لا كرامة للمعارضة العراقية لا كرامة للمعارضة العراقية رأي القدس تعكس أزمة طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي الوضع المزري الذي يعيشه ‘العراق الجديد’ حاليا في ظل حكومة السيد نوري المالكي حيث لا توجد حصانة ولا مؤسسات سياسية او قضائية، وانما ديكتاتورية متغولة تتحكم بمقدرات البلاد بطريقة مزاجية اقصائية. السيد الهاشمي ارتكب خطأين، الاول عندما وافق على الاحتلال الامريكي لبلاده العراق، والثاني عندما انضم الى العملية السياسية التي انبثقت من رحم هذا الاحتلال، واعتقد انه بمثل هذا الانضمام يمكن ان يفيد طائفته السنية. فاذا كان السيد المالكي متهما بالطائفية الشيعية فان خصمه الحالي السيد الهاشمي ينطبق عليه الاتهام نفسه ايضا مع فارق اساسي ان الاول يملك بيده كل السلطات التي انتزعها تدريجيا بسبب ضعف خصومه وداعميهم، بينما الثاني يعيش حاليا في حالة تشرد يتنقل من عاصمة خليجية الى اخرى ويواجه مطاردة البوليس الدولي الانتربول بعد مطالبة خصمه بالقبض عليه بتهمة الارهاب. بعد عشر سنوات من الاحتلال يبدو المشهد العراقي مثيرا للاحباط، فالخدمات سيئة للغاية، والامن شبه معدوم، والعملية السياسية مهلهلة، والاخطر من كل ذلك ان الفساد بلغ ذروته حتى بات العراق يحتل مكانة متقدمة في قائمة اكثر الدول فسادا في العالم وفق تقارير منظمة الشفافية الدولية. السيد الهاشمي متهم بتورط بعض افراد حراسته في اعمال ارهابية حيث جرى القاء القبض على احدهم، واجبر على الظهور على شاشة التلفزة والاعتراف بجريمته، تماما مثلما كان يفعل النظام العراقي السابق ومعظم الانظمة العربية الشمولية الاخرى. الدول التي تحتكم الى نظام قضائي مستقل ومحترم لا يمكن ان تلجأ الى مثل هذه الاساليب المتخلفة، والعراق الجديد ليس من بينها حتما. وقد شاهدنا مثل هذا القضاء في ابشع صوره اثناء محاكمة رئيس النظام السابق ومساعديه، ولا نتردد في القول ان وضع هذا القضاء ازداد سوءا منذ تلك المحاكمات. فعندما يطالب السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان الولايات المتحدة الامريكية بالتدخل لاطاحة حكومة السيد المالكي، ويصفها بانها اكثر ديكتاتورية من حكومة الرئيس صدام حسين، فان هذا يطرح العديد من الاسئلة حول ما انجزته الولايات المتحدة من احتلالها للعراق الذي كلفها اكثر من الف مليار دولار وخمسة الاف جندي قتيل واكثر من ثلاثين الف جريح. الولايات المتحدة تدخلت من اجل اقامة نظام ديمقراطي وكل ما يتفرع عنه من حريات واحترام لحقوق الانسان والعدالة القضائية، ولكن عندما نرى كل الصلاحيات مركزة في يد رئيس الوزراء والمجموعة الطائفية المحيطة به، والبرلمان فاقد الصلاحية بل لا يجتمع الا نادرا، والمعارضة غير موجودة ومعظمها خارج البلاد خوفا على حياتهم، فان هذا العراق الامريكي الجديد هو خيبة امل كبرى. غربة السيد الهاشمي ربما تطول اكثر مما توقع، فالتاريخ يعيد نفسه حيث بات معارضو ديكتاتورية المالكي يلجأون الى المنافي بحثا عن الامان، تماما مثلما كان يفعل معارضو نظام الرئيس صدام حسين مع فارق اساسي ان الاخير اقام عراقا قويا موحدا وغير طائفي، وان كان غير ديمقراطي في الوقت نفسه. Twitter: @abdelbariatwan