أنطاكيا- «القدس العربي»: بسبب ارتفاع منسوب معاداة اللاجئين في الشارع التركي والتضييق الرسمي على السوريين، ازداد عدد الراغبين بالهجرة من اللاجئين وتحديداً أصحاب رؤوس الأموال، إلى دول الاتحاد الأوروبي بالدرجة الأولى، ومصر وإقليم كردستان العراق بالدرجة الثانية.
وحسب شهود عيان لـ»القدس العربي» تسجل هجرة السوريين من تركيا ارتفاعاً كبيراً، وخاصة بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية وتشديد الحكومة التركية الإجراءات على الأجانب عموماً وعلى اللاجئين السوريين بشكل خاص.
وعلى حد تأكيد الكاتب والصحافي السوري المقيم في إسطنبول جمال مامو، بدأ بعض أصحاب المشاريع والأعمال السوريين ببيع ممتلكاتهم لمغادرة البلاد، مشيراً إلى حالة من الإحباط واليأس تسود أوساط اللاجئين بسبب التضييق وحملات ترحيل اللاجئين السوريين قسرياً إلى بلادهم.
وأضاف لـ»القدس العربي» أنه بعد الانتخابات وفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئاسة كان هناك شبه اعتقاد بأن أوضاع اللاجئين تتجه نحو الأفضل، لكن للأسف يبدو أن تحالفات أردوغان السياسية مع أحزاب يمينية قومية فرضت عليه التشدد أكثر في ملف اللاجئين، وترحيل أكبر عدد منهم، نزولاً عند رغبة تلك الأحزاب. وتابع مامو بقوله »ما جرى على الأرض، هو أن التشدد على اللاجئين ازداد، وهو ما أدى إلى زيادة الضغوط النفسية على اللاجئين، ودفع العديد منهم وحتى الذين حصلوا على الجنسية التركية إلى الهجرة». ويؤكد الصحافي مغادرة عشرات السوريين من أصحاب المشاريع إلى أوروبا ومصر، ويستدرك: «البعض بدأ بتصفية ممتلكاتهم في الوقت الحالي تمهيداً للهجرة». ويجري كل ذلك، وفق مامو وسط غياب أي جهة رسمية تدافع وتمثل السوريين في تركيا، باستثناء بعض الناشطين.
وفي حملة هي الأشد، تواصل السلطات التركية عمليات ترحيل اللاجئين السوريين تحت حجة »مخالفة قوانين البلاد»، وذلك بعد أيام من إعلان وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا عن حملة مكافحة »الهجرة غير الشرعية».
ويقول الناشط في قضايا اللجوء السوري أحمد طالب الأشقر، إن »موسم هجرة السوريين من تركيا بدأ، وخاصة إن الكثرين منهم كان لديهم مخاوف وكانوا بانتظار نتائج الانتخابات الأخيرة لتهدئتها». وتابع في حديثه لـ»القدس العربي» أن الخطاب الرسمي والساسة أصروا أن يجعلوا هذه المخاوف حقيقية وجدية ودشنوا معها سياسية التضييق والملاحقة الأمنية الممنهجة في الطرقات والمحلات والمعامل وحتى البيوت.
ووصف ما يجري بـ»الهروب الجماعي»، قائلاً «الوجهة المفضلة بالطبع هي أوروبا رغم المخاطرة التي يمثلها الطريق على سلامة الأرواح والأموال، ثم تليها بعض الخيارات العربية لمن لديه جوازات سفر وأوراق رسمية مثل مصر وسلطنة عمان وهناك من يفكر بشمال العراق كخيار مناسب للميسورين».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أصدر قبل أيام قراراً جديداً بإعادة هيكلة لرئاسة الهجرة في وزارة الداخلية تضمنت تعيينات جديدة وتغييراً في المناصب والهيكلية، تزامناً مع حملات ترحيل كبيرة بحق اللاجئين السوريين. ويبدو أن الفريق الجديد سيتولى تنفيذ توجه الحكومة التركية نحو تخفيض عدد اللاجئين السوريين في تركيا، أو ترحيل مليون لاجئ سوري إلى بلادهم ضمن ما يسمى مخطط »العودة الطوعية». وقبل أيام كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد وعد بمنع المهاجرين من دخول تركيا ومنع الهجرة من الشمال السوري تحديدًا، متعهداً للأتراك بأنهم سيشعرون بتغييرات واضحة في قضية المهاجرين غير الشرعيين خلال وقت قصير.