا لباينرت أن يتنبأ، فمسموح لي أنا ايضا.
وهاكم عدة سيناريوهات محتملة:
1. كيري ينجح في تحقيق اتفاق، كهذا أو ذاك، وإن كان جزئيا.
2. العام 2014 سيكون بالذات عام انعطافة في السياسة الاسرائيلية والفلسطينية بسبب مساعي كيري.
3. الانتخابات للكونغرس في نهاية 2014 ستغير ميول التفكير بالنسبة للنزاع في السياسة وفي الساحة العامة الامريكية في ضوء اخفاقات اوباما في الداخل وفي الشرق الاوسط، وستعظم بالذات قوة المؤسسة اليهودية.
‘4. وربما، لن يسارع اوباما الى الانسحاب من المنطقة حتى لو واصل النزاع المراوحة في المكان.
واضح أن الليبراليين اليهود في الولايات المتحدة، مثل كثيرين في اسرائيل، محبطين من غياب حل للنزاع ويتطلعون الى السلام. ولكنهم ملزمون بأن يتحرروا من الميل لنشر مؤامرات يهودية. حذار أن ينسوا بأن حتى حكومات ‘اليسار’ في اسرائيل لم تتوصل الى اتفاق رغم مساعيها العظيمة. فهل نسوا فشل اوسلوا والانتفاضة الثانية؟ هل سيوافقون بشكل عام بأن ثمة طرف آخر للتزاع يمكنه أن يُفشل الحل؟.
لقد ساهمت اسرائيل في مواصلة النزاع بالمشروع الاستيطاني غير مكبوح الجماح. ولا يزال يجدر بالذكر أن جذور النزاع بيننا وبين الفلسطينيين عميقة ولا تبشر بالضرورة بحل للنزاع. يجدر بالتالي أن توجه المساعي الى مسار تخفيض مستوى التوتر، الانفصال والتقدم الواعي الى حل الدولتين للشعبين، دون الوقوع في فخ التنبؤات اليمينية الهاذية والتنبؤات اليسارية السوداء التي تصم اليهود. نتمنى لكيري النجاح.

يديعوت16/1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية