لا توجد إيران جديدة

حجم الخط
0

ليس ما ستحاول اسرائيل أن تعرضه على العالم اليوم هو الاربعين صاروخا بمدى 90 160 كم التي ضُبطت في بطن سفينة ‘كلوز سي’. فعددها وكذلك ايضا قذائف الراجمات التي حُلمت في السفينة التي هي ملك شركة تركية خاصة ليس تهديدا وجوديا لدولة اسرائيل. إن المهرجان الذي نظمته الدولة، الذي قد تجاوز النسب المطلوبة لحادثة عملياتية بهذا الحجم، يرمي الى اقناع من هو مستعد الى الآن الى الاصغاء الينا في العالم أنه لا توجد في الحقيقة ايران جديدة، فما كان هو ما سيكون.
لم تتخل ايران عن أي مركب تُعرفه بأنه مصلحة استراتيجية وجودية: فهي لم تتخل عن استمرار التطوير الذري العسكري ولا عن نفقاتها الضخمة التي تبلغ مليارات على الكيانات الارهابية التي انشأتها في الشرق الاوسط. ويرى نظام آيات الله أن التطوير الذري وبناء القوة العسكرية المؤيدة لايران في المنطقة غلافان دفاعيان حيويان في تصور الامن القومي لايران لن يمس بهما أي تفاوض مع القوى العظمى.
من المنطق جدا أن نفرض أن رئيس ايران روحاني لم يعرف ولم يوافق على صفقة السلاح مع الجهاد الاسلامي. فحرس الثورة في واقع الامر هو ذراع الزعيم الروحي خامنئي وهم يعملون بحسب سياسة ثابتة. ويستطيع روحاني الاستمرار على محاولة أن يبيع العالم الانفتاح والابتسام لكن حرس الثورة سيستمرون على تعزيز مصالح ايران في مواجهة اسرائيل بالتآمر على النظم العربية المعتدلة في المنطقة.
ليس من الواضح الى الآن كيف خطط ناس حرس الثورة لنقل وسائل القتال من السودان الى غزة. فالمصريون يسيطرون اليوم على المعابر الى سيناء وعلى محور فيلادلفيا بصورة أشد فاعلية مما كان في الماضي. لكن يتبين أنه ما زالت تتسرب الى غزة اليوم ايضا مواد خام لانتاج قذائف صاروخية بعيدة المدى عن الطريق البحري. والحديث عن مهربين مختصين يقطعون الطريق من سيناء الى قطاع غزة عن طريق البحر على نحو يجعل من الصعب على الاسطول المصري وعلى سلاح البحرية الاسرائيلي أن يضبطهم. وينبغي أن نفرض أنهم كانوا سينقلون القذائف الصاروخية ايضا الى غايتها قطرة قطرة بطوافات أو بقطع بحرية صغيرة اخرى.
لن تتخلى ايران برغم الصعوبة الاقتصادية عن استمرار دعم الاسد وعن امداد حزب الله وعن بناء الجهاد الاسلامي في غزة وعن التمسك بكل نقطة تستطيع فيها أن تبني قوة عسكرية تردع التهديد الاسرائيلي وتخدمها في الصراع في داخل العالم العربي مع أعداء الشيعة. وكذلك هي الحال ايضا في الشأن الذري فايران مصممة على أن تبقى دولة قادرة على تطوير سلاح ذري.
نُشر مؤخرا فقط أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية امتنعت عن نشر تقرير عن تقدم المسار الذري العسكري في ايران. وقد أنكروا ذلك في الوكالة وهو لم يكن في الحقيقة تقريرا جديدة أُخفي بل كان ورقة عمل تتبعت المعطيات التي كشف عنها في تشرين الثاني 2011. فقد وجدت آنذاك أدلة استخبارية على أن ايران نفذت تجارب بنظام ‘امبلوزيا’ (الانهيار نحو الداخلي) الذي يستخدم لاستعمال رؤوس متفجرة ذرية. وعززت معطيات استخبارية اخرى حقيقة أن الايرانيين نفذوا تجارب لتفجير نظام رأس متفجر ذري. بيد أنهم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية استقر رأيهم على أن يُطوى الآن بعد أن طلبت اليهم القوى العظمى عدم نشره كي لا ‘يفسدوا’ عليهم المحادثات مع الايرانيين>
سيزور الرئيس اوباما في نهاية هذا الشهر السعودية وامارات الخليج كي يُبرد غضبها على سياسته الخارجية ولا سيما في قضيتي ايران ومصر. وسيحاول أن يُبين لزبائنه الكبار هناك ما الذي جعله يجري محادثات سرية مع ايران مدة سنة دون أن يُعلمهم وينسق معهم.
وهنا في البلاد؛ المهرجان حول سفينة السلاح نقيق اسرائيلي آخر في اطراف المستنقع جاءت لتقول فقط: إنتبهوا نحن ايضا هنا ونحن ايضا نستحق تفسيرات.

اليكس فيشمان
يديعوت ـ 10/3/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية