لا إجماع سياسيا على إخراج القوات الأمريكية من العراق: مخاوف من حرب شوارع في الوسط والجنوب

مشرق ريسان
حجم الخط
0

يخطط السوداني لإجراء مباحثات مع الأمريكان تهدف إلى جدولة انسحاب قواتها من العراق، وإنهاء الوجود العسكري على الأراضي العراقية والإبقاء على العلاقات الدبلوماسية وفي مختلف المجالات غير العسكرية.

بغداد ـ «القدس العربي»:  في الوقت الذي يتفق فيه المسؤولون العراقيون على انتفاء الحاجة من بقاء القوات الأجنبية-الأمريكية على وجه التحديد- على الأراضي العراقية، وضرورة إخراجها من البلاد، غير أنهم لا يرون في «التصعيد العسكري» الدائر بين تلك القوات وفصائل «المقاومة الإسلامية» حلّاً مناسباً لإخراجها، فيما يحذّر سياسيون من «عواقب وخيمة» قد تؤدي إلى حرب شوارع في الوسط والجنوب.

وفيما تتحدث الأحزاب والشخصيات السياسية «الشيعية» عن أهمية إخراج القوات الأمريكية وتُطلق عليها صفة «المحتلة» من العراق، غير إنها لا تتفق- في الغالب- مع الخيار العسكري، بل ترى في «الدبلوماسية» و«الحوار الجاد» أساساً لتحقيق ذلك الهدف.
واعتبر النائب عن «الإطار التنسيقي» الشيعي المسيطر على الحكومة، معين الكاظمي، خروج القوات الأمريكية من العراق بالقوة «خطأ» وله تبعات، رغم إنه يؤكد «انتفاء الحاجة» لبقائهم.
النائب الكاظمي الذي ينتمي لكتلة «بدر» بزعامة هادي العامري، ذكر في تصريحات صحافية أن «من الخطأ اخراج قوات التحالف الدولي بطريقة عنيفة لأنه سيؤدي إلى تبعات. الطريقة السلمية تكون بقرار من الحكومة الاتحادية موجه إلى مجلس الامن بإنهاء التواجد، لان العراق قادر على حفظ أمنه».
في حين حذر السياسي الشيعي المستقل، غالب الشابندر، من «الأزمات» التي سيخلقها الانسحاب الأمريكي من العراق، مبينا أن العراق «سيتقسم» فور إعلان الانسحاب الأمريكي.
وفي لقاء تلفزيوني، قال الشابندر إن «القوات الأمريكية وفور انسحابها من العراق ستتمركز في كردستان بطلب كردي، وكذلك بطلب سني في غرب العراق ضمن قاعدة عين الأسد».
وأضاف أن «نتائج الانسحاب ستكون كارثية على جنوب ووسط العراق بعد إعلان أمريكا الحرب الاقتصادية على غرار سوريا وإيران ولبنان وإقامة الحصار الاقتصادي الذي سيؤدي إلى القتل بالشارع بسبب المجاعة».
ويرى السياسي العراقي القريب من «الإطار التنسيقي» أن «الأمن سيفقد في المحافظات الوسطى والجنوبية نتيجة عدم قدرة القوات العراقية على ردع العدوان الخارجي أو التدخلات، فضلا عن امتناع الجانب الأمريكي على تسليم العراق المعدات والأسلحة الضرورية».
على المستوى الحكومي، يخطط السوداني لإجراء مباحثات مع الأمريكان تهدف إلى جدولة انسحاب قواتها من العراق، وإنهاء الوجود العسكري على الأراضي العراقية والإبقاء على «العلاقات الدبلوماسية» وفي مختلف المجالات «غير العسكرية».
وفي الأسبوع الماضي، قررت الحكومة إشراك الشعب العراقي في استبيان لمعرفة مدى تأييد/ رفض وجود قوات «التحالف الدولي» بزعامة واشنطن على أرض البلاد.
ويؤكد هشام الركابي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، أن إخراج قوات التحالف الدولي من ضمن البرنامج الحكومي.
وقال لمواقع إخبارية محلّية، إن «السوداني أكد قدرة القوات العراقية والحشد على مواجهة أي اعتداء محتمل أو تهديد أمني» مبينا أن «إخراج قوات التحالف الدولي من ضمن البرنامج الحكومي».
وأضاف، أن «هناك فرقا فنية بين بغداد وواشنطن لبدء عملية إخراج القوات الأمريكية بطرق نظامية» مبينا أن «قوات التحالف الدولي ستغادر جميع مقراتها بعد اتخاذ قرار الانسحاب».
ويرى المستشار الحكومي أن «لا مشكلة في الحفاظ على مكانة العراق الدولية بعد إخراج القوات الأمريكية من البلاد» لافتا إلى أن «العراق يختلف عما قبل 2003 بعلاقاته الطيبة مع جميع دول العالم والمجتمع الدولي».
وأوضح أن «القوات العراقية تسلمت العديد من المقار للقوات الأجنبية وستتسلم الباقي بعد جدولة خروج القوات الأمريكية».
وسبق أن أعلن السوداني أن العراق «يريد خروجا سريعا ومنظما للقوات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة من أراضيه» عن طريق التفاوض، لكنه لم يحدد موعدا نهائيا، ووصف وجود تلك القوات بأنه «مزعزع للاستقرار» في ظل التداعيات الإقليمية لحرب غزة.
وذكر السوداني في مقابلة مع «رويترز» أن «هناك حاجة لإعادة تنظيم هذه العلاقة حتى لا تكون هدفا أو مبررا لأي طرف سواء كان داخليا أو خارجيا للعبث بالاستقرار في العراق والمنطقة» معتبراً أن «خروج تلك القوات يجب أن يتم عبر التفاوض».
غير أن صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية أفصحت بأن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني «أخبر مسؤولين أمريكيين سراً أنه يريد التفاوض بشأن إبقاء القوات الأمريكية في العراق» على الرغم من تصريحاته الأخيرة التي ذكر فيها أنه يريد منها الخروج من البلاد.
وقالت الصحيفة إنها حصلت على برقية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ السادس من الشهر الجاري تشير إلى أن «كبار مستشاري السوداني أبلغوا مسؤولين أمريكيين أن تصريحاته الأخيرة كانت محاولة لإرضاء الجماهير السياسية المحلية».
وأضافت البرقية، وفقا للصحيفة، أن «السوداني نفسه ملتزم بالتفاوض بشأن الوجود المستقبلي لقوات التحالف في العراق».
وذكرت أنه «وفي حين تم إخبار المسؤولين الأمريكيين بأن العراق على استعداد لمناقشة إبقاء القوات الأمريكية في البلاد، إلا أن من المحتمل أن تجبر الضغوط السياسية داخل البرلمان العراقي البلاد على اتخاذ خطوات لإخراج القوات الأمريكية».
وعلى الرغم من تلك المعلومات، غير أن الكاتب والمحلل السياسي العراقي علي البيدر، يرى إن السوداني «نجح في مسك العصا من المنتصف وخلق توازن براغماتي في علاقات العراق ومواقفه إزاء الأحداث التي تشهدها المنطقة والعالم مع الإبقاء على الثوابت الوطنية، فضلًا على تحقيقه حالة من الاستقرار الداخلي».
ويرى البيدر في إيضاح له أن كل ذلك «جعل الدول الإقليمية والعالمية تحترم العراق وتحسب له حسابات، بعد ابتعاده عن سياسة المحاور والأقطاب التي انتهجتها بعض الحكومات» معتبراً أن «هذا ما يحسب لرئيس الوزراء بعد رسمه لسياسة جديدة للدولة وتفضيله المصلحة الوطنية على أي من المصالح الخارجية الأخرى».
ويؤكد أن ذلك يمثّل «خطوات ستجعل العراق بمنأى عن الصراعات الإقليمية والدولية، بالرغم من وجود أطراف تدفع لذلك، لكن حكمة السوداني ومواقفه استطاعت من تحصين البلاد وجعلتها بعيدة عن كل التجاذبات التي تشهدها المنطقة والعالم» حسب رأيه.
وفي المقابل، تعرضت القوات الأمريكية لـ 130 هجوماً في العراق وسوريا، منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حسب التصريحات الأخيرة للمتحدث باسم «البنتاغون» بات رايدر.
وقع العدد الأكبر من الهجمات ضد القوات الأمريكية في الأراضي السورية، حسب رايدر الذي أوضح ان «قواتنا تعرضت لـ 53 هجوماً في العراق، و77 هجوماً في سوريا».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية