بيروت-“القدس العربي”: على الرغم من إنتهاء جلسة مناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة وما رافقها من معارك كلامية على خلفية مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران جبران باسيل الذي اتهم نواباً بتهريب أموال إلى الخارج ومنزّهاً تياره عن الفساد، فقد بدا أن هذه المعارك مستمرة وخصوصاً في وجه القوات اللبنانية التي يعتبرها باسيل الخصم الأبرز على الساحة المسيحية والوطنية. وفي هذا المجال وجه بيان صادر عن اللجنة المركزية للإعلام في “التيار الوطني الحر”الاتهام القوات اللبنانية مواربة بالضلوع في كارثة انفجار مرفأ بيروت وبأنها تأوي ابراهيم الصقر خوفاً من انكشاف المستور، علماً أن القضاء برّأ الصقر وشقيقه من تهمة تخزين البنزين للاتجار به وأخلى سبيل مارون الصقر ليُعاد قبل يومين توقيفه على خلفية ضبط شاحنة محمّلة بنيترات الأمونيوم للمدعو سعدالله الصلح في بدنايل والاستناد إلى إفادة مدير المشتريات لديه المدعو أحمد الزين الذي قال إن المؤسسة اشترت النيترات من الصقر.
وفي وقت تحوم شكوك حول ما يُحاك في هذه القضية برز بيان التيار العوني الذي اتهم القوات بأنها “تواصل ممارسة الكذب في موضوعي المحروقات ونيترات الأمونيوم المخزّنة في مستودعات آل الصقر، والسيد ابراهيم صقر هو أحد قيادييها ومموليها، فيما هي لا تزال تأويه هرباً من محاسبة القضاء واللبنانيين لها”. واضاف البيان “تختبىء قيادة القوات خلف ورقة تين بيانات الشتم للفرار من المحاسبة أمام محكمة الرأي العام والقضاء” وأشار إلى “أن الشجاعة، إن كانت لقيادة القوات منها ذرة، تكمن في تسليمها السيد صقر إلى القضاء فوراً. والى حينه، ستظل في نظر اللبنانيين مدانة بتغطية المرتكبين مجدداً وبحرمانهم من ملايين الليترات من البنزين والمازوت، ومشبوهة، ربما، جراء هلعها من انكشاف مستور كارثة إنفجار المرفأ وهدر دماء شهدائه وآلاف الجرحى والمتألمين”.
ورداً على التيار، صدر عن الدائرة الإعلامية في القوات بيان جاء فيه “لم نتفاجأ بالبيان الصادر عن “اللجنة المركزية لفبركة الأخبار الكاذبة ونشرها” في “التيار الوطني الحر”، لأنّ التجربة أثبتت خصوصاً منذ أن تبوأ هذا التيار أعلى موقع في السلطة وتحكّم بمفاصل القرار حكوميًّا ونيابيًّا فهو لا يجيد سوى الكذب، حيث إنه قبل إمساكه بالسلطة كان ما زال يحاول خداع الناس، ولكن السلطة كشفته على حقيقته فهو فاشل في كل شيء وحتى كذبه لم يعد يقطع على أحد. والمشكلة كلّ المشكلة في أن هذا الفريق لم يتّعظ بعد من أدائه الذي أوصل لبنان إلى الانهيار، إنّما يواصل سياسة الكذب للتغطية على فشله بدلاً من تغيير أسلوبه ونهجه علّه يحظى بفرصة جديدة مع الناس الذين قالوا كلمتهم بشأنه، بأن لا ثقة في دوره وممارسته، ومع وصوله إلى السلطة تبيّن أن لا تصور لديه ولا مشاريع ولا خطط، بل يصرف وقته كلّه في فبركة الشائعات وبثّها، وهذا ما يفسِّر الحالة المأساوية للبنانيين، وما يفسِّر أيضًا الأسباب التي جعلت اللبنانيين “ينعمون” بعتمة شاملة بعد أن استلم وزارة الطاقة منذ أكثر من عشر سنوات، والمليارات التي صُرِفَت وهُدِرَت على الكهرباء والسدود والمحاسيب والأزلام، وكلّها من جيوب اللبنانيين ومدّخراتهم”.
وأضافت الدائرة الإعلامية في القوات”ولا عجب أنّ السياسة الوحيدة التي نجح فيها هذا الفريق هي سياسة المزرعة، وتوظيف المحاسيب، وشراء الذمم في خدمات الدولة التي انهارت بفعل ممارساتهم وسلوكهم الفاسد، وليست صدفة بالتأكيد أنّ الشعب اللبناني لم يتعرّف على جهنّم إلا في المرّتين اللّتين وصل فيهما هذا الفريق إلى السلطة، الأولى في ثمانينيات القرن الماضي، والثانية اليوم. وأما في ما يتعلّق بمحتوى البيان الصادر عن اللجنة المركزية للكذب فيقدِّم أقوى دليل عن الأسباب التي أوصلت البلد إلى الانهيار، حيث إن لا خبر جديدًا لدى هذا الفريق منذ شهر إلى اليوم سوى مخزن البنزين الذي اكتُشِف عند السيد إبراهيم الصقر الذي هو محازب في “القوات اللبنانية”، فيما القاصي يعلم والداني أيضًا أنّه يعمل في مجال المحروقات منذ عشرات السنوات، فلم يكترث هذا الفريق مثلاً للمخازن التي اكتُشِفت ويفوق عددها الـ50 مخزنًا للبنزين والمازوت أو سواهما، والسبب لأنّه لم يجد وسيلة لربطها بـ”القوات”، ولم يكترث أيضاً لانفجار خزان التليل على رغم سقوط حوالى 40 شهيدًا من الأهالي، والسبب عدم قدرته على ربط هذا الانفجار بـ”القوات”، فيما الانفجار هو نتيجة إهمال هذا الفريق الذي يرفض رفع الدعم من أجل الاستفادة من التهريب والاحتكار، ولكنه وجد في خزان الصقر ضالته لكونه ينتمي إلى “القوات” مع الأخذ في الاعتبار أنّ القوى الأمنية صادرت خزان الصقر والخزانات الأخرى التي بقي أصحابها مجهولو الهوية. وأما في مسألة نيترات الأمونيوم فلم تظهر كل التحقيقات أي أثر لمادة الأمونيوم، بل هي كناية عن أسمدة زراعية تستعمل في كل الأوقات، ومحاولة إلصاق النيترات التي وجدت في شاحنة السيد سعدالله الصلح في بندايل بـ”القوات” والصقر أبطلته التحقيقات، في الوقت الذي قادت التحقيقات في انفجار المرفأ إلى توقيف بدري ضاهر المحسوب على تيار الكذب وطلب المحقق العدلي التحقيق مع المدير العام لأمن الدولة طوني صليبا الذي يحظى بغطاء رئيس الجمهورية الذي كان أعلن معرفته بالنيترات قبل أسبوعين من الانفجار ولم يحرِّك ساكنًا، وفي الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على النائب جبران باسيل “بسبب دوره في انتشار الفساد في لبنان”، حسب ما جاء في بيان الخزانة الأمريكية”.
وختمت القوات “الجميل في تيار الكذب القبيح أنّه يختلق الكذبة ويعيشها إلى حدّ أنّه يعود ويصدّقها على رغم أنّه مَن اختلقها، ولهذا السبب أوصل تيار الكذب البلاد الى حيث وصلت إليه، والمؤسف المؤسف أنه بدلاً من أن يعتذر من اللبنانيين على فشله في إدارة البلاد وإيصالها إلى الحضيض والفقر والعزلة والانهيار والسقوط والقعر، يستمر في نهجه السابق مستلهمًا قول معلمه الشهير غوبلز “اكذب اكذب، لا بدّ من أن يعلق شيء” في ذهن الناس، ولكن هذه المرة سبق السيف العزل ولن يعلق في أذهان الناس سوى جهنّم الذي قاد تيار الكذب لبنان واللبنانيين إليه، ولكن سيكون للشعب اللبناني موعدًا قريبًا مع الانتخابات للتخلُّص من جهنم ومن أوصلهم إليه”.
وكان نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان تحدّى القضاء أن يقول إننا توسّطنا عنده للدفاع عن أحد، وقال ” أي أحد من القوات يخالف القانون فليتفضل القضاء لمحاسبته ونحن خلفه بإنزال أشد العقوبات”، وتوجّه إلى التيار وسواه قائلاً “يا إخوان ما بتعرفونا…جربونا بتتعرّفو علينا”.
توازياً، لفت كلام نوعي لرئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يحمل رسائل سياسية في أكثر من إتجاه ويطال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وطريقة إدخال المازوت الإيراني، حيث قال “بئس هذه الأيّام التي تخرج أصوات تنسى تضحيات الرئيس نبيه بري وحكمته وحنكته وتدّعي أن رئاسة المجلس النيابي ليست حكراً لأحد”. وأضاف جنبلاط عبر “تويتر”: “بئس هذه الأيّام التي يطالب مسؤول أمن المواطن بفتح الطرقات أمام شبيحة النظام، بئس هذه الأيّام التي عدنا فيها إلى تعليمات النظام السوري وأحد سفاحيه عنيتُ علي مملوك لبنان”.
وكان جنبلاط غرّد قبل الظهر: “وكأن كل شيء مدروس. يعلن عن الكهرباء الأردنية والغاز المصري وهي الفرصة لبداية معالجة أزمة الكهرباء فيأتي اجتياح المازوت. تسأل عن النفط العراقي وملابسات استبداله الغامضة فلا جواب، انتهاء بمسرحية انقطاع الكهرباء عن المجلس والمزايدة اللاحقة. ختامها التنقيب الإيراني، فأين دولة لبنان؟”.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون عرض في قصر بعبدا، مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب التطورات التي نشأت بعدما اقدمت إسرائيل على تكليف شركة أمريكية القيام بتقديم خدمات تقييم للتنقيب عن آبار غاز ونفط في المنطقة المتنازع عليها. وخصص الاجتماع لدراسة تداعيات الخطوة الاسرائيلية والإجراءات التي سيتخذها لبنان عطفا على الرسالة التي وجهها بهذا الخصوص إلى الأمم المتحدة.