لبنان: الشعب يريد ألا يموت جوعا!

حجم الخط
11

شهد لبنان، رغم قرار الإغلاق العام الذي يستمر حتى الثامن من شباط/فبراير، موجة من الاحتجاجات في مجمل المناطق اللبنانية، غير أن طرابلس، عاصمة الشمال، حظيت، كالعادة، بنصيب من الاشتباكات العنيفة مع قوات الأمن، أدت إلى جرح العشرات، وذلك خلال محاولات للمتظاهرين لاقتحام «السراي» المكان الرمزي الذي يمثل سلطة الدولة، حيث ألقى بعض المحتجين قنابل مولوتوف ومفرقعات نارية وحجارة على قوات الأمن والجيش، التي قامت بملاحقتهم إلى أحياء المدينة الداخلية وأطلقت قنابل مسيلة للدموع ورصاصا مطاطيا وعملت على محاصرة المحتجين وتفريقهم.
على هامش هذه الاحتجاجات كان هناك حدثان شخصيان مؤثران ومعبران يمكنهما تلخيص الوضع الذي تعيشه الطبقة الأوسع في لبنان، الأول حصل في طرابلس حين رمى أحد المحتجين ابنته، التي تبلغ الثانية من العمر، أمام أحد عناصر الجيش اللبناني قائلا: «لا أستطيع تأمين الطعام والحليب لها فخذوها» وحين تدخل أحد الضباط في الأمر تصاعدت موجة غضب كبيرة حول الأب وابنته.
وفي الحادث الثاني قام جندي لبناني شاب يدعى طارق الرفاعي أثناء خدمته في مدينة عرسال بإطلاق النار على نفسه، حيث ما لبث أن توفي في مشفى في الهرمل، وقد سجلت بعض وسائل الإعلام اللبنانية أن الانتحار وقع نتيجة «تدهور أوضاع العسكري الاقتصادية والمعيشية ووقوعه تحت أعباء الديون».
يظهر هذان الحادثان شمول الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وعدم تفريقها بين المدنيين والجنود، رغم اشتباكهم، دفاعا عن نظام سياسي متهالك، من قبل عناصر الشرطة والجيش، ودفاعا عن الحق الأدنى من العيش من دون جوع، من قبل المتظاهرين، الذين يحاولون كسر هذه الدائرة المغلقة، التي صنعها تحالف النخبة السياسية الحاكمة في الفساد والعجز السياسي والتبعية للخارج، والذي برهن على بؤسه وتهافته عبر الجريمة الرهيبة النكراء التي طالت مرفأ بيروت، وهو حادث ما تزال ألغازه لم تحلّ جميعها، رغم توجيه الأنظار إلى دور النظام السوري، وحلفائه الذين غطوا على وجود شحنة نترات الأمونيوم، وقاموا بتحويلها إلى براميل متفجرة لإلقائها على محتجين آخرين يقاتلون نظاما متوحشا في سوريا.
في رفض مفهوم للاعتداء على الأملاك الخاصة والأسواق والمؤسسات الرسمية، رأى رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري أنه «قد يكون هناك من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوو الدخل المحدود» ورغم دعوته الدولة والوزارات المختصة للعمل على كبح جماح الفقر، فإن التصريح يدلّ على ضعف في الحساسية السياسية، بمطالبته المحتجين الغاضبين أن يكفوا عن غضبهم الذي يدفع أحدهم للانتحار، ويدفع آخر للتفكير بالتخلي عن أبنائه، أو بلوم «جهات سياسية» على استغلال وجع الناس، والأولى به، كجهة سياسية وازنة، الدفاع عن هذه الجموع وليس التعامل مع أفرادها كأطفال.
يكشف هذا الأمر، التناقض بين النخب السياسية والجماهير التي تضطرها ظروفها البائسة للنزول إلى الشوارع، فمن الواضح أن النخب السلطوية لا يمكن أن تتحرك إذا لم تشعر بالتهديد الذي تمثله المظاهرات على كراسيها، وإذا كانت حماية الأملاك الخاصة والعامة ضرورية، فإن الإحساس بألم وغضب وجوع الناس، لا يقل ضرورة وأهمية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الوطن كمصنع يعمل به العديد من الإختصاصات! لا أحد في العمل يتمنى إفلاس المصنع!!
    والسؤال هو: من أفلس المصنع؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول أحمد سالم:

    الانظمة العربية لا تمثل الشعوب ولا تكترث كثيرا لمآسيهم وهمومهم ولم يصوت أحد لتمثيلهم والسهر على خدمتهم.
    النظام العربي قد أفلس ولم يعد صالح لإصلاح شارع او تهيئة حي، فما بالك بقيادة بلد او مواجهة الجائحة التي اتت على الأخضر واليابس لتزيد من مآسي الشعوب التي ما زالت تعاني من مرض مزمن وهو النظام العربي الفاشل.

  3. يقول المغربي:

    انا لست لبنانيا و لكن التاريخ علمني ان احب اللبنان و اقدره لان اللبنان في ايام عزه و وحدته يعتبر النموذج الراقي في التعايش بحب و احترام بين جميع طوائفه و لا سيما المسلمين و المسيحيين
    المسيحيون اللبنانيون عرفوا عبر التاربخ بمنارة لللغة العربية و حضارتها
    هذه الخاصيات جعلت اللبنان في قلب العاصفة من طرف الصهاينة لشيطنة الشعب اللبناني و فجرت حربا اهلية مصطنعة مهدت في احتلال اسرائيل الى بيروت
    المشكل الحالي في اللبنان ليس السيد الجنيرال العون و صهره كما يدعي البعض،، بالعكس لمن يعرف الحقيقة يعتبرا من اخير الناس يهمهما قبل كل شيئ مصلحة جميع اطياف الشعب اللبنانى و لا سيما على المدى الطويل..
    المشكل الحقيقي و الاساسي هو السيد سعد الحريري ذو الجنسيتين السعودية و اللبنانية له عقدة نفسية مزدوجة يكره المقاومة حزب الله ، و يسعى ان يبقى دائما في هرم السلطة
    انها مهزلة في تاريخ اللبنان حيت السيد سعد الحريري يعتمد على رئيس فرنسا السيد امانويل ماكرون لحلحلة مشاكل الللنان (الدولة المسنقلة ) ، اذا بعبارة اخرى الافضل ان يطلب رجوع الاستعمار الفرنسي

    1. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

      والشعب اللبناني قال كلن يعني كلن!

  4. يقول كمال - نيويورك:

    الطائفية و الفساد و انعدام الثقة و التخوين مستشري في كل طبقات المجتمع اللبناني و للأسف لا يوجد أي حل. الوضع يزداد سوءاً كل يوم و الانهيار الشامل مسألة وقت.

  5. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه (لبنان: الشعب يريد ألا يموت جوعا!)
    لبنان وغيره من الشعوب العربية وخاصة في الجيرة الاسرائيلية عليها أن تتعايش مع التهميش والافقار والتجويع
    وشظف العيش وانعدام الفرص والموت جوعا .كل ذلك لتبقى اسرائيل في أمن
    وبحبوحة عيش ،والا فإنه سيتولد خطر يهدد وجودها اللقيط. ولاسرائيل عملاء مخلصون يحرصون على هذا التخريب الداخلي في الكيانات العربية الكرتونية العميلة.
    هذه الحالة من الهوان والعمالة نجدها في السيسي والاسد وعملاؤهما .ولبنان هو ساحة الأسد وأذنابه في القيام بدور الحريص على التخريب والقمع .وجريمة تفجير مرفأ بيروت لا تزال في الدهاليز المظلمة التي من الصعب أن ترى النور ما دام الشاطر حسن يحتفظ بأسرارها
    و(الذين يحاولون كسر هذه الدائرة المغلقة، التي صنعها تحالف النخبة السياسية الحاكمة في الفساد والعجز السياسي والتبعية للخارج، والذي برهن على بؤسه وتهافته عبر الجريمة الرهيبة النكراء التي طالت مرفأ بيروت، وهو حادث ما تزال ألغازه لم تحلّ جميعها، رغم توجيه الأنظار إلى دور النظام السوري، وحلفائه الذين غطوا على وجود شحنة نترات الأمونيوم، وقاموا بتحويلها إلى براميل متفجرة)

  6. يقول ماغون:

    بما أن لبنان تسيطر عليه أباطرة الطائفية ولم يتوفر للبنانيين قوتهم اليومي فليقم جميعهم بهجرة جماعية نحو بلاد الغرب الذي يدعم الطوائف التي تقتر الحياة على اللبنانيين.

  7. يقول سامح //الأردن:

    *(لبنان) يغرق.. يغرق.. يغرق فهل من منقذ..؟؟ ؟
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

  8. يقول بلحرمة محمد:

    استغرب واتعجب من النظام العربي فرغم فشله الدريع في كل شيء وعلى جميع الاصعدة فانه لا يتنازل عن حكمه لمن هم اقدر على تحمل المسؤوليات بل نجده مصرا على الاستمرار في الحكم حتى ولو غرقت السفينة بمن فيها فمادا كان سيكون عليه العالم العربي لولا الفساد والافساد الشديدين اللدان طالا كل شيء؟ انه الوباء الاخطر من كورونا الدي اكل الاخضر واليابس دون رحمة وترك وراءه ملايين الضحايا من الشعوب العربية فغول الفساد وانتشاره هو السبب الرئيس في مصائبنا وكوارثنا وفواجعنا ومعاناتنا التي لا تنتهي فلمادا نجد في الغرب مسؤولون يستقيلون لمجرد خطا ما ولو كان بسيطا ونرى في رقعتنا العربية اصرارا على البقاء ولو اغرقوا البلاد والعباد في الجحيم؟

    1. يقول سنتيك اليونان:

      المشكلة ليست في الانظمة
      المشكلة في الشعب اللذي ينتظر الحل بدل ان يعمل للحل

  9. يقول عبد الوهاب عليوات:

    زكاة أمرال م ب س او م ب ز لرحدهما كفيلة بإخراج لبنان من أزمتها الاقتصادية في ظرف ساعة..
    لكنهما يفضلان الانفاق على شراء الاسلحة للثوار من اجل احداث انقلاب ديمقراطي في لبنان وفي غير لبنان..
    بالطبع لا اقصد الديمقراطية كنظام حكم رتشد ولكن ديمقراطية الشرق الاوسط الجديد الذي يدفع لبنان ثمنه غاليا في لا مبالاة عربية.. بل وتشفي احيانا من بعضهم المتصهين..

إشترك في قائمتنا البريدية