ليس هناك إنسان بكامل عقله يمكن أن يشكك في مشروعية الثورات العربية، فهي ثورات مستحقة ومطلوبة منذ زمن طويل لتخليص العالم العربي مما لحق بشعوبه من ظلم وطغيان وقهر وقمع. لكن الوقائع تثبت لنا يوماً بعد يوم في كل بلدان الربيع العربي بأن منطقتنا ما زالت في واقع الأمر تتعرض لمحاولات استعمارية تخريبية عن بعد لعرقلة أي مشاريع تنموية نهضوية تنقل شعوب هذه المنطقة من مرحلة التعبية والتخلف إلى مرحل الاستقلال الحقيقي والتحرر. ولعل أكبر دليل على ذلك أن كل الثورات تقريباً تعرضت، وما زالت تتعرض لعمليات تخريب وتشويه لا تخطئها عين لإفشالها ولإعادة الشعوب التي ثارت إلى زريبة الطاعة بوسائل بات يعيها القاصي والداني.
وحتى لو لم تكن أيادي الاستعمار واضحة في بلادنا، إلا أن القوى الاستعمارية القديمة ليست سعيدة بأي تحولات حقيقية في هذا الجزء الاستراتيجي من العالم، وبالتالي، ليس من المستغرب أن تلجأ إلى أحقر الطرق والوسائل بالتعاون مع عملائها التاريخيين في المنطقة لضرب أي مشاريع تحررية حقيقية قد تنتج عن الربيع العربي. وقد لاحظنا كيف يتكالب القاصي والداني على الثورات التونسية والمصرية واليمنية والليبية والسورية بشكل مفضوح. والهدف أصبح واضحاً للجميع، ألا وهو تحويل مسارات الثورات العربية من مشاريع تحرر إلى مشاريع دولية تعود بنا إلى المربع الأول، إن لم نقل إلى الصفر الاستعماري، وهي مرحلة تبدو مراحل الطواغيت الذين سقطوا مؤخراً بالمقارنة معها مراحل ذهبية.
يحاول الكثير من القوى بالتواطؤ مع أزلامها في منطقتنا منذ بداية الثورات ليس فقط حرف الثورات عن مسارها وإغراقها بالدماء والتطرف، بل بتحويل حياة الشعوب التي ثارت إلى جحيم لا يطاق، بحيث يضغطون على الشعوب كي تكفر بالساعة التي فجرت فيها الثورات. وتحقق القوى الشيطانية من خلال هذه السياسات التخريبية هدفين في آن واحد: الهدف الأول يتمثل في تحبيط الشعوب وإعادتها إلى بيت الطاعة لعقود وعقود، والهدف الثاني يتمثل في إعادة رسم خرائط المنطقة وتقسيم النفوذ بين القوى العالمية الصاعدة. ولعل أكبر دليل على ذلك هذا الصراع الدولي المحتدم على الأرض السورية الذي يعمل ليس فقط على تحويل الثورة السورية إلى جهنم بالنسبة للسوريين، بل يعمل ربما أيضاً على تشطير سوريا، بحيث يقوم بتجزئة المجزأ وتقسيم المقسم. لقد أصبح موضوع التقسيم في سوريا موضوعاً متداولاً على نطاق واسع في الدوائر السياسية والإعلامية، مع العلم أن آخر ما يريده السوريون أن يخسروا وطنهم بعد أن خسروا مئات الألوف من الضحايا، ناهيك عن تهجير نصف الشعب وأكثر.
على ضوء التكالب الدولي على الثورات العربية أصبح من الواجب التحذير من مغبة حدوث ما حدث للعرب بعد الثورة العربية الكبرى، عندما خدعتنا القوى الاستعمارية القديمة كفرنسا وبريطانيا وروسيا، وبدل أن تفي بوعودها المعسولة في الحرية والاستقلال، قامت بتمزيق المنطقة الى دويلات وكيانات هزيلة بموجب الاتفاقية الشيطانية الشهيرة ‘سايكس-بيكو’. هل تريد القوى التي تتباكى على ضحايا الثورات وتنادي بتحقق أهدافها، هل تريد لنا الحرية فعلاً، أم إنها تفعل ما فعله أسلافها عام 1916 عندما كان الانكليز يحرّضون العرب على الثورة، بينما كانوا في واقع الأمر يعملون على تقسيم المنطقة بين القوى الاستعمارية المختلفة؟
في الفترة الواقعة بين 1914-1918، كان السير هنري مكماهون يحث الشريف حسين في مكة على قيادة الثورة ضد العثمانيين واعداً العرب وقتها بالحرية والكرامة والاستقلال، بشرط أن يساعدوا فريق الحلفاء في إسقاط الخلافة العثمانية. وكلنا يتذكر لورانس العرب الشهير الذي دخل في صداقة شخصية عميقة مع الشريف حسين وأولاده، وخاصة فيصل. لقد أقنع لورانس العرب وقتها بأنه يناصر ثورتهم بحرارة، ويريد لهم فعلاً الانعتاق من نير العثمانيين، بينما كان يدري في الآن ذاته بأن من أرسلوه للشريف حسين كانوا يعلمون من وراء الكواليس على تقطيع أوصال المنطقة وابتلاعها. وفي الوقت الذي كان فيه الانجليز يدفعون العرب الى الثورة ويعدونهم بالتحرر، كان سايكس وبيكو الانكليزي والفرنسي ومعهما روسيا طبعاً، كانوا يقسمون تركة الامبراطورية العثمانية فيما بينهم بطريقة غاية في الوضاعة والحقارة، خاصة وأن سايكس وبيكو لم يزورا المنطقة العربية أبداً، ولا يعرفان شيئاً لا عن طبيعتها، ولا عن طبيعة أهلها وتركيبتها السكانية، مع ذلك قاما بالتعاون مع روسيا بتقسيمنا بطريقة لا يقبلها أي شخص في رأسه ذرة عقل. وليتهم اكتفوا بسايكس-بيكو، بل كانت بريطانيا من وراء الكواليس أيضاً تتفاوض مع الصهاينة على وطن لهم في فلسطين، وهو ما حصل عليه الصهاينة فعلياً عام 1917.
نرجو أن لا يعيد التاريخ نفسه هذه المرة كمأساة فظيعة، إذ نجد اليوم وضعاً لا يختلف كثيراً، فأمريكا تتظاهر بالوقوف إلى جانب الثورات العربية، بينما في الخفاء يعقد لافروف وكيري صفقات سرية لا يعرف غير الله محتوياتها. ولعل أخطرها ما يسمى باتفاق كيري- لافروف، خاصة وأن البعض وصف ذلك الاتفاق بشأن سوريا والمنطقة عموماً بأنه أسوأ من سايكس-بيكو القديمة. لكن نعود، ونكرر أن هذا الكلام ليس الهدف منه التشكيك في الربيع العربي، فهو ربيع مطلوب، لا بل طال انتظاره، لكن ما أخشى منه أن يتم استغلال هذا الربيع المشروع وتحويله الى مشاريع دولية قذرة نكون فيها أكبر الخاسرين. اللهم اشهد أني بلغت.
‘ كاتب واعلامي سوري
[email protected]
لقد مر الربيع العربي دون ان نشعر به حتى وجدنا انفسنا في صيفه و ما اشد حرارته
أيضا تسمية الربيع العربي هي تسمية فاسدة ذلك أنه لم يكن للعرب شأن يذكر عبر تاريخهم كله إلا عندما طبقوا ما جاء في الكتاب و السنة و هذا التطبيق مشروط بفهم الصحابة للكتاب و السنة و أذكر الجميع بقوله تعالى:
و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و سآءت مصيرا .
و معنى سبيل المؤمنين أي سبيل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين .
لقد بلغت و نعم البلاغ شكرا
كلامك يا دكتور فيصل يسطر بالذهب لانه يشرح الصوره كامله 0شكرا جزيلا لك
بسم الله الرحمان الرحيم وبالله نستعين , وبعد.
حقا ماتقوله يادكتور فيصل ,نحن نخاف مثل ماتخاف ونشك مثل ماتشك ,وليس بعيدا ان تكون نتيجة الثورات العربي هي الفشل والوقوع في التشذم وتقطيع أوصال الوطن العربي الى دويلات وامارات متناثرة متخاصمة , وهذا ما تهدف اليه دول الاستعمار القديم وتخطط له وتسعى اليه دول أوروبا عامة وأمريكا خاصة ,فهم لميكونوا يوما معنا ولا مع آمالنا وأحلامنا بالحرية والكرامة
لكن الذي يختلف أن الشعب العربي اليوم غير الشعب العربي في زمن الثورة العربية الكبرى, نثق بشعبنا العربي وبوعيه واستنارته , ألم تعلمنا الأيام ؟ ألم يعلمنا التاريخ ؟ ألم تعلمنا الأحداث الجسام والاستعمار الطويل الذي كلفنا غاليا من الشهداء والاهانة والذل ,أثق بالشعب العربي الأبي الحر وأثق بالربيع العربي ,وأدعو الله العلي العظيم أن ينصرنا على أعدائنا وعلى ضعفنا وعلى تفرقنا وتشتتنا وأن يجمعنا أمة قوية متحدة آمين اللهم آمينالسعياتماما…………………………………………………………………………………..
اعذرني دكتور فيصل القاسم لكن اجدك تنصاع لنظرية المؤامرة فمن يفشل الثورات هم اصحابها الحقيقين وليس ايدي خارجية فغالبية من قتل الصحابة هم المسلمون انفسهم وليس اليهود او المسيحين ففي مصر مثلا من تسبب فالانقلاب ليس دول الخليج ولا الغرب ولكن الاخوان بالدرجة الاولى الى جانب باقي القوى الثورية وفي سوريا السؤال ماهو البديل عن نظام الاسد ومن سيحكم هل هم السنة امغيره من اتباع الديانات الاخرى فان ان والوقت الدي تمت فيه الثورات مبكر لان الثورة يجب ان تبدئ من عمق الانسان العربي لانه كائن مستعبد في بعض
إن الثورات التي لاتقوم على مباديء تجمع الثوار حولها هي عبث و مصيرها الفشل٬ ضررها أكبر من فائدتها، وقد تؤدي إلى إستلاء مجموعات المصالح المالية الغير المشروعة المرتبطة بالقوى الإستعارية على الحكم .
أرجوك سدي أن تصحح معلوماتك التاريخية ، فالفترة المذكورة كانت فها روسيا تعيش ثورة ٱسفرت عن حرب أهلية دامت سنين عديدة
{يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}
{يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}
لقد كان ربيع عربي بأمتياز … وبث الرعب في نفوس الغرب والقوى العظمة بالتحديد…
الآن أصبح خريف عربي لقد تساقط كل شيء جميل…
وأما فرنسا وأمريكا وبريطانيا.. إلا كل من يقتدي بهم ويضن أنهم افضل منا علماً وحضارة أقول له هزلت التاريخ يُكتب ليس للقراءة فقط بل لكي تتعلم من أخطاء اجدادك … انهم الإستعمار نفسه الذي كان في زمن جدي وجدك ..
ولكن بحلة جديدة وأسلوب جديد علينا آن نستيقظ من جديد ولا نعود لِ الوراء أكثر من هذا
التقسيم سيأتي إن لم نكن واحد سنموت واحد واحد….
اود ان تسنح لي الفرصة ان اصحح بعض الالتفاصيل الاتاريخية التي ذكرها الاستاذ فيصل. ان معاهدة سايكس بيكو لم تكن اساس تقسيم العالم العربي بل مؤتمر سان ريمو. فقد انتهى الدور الروسي بانسحاب روسيا من الحرب العالمية الأولى وقامت الدول المنتصرة بتقاسم العالم. و قد قام وزير داخلية قيصر روسيا بتحذير القيصر من الدخول في الحرب العالمية الأولى معتبرا ذلك فخا غربيا (كتاب The Lost History of 1914) و من ناحية الشريف حسين فقد قام هو بالمبادرة و الآتصال بالحلفاء عند شعوره برغبة العثمانيون بالاطاحة به و لم تكن له علاقة بالقومية العربية التي انقسمت الى اتجاهين رئيسيين و هما العراقي (و هو الاقدم) و االشامي.
و أخيرا فأن اول محاولة لتأسيس الدولة الأسرائيلية في التاريخ الحديث كانت على يد العثمانيين حيث رعاها السلطان العثماني سليمان القانوني في القرن السادس عشر (كتاب The Last Crusades).
الى زيد جميل من المانيا
شكرا لمحاولتك تشويه الحقائق والتشكيك بمسلمات اذ نحن تعودنا ان نصدق كل شيئ