لا تساعدوا الأردن

حجم الخط
10

إن الانطلاق السريع لقوات داعش الظلامية في العراق وسيطرة إخوتهم من جبهة النصرة على أجزاء من سوريا يفضي بكثير من المحللين في منطقتنا الى اعلام الاردن باعتباره الهدف التالي لمتطرفي الاسلام في الشرق الاوسط. ويذكر عدد منهم أيضا أن اسرائيل ستكون التالية. ولا حاجة الى التعمق في الكتابات اللاهوتية لهؤلاء البرابرة الجدد، بل يكفي أن نفهم المعنى الجغرافي السياسي للحروف الاولى من «داعش»: الدولة الاسلامية في العراق والشام. فالشام هي سوريا الكبرى ويتعلق ذلك بوجهة نظر الناظر أو بالفترة التاريخية التي استُعمل فيها المصطلح منذ عهد بني أمية الى أيامنا – وهي التي تشمل سوريا ولبنان والاردن واسرائيل في الحدود المعروفة اليوم.
إن الاردن دولة صديقة في ظاهر الامر، ولنا معها معاهدة سلام وهي تقاتل الارهاب وهي «جزيرة استقرار» في الانفجار في الشرق الاوسط. واذا كانت المملكة في خطر من قبل الاسلام المتطرف الذي هو عدونا ايضا – فما هو الشيء الأكثر طبيعية من أن نمد لها يد الدعم في وقت الازمة؟ ولما كان استمرار وجود العائلة المالكة الهاشمية مصلحة واضحة لصديقتنا الولايات المتحدة ايضا، فمن الواضح أن اسرائيل ستهب للمساعدة.
لكن ينبغي أن نتذكر قبل أن نهب عددا من الدروس التاريخية نميل الى نسيانها وقت الهستيريا. ينبغي أن نتذكر هباتنا التاريخية السابقة في محاولة للتدخل في اجراءات في داخل دول عربية. منذ أيام المساعدة الهادئة لكردستان الى المغامرة اللبنانية النازفة في حرب سلامة الجليل، ومنذ أيام قتل عبد الله الأول الى قتل أنور السادات ـ إن العناق الاسرائيلي قد يحكم على المعانقين بالموت. والمسارات «الطبيعية» في الدول العربية والاسلامية أقوى مما تستطيع اسرائيل أو تكون مستعدة لفعله، وأنا آمل أن يكون كبار اصدقاء العائلة المالكية الهاشمية في بلاط حكومة اسرائيل يقصدون فقط مساعدة استخبارية واستراتيجية ولوجستية – ولا يرون في خيالهم دبابات المركباة الاسرائيلية تنطلق نحو حدود الاردن والعراق وسوريا لتحمي عبد الله من قبائل «الهون» الجديدة.
ذات مرة – في ايلول الاسود في 1970 – أنقذت اسرائيل الملك حسين بانذار لسوريا بأنها اذا تدخلت في الحرب الأهلية في الاردن لصالح ياسر عرفات وفتح فستضطر الى مواجهتنا. وهزم الحسين عرفات وطرده الى لبنان، ومنذ ذلك الحين وكثيرون يلعبون بـ «لو». فلو تركت اسرائيل الفلسطينيين يستولون على الاردن أكان وضعنا اليوم أفضل أم اسوأ؟ وهل كنا سنواجه «جبهة شرقية» خطيرة أم نوجد في وضع فيه للفلسطينيين من وجهة نظر العالم دولة في الاردن وتضعف جدا مكانتهم باعتبارهم شعبا مسكينا «ذا حق في تقرير المصير»؟ إن ألعاب «لو» كهذه لا يمكن أن تفضي الى استنتاج قاطع لا لبس فيه. لكن لا يمكن أن نتهرب منها في كل مرة نتعلم فيها فصلا من التاريخ.
كان كل زعماء اسرائيل من اليمين واليسار حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي بصور مختلفة من التعبير، وكان بعضهم يفعل ذلك بصورة صريحة تماما، كانوا يرون أن الاردن هي دولة الشعب الفلسطيني؛ من مناحيم بيغن الى اسحق رابين، ومن اريئيل شارون الى موشيه ديان ويغئال ألون. وقال الملك حسين ايضا للصحيفة العربية «الحياة» التي تصدر في لندن (في 26 كانون الاول 1982) إن «الاردن هو فلسطين وفلسطين هي الاردن، وكل من يقول غير ذلك فهو خائن»، لا أقل من ذلك. وأصبحت تلك التصريحات غير شرعية مع التوقيع فقط على اتفاق السلام مع الاردن. وفي كل مرة كنت أقول فيها ذلك في الكنيست كان سفير اسرائيل في الاردن يُستدعى الى حديث توبيخ. ولا يدور الحديث هذه المرة عن كلام، فالبرابرة آتون الآن.
لا شك في أنه اذا سيطر الاسلام السني المتطرف على الاردن فستصبح حدودنا الطويلة الهادئة معها حدودا دامية. ولا شك في أن ولادة «الجبهة الشرقية» المضادة لنا مرة اخرى ستكون تهديدا. لكن البديل وهو استمرار الضغط الدولي من الخارج وضغوط المستسلمين في الداخل، للاعتراف بانشاء دولة فلسطينية في اراضي يهودا والسامرة وغزة، أخطر من ذلك. وهذه مسألة جغرافيا، ومسألة حق في وطننا، ومسألة أمنية ومسألة اقتصادية ايضا. والأحمق الذي يعتقد أن دولة فلسطينية كهذه ستكون أكثر ثباتا في وجه احتلالات الاسلام من سوريا أو العراق أو الاردن هو ساذج أو يدعي السذاجة. فقد أصبح للقاعدة اليوم عدد من الخلايا الفاعلة في غزة ويهودا والسامرة يفوق عددها في الاردن. والذي يخشى دولة القاعدة في الاردن يجب أن يخشى أكثر بأضعاف دولة كهذه في يهودا والسامرة.
وعلى ذلك لا ينبغي لنا أن نحاول إنقاذ الملك عبد الله اذا أغرقته عصابات داعش المسلحة. وسيكون مآل خلافة داعش الانتقاض وأن تتحول الى كيانات عرقية قبلية.
وتحتاج اسرائيل الى عنصر جديد في معادلة الانتحار التي هي «دولتان للشعبين غربي الاردن». يجب عليها أن تستبدلها بالمعادلة الجديدة وهي: «دولتان للشعبين في ضفتي الاردن».

آريه إلداد
هآرتس 7/7/2014

صحف عبرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الدكتور/مبروك غضبان:

    لا وجود ل:يهودا والسامراء” الا في التورات .ما هو موجود حقا هو فلسطين المحتلة والتي اقترب تحريرها من الاستعمار الغاشم والمتكالب والمتعدد الوجه والاشكال. ليس بالضرورة ان تحررها داعش او كما يحلوا للكاتب ان يسميهم برابرة او “الهون” التي سادت اروبا خلال حكم امبراطورية “الهابسبارغ” ولكن بالضرورة ستتحرر لان التاريخ وحتمياته تقول ذالك.فما من شعب استعمر الا وتحرر وما من صغير الا كبر .تلك هي سنن الله في كونه.
    ان مساعدة او عدم مساعدة الاردن في مواجهة خطر “داعش” مسالة تحكمها التوازنات وهي ليست مسالة نعم ام لا ولكن كيف ومتى وباي ثمن؟النظام الاردني يستطيع ان يدرك جيدا ان كانت هناك اخطار وما ذا يجب عليه عمله ولا يحتاج الى نصيحة الجلادين الصهاينة ولا التدخل الاجنبي لان ذالك قد يعقد الامور اكثر.

  2. يقول سامح // الامارات:

    * حمى الله ( الأردن ) بلد الكرم والشهامة والنخوة العربية الأصيلة
    من شر الأشرار ( محليا وإقليميا ودوليا ) .
    شكرا .

  3. يقول زيـــاد - المانيا:

    أنتم يا سيد آريه إلداد كنتم اول من أسس دولة تشابه دولة داعش،دولتكم ليست علمانية وليست ديمقراطية بل هي دولة دينية يهودية عنصرية ، انتم يا سيدي تقومون بارسال فرق الموت من أجهزتكم الامنية لتقوم بقتل كل شخص فلسطيني تظنون انه خطر عليكم بدون محاكمته وبدون اعتقاله، أنتم يا سيد آريه تسرقون أرضنا يوميا لتبنوا عليها مستوطنات جديدة، انتم من يتحدث عن السلام فقط ولا يريده، كما قالتها المستطونة رئيستكم جولدا مائير وكما انها قالت: لا أستطيع النوم عندما اسمع ان طفلا فلسطينيا جديدا كان قد ولد، لا تخافوا: الاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين، يجب عليكم الاعتراف بأنكم حللتم مشكلة اليهود العالمية على حساب شعبنا الفلسطيني، عندها فقط يمكن الحديث عن سلام.

  4. يقول احمد رزق:

    ممتاز هذا المقال يجب ان ينشر في جميع العالم ويراه العرب والعجم لكي يعلمو ان الصهاينة هم من يتامرون عليهم بليل ويخططون المكائد في سوريا والعراق وكل الدول العربية لكي تنشا كما يقول الكاتب في نهاية المطاف دول عرقية طائفية قبلية متناحرة

  5. يقول د. حازم / فلسطين:

    أحسنت يا استاز زياد – المانيا

  6. يقول د. حسين السلع - فيلدلفيا:

    حقا كما قيل: يكذب الكذبة ويكذب ويكذب حتى يصدق نفسه وقد صدقه العالم… هذا هو وضع الساسة الاسرائيليون: نسوا بأن فلسطين للفلسطينيين ارض كنعان الفلسيني كما تقول توراتكم وصاروا يتحدثون عن الاردن للفلسطينيين: غريب
    الاردن ليس بحاجة لمساعدتكم يا سبب مشاكلنا: ارحلوا عنا وسنستريح ويحل السلام… اتركونا ونحن سنحل مشاكلنا لوحدنا فتدخلكم كمثل تدخل الذئب في الفصل بين الخراف المتقاتلة… نعم نحن الخراف وأنتم الذئاب ولسنا برابرة يا برابرة القرن الحالي وكل القرون الماضية والاتية، انظروا ما تعملون في فلسطين والضفة وغزة وسترون الحقيقة… الله سينتقم منكم كما وعد ووعده حق…

  7. يقول هزاع استراليا:

    حيا الله اخوي سامح

  8. يقول Sebastian USA:

    ﻛﻠﺎﻡ ﺍﻗﺮﺏ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺍﻟﺒﻌﺾ

  9. يقول ريم:

    اسرئيل لا تحمى شعبها بل جعلت الحكام العرب هم يحمون حدود شعب اسرئيل لا بل وجعلتهم يمدونها بالمياه من الجولان والغاز من مصر إسرائيل ضعيفة مع ما تملكه من ترسانة عسكرية قوية ونقطة ضعفها الصواريخ لان جغرافيتها صغيرة والصواريخ تستطيع تدمير الإقتصاد واذا إنهار الإقتصاد إنهارت أركان الدولة الأخري لمذا امريكا والغرب يستخدمون إسلوب الحصار الإقتصادى لكى تستلم الدول لهم والآن يفعلونها مع روسيا 

  10. يقول سامح // الامارات:

    * حيا الله أخ ( هزاع ) استراليا وبارك الله فيك وكل عام وأنت بخير
    ورمضان كريم .
    شكرا .

إشترك في قائمتنا البريدية