أنطاكيا- «القدس العربي»: يعيش اللاجئ السوري محمود اللوز المقيم في مدينة إسطنبول التركية على وقع مخاوف كبيرة، بسبب اتخاذ السلطات التركية قراراً بترحيل زوجته الحامل في شهرها السادس وأطفاله الثلاثة إلى الشمال السوري، بذريعة توقف بطاقة الحماية المؤقتة ومخالفة الزوجة لقوانين الحماية المؤقتة التركية، أي حيازة بطاقة شخصية – الكملك – صادرة عن ولاية أخرى، كما يروي السيد اللوز لـ «القدس العربي».
وكانت السلطات التركية قد وعدت بأن توقيف بطاقات الحماية الذي نفذته دائرة الهجرة لآلاف السوريين اللاجئين في سوريا، هو لأسباب تحديث البيانات ولن يؤثر على حقهم في اللجوء، وبينما تمكن أغلب السوريين من تحديث بياناتهم بنجاح، تعرض آخرون للإيقاف والترحيل بعد هذا القرار، لا يبدو أن آخرهم زوجة السيد اللوز.
وكان الأمن التركي قد دهم منزل اللوز بعد اعتقاله بتهم أمنية، وبعد يومين تمت تبرئته وإطلاق سراحه، لكن تبيّن أنه جرى اعتقال زوجته الحامل وأطفاله الثلاثة من أجل أخذ إفادتهم. وفشل اللوز المتحدر من مدينة حمص بعد محاولات لأكثر من عامين من استصدار «كملك» لزوجته وأطفاله من إسطنبول، رغم حيازته بطاقة صادرة عن ولاية إسطنبول، حيث يقيم هو وعائلته ويعمل سائق شاحنة لتوزيع المواد الغذائية.
ويؤكد اللوز الذي دخل تركيا لاجئاً في العام 2015، أن زوجته المحتجزة في أحد السجون التركية المخصصة للأجانب في منطقة «سيلفيري» منذ نحو 20 يوماً، تعاني من أوضاع صحية صعبة، نتيجة ظروف الحمل، مبيناً أن «السلطات التركية رفضت نقلها إلى المشفى رغم شكواها من وعكة».
وحسبه فإن القاضي التركي رفض إخلاء سبيل زوجته رغم تقديم محام تركي قام بتوكيله طلب إخلاء السبيل لمرتين على التوالي، مشيراً كذلك إلى رفض القاضي إلغاء قرار الترحيل نحو الشمال السوري. وعن أسباب رفض القاضي الطلبات التي تقدم بها المحامي التركي، يقول اللاجئ: «القاضي تذرع بتوقف بطاقات الحماية الشخصية لزوجتي وأطفالي، رغم تقديمنا طلب تحديث البيانات في ولاية شانلي أورفة التركية»، ورغم الوعود التي أطلقتها السلطات التركية بأن إيقاف بطاقات الحماية لآلاف السوريين كان إجراءً فنياً لتحديث بياناتهم إلا أنه سجل احتجاز الحكومة التركية وترحيل العديد من اللاجئين كان آخرهم هذه السيدة الحامل .
وبيّن اللوز أن القاضي رفض طلب فتح محكمة إدارية لتوقيف قرار الترحيل، مرجحاً أن يتم ترحيل زوجته إلى مخيمات مخصصة للاجئين المخالفين والتي أقامتها السلطات التركية لهم مؤخراً قبل إبعادهم لسوريا. وكان اللاجئ قد تمكن من استعادة طفلين بعد احتجازهما مع زوجته، وبقي طفل صغير إلى جانب أمه في السجن، وهنا يناشد اللوز السلطات التركية ومنظمات المجتمع المدني بالتدخل لإخلاء سبيل زوجته، ولم شمل أسرته مجدداً. ويشتكي اللاجئون السوريون في تركيا من تضييق السلطات التركية، وخاصة في الفترة الأخيرة، أي بعد إعلان الرئيس التركي عن اعتزامه إعادة مليون ونصف مليون لاجئ إلى الشمال السوري، بشكل طوعي حسب تعبيره.
ويقول غالبيتهم إن التضييق من قبل السلطات يهدف إلى دفعهم إلى العودة القسرية لسوريا وليس الطوعية، خاصة أن السلطات التركية كانت قد منعت على السوريين السكن في مناطق محددة في ولايات تركية، بحجة عدم تشكيل تجمعات للسوريين، الأمر الذي أدى إلى صعوبة تأمين منازل للإيجار في المناطق المفتوحة، بعد ارتفاع بدلات الإيجار فيها.
ومطلع تموز/يوليو الجاري، قال نائب وزير الداخلية التركية إسماعيل جاتاكلي أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين بالبلاد نقص قرابة 50 ألفاً منذ بداية العام الحالي بعد عودة الكثير منهم إلى المناطق الآمنة التي وفّرتها حكومة بلاده.
وأضاف في تصريح صحافي أن عدد السوريين الموجودين في تركيا بلغ في الوقت الحالي 3 ملايين و648 ألفاً و983 لاجئاً، مؤكداً أنه ومنذ بداية العام تم ترحيل 48 ألفاً و233 شخصاً، في حين أن عدد المرحلين في شهر حزيران/ يونيو الماضي 16 ألفاً و710 لاجئين.
إلا أن مصادر ومنظمات حقوقية تؤكد أن عمليات الترحيل تتم خارج نطاق قانون الحماية المؤقتة أو وفق تفسيرات تعسفية، حيث تستند السلطات التركية إلى ذرائع مثل تنقل بين الولايات التركية دون إذن، وارتكاب أي مخالفة حتى لو كانت بسيطة لاتخاذ قرار الترحيل، إذ تتخذ المخاوف الأمنية ذريعة لترحيل اللاجئين إلى الشمال السوري، رغم مخالفة ذلك لاتفاقيات وقعت عليها تركيا منها اتفاقية 1951 والبروتوكول الصادر عام 1967 اللذين ينصان على حماية اللاجئين، بينما قالت منظمة «هيومان رايتس واتش» في أحد تقاريرها ان السلطات التركية تحتفظ بمخرج قانوني لترحيل اللاجئين غير الأوروبيين لأن ملاحق اتفاقية حماية اللاجئين التي وقعتها تركيا في السابق كانت تنص على حماية اللاجئ الأوروبي فقط من الترحيل ومنحه حق اللجوء الكامل.
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم على هذا العجب العجاب الذي يحصل لأبناء الشعب السوري الذين غرر بهم ?