قالَ لي حرفي:
أتذكرُ تلكَ المرأة التي سمّيتَها الملكة،
الأميرةَ، الجوهرةَ، اللؤلؤةَ، المعشوقةَ، المجنونة،
السّاحرةَ، القُبْلةَ، والنُّقطة؟
أتذكرُ أنّكَ أعطيتَها ألفَ اسم؟
قلتُ: نعم.
قالَ: أصدقني القول:
ما الذي تبقّى مِن أسمائِها الألف؟
قلتُ: تبقّى اسمُها الأعظم،
أعني وهمها الأعظم!
قالَ لي حرفي:
هل فهمتَ كلماتِ الأغنية؟
قلتُ: سمعتُ مطراً عذباً ينزلُ فيها
ويتراقصُ فوقَ زجاجِ شُبّاكي المفتوح.
قالَ: وماذا بعد؟
قلتُ: سمعتُ فيها أيضاً
طبلاً هائلاً يقرعُ قربَ طفولةِ أذني.
قالَ: هذا الطّبل الهائل هو أغنيتك!
قلتُ: لا فهذا الطّبلُ عنيفٌ كالسكّين،
عنيفٌ كالدم.
ضحكَ حرفي وقال:
إغسلْ سكّينَكَ مِن دمِها بماءِ الأمطار
ولا تخبرْ بهذا أحداً
لا تخبرْ حتّى الشُّبّاك.
قالَ لي حرفي:
أراكَ تجيدُ الصّمت!
قلتُ: نعم، حينَ وجدتُ الكلام
يتخاذلُ أمامَ سيلِ الغباء،
ويرتبكُ عندَ نهر الحقد،
ويغرقُ وسطَ بحرِ الأكاذيب.
قالَ لي حرفي:
قلبُكَ يشبهُ شمعةً مُضاءةً من الطرفين.
هذا ما لا يحتملهُ بشرٌ. فاطفِئْ طرفَها الأسفل.
قلتُ: لا أستطيع.
قالَ: إطفِئْ طرفَها الأعلى.
قلتُ: لا أستطيع.
قالَ: إطفِئ الطرفين.
قلتُ: لا أستطيع.
فتركني حرفي مَذهولاً
وهو يدمدمُ بكلامٍ عجيب.
قالَ لي حرفي:
أرأيتَ مَن اتّخذَ أناه هواه،
أتكون لهُ ندّا؟
قلتُ: لا.
قالَ: فإنْ اتّخذَ أناه
رايتَه الحمراءَ أو الزرقاءَ أو الصّفراء؟
قلتُ: لا.
قالَ: فمَن هو ندّكَ؟
قلتُ: لا ندّ لأناي سوى أناي.
قالَ لي حرفي:
أعداؤك يتساقطون الواحد بعدَ الآخر.
بحرُ الموتِ يبتلعُهم أو بحرُ الظلام،
بحرُ الجنون أو بحرُ الهوان.
فهل أنتَ سعيدٌ بهذا؟
قلتُ: لا.
قالَ: كيف؟
قلتُ: لأنّهم- دونَ أن يعلموا-
كانوا ينيرون لي الطريقَ بكراهيتهم المفرطة.
ويدفعون- دونَ أن يعلموا- مركبي الصغير
بأحقادهم الهائلة.
٭ شاعر من العراق – أستراليا