لا تنخدعوا من تردد امريكا

عندما يعلن السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله ان النظام السوري لن يسقط لأن هناك أناسا يدعمونه، وعندما يعلن الاخضر الابراهيمي المبعوث الاممي حاليا، والعربي سابقا، انه سيقدم استقالته في غضون ايام يأسا وقرفا، وعندما تكشف الولايات المتحدة عن مناورات تحت مياه الخليج العربي لمنع نشر الغام او اغلاق مضيق هرمز حيث تمر 20′ من الصادرات النفطية الى العالم، فماذا يعني كل هذا؟
الاجابة، وباختصار شديد، ان الحلول السياسية للملفين الايراني والسوري قد تبخرت، وان الحلول العسكرية تتقدم وبسرعة اكبر مما نتصورها، فمجلس الحرب الذي انعقد في واشنطن بالتقسيط بمشاركة امراء ووزراء من الخليج، وملك الاردن، ورئيس وزراء تركيا، اتخذ القرار فيما يبدو، وساعة الصفر تحددت، ونحن في انتظار التنفيذ.
فليس صدفة ان تعلن الادارة الامريكية، وبعد تلكؤ اغضب حلفاءها في المنطقة، انها تعيد النظر في قرارها بعدم تسليح المعارضة السورية بأسلحة حديثة ومتطورة. وليس صدفة ايضا ان ينضم جنود بريطانيون الى قواتها في الاردن تحت اسم خبراء لتوفير التدريب على جمع الأدلة عن انتهاكات حقوق الانسان، والعنف الجنسي ضد النساء بالذات.
الولايات المتحدة الامريكية حصلت على مكافأة ضخمة من جامعة الدول العربية، ووفد ما يسمى بلجنة متابعة مبادرة السلام المنبثقة عنها، الذي زار عاصمتها الاسبوع الماضي، تمثلت في دعم مبادرة ميتة ومتحللة اصلا، والقبول لأول مرة بمبدأ تبادل الاراضي بين الفلسطينيين والاسرائيليين، اي مبادلة اراض فلسطينية بأخرى فلسطينية، والمستفيد الاحتلال الاسرائيلي ومستوطنوه، في اي اتفاق سلام يتم التوصل اليه، مما يعني وللمرة الاولى تشريع تعديل حدود عام 1967، رضوخا لسياسة فرض الامر الواقع الاسرائيلية.
ما يثير الريبة فينا، ويجعلنا نشعر بالقلق اكثر، ان التنازلات العربية تأتي دائما على حساب الحقوق الفلسطينية، فكل من يريد ارضاء امريكا واسرائيل يلجأ الى تقديمها، او التطبيع مع اسرائيل تحت مسميات الاعتدال والرغبة في السلام.
والأخطر من ذلك كله ان التنازلات العربية للإدارة الامريكية، وبشكل آلي لاسرائيل، لا يجري تقديمها للولايات المتحدة الا قبل حروبها الكبرى في المنطقة، او من اجل تجنب غضبها، او الاثنين معا، فأول مبادرة سلام عربية تعرض التطبيع والاعتراف الكامل بإسرائيل قدمتها المملكة العربية السعودية لامتصاص الغضب الامريكي من مشاركة 17 سعوديا في احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001، وجرى استخدام المكانة السعودية المالية والسياسية والدينية لاعتمادها من مؤتمر قمة بيروت عام 2002 لتصبح مبادرة السلام العربية.
ومن المفارقة ان المبادرة هذه جرى تبنيها عربيا قبل العدوان الامريكي على العراق بعام فقط، وتلقفها الرئيس جورج بوش الابن لتبرير هذا العدوان، والادعاء بعزمه على اقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته الاولى.
‘ ‘ ‘
المنطقة تقف على اعتاب الحرب، وتسليح امريكا للمعارضة ‘المعتدلة’ لمحاربة النظام والمعارضة ‘المتشددة’ معا، او كل على انفراد، حسب الأولويات الامريكية والاسرائيلية، مؤشر مهم في هذا الصدد. اما المؤشران الآخران، غير المناورة البحرية التي تبدأ اليوم وتشارك فيها اربعون دولة، فهما الاعلان عن تطوير قنبلة امريكية خارقة للتحصينات العميقة، في اشارة مباشرة للمنشآت النووية الايرانية المبنية في حضن جبل قريب من قمّ، والمؤشر الثاني تزويد اسرائيل بطائرات تمويل وقود امريكية في الجو، وتسريب انباء عن سماح الاردن للطائرات الاسرائيلية باختراق اجوائه.
السؤال الافتراضي الذي يطرح نفسه بقوة هو اذا ثبت، وبعد انتهاء هذه الحرب، ان الخطط العسكرية الامريكية والبريطانية للتعاطي مع الملفين الايراني والسوري لم يحققا النجاح المطلوب، فكيف سيكون حال المنطقة وانظمتها في دول الخليج خاصة؟
نحن كعرب ومسلمين، نندفع بقوة نحو تقسيم عرقي وتطهير وتهجير على اسس طائفية، فبالأمس بدأت حرب تدمير الأضرحة في سورية، وتبادل الاتهامات والتهديدات، وقبلها تدمير المساجد التاريخية في العراق، ولا نعرف ما هي المصيبة المقبلة التي ستوسع نار الفتنة المذهبية.
اهل السنة في العراق احتكموا للعقل، وليس الى السلاح، واختاروا شيخا فاضلا من بينهم (عبد الملك السعدي) للتفاوض مع الحكومة العراقية ورئيسها من اجل التوصل الى حلول ومخارج سلمية للأزمة، وبما يحفظ وحدة العراق، ويحقن دماء اهله، وهم الذين كانوا يشترطون خروج نوري المالكي، فلماذا لا يحتكم السوريون حكومة قبل المعارضة، الى العقل ايضا، ويحاولون التوصل الى حل سياسي ينقذ ما تبقى من البلاد وشعبها من الدمار والقتل؟
‘ ‘ ‘
مسؤول خليجي كبير قال لي في لقاء عابر معه في لندن قبل شهر، ان اطلاق صاروخ ايراني واحد على عاصمة بلاده سيؤدي الى كارثة كبرى لن تفوق منها لعقود قادمة، فيكفي ان اساطيل دول الخليج من الطائرات التي تزيد عن 500 طائرة مدنية ستربض في اراضي مطاراتها، هذا اذا لم تدمر كليا، ناهيك عن نسف معامل التحلية او احراق آبار النفط ومقتل وهروب الملايين من العمال الاجانب قبل اهل البلاد.
امريكا لا يهمها دمار المنطقة، والا لهمها مقتل او استشهاد مئة الف انسان سوري من الجانبين، وخوفها من الاسلحة الكيماوية ناجم عن خوفها من استخدامها ضد الاسرائيليين، والا لماذا لم تذرف دمعة واحدة على مقتل مئات الفلسطينيين بقنابل الفوسفور الابيض التي القاها الجيش الاسرائيلي على اطفال غزة؟ حيث لم نسمع عن خطوط حمراء او صفراء او بنفسجية.
من السهل علينا ان نلوم النظام السوري وحلوله الامنية الدموية، وان نذكّر بفشله في التعاطي بحكمة مع عاطف نجيب رئيس فرع الامن السياسي في درعا الذي اهان الاطفال واهاليهم وقتل الكثيرين منهم، ومن السهل اكثر ان نتجاوب مع طلبات ‘ما يطلبه المستمعون’ ونقول ان هذا النظام مجرم ودموي، ولكن ما يهمنا هو ما يجري حاليا وبعد عامين من قتل ودمار وتهجير وكيفية وقفه، وبما يحول دون مقتل مئات الآلاف وربما الملايين في سورية والعراق والاردن ومنطقة الخليج.
العد التنازلي للحرب بدأ، ومصر قد تلعب دورا كبيرا في منعها او حتى تأجيلها، خاصة في سورية، لما لها من ثقل سياسي وتاريخي وبشري، واعادة القائم بالاعمال المصري الى سفارة بلاده في دمشق، واستئناف العلاقات الدبلوماسية مع ايران اسوة بالسعودية ودول الخليج، ربما يمكنها من تكون وسيطا مقبولا من جميع الاطراف.
نعلم جيدا ان الفرص تضيق، واحتمالات الحرب تتزايد، ولكن لا بدّ من تدخل اللحظة الاخيرة لانقاذ ما يمكن انقاذه.
Twitter:@abdelbariatwan

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول المحتار:

    استمعت اليوم لخطبة الشيخ القرضاوي، وقد كنت في عاية الاستغراب ان اسمع لرجل بوزن واعتدال وحكمة القرضاوي يتوعد ويهدد ويكفر حزب الله وايران ويحملهم نتيجة ما يحصل في سورية، بعد ان كانت هاتان الجهتان على رأس قائمة الاعجاب للوطن العربي والعالم الاسلامي لبسالتهم في مقاومة الاحتلال ووقفاتهم المشرفة مع العرب والمسلمين. حتى وان كانو قد انحازو لطرف على حساب الاخر لموقف معين، واشك شخصيا انه طائفي، فليست هذه افضل الطرق باستخدام المنابر لتأجيج الفتنة، بل يجب الدعوة بالحسنى للحوار والقاء السلاح حتى نجنب هذه الامة مزيدا من الفرقة والانزلاق نحو نقطة اللاعودة.

  2. يقول الأردن الكبير.:

    لن تحدث الحرب على سوريا :1. كل هذا الغبار و الجعجعة يهدف إلى تخويف نظام بشار و إرغامه على قبول القرار المرتقب، من مجلس الأمن، الخاص بجنوب سوريا. 2. ما يقال عن وجود خلافات داخل مجلس الأمن حول الطلب الأردني ، هو عبارة عن حيل إعلامية للتمويه، حتى يتسنى طبخ القرار على نار هادئة. 3. رئيس الوزراء الأردني ، إقتبس في مقابلته الأخيرة و على نحو مفاجئ و غير متوقع ، النموذج الصربي لوصف الحالة السورية. وهو النموذج الذي إنتهى بسلخ كوسوفو جنوب صربيا. 4. رئيس الوزراء الأردني لم يتكلم عن هواه ، بل و بإيعاز مخابراتي ، للإشارة بوجود رغبة أمريكية حقيقية لسلخ درعا و القنيطرة عن سوريا و إلحاقهما بالأردن، بهدف حماية الأمن الإسرائيلي. 5. التصريح الخطر لرئيس الوزراء الأردني، جاء بعد يوم واحد فقط من عقد جلسة مجلس الأمن المغلقة و الخاصة بالطلب الأردني !!! بإختصار، تقسيم سوريا أصبح أمرا محسوما و بإنتظار البدء بتنفيذه.

    1. يقول mohamed:

      تحليل سليم ومنطقي كون الولايات المتحدة الامريكية وبعد حروبها في افغانساتن والعراق لن تتورط في حرب مع ايران بالتزامن مع الرفض الشعبي الكبير من الشعب الامريكي في دخول حرب مجددا,

  3. يقول عمر ابو تيم:

    استاذ عبد الباري, حماك الله, قصة دخول امريكا-إسرائيل حرب مع إيران لا تبدو منطقية , بحسبة بسيطة : لو تدخل الامريكان في الملف الايراني عسكرياً , هل ستجد امريكا موطيء قدم إستراتيجي في جزيرة العرب كما هو الحال اليوم؟ سيفيق الخليج من نومهم العميق ويدركوا بأن لا مبرر لبقاء السيلية (أكبر قاعدة امريكية خارج حدود الولايات المتحدة) واخواتها. فصدام وشبح الخوف منه قد ولى, وإيران (كابوس الخليج الأعظم) سينتهي, إذن ماهي الورقة الأمريكية التي ستُسلط على رقاب الإخوة في الخليج؟ … اما الملف السوري فهو حاله من حال العراق في الأمس لكن الفرق في الحالتين بأن العراق اوصله لما هو عليه جحافل العم سام, اما الوضع السوري فهو وصل إلى مرحلة العراق تقريباً لكن من دون غزو وكلف خيالية كما حدث بالعراق .. فقط من خلال فضاء ألكتروني مفتوح وعالم إفتراضي, سهل سريع وغير مكلف!. دمتم بخير

  4. يقول ali baqrwan:

    كل ما ورد في مقالة الأستاذ عبدالباري صحيح فالمرحلة القادمة التي تنتظرها الأمة العربية والأسلامية هي مرحلة سوداء قد تجلب للأمة حرباً طائفية لا هوادة فيها ولست أبالغ فكل المؤشرات تشي بذلك ومايجري في العراق وسوريا ولبنان خيردليل على ذلك إلا إن أحاطت رحمة الله التي تسع كل شي بنا .. وهذا الأنجرار السريع نحو الطائفية تتسبب فيه السياسات الايرانية السعودية واتباع الطرفين في المنطقة ونسأل الله السلامة

  5. يقول عمار:

    الاخ عبد الباري انت متشائم جدا انا اجزم لك ان امريكا واسرائيل وايران اصدقاء ولاحرب بين الاصدقاء,,,,الحرب الوحيدة للثلاث الانف ذكرهم هو قتال المسلمين الموحدين

  6. يقول خليل ابراهيم:

    الأستاذ عبد الباري المحترم..بالنظر لحال جامعة الدول العربية الميؤوس منه حيال الحالة السورية(وأي حالة أخرى) .وبالنظر لإصرار مختار حي المهاجرين على الحل العسكري لمواجهة المطالب الشعبية العادلة . وبالنظرلتدفق الأسلحة الروسية ومواقفها الدبلوماسية وحنفية المال الإيراني وتابعهم المالكي .وبالنظر إلى الإخوة (الجهاديين) وأنهم يريدون أن يحولوا دون قيام دولة مدنية تعطي مالله لله وما لقيصر لقيصر. وبالنظر يمنة ويسرة وتقليب الأمر على كل جوانبه ، نجد أن خيارات الثورة محدودة وعلى قادة الثورة السير وسط حقل ألغام ماله آخر منظور. إزاء هكذا مشهد أنا كمواطن سوري مستعد للتحالف مع الشيطان ذاته إن كان في ذلك رحيل آل الأسد وبالتالي توقّف المجازر .

  7. يقول ZOMOROD:

    اشكرك سيد عطوان على هدا النحليل لدا يتطبق علينا المثل العربي القائل اتفق العرب على ان لايتفقوا . الحكام يعرفون قبلنا نحن العامة بان هناك مخطط لضرب وتقسيم الدول العربية زيادة على نهب الثروات الى غير دلك ورغم كل مادكر يتمادون ويسايرون السياسة الشيطانية نحن امة اسلامية تضم السني والشيعي والعلماني الى اخره فماهو الخوف ادن لقد تم استبدال الشيعة باسرائيل وباثوا هم الد الاعداء ادا شنت الحرب على اي كان ايران او سوريا فسوف تاتي على الاخضر والياب والخاسر طبعا الدول الخليجية التي طورت نفسها وسوف تستعمر مرة اخرى اما امريكا فربما سوف تؤدي الحرب الى خسارتها في تلك اللحظة ايرائيل ستكون هي الرابحة لان مخططها ابعد بكثير وروسيا والصين منتبهتان لمخططاتها ولدلك وقفتا الى جانب النظام السوري.
    الله يسترنا ويستركم.

  8. يقول Muktar:

    لا تروح بعيدآ فالحل بيد الشعب فهل المعارضة تقول انها تمثل الشعب رغم انه لم ينتخبها فلماذا هذه المعارضة لم تحترم الشعب السوري وتترك حقه في الاختيار سوى كان الاسد او من يمثل المعارضة في الخارج اومن يمثل القتلة الارهابين صوت الشعب هو الفيصل تحت اشراف دولي اما نحن نلغي صوت الشعب ونأتي بمعارضة عميلة لاسرائيل ونقول لها تفضل واحكومي فهذه هي الدكتاتورية بعينها بل بيع الوطن بما حمل من شعب وارض للغرب فدائأ لعيون كم عميل للغرب فهذا غير منطقي ولن يقبل ابدآ فقتلاهم الى نار جهنم وقتلانا الى الجنة ومن قتل في سبيل وطنه فهو شهيد فلماذا نهرب من الشهادة وقد وصلت الى ابواب بيوتنا فمرحبآ بالحرب فكم اجر كل سوري وطني عندما يقضي على اي ارهابي هدم بيوت الله او نبش قبور الصحابة او قتل الاطفال والنساء فعليكم بكل ارهابي والبحث عنه في كل مكان حتى لو دخل جحر الضب فيجب سحبه منه ثم سلخ جلده عن جسده وهو حي .

  9. يقول الشيخ سليمان:

    اخي عبد الباري ان الشعب الايراني ليس كمثله شعب في العالم واذكرك بحديث الرسول الاعظم
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلا هَذِهِ الآيَةَ : وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ سورة محمد آية 38 قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ إِنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُوا بِنَا ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَنَا ؟ فَضَرَبَ عَلَى فَخْذِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ثُمَّ قَالَ : ” هَذَا وَقَوْمُهُ ، وَلَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنَ الْفُرْسِ ”
    حمى الله سوريا

  10. يقول يوسف .الجزائر ....امركا أصبحت تخاف:

    ربما بالوكالة وللعربان النصيب الاكبر لان أمريكا منهكة من جميع النواحى . لكن مكرها لايأتمن .لان الاموال موجودة والفتوة صدرت والجيران جاهزون وما على الامريكى صهيونى الا الانقضاض . فى الاخير دخول الحمام ليس كخروجه

1 2 3 10

إشترك في قائمتنا البريدية