الدين في مجتمعاتنا مجال حيوي للتزاحم السياسي، وقد يبدو هذا سيئاً لوهلة، ولكنه ليس تماما كذلك، فالدين يجاري الحياة التي ملؤها تدابير الناس. الجدل هنا، ليس هنا، ولكن في تطويع بعض الكتاب لقتل وتجاهل باقي الكتاب. فالإسلام مثلا، هو دين دنيوي بحث حسب العرف المتداول،ولكنه كذلك يقر العذاب المؤجل كما الآني، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويتدارك الخطيئة بالعفو الآني والمؤجل، سَمحٌ مع أهل الدين وغليظ على غيرهم. المشكل إن التطويع المباشر لبعض الكلم قد يصير مأخدا على الدين، وأهل الدين وأتباعه، وأعراف الدين وتقاليده. وقد يصير الدين مرتعاخصبا للخرافة، فتسيطر عليه حتى تفقده كيانه وأساسه الجذر. الخرافة تعشق مريديها، وتبتلع قوام التفكير فيهم، لأنها تملأ الفراغ الكسول من الذهن، الذي يظل يلجأ لها كلما عجز عن التدبر، وتواكل عن إستعمال العقل.
سألني مُلحد أوروبي مرة، في مؤتمر أكاديمي، عن قصة الإسراء والمعراج في الثرات الإسلامي وعكف يبرهن من خلالها عن خرافية الإسلام، متسائلا بتراخ عن كيفية تمكن بشر من قطع ألاف الأميال، وإجتماعه بنخبة من قرائنه، وعودتهِ أدراجه في ليلة واحدة. نعم، إنه الخيال الديني الذي يصور أن سبحانه قد أعطى نبيه براقا يركبه، ليطير به الى كل السموات، فرغم إعجاز الخلق والخالق تظل هكذا صور في إطار خيال البشر،وقد تبدو مخالفة للعقل، الذي يتجاوزها بدوره، وينحاز لسريرته المطاطية الإستيعاب، معللا الموضوعية الجافة بالغيب والقدرة اللآهية وإعجازهما، وتساعده خاصية الأستمتاع البشري بالخرافة في تبرير كثير من اللامعقلن في تفاصيلها. أخبرته أن الإسلام في جذره، وبدون صراخ، لايعني بالشكل، بل بالصورة المعنى، فالرسول لم يركب حصانا أو بغلا، ولم يلتق بالأنبياء فعلا، بل إن حالة الوحي أعطت الصورة القابلة للتعامل معها وفق منطق الدين، فجسد الرسول قد لم يبرح مكة، ولكن رؤياه برهنت أن الرجل رأى أشياء بعيدة تدل على علم ومعرفة. كذلك، نحن المسلمون، لسنا مولعون بالأميال وفعلية البعث لكل الأنبياء، بل بالمعني المختزل في الرواية، التي ليس شأناً أن تُصدق أو تُكذب، بل تتبيل لأساس معرفي في العقيدة، أي أن تُعقلن، وتُجادل في ذلك مليا. وهذا المعنى ضاهر في الصورة الكريهة لأكلة مال اليتامى والربا، والزنى، وكذلك التواصل الوطيد بين الديانات في رؤية جُل من سبق من الرسل.فالصورة القصة هي وسيلة وقتها وزمنها لإيصال فكرة ما، كاللغة مثلا؛ فليس المهم بأي لغة قد تقول شيئاً ما، بل ما تقول هو ما يقاس ويؤخد عنك وعليك، وعن القول أساسا.
الفاروق المعرفي هنا؛ أن التدبر في الدين يجب أن يجالس العقل وليس أن يشاكسه بحرفية الرواية أو النبوة أو الوحي. كذلك، ليس من الحكمة الدينية أن نجزّأ الدين لغرض آني، فليس من الدين بشئ أن يعبث رجل، كالصادق الغرياني في ليبيا، بآية نزلت في قوم هلال بن عويمر، غير المسلمين: ‘ ‘، في قتال قوم مسلمة، كأهل منطقة ورشفانة في خلافهم مع جيرانهم من مدينة الزاوية. فهؤلاء لايقاتلون اللهوالرسول وليسوا كفرة، ومشاكلهم مع جيرانهم المسلمين أيظا آنية وسيرفعها سيل الزمن. وكان من الأولى أن نستحظر آيات ذوي القربى، واللجوء للعدل، والعفو وضبط النفس. أليست هذي القرآنيات أقرب في تشخيص حالة خصام بين مسلم وأخيه؟
إن الإختيال بآيات الله على الناس هو الجهل الوَخِم بعينه، وهو استغلال مقيت للكتاب، أساساهغلبة ومتاع ضئيل. يماثله في ذلك التفكير ‘الجهادي’، أي القتالي، ضد مؤسسات الدولة أو الأنظمة الأخرى، فهاتان معركتان في الأيديولوجيا وليس الدين، وتطويع الدين يفقد هذه مصداقيتها وذاك برهانه وبنيان حامليه، ويوقعهم في سردايب البرغماتية. ليس للدين من حافظين دون آخرين على الضفة الأخرى من التداول السياسي. ليست كل الأحصنة سريج الراكبين وليس كل النحو بقر حلوب. يجب أن يستحي أهل الدين من العقل حتى يخشاهم الله، وإلا فلا ملاذ من البحت عن مقبرة تسع كل الأديان، وتُبقي على الإنسان، واقفا مهابا بعقله كما صوره وأراده الله.
كذلك، حالات ‘المزايدة’ على الله بالمواطن، أو على المواطن بالله، في الدعوة إلى إلغاء الفائدة في المصارف في الدول التي هي أصلا مسلمة، وأهلها مسلمون، وبنوكها عامة وتتبع صندوق مال المسلمين، وعمال البنوك هذه مسلمون، وزبائنها مسلمون، هي قذف في العقل الحق. فالفائدة النقدية ليست هي الربا، ومن يعتقد ذلك عليه أن يقرأ قليلا في التداول وقيمة النقد، وتوازن العملات. ناهيك عن إن أساس إلغاء الربا هو العدالة الأقتصادية، وليست التقنية من وراء قيمة الفائدة. على مشائخ وكهنة الدين اليوم النظر مليا الى التجربة الإيرانية والاستفادة من ما أفسدته ثورة الخميني والوبال الذي لحق بالإسلام في إيران وعلى المواطن الإيراني الذي نُزع منه إسلامه بإسم الإسلام، فنادرا ما تجد إيرانيا متدينا اليوم، بل أن جلهم لجأ خارج الدولة هربا من الفاشية الدينية، واعتنقوا ديانات أخري في تعبير صارخ عن رفض دولة الشريعة التي تؤله إلامام وتمسخ المواطن المسلم، تغفر للغني تكرارا خطاياه، وتصطاد للفقير قليل هفواته. ورغم كل هذا، لازال العقل محل شك عَقليِ.
المبروك درباش، أستاذ جامعي وكاتب ليبي مقيم بكندا.
على كاتب المقال ان يقرا ويتمعن في الثورة الإيرانية ويبتعد عن هذه الكتابات التي مازادتنا الا طائفية وكره لبعضنا البعض. منذ الثورة والى الان انتخب الشعب الإيراني عشرة رؤساء وحكامنا قابعين على صدورنا. ايران أصبحت الان دولة نووية وعلماء ذرة وبلادنا لاتزال تقيم مسابقات الشعر وقراءة القرءان. لديهم علماء ولدينا جهل الإفتاء. ارحمنا أيها الكاتب و
هل فعلا قرأت المقال؟
کلام اوله طل و آخره زل
لکل ایدولجیا مخالفین و تری هذه الاختلافات فی کل مذاهب الاسلمیه کما قال الحبیب اختلاف امتی رحمه حتی کانوا مخالفین للرسول الاکرم من الصحابه وکلامک یشبه لکلام الغریانی و ولایجوز لک ان تحمل ارائک علی شخص وبلد او عقیده مادام ان هناک اجماع لتلک اهل المذهب علی صحه معتقدهم
لايمكن اطلاقا أن نقول أن هناك تجربة على اخرى فما يمكن الحديث عنه أن التجارب على واقع العرب فشلت حتى تلك التي اخذت من الدين كجزء سياسي لإنه لم تعد مقبولة وفي السياق ذاته فشلت في الالتزام بالمبادئ والظروف التي تعيشها تلك الاوطان ومنها اليمن التجربة الايرانية الداخلية في إطار الدولة فريدة جدا وقوية ونهضوية فيما التجربة التي تعتمد على المنهج السعودي الارهابي وكذلك الاخوان فهم مارسوا شكلا من تغيب الحقيقة وخداع الكثير إلا أنهم في الاخير كانوا من الادوات الغربية فيما حاولت السياسية أن تخدع هؤلاء في الوصول إلى الحكم مع أنهم لايفرقون أو يميزون غير بالمصالح في اليمن مشكلة الاصلاح والسلفيين والحوثيين أنهم يكذبون على الكل بشعارات براقة لكنهم في الداخل يعانون فجوة مبدائية غير واضحة ورغم تلك الظروف المتجاذبة إلا أن كلا منهم يستخدم افكار وتصورات تغيب حقيقته الانانية التي اصبح الكل في مصر واليمن وسوريا وتونس يدركون حقيقة من اخذ الدين فقط ليعبر عن نقطة ضعفة لا احد يسير في الطريق الصحيح كلهم يكذبون على الواقع والمؤسسات والفقراء ومن يدعي أنه من الدين يمارس جلد الناس أكثر من اي مستبد لإنه منظومة متشابكة الغرض من وجودها تغيب الحقيقة بكل معانيها