لا يريدون الموت… يريدون انتباها

حجم الخط
1

هي طبيبة كبيرة في أحد المستشفيات في مركز البلاد، وقد تحدثت اليها في نهاية الاسبوع عمن تعالجهم وهم مجموعة من المعتقلين الاداريين المضربين عن الطعام، فقالت: «جاءوا إلينا في اليوم الخامس والثلاثين من اضرابهم عن الطعام وهم عندنا منذ ثلاثة اسابيع. وفكرت في البداية في أنه ما الداعي الى علاج ناس أصحاء. وأدركت بعد ذلك أن الامر ليس بتلك البساطة لأنه قد تحدث كارثة. وشعرت بأنني أمسك بسلام الشرق الاوسط بين اصابعي ولا يوجهني أحد الى ما أفعله لا وزارة الصحة ولا الحكومة.
«تحولت الغرف في طرف القسم الباطني الى موقع لمصلحة السجون. وقد أناموهم في الأسرة مقيدين من خلاف اليد الى الرِجل. وسمح لهم رجال مصلحة السجون بالذهاب الى المراحيض فقط. وخشيت أن تصيبهم مشاكل طبية بسبب الاستلقاء في الأسرة طول النهار. وتبين لي أنهم سمحوا لهم في مستشفى آخر بالسير في الغرفة وطلبت أن يسمحوا لهم بذلك، فرفضوا الى أن جاء قائد سجن مجدو وسمح بذلك. وفي النهاية فكوا قيود أيديهم خلال النهار.
«تتم جميع فحوصاتهم بحضرة سجان وبرغم ذلك صارت لي بهم علاقات ثقة. وعرفت من الاحاديث معهم أنهم يعرفون جيدا ما يحدث في الخارج. وأكثرهم يُحسنون الكلام وهم أذكياء.
«هذا اضراب عن الطعام عجيب، فهم يوافقون على شرب الماء وابتلاع السكر والملح والفيتامينات. وليست عندهم رغبة في الانتحار فهم لا يريدونه. قلت للمضربين إن من لا يريد أن يأكل يستطيع الحصول على الوجبة نفسها بحقنة. ويُفضل أن يكون ذلك من الفم بالطبع لكن القرار لهم.
«نحن نعطيهم الماء والاملاح والتيامين (الفيتامين ب1، وهو الفيتامين الذي كان ناقصا من حليب رميديا). وهم يوافقون على الحصول على كل ما اعطيهم إياه، ومع ذلك قد يتغير كل ذلك في كل لحظة. قال لي أحدهم: لو عرفت زوجتي بأنني آكل الطعام لاعتقدت أنني لست رجلا. وهدد آخر بالكف عن شرب الماء اذا لم يُمكنوه من لقاء رجل اعلام.
«عندنا أطباء يقولون: هؤلاء ارهابيون فليموتوا. وبينت لهم أن الحديث عن معتقلين اداريين فهم لم يحاكموا ولم يحكم عليهم. وطلبهم أن يحاكموا. وأنا أعلم أن ذلك غير سهل و»الشباك» يزعم أنه لا يستطيع أن يعرض مصادره للخطر، لكن عمل القاضي الذي يُطيل مرة بعد اخرى مدة اعتقالهم دون محاكمة صعب جدا.
«تنخفض اوزانهم طول الوقت. وضغط دمهم منخفض قليلا لكن أكثر فحوصات مختبراتهم جيدة. وفاجأني أنهم أصحاء جدا، ومع ذلك قد ينفجر شيء ما في اجسامهم فقد يصيبهم مرض تلوث. وأنا لست مطمئنة. «أدركوا في الايام الاخيرة أنهم خسروا المعركة، فقد أخبرهم أحد السجانين أو المحامي الذي زارهم عن اختطاف الفتيان فتقبلوا ذلك بقبول صعب بل لعن أحدهم حماس، فقد أدركوا أن الاختطاف يزيل الاهتمام بهم. والذي لم يفعله الاختطاف فعلته ألعاب كأس العالم.
«في يوم الخميس أعلن أكثر من نصف المعالجين عندنا أنهم مستعدون للعودة الى تناول كامل للطعام، بل قالوا إننا مستعدون لتناول الشاورما اليوم. وزال اكتئابي. وأدخلناهم في مسار تأهيل تدريجي مصحوب بفحوصات. ويواصل الآخرون الاضراب.
«إن الاشتغال بقانون تغذية السجناء بالقوة يغضبني لأن قانون حقوق المريض يقضي بأنه حينما يرفض مريض بشدة الحصول على علاج فان الطبيب يستطيع أن يجمع لجنة اخلاقية. وتستمع اللجنة للاطباء وللمريض. ويمكن باذن اللجنة علاج المريض بخلاف ارادته. لكننا بعيدون جدا عن هذا الوضع. والقانون بحسب علمي حيلة غوغائية فارغة من المضمون. والذي يضايقني هو أنه توجد هنا مشكلة غير سهلة وليس لها أي صدى عند الجمهور.
«إن الذي ترضيه هذه الحال هو قسم حسابات المستشفى لأنه يعالج هنا اشخاص بدفع كامل دون اعتراضات صندوق المرضى ودون نفقات لا حاجة اليها. وهذا جيد لنا».
إن قانون التغذية بالقوة يفترض أن يطرح اليوم لموافقة عاجلة سريعة عليه في الكنيست. فاذا أُجيز فسيضاف الى قوانين اخرى أجيزت لغرض ما بضغط عناوين صحفية ولم تُفد شيئا في الشأن الذي من اجله نشأت وجلبت العار على التشريع في دولة اسرائيل. وبخصوص المضربين عن الطعام تقول مصلحة السجون إن 200 من 300 عادوا في نهاية الاسبوع الى تناول الطعام، وبقي في المستشفيات نحو من 70 مضربا عن الطعام وربما أقل من ذلك. واذا كانت الطبيبة التي تعالجهم صادقة فانهم لا يريدون الموت بل يريدون انتباها.

يديعوت 23/6/2014

ناحوم برنياع

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dr. Abufahd UK:

    لقد تعلم اليهود منذ أيام الهولوكست كل الطرق التى كانت تتبع معهم وهم يقومون بتكرارها بكل حذافيراها بهمة و نشاط كبيرين ولا أعتقد أن هناك أحد فى امريكا أو اوروبا سوف يردعهم إذا ما قاموا بتنفيذ الحل النهائي الذى للأسف الشديد لم يتم تنفيذه عام 1945 .

إشترك في قائمتنا البريدية