‘رغم الحياة السياسية الناجحة التي تتضمن ستة نجاحات في الانتخابات في ماساشوسيتس، انتصار في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية على الرئاسة وشبه انتصار في الانتخابات للرئاسة، يبدو جون كيري في احيان كثيرة بأنه مغترب، مغرور ومغلق الحس من ناحية سياسية. ‘هذه المزايا لم تمنعه من بداية مبشرة بالخير لحياة سياسية كدبلوماسي. ففي غضون أقل من سنة منذ تعيينه وزيرا للخارجية وصل الى انجازات حقيقية أكثر من سابقته المجيدة كلينتون، في اربع سنوات ولايتها. فبالتصميم، الطاقة، المعرفة العميقة والحظ الأعمى ايضا، ارتبط بالروس وتسبب للسوريين بنزع سلاحهم الكيميائي، أقنع الاسرائيليين والفلسطينيين بالشروع في الحديث، وكان لاعبا مركزيا في بلورة الاتفاق على البرنامج النووي الايراني. كل هذه الانجازات التي قد تتبدد، إلا أنها ذات مغزى. غير أن ثمة عثرات. فعادة كيري لأن يفشل بين الحين والآخر بلسانه، لم تختف. فقد كان متحمسا قُبيل التوقيع على اتفاق بعيد المدى في افغانستان مع الرئيس كرزاي، ولكن هذا لم يتحقق بعد. ولغته عن سوريا كانت مشوشة وقد قال أمورا ليست في مكانها بالنسبة لزعماء الانقلاب العسكري في مصر. السؤال اذا كان البيت الابيض سيحاول كبح جماحه، بقي مفتوحا. ويقول الزملاء إنه والرئيس اوباما يحترمان الواحد الآخر. الادارة الحالية في البيت الابيض، أكثر من أي ادارة اخرى منذ ريتشارد نكسون، تتمسك بالقوة وبالصلاحية. وحتى هيلاري كلينتون، رغم مكانتها السياسية كانت مقيدة في حرية عملها. رايس وكيري يلتقيان بين الحين والآخر في وجبة غداء. العلاقات بينهما صحيحة في أفضل الأحوال. استعراض مجلس الامن القومي عن الشرق الاوسط لم يتضمن وزارة الخارجية والبيت الابيض فرض عليه إشراك بعض الموظفين من وزارة الخارجية. وسواء كانت عليه قيود أم لا، فان كيري هو دبلوماسي يأخذ مخاطر. فقد منحه البيت الابيض ببهجة عظيمة مسؤولية معالجة الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني، الذي يعتبر ضائعا. وقد كان التقدم حتى الآن بالحد الأدنى، ولكن كيري لا يكل ولا يمل. وهو شخصية رائدة في الاتفاق المؤقت مع ايران وسيكون جهة مركزية في ‘بيع’ الاتفاق النهائي للايرانيين والكونغرس. قسم هام من انشغالاته حتى الآن تكرس للشرق الاوسط. وهذا الاسبوع يخطط له سفرية لآسيا، مع توقف في فيتنام. وكان كيري قاتل هناك في الستينيات وفي الثمانينيات والتسعينيات قاد خطوة مصالحة بين الولايات المتحدة ودول جنوب شرق آسيا. وهو لا يثير الكثير من التحبب في وزارة الخارجية. فهذا يُبقيه لبيل بيرنز، نائب الوزير والدبلوماسي القديم. وحسب التقارير، فان بيرنز هو الذي أقنع الوزير بارسال مارتن انديك كي يعمل على الاتصالات بين اسرائيل والفلسطينيين. ولا يزال مساعدون كبار يُدورون عيونهم احيانا لسماع اسم كيري، ولكن الآن بات يبعث على الاحترام ايضا. وزير الخارجية الأسبق شولتس يقول إن مفتاح نجاح كيري ستكون علاقاته مع الرئيس. ‘فهما لم يتفقا حول الامور في سوريا، وكان هذا محرجا. ولكن اذا كانت المؤهلات والمعلومات لدى جون ستمنحه التقدير فانه هو والرئيس يمكنهما أن يبلورا الاستراتيجيات معا’. قسم من مبادرات كيري قد تصفعه على وجهه، وعندها سيشد البيت الابيض الحزام. ولعل فريق اوباما تعلم درسا أليما من التطبيق الفاشل لقانون الصحة الخاص به والذي هو نتيجة قصر نظر البيت الابيض. اذا نجح كيري فسيكون هذا اغلاق لدائرة: من جندي ذي الأوسمة، عبر النشيط المناهض للحرب وحتى الدبلوماسي المكلل بالنجاح.