سعد الياس
بيروت ـ ‘القدس العربي’ : خلال الاجتماع الشهري الاخير لمجلس المطارنة الموارنة أبلغ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الحاضرين أن البابا فرنسيس سيزور الاردن والاراضي المقدّسة بين 24 و26 أيار/مايو الجاري وأنه سيغتنم هذه الزيارة لمرافقة البابا وتفقّد أحوال الرعية المارونية. ويأتي قرار الراعي مغايراً لقرار سلفه البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الذي إمتنع عن مرافقة البابا يوحنا بولس الثاني الى الاراضي المقدسة قبل سنوات مراعاة لاوضاع داخلية كما قال يومها.
ومن المرتقب أن يثير قرار الراعي إستياء حزب الله وعددا من القوى والاحزاب السياسية والاسلامية التي ستعتبرها تطبيعاً مع الاحتلال الاسرائيلي ومخالفة للقوانين اللبنانية وتكسر المقاطعة لاسرائيل.. واستباقاً لأي حملة تعتبر زيارة البطريرك بمثابة تطبيع للعلاقات مع اسرائيل كتب عوني الكعكي في جريدة ‘الشرق’، تحت عنوان البطريرك الى القدس ‘بالنسبة الينا إذا كان هذا الخبر صحيحاً ، كنا نتمنى أن يكون لدى غبطته المزيد من التروّي حول هذا القرار، لأنّه معروف أنّ الكنيسة المارونية كانت أوّل من التزم مقاطعة إسرائيل منذ العام 1948 حتى اليوم. بل انّ الموارنة وسائر المسيحيين في لبنان كانوا يحجّون الى القدس قبل قيام الكيان العبري في فلسطين، ثم أوقفوا هذا الحج إلتزاماً بمقاطعة ‘إسرائيل’.
من حيث المبدأ نحن مع الزيارة لأننا نعرف أنّها زيارة روحية، ولكنّ الكثيرين سيعتبرونها إعترافاً بالعدو. لذلك نحن نأمل أن يتروّى غبطته’.
واضاف ‘لسنا في وارد إسداء النصائح، وبالذات الى صاحب الغبطة، إلاّ أنّنا ومِن موقع الغيرة والمحبّة، نكرر الدعوة الى التروّي والتبصّر في ما قد يترتب على هذه الزيارة على رغم أننا نعرف أنّها ليست الى إسرائيل إنما هي الى المواقع المسيحية المقدسة في فلسطين المحتلة’.
تزامناً هناك من قال إنّ ‘الراعي خطّط لزيارة الاراضي المقدّسة منذ توَلّيه السدّة البطريركية في آذار/مارس 2011، وزار سوريا لإسكات الأصوات التي قد تعترض على هذه الزيارة’.
ويتزامن قرار الراعي مع تأكيد أوساط كنسية أن ‘الراعي بطريرك يسعى الى تخطّي كل الحدود، وحركته الدائمة وزياراته الخارجية تؤكد أنّ الكنيسة تتّبع نهجاً جديداً في التعاطي’. وتسأل الأوساط الكنسيّة ‘هل تمنّع البطريرك عن مرافقة البابا، سيُحرّر فلسطين؟’، ولفتت الى ‘أن الفلسطينيين يتعاملون مع اسرائيل كأمر واقع، وتربط بعض الدول العربية معاهدات سلام معها، فيما لم يُطلق النظام السوري رصاصة واحدة لتحرير الجولان المحتلّ’.
وفي المعلومات أن النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح سيرافق البطريرك في زيارته، وأن الانتقال الى الاراضي المقدسة سيتم براً بعد زيارة الاردن.
وأكد مدير المركز الكاثوليكي للاعلام في لبنان الأب عبدو أبو كسم في حديث الى ‘القدس العربي’، ‘أن زيارة البطريرك الراعي الى الاراضي المقدسة هي رعوية، وإن القدس وبيت لحم ليستا حكراً على اسرائيل وبالتالي لا أهداف سياسية للزيارة ولا صحة على الاطلاق لأي تطبيع مع اسرائيل’، كاشفاً ‘أن غبطة البطريرك سيلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي وجّه اليه دعوة في هذا الاطار ، لكنه لن يلتقي أياً من المسؤولين الاسرائيليين ولن يرافق قداسة البابا أو يحضر معه أي لقاء مع الاسرائيليين’.
وتوقّع أبو كسم حصول لقاء بين البطريرك والموارنة الموجودين في فلسطين واللبنانيين الذين لجأوا الى اسرائيل في العام 2000 . وقال ‘لا يمكن ان يصل البطريرك الراعي الى القدس ولا يزور اللبنانيين الموجودين هناك والمسيحيين عموماً’، موضحا انه ‘يوجد في الاراضي المحتلة حوالي 10000 ماروني، ولو لم تكن هناك زيارة للبابا فرنسيس لما حصلت زيارة البطريرك الراعي’.
وكان رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدسة للموارنة المطران موسى الحاج شرح وضع الموارنة في فلسطين بالقول: ‘يبلغ عددنا نحو 7500 نسمة، عدا عن اللبنانيين الذين تركوا بلدهم قسراً عام 2000 ويقدّرون بـ 2500 نسمة’، ومؤكداً أن ‘لا هجرة لافتة للموارنة، بل على العكس هم موجودون ويريدون العودة الى قراهم المهجّرة منذ عام 1948، أي الى كفربرعم والمنصورة’.
ورأى الحاج أنّ ‘تأثير زيارة البطريرك الراعي ستكون رعوية في الدرجة الأولى على الموارنة خصوصاً والمسيحيين عموماً.
وسوف يستمع الى مطالبهم وينقلها الى أصحاب الشأن والقرار بهدف إحقاق الحق وتطبيق العدالة تجاه موارنة الاراضي المقدسة وتجاه اللبنانيين’، معتبراً أن ‘زيارة البطريرك الراعي هي بحد ذاتها نافذة أمل. فنحن أبناء الرجاء والقيامة وكلّنا أمل أنّ هذه الزيارة ستحمل الأمل والرجاء لمَن يؤمنون بدَور بكركي، وبشخص البطريرك المعروف بمواقفه وحيويّته وإصراره على نصرة المظلوم والمقهور والمعذب.
فالجميع ينتظرونه ويصلّون ويأملون نجاح الزيارة’، مشيراً إلى أنّها ‘المرة الأولى لزيارة بطريركٍ ماروني إلى الاراضي المقدسة، وهي تُشجّع المؤمنين على القيام بواحباتهم الروحية والرعوية والمدنية’.
ولكن هل ستستغل اسرائيل كعادتها زيارة البطريرك الراعي وتحاول توريطه بمصافحة أحد مسؤوليها أمام عدسات الكاميرات؟