بيروت- “القدس العربي”: يواصل عدد من النواب التغييريين الاعتصام داخل قاعة الجلسات العامة احتجاجاً على عدم عقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية، ورفض النواب ملحم خلف ونجاة صليبا وفراس حمدان وصف خطوتهم بـ”الاستعراضية”.
وقد أطلقت هذه الخطوة على الرغم من كل الانتقادات لها من قبل نواب 8 آذار/ مارس وعدم الاقتناع بأهمية نتائجها من قبل بعض نواب المعارضة ديناميكية متجددة، وأوجدت حالة من التضامن النيابي بخلاف التضامن الشعبي الذي مازال خجولاً.
وأبرز ما سُجّل من تضامن هو الخطوة الرمزية التي قام بها عضوا “تكتل الجمهورية القوية” النائبان جورج عقيص ورازي الحاج اللذان أملا أن “تشكّل الخطوة فرصة للوصول إلى خارطة طريق مشتركة تعبّد الطريق أمام إيصال مرشح توافقي بين الكتل الداعمة لترشيح النائب ميشال معوض والنواب التغييريين”.
وهذا ما أكد عليه أيضاً ناشطون في ثورة 17 تشرين/ أكتوبر الذين دعوا إلى الاتفاق على مرشح واحد للمعارضة بهدف الخروج من الانقسام غير المفيد والذي يبقينا في دائرة المراوحة. وكشف النائب عقيص “أننا أبلغنا نواب التغيير المعتصمين داخل مجلس النواب أن الخطوة بحد ذاتها حركة نبيلة ولكن ماذا بعد؟ وإلى أين تتجهون من هذا الاعتصام؟ انتخبوا ميشال معوض”.
وبعد تلويح “اللقاء الديموقراطي” من ساحة النجمة بتعليق مشاركة نواب اللقاء في جلسات الانتخاب إذا استمر الوضع على ما هو عليه، شدّد رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط على “أهمية أن يبادر كل الأفرقاء باتجاه تحريك الملف الرئاسي لإتمام هذا الاستحقاق، وبالتالي إطلاق مسار المعالجة تدريجياً”، مؤكدا أن “كل جهد الحزب التقدمي الاشتراكي السياسي وحركة المشاورات التي يجريها، تهدف لكسر حلقة الجمود المتصلة بالملف الرئاسي وتأمين التوافق على شخصية تتولى مسؤولية الحكم بالتكامل مع الحكومة المقبلة والمجلس النيابي، لإعادة انتظام المؤسسات الدستورية والخروج من النفق المظلم، الذي يحكم البلاد ويزيد من تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية والمالية التي تستنزف المواطنين وإرهاقهم”.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري ردّ على اعتصام النواب التغييريين بعدم تحديد موعد لجلسة الانتخاب ككل خميس، في رسالة ضمنية إلى عدم تسليمه بأي ضغط وعدم قبوله بـ”المناكفات والاعتصامات الاستعراضية”. غير أن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب أعلن “أن الرئيس بري أبلغه استعداده لتأجيل جلسة اللجان النيابية المشتركة المقررة يوم الخميس وتحويلها إلى جلسة انتخاب رئاسية حال لمس أن ذلك بات ممكناً”.
تزامناً، علّق البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على استمرار الشغور الرئاسي وعدم إحراز أي تقدم فعلي، فألقى الضوء في عظة الأحد على هذا الموضوع، محمّلاً النواب مسؤولية “وصمة العار” وموجّهاً رسالة ضمنية إلى حزب الله وإيران بقوله “لا تزال القوى السياسية تتقاذفُ الاستحقاقَ الرئاسي وتَمتنع عن انتخابِ رئيسٍ جديدٍ يَصمد أمامَ الصعاب ويرفض الإملاءات ويحافظ على الخصوصيِة اللبنانية”.
وأضاف الراعي “ليس خوفُنا أن تتغيّر هوية رئيسِ الجمهورية المارونية وطائفتُه، بل أن تَتغيرَ سياسته ومبادئه ويَلتحق بسياسيات ومحاور ودول تجاهد ليلا ونهارا للسيطرة على البلاد وتحويله إقليما من أقاليمها، لكن هذا الأمر مستحيل لأن قرار التصدي لتغيير هوية الرئيس وكيان لبنانَ مأخوذ سَلفًا مهما كانت التضحيات ولا يَظنَ أحد أنه قادر على تغييرِ هذا التراث التاريخي وهذه الخصوصية الوطنية”.
الراعي سيتصدّى لتغيير هوية الرئيس: من يظن أنه يستطيع خطف رئاسة الجمهورية مخطئ
وتابع “يُخطئ من يَظن أنهُ يستطيع خطف رئاسة الجمهورية اللبنانيِة وأخْذها رهينة ويطلب فدية لإطلاق سراحها. لسنا شعبَ الفديات بل نحن شعبُ الفداء.. في هذا السياق إن القوى الوطنية السيادية أكانت مسيحية أم مسلمة مدعوة للاتحاد وتشكيل هيئة مشتركة تدافع عن لبنان ليتأكد العالم أن شعب لبنان مصمم على الحياة معاً”.
وتطرّق الراعي إلى انعقاد جلسات مجلس الوزراء فقال “قلنا منذ اليوم الأول لنهاية العهد، إن هذه الحكومة هي مستقيلة ومَهمتُها تصريف الأعمال ومن واجبها التفاهم حول تفسير تصريف الأعمال لئلا تخلق إشكاليات نحن بغنى عنها”.
وأكد أن “الحكومة عملها محصور بالمحافظةِ على الحد الأدنى من تسيير شؤون المواطنين الضاغطة ومنعِ سقوطِ الدولة نهائياً، خصوصا أن مهزلة جلسات انتخابِ رئيسِ للجمهورية لا تزال مستمرة، وقرار عقدها وفقًا للدستور مسلوب. ويترافق كل ذلك مع انهيارٍ صارخٍ لسعرِ العملات بحيث تجاوز سعر الدولار الخمسين ألف ليرة لبنانية. وناهز سعر صفيحة البنزين المليون ليرة وتضاعفت أسعار المواد الغذائية والطبية بعشرات الأضعاف”، متسائلاً “فكيف سيعيش هذا الشعب؟ كيف سيأكل ويشرب ويتغذى ويعمل ويقبض أَجره ويتداوى؟ وهل تشعرون به أيها المؤتمنون على المسؤوليّة؟ خوفنا أنكم تشعرون ولكنكم تريدون لهذا الشعب هذه التعاسة لغرض في نفوسكم”.