لا للاسامية… ولا أكبر للاإنسانية

حجم الخط
10

شهدت فرنسا في الأيام الأخيرة، مظاهرات ضخمة مناهضة لـ»اللاسامية»، التي تعني وجود ممارسات وشعارات وتصريحات عدائية لليهود، لكونهم يهودا. ظهر تعبير»لاسامية»، في ألمانيا وبريطانيا، منذ أواسط القرن التاسع عشر، وثبّتها الصحافي الألماني فيلهلم مار، في تقرير له عام 1879 على خلفية أعمال شغب جرت ضد يهود. التسمية بذاتها إشكالية، لوجود شعوب سامية أخرى غير اليهود، والعرب أكثرهم عدداً.
العنصرية ممارسة منحطة لاإنسانية، مرفوضة بكل أشكالها ضد أي جنس بشري كان، سواء كانت ضد اليهود أو غيرهم من شعوب الأرض. في الوقت الذي ترتفع فيه أصواتٌ ضد اللاسامية، تَستغل أصواتٌ صهيونية هذه الموجة، وتنادي بإدخال الحركة الصهيونية تحت سقف واحد مع الساميّة، بمعنى إدانة من يهاجم الحركة الصهيونية واتهامه باللاسامية، وهذا ما رُفض مبدئيا حتى الآن في فرنسا، إلا أن الدعوة موجودة، وهي في الواقع سارية المفعول، ومعمولٌ بها في كثير من الحالات، فكلُّ من يهاجم ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، ويطالب بوضع حد لمعاناة الفلسطينيين وتخليصهم من قبضة الاحتلال السّام جدا، يُتّهم باللاسامية، وبالعداء لليهود، خصوصا من قبل نتنياهو ووزرائه. كل هذا والكنيست الإسرائيلي السّامي جدا، لم ترمش عيناه وهو يسِنُّ قانونا يُفضّل فيه اليهود على غيرهم من أبناء الجنس السّامي من العرب، ليحوّل الممارسات العنصرية على أرض الواقع إلى قانون دستوري.
في إسرائيل الساميّة جدا، تدور مداولات في قاعات المحاكم في هذه الأيام بالذات، يخوضها مواطن عربي من منطقة القدس، يحمل بطاقة شخصية إسرائيلية ضد شركة ترفض السماح له بشراء قسيمة أرض للبناء تقول إنها معدة لليهود فقط، وتتجه المحكمة العليا إلى الموافقة مع رأي الشركة، بحجة أن موضوع حقوق المواطن لا يسري على الأرض، فالأرض ليست سلعة مثل السيارة والبطاطا ومنتجات الألبان، وعمليا تحرم العربي من اقتنائها، وفي بعض المدن جرت مظاهرات لمنع بيع شقق سكنية للعرب منها مدينة العفولة. تخيّلوا لو أن محكمة فرنسية أو نمساوية أو أمريكية أو روسية أقرّت منع بيع أرض لمواطن يهودي يريد بناء بيت لأسرته؟ في عام 2017 قام وزير حربية مينمار بزيارة إسرائيل، واستقبل استقبال الأبطال وبالأحضان، ولِمَ لا؟ فإسرائيل السامِيّة تربح من دولته الكثير من المال، مقابل تزويدها بالسلاح ومعدات التنصّت وتدرّب قواتها المسلّحة، ووقعت معها صفقة على ست قطع بحرية حربية، وقد استقبله رئيس الدولة ريفلين كضيف كريم وعزيز، كذلك تبادل قائد الأركان أيزنكوت معه التحية العسكرية والاحترام، في الوقت الذي كان الدخان يتصاعد من أجساد مسلمي الروهينجا المحرّقة وهم أحياء، والنساء والأطفال يذبّحون، أو يُطلق الرصاص من بنادق إسرائيلية في رؤوسهم من مسافات قريبة جدا، وقد قامت منظمات إنسانية في إسرائيل بتقديم شكوى ضد هذه العلاقة، إلا أن محكمة العدل العليا وبناء على التماس حكومة إسرائيل بقيادة نتنياهو، منعت النّشر حول الموضوع لأسباب وُصفت بأنها أمنية. هذا يعني أن علاقات السّلاح ما زالت قائمة، مع هذا النظام، والصفقات مستمرة، رغم وصف الأمم المتحدة جرائم جيش بورما بأنها جرائم ضد الإنسانية، ودعت إلى منع بيع السلاح له، فهل الربح في صفقات الأسلحة يحلل غضّ نظر الساميّين عن اغتصاب وحرق وذبح الأبرياء من بني البشر؟
دعم المجرمين عبر العالم لا يقتصر على تزويد جيش بورما بالأسلحة والخبرة، فهناك دول وأنظمة ديكتاتورية عبر العالم وفي إفريقيا بشكل خاص تتمتع بالدعم العسكري والتدريبات من قبل الدولة السّامية مباشرة، أو من قبل شركات ساميّة مرخّصة. في الحرب الأهلية في رواندا عام 1994 أبيد فيها حوالي مليون إنسان، وفي الوقت ذاته، كانت طائرات نقل ساميّة تحمل السلاح من مطار اللد – بن غوريون- إلى رواندا، وهو ما جرى ويجري مع الكاميرون منذ سنوات، إذ يجري تزويد النظام المتوحش بالسلاح الذي تجري فيه إبادة المعارضين، وتُمسح بهذا السلاح قرى بأكملها عن وجه الأرض، ويقتل من فيها. لا يوجد نظام قمعي في العالم لا يستفيد من شركات السلاح الإسرائيلية التي يقدر عددها بألف شركة، بعضها يصنع السلاح بنفسه، وبعضها يقتنيه من مصانع إنتاج السلاح الإسرائيلية ويصدّره، وهذا يبدأ من المسدس بسعر حوالي 800 دولار وبندقية (نقب) بحوالي ألفيّ دولار، مرورا بدبابة المركباة، إلى طائرة من دون طيار بمليوني دولار، والجميع يعمل بترخيص رسمي من الدولة في كل مكان في العالم. هنالك مجموعات صغيرة من اليهود في إسرائيل وخارجها طرحت الموضوع على بساط البحث، في محاولة منها لإنقاذ ما تسميه «سُمعة وقِيم إسرائيل»، إلا أنها مجموعات صغيرة جدا، لا تكاد تُذكر حتى الآن، والقِيَم كما نرى ويرى العالم في البث المباشر تمارس على الفلسطينيين.

العنصرية مرفوضة بكل أشكالها ضد أي جنس بشري كان، سواء كانت ضد اليهود أو غيرهم من شعوب الأرض

عندما تفخر إسرائيل بالتقدم الاقتصادي، يجب التذكير بأن نسبة لا بأس من هذا الازدهار تأتي أولا وقبل أي شيء على حساب الفلسطينيين ودمائهم وممتلكاتهم وأموالهم وحقوقهم، ثم على حساب بيع الأسلحة والخبرات العسكرية عبر العالم، التي تُدخلُ تسعة مليارات من الدولارات سنويا، تذهب ضحيتها في كثير من الحالات شعوبٌ ضعيفة تُنتهك وتقتل وتغتصب، من آسيا إلى إفريقيا، إلى الكثير من دول أمريكا اللاتينية.
حكومة إسرائيل بقيادة نتنياهو حليفة لأحقر الأنظمة على وجه البسيطة، ومنها أنظمة عربية شطَبت من قاموسها شيئا اسمه حقوق الإنسان، تُقدم لها السلاح والتدريب والدعم المخابراتي، وحتى الحرس الشخصي، نعم يجب أن نؤكد بنعم كبيرة لا للاسامية، ولا أكبر منها للاإنسانية، بحيث تشمل كل بني البشر والمعذّبين في الأرض.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح //الأردن:

    *إسرائيل أم (العنصرية ) ف العالم
    (قاتلها الله ) وكل من لف لفها وساعدها.
    سلام

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    الإحتلال هو الإحتلال, ومقاومته مشروعة بكافة القوانين! لماذا توقف الجهاد؟ أليست فلسطين الأرض المقدسة؟ أليس الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول كمال - نيويورك:

    الإنسانية هي الا يتم التضحية بإنسان في سبيل غاية، مازال اللاجئون الفلسطينيون يعانون ويلات التهجير و الاضطهاد و التهميش جيل بعد جيل، سلام لارض خلقت للسلام و ما رأت يوما سلاما.

  4. يقول محمد ابو الصغير:

    اسرائيل تثير شفقة العالم من وراء هذا الشعار ,,وكل من “ينتقد” اسرائيل تشن عليه هجوم وتتهمه بمعاداة السامية واستطاعت تشريع قوانين في غالبية دول العالم وكأنه معاداة السامية جريمة يعاقب عليها القانون ,,وهي تتصرف بمعاداة العرب وأكل حقوقهم وارضهم ومياهم كأنه متاح قانونيا ,,ولكن المشكلة فينا العرب لا نستطيع التصرف بحكمة بهذه المواضيع وانما نقف ونشتم ونتوعد بدون فعل ..

  5. يقول حنين عودة:

    المغضوب عليهم يعلمون بالحق ولا يفعلون به. سلطاتهم وحكوماتهم السرطانية باتت ان تشوه مقادير الانسانية وتخفي معالم الحياة الوجدانية، واصبح مفهوم الشتات لا يتجزأ فقط على من يعيش خارج فلسطين.

  6. يقول ابن الجاحظ:

    ما دام هناك بين العرب اليوم من له منطق مثل الدكتورة ابتهال الخطيب و الاستاذ سليم عزوز و الاستاذ سهيل كيوان فالامل يبقى متاح فى انقاذ الامة من ما هى فيه ….

  7. يقول خليل ابورزق:

    “عندما تفخر إسرائيل بالتقدم الاقتصادي، يجب التذكير بأن نسبة لا بأس من هذا الازدهار تأتي أولا وقبل أي شيء على حساب الفلسطينيين ودمائهم وممتلكاتهم وأموالهم وحقوقهم، ثم على حساب بيع الأسلحة والخبرات العسكرية عبر العالم، التي تُدخلُ تسعة مليارات من الدولارات سنويا، تذهب ضحيتها في كثير من الحالات شعوبٌ ضعيفة تُنتهك وتقتل وتغتصب، من آسيا إلى إفريقيا، إلى الكثير من دول أمريكا اللاتينية.
    حكومة إسرائيل بقيادة نتنياهو حليفة لأحقر الأنظمة على وجه البسيطة، ومنها أنظمة عربية شطَبت من قاموسها شيئا اسمه حقوق الإنسان، تُقدم لها السلاح والتدريب والدعم المخابراتي، وحتى الحرس الشخصي،” نعم هذه بعض الحقيقة بالاضافة الى ان اغلب مقومات اسرائيل تأتي اليوم من امريكا التي تحظى منها باكثر مما تحظى به اي ولاية امريكية…دعم بدون ضرائب

  8. يقول رسيله:

    مقاله سياسيه رائعه أوصلت من خلالها كاتبنا فحوى المعنى الكامن بطريقة ساخرة لاذعة ، بداية سمي الساميون بهذا الاسم نسبة إلى سام بن نوح، والساميون هم مجموعة من الأنساب المنحدرة التي تضم تحت كنفيها الآراميين، والآشوريين، والعبريين، الذين كانوا يقيمون في الجزيرة العربية وبلاد الرافدين، وسوريا، وفلسطين.وجميعها شعوب تشترك في اللغة والتاريخ والأنساب فقط لا غير وهي لا ترتبط بدلالة عنصرية، بل يربطها قاسم مشترك هو الأصل الواحد.
    لكن الصهاينه استغلوا هذا المصطلح لمصالحهم الشخصية، فكان ذريعة لفصل الشعوب اليهودية الأوروبية عن المسيحيين، ولخلق فكره قوميه للشعب اليهودي لإقامة وطن قومي لهم . وقد ألصقت بالعرب تهمة العداء للسامية، وهو اتهام لا يمت للواقع بصلة ،فالعرب في أصلهم ساميون، ولا تنحصر الساميه بالشعوب اليهودية، كما أن التاريخ لا يملك أي دليل على اضطهاد العرب لليهود ، سواء بسبب عرقهم أو حتى دينهم،(هناك تكمله)

  9. يقول رسيله:

    (التتمه) فقد أكد المؤرخون اليهود السابقون للصهيونية والذين اتصفوا بالموضوعية أن العصر الذهبي لليهود كان في أثناء حياتهم في العالمين العربي والاسلامي إلا أن الصهيونية استغلت فكرة عداء العرب لليهود لوقوف العالم إلى جانبها وباتت تهمة اللاسامية الملاذ الاخير والأنجع بالنسبة لها في مواجهة حركة المقاطعة وداعميها والمستجيبين لها حول العالم، فهي تلعب دوما دور الضحية وتسعى للابتزاز السياسي من خلال هذا الموضوع ، مع أن شكل العنصرية الأكثر انتشارا في الغرب في أيامنا هو العداء للمسلمين،
    ولنضال الشعب الفلسطيني الساعي للحرية والعودة فاصطبغ هذا العالم بصبغة لاانسانية لأنه زرعوا بدل الورد أشواكا متناسين المثل الصيني القائل :” إذا أردت أن تزرع لسنة فأزرع قمحا،وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة، أما إذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع إنسانا” وهم زرعوا رمادا وهياكل عظمية لإشلاء جثث .
    كاتبنا دائما استمتع بما يغرسه قلمك من ابداع متقن ،لك كل التقدير ودمت بخير.

  10. يقول مراد بومنجل:

    المظاهرات المنددة باللاسامية يجري استغلالها بشكل فظيع لمحاربة اللاصهيونية
    فالتنديد باللاسامية يجب أن يقترن بمحاربة الصهيونية و التنديد باللافلسطينية

إشترك في قائمتنا البريدية