إسطنبول –”القدس العربي”:
في تطور لافت، أطلقت تركيا وإيران عملية عسكرية مشتركة ضد تنظيم بي كا كا على الشريط الحدودي بين البلدين، بالتزامن مع اشتباك الجيش العراقي لأول مرة أيضاً مع مسلحي التنظيم في منطقة سنجار العراقية، وذلك عقب سنوات من الدعوات التركية المتلاحقة لبغداد وطهران بالتعاون المشترك في الحرب على التنظيم الذي يتمركز منذ عقود في المثلث الحدودي بين البلدان الثلاث.
وطوال الأشهر الماضية، ضغط تركيا بقوة على طهران وبغداد من أجل تنفيذ عملية عسكرية واسعة لإنهاء تواجد تنظيم بي كا كا في المناطق والجبلة والوعرة في المثلث الحدودي، حيث جرى الإعلان عن اجتماعات عسكرية وأمنية، وتحدثت مصادر تركية عن تعزيز التعاون الاستخباري بين البلدان الثلاث في الحرب على التنظيم.
وإلى جانب تنظيم بي كا كا الذي يركز نشاطه ضد تركيا، ينشط في المثلث الحدودي تنظيم حزب الحياة الحرة في كردستان (بيجاك) الذي يعتبر الفرع الإيراني للتنظيم المسلح ويشن هجمات ضد الجيش الإيراني انطلاقاً من شمالي العراق.
والاثنين، أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو أنّ بلاده وإيران بدأتا صباحا، تنفيذ عملية أمنية مشتركة ضد تنظيم “بي كا كا” على الحدود بين البلدين، وقال: “بعد زيارات متكررة قمنا بها لإيران وزيارتهم لنا، بدأنا اليوم (الاثنين) عملية أمنية مشتركة ضد مسلحي بي كا كا، وسنكشف عن النتائج لاحقا”.
ولم يكشف الوزير التركي ما إن كانت “العملية الأمنية” هذه في إطار عملية عسكرية واسعة سوف تتواصل بين البلدين، أو عملية أمنية محددة في إطار التعاون الاستخباري والأمني الذي تعزز مؤخراً بين البلدين.
وقبل أيام أعطى وزير الداخلية التركي إشارة على هذه العملية، عندما قال في تصريحات للوكالة الرسمية: “سنشن عملية مع إيران ضد حزب العمال الكردستاني”، لافتاً إلى أن “شن عملية مشتركة اقتراح تدافع عنه منذ فترة طويلة الدولة التركية منذ فترة طويلة ، نحاول معا التقدم في هذه القضية وهناك مبادلات عديدة بين أجهزة استخباراتنا”.
وعلى هامش الزيارة التي وصفت بـ “التاريخية” لرئيس أركان الجيش الإيراني عام 2017 أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أنقرة وطهران تناقشان القيام بعملية عسكرية واسعة ضد العمال الكردستاني في المناطق الحدودية.
وفي 2017، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد زيارة لرئيس الأركان الإيراني إلى أنقرة، أن عملية عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في العراق مطروحة. من جهة أخرى، تنجز تركيا بناء “جدار أمني” على حدودها مع إيران لمنع تنقل المتمردين الأكراد في الاتجاهين بين البلدين.
وعلى وقع التطورات السياسية والعسكرية التي شهدها شمال العراق عقب استفتاء الانفصال، جددت تركيا عرضها على إيران والحكومة العراقية العمل العسكري المشترك ضد العمال الكردستاني في شمالي العراق، لا سيما عقب تراجع مسلحي التنظيم من مدينتي كركوك وسنجار، والخسائر الفادحة التي تلقاها داخل الأراضي التركية.
وعلى الرغم من أن تركيا تعترف بصعوبة القضاء الكامل على مسلحي التنظيم الذي يخوض حرباً مع الحكومة التركية منذ 40 عاماً خلفت قرابة 50 ألف قتيل من الجانبين، إلا أنها تأمل في عملية عسكرية تدمر جانباً مهماً من القدرات العسكرية التي يتمتع بها التنظيم الذي يتخذ من الجبال والمغارات والمناطق الوعرة مواقع له ولم تظهر أي مؤشرات على تضرره بشكل كبير من الغارات اليومية للجيش التركي على مواقعه.
وبشكل منفصل، يواصل الجيش التركي غاراته الجوية شبه اليومية على مواقع التنظيم الخلفية في جبال قنديل شمالي العراق، إلى جانب مواصلته عمليات عسكرية برية داخل الأراضي العراقية دون الإعلان عن تفاصيلها، حيث أعلن الجيش التركي، الأحد، مقتل اثنين من جنوده وإصابة آخرين في اشتباكات مع العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية.
وفي تزامن لافت، أعلنت وزارة الدفاع العراقية، الإثنين، مقتل جنديين خلال اشتباكات اندلعت مساء الأحد، مع عناصر من تنظيم بي كا كا، في قضاء سنجار غربي نينوى شمالي العراق، وهي المنطقة التي طالبت تركيا مراراً من الجيش العراقي تطهيرها من عناصر التنظيم.
وقالت خلية الاعلام الحربي (تتبع للدفاع)، أن “عناصر من بي كا كا اعتدت على سيطرة أمنية تابعة للفوج الاول/لواء 72، بعد ان طالبهم جندي باستحصال الموافقات الأمنية بغية السماح لها باجتياز النقطة فقامت تلك القوات بدهس الجندي والاعتداء على السيطرة ونشب على أثرها اشتباك بين الطرفين أسفر عن “استشهاد” جنديين من قوات الفوج الأول وإصابة خمسة من عناصر بي كا كا”.
وخلال العامين الأخيرين، اتهمت أنقرة التنظيم بالسعي لتحويل مدينة سنجار إلى ما قالت إنه “قنديل ثانية” في إشارة إلى جبال قنديل التي يتخذ منها التنظيم مركزاً عسكرياً له في شمالي العراق، ونفذت لأول مرة غارات جوية على مواقع التنظيم في سنجار العام الماضي أدت إلى أزمة مع بغداد وواشنطن.
وأعلن الجيش العراقي في الأشهر الأخيرة أنه سيقوم بإجراءات أوسع وتسيير دوريات أمنية من أجل تعزيز أمن الحدود مع تركيا، في خطوة أخرى تشير إلى تطور التعاون الأمني والعسكري والاستخباري بين البلدان الثلاث المتضررة من عمليات التنظيم الذي استفاد سياسياً وعسكرياً من الدعم الذي تلقاه ذراعه السوري “وحدات حماية الشعب” من الولايات المتحدة بدعوى الحرب على تنظيم الدولة.