بيروت- “القدس العربي”:
تدخل البلاد اعتبارا من السبت في عطلة طويلة لمناسبة عيد الأضحى المبارك تمتد حتى يوم الثلاثاء المقبل، ومعها تُعلق الاتصالات حول التشكيلة الحكومية التي يعترض عليها رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بسبب رفضهما التخلي عن حقيبة الطاقة مقابل لا شيء وتمسكهما بحصة وازنة في الحكومة العتيدة. واللافت في هذا الإطار هو دعوة رئيس الجمهورية سواه “إلى استخلاص العِبَر من معاني التضحية في العيد وسموها”، وبدلا من أن يطبق عون المبدأ على نفسه غرد قائلا “حبذا لو يضحي البعض بمصالحهم وانانياتهم من اجل مصلحة وطنهم وهناء شعبهم”.
وعلى هذا المنوال، يستمر التناحر الحكومي وصراع الصلاحيات بين قصر بعبدا والسراي الحكومي، وفي انتظار عودة الرئيس المكلف من السفر تستمر تعقيدات الولادة الحكومية على حالها في ظل امتعاض في قصر بعبدا من “محاولة ميقاتي تهميش دور وصلاحيات رئيس الجمهورية في عملية التأليف”، وهو ما دفع بالتيار الوطني الحر إلى التفتيش عن خيارات للرد على الرئيس المكلف ومن بينها ما كشفت عنه “القدس العربي” لجهة الطلب من الوزراء المسيحيين الاستقالة من تصريف الاعمال.
وقد أكدت قناة OTV التابعة للتيار هذه المعلومات بانتقادها في نشرتها الاخبارية ما سمته “سعي البعض إلى اعادة فرض معادلات بالية تمس الشراكة وتضرب الميثاق، آملين في شغور رئاسي يسمح لهم حصولُه حسب تقديراتهم، بالهيمنة مجددا على القرار، لتمرير كل ما لم يمر، من طبخات وصفقات، سواء عبر وزارة الطاقة التي يستهدفونها، أو من خلال غيرها، بعدما امعنوا في تعطيل القضاء ومنع التدقيق الجنائي، وفرطوا بأموال المودعين وجنى عمر الناس”. قبل أن تؤكد القناة “أن الرئيس عون “ما بينزرك” ولديه المخارج اللازمة “لإحداث صدمة كفيلة بتحريك المياه الراكدة”، ملمحة إلى “سيناريو يقوم على استقالة عدد من الوزراء المسيحيين من حكومة تصريف الأعمال بهدف الضغط على ميقاتي”.
في المقابل، استنكر الرئيس ميقاتي ما تتعرض حكومته من حملة جائرة ومنظمة، وعرض لمسار تشكيل الحكومة مع رئيس الجمهورية والمساعي الهادفة إلى وقف الانهيار، وقال لمناسبة عيد الاضحى “يطل عيد الاضحى على لبنان واللبنانيين في مرحلة هي الاصعب، مما يقتضي منا جميعا مواجهتها بتضامن وطني وجهد دؤوب لوقف الانهيار والحفاظ قدر الامكان على تماسك المؤسسات والادارات وانتاجيتها، بالتوازي مع الجهد المكثف حكوميا لوضع البلد على سكة التعافي الاقتصادي والمالي والاجتماعي”.
وقال: “إن الوقت الداهم والاستحقاقات المقبلة يتطلبان منا الاسراع في الخطوات الاستباقية ومن أبرزها تشكيل حكومة جديدة، تواكب الاشهر الاخيرة من عهد فخامة الرئيس ميشال عون وانتخاب رئيس جديد للبنان. ومن هذا المنطلق أعددت تشكيلة حكومية جديدة وقدمتها إلى فخامة الرئيس ميشال عون، الاسبوع الفائت، وتشاورت معه في مضمونها حيث قدم فخامته بعض الملاحظات، على أمل أن نستكمل البحث في الملف، وفق أسس التعاون والاحترام التي سادت بيننا طوال الفترة الماضية”، مضيفا “كما أن حكومتنا المستقيلة تواصل عملها في سبيل معالجة الملفات الكثيرة المطروحة بروح التعاون الايجابي، بالتوازي مع تعاون مماثل مع المجلس النيابي من أجل اقرار مشروع قانون الموازنة وعدة مشاريع اصلاحية تشكل خطوة أساسية لانجاز التفاهم النهائي مع صندوق النقد الدولي”.
وتابع ميقاتي: “تتعرض حكومتنا لحملة جائرة ومنظمة بهدف وقف الخطوات الاساسية التي نقوم بها لحماية حقوق المودعين والحفاظ على القطاع المصرفي الذي يشكل ركيزة أساسية من دعائم الاقتصاد اللبناني”، مؤكدا ان “كل هذه الحملات لن تغير في الواقع المعروف شيئا، فليست حكومتنا هي التي تسببت بحجز اموال المودعين وأوصلت القطاع المصرفي إلى ما وصل إليه، بل على العكس من ذلك فهي تعطي الاولوية لحماية حقوق المودعين والتوصل إلى حل واضح وعلمي لاعادتها إلى اصحابها بعيدا من المزايدات الشعبية المقيتة”.
واضاف: “كما أن الحملة الجائرة التي يتعرض لها نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي، والتشويه المتعمد لعمله وللخطوات التي تقترحها الحكومة، لن تردعه عن المضي في العمل المهني والدؤوب الذي يقوم به على صعيد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للتوافق على ما هو الافضل لحفظ حقوق المودعين وعدم ضرب القطاع المصرفي في الوقت ذاته”.
وكان موقع “لبنان 24” الذي يملكه ميقاتي علق على سيناريو استقالة وزراء من تصريف الاعمال بالقول “إنه فصل جديد من المغامرات الدونكيشوتية في محاربة طواحين الهواء التي باتت سِمة السنوات الماضية، وهذه المغامرة التي يتم رسم فصولها سيدفع ثمنها اللبنانيون بالدرجة الاولى، وستؤدي إلى تقويض ما تبقى من مقومات للدولة، وعندها فليتحمل من رسمَ هذا السيناريو تبعات ما قد يحصل”، ولاحظ “أن السيناريو غير واقعي، وأن التلويح به قد يكون دافعه “تحسين الواقع التفاوضي” لـ”التيار” ليس إلا، بعدما شعر أن “أوراق القوة” سقطت من يديه، على أبواب نهاية “العهد”، فضلا عن أن الكثير من الوزراء المسيحيين لن “يتجاوبوا” مع مثل هذا الطلب، الذي سيضعهم تلقائيا في خانة “المعطلين” لتسيير شؤون الناس”.