لبنان: «القدس العربي» استطلعت آراء الأفرقاء السياسيين من زيارة وزير الخارجية الإيرانية

سعد الياس
حجم الخط
0

الزيارة لم تحظ بالحرارة سوى من جانب الثنائي الشيعي وفي الطليعة حزب الله، فيما رئيس الجمهورية عون ورئيس الحكومة ميقاتي استقبلا الوزير الإيراني من باب رفع العتب.

بيروت-»القدس العربي»: أظهرت زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت رغبة طهران في تأكيد إمساكها بالقرار السياسي اللبناني وبأن هذا البلد العربي يدور في الفلك الإيراني. لكن اللافت أن هذه الزيارة على أهميتها لم تحظ بالحرارة المفترضة سوى من جانب الثنائي الشيعي وفي الطليعة حزب الله، فيما رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي استقبلا الوزير الإيراني في إطار دبلوماسي ومن باب رفع العتب نظراً للموقف الدولي من إيران أولاً وللمعارضة الداخلية لأي هيمنة إيرانية على لبنان ولأي تباه بتشكيل جيش يدافع عن الجمهورية الإسلامية ثانياً في إشارة إلى حزب الله الذي لولا وجوده العسكري لما كان لطهران نفوذ جدي في الداخل اللبناني والكلمة الفصل في القرار السياسي.
وإذا كان حزب الله أكثر المرحّبين بزيارة عبد اللهيان الذي التقى أمينه العام حسن نصرالله، فإن حركة أمل حرصت على الترحيب بالضيف بدءاً بالمطار وصولاً إلى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة.
وقد أعرب عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب محمد خواجه في حديث لـ»القدس العربي» عن ترحيبه بزيارة وزير الخارجية وقال: «الجمهورية الإسلامية من الدول الصديقة للبنان والزيارة مرحّب بها كما هو مرحّب بكل وزراء الخارجية ورئيس الوزراء الأردني» ورأى «أننا اليوم بحاجة للأشقاء والأصدقاء ليمدّوا يد المساعدة لنا، وأنا أعتقد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد تكون الوحيدة التي تعرض تقديم مساعدات وتقول بشكل واضح أطلبوا منا ونحن نقدّم».
ولا يولي خواجة أهمية كبرى للاعتراض على زيارة عبد اللهيان، ولا يوافق على توصيف تحرك بعض المجموعات بأنه «تظاهرة» ويقول «مع احترامي لهم رأيت مجموعة أفراد ولم أرَ تظاهرة، فلنتفق على التوصيف. نحن في بلد ديمقراطي والناس تعبّر عن رأيها، وإذا كان هذا هو العدد نحن نقدّره لكنه لا يغيّر شيئاً في الموقف العام للرأي العام اللبناني».
وعن الهواجس من أن نكون أمام هيمنة إيرانية نتيجة وجود سلاح حزب الله؟ يرد النائب خواجة بسؤال «هل زيارة وزير الخارجية تكرّس الهيمنة أو ترفعها؟ ثم لماذا سنتكلم عن هيمنة؟ لماذا لا نتكلم عن هيمنة أمريكية على لبنان؟ لا أرى غير هيمنة أمريكية وهذه هي الهيمنة الأساسية التي تتحكّم بكل مفاصل الحياة، بالعكس هذا شيء من التوازن الذي أوجده الحضور الإيراني وحلفاء إيران في لبنان من خلال كسر الحصار الأمريكي وهذه الحدة من التدخل الأمريكي في شؤوننا، وبدل الحصار فرض عليهم أن يذهبوا إلى الخيار الثاني حيث فتحوا أبواب سوريا وأبواب الأردن ولا أعرف ماذا سيفتحون لنا أيضاً من أبواب».
في المقابل، فإن قراءة أفرقاء سياسيين لبنانيين تختلف عن قراءة الثنائي الشيعي، ولا يرى البعض مانعاً من قيام وزير الخارجية الإيرانية في إطار دبلوماسي شرط عدم التدخّل في الشؤون الداخلية والتعرّض للسيادة اللبنانية. ويقول أمين سر»اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن لـ «القدس العربي»: «طالما الزيارة تحصل ضمن الأطر الدبلوماسية فلا بأس بها، إنما دائماً نصرّ على أن تُراعى المصلحة الوطنية اللبنانية العليا وأن نحافظ على سيادة لبنان. فهناك سيادة منقوصة في لبنان يجب استعادتها وكل ما هو تحت سقف المؤسسات الدستورية وتحت سقف العلاقات الدبلوماسية لا بأس، أهلاً وسهلاً بأي ضيف يأتي إلى هنا شرط أن يُراعي موضوع السيادة والعلاقات بين البلدين».
وعن انتقاد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط التدخل الإيراني واجتياح المازوت وإذا كانت هناك وصاية إيرانية جديدة يجيب أبو الحسن «عندما ينتقد وليد جنبلاط هذا الأمر، فلأن هناك انتقاصاً من السيادة اللبنانية أولاً، هذا رأينا ولا نغيّره أبداً، أما في موضوع الوصاية فنحن كنا أول من وقف في وجه أي وصاية وأي احتلال منذ أن عبروا عبر هذه البلاد منذ الاحتلال الإسرائيلي إلى الوصاية السورية أخيراً وصولاً إلى أي وصاية جديدة نحن لسنا معها».
ويرى نائب بيروت المستقل فؤاد مخزومي «أن هناك أمراً يجب التوقف عنده، فهل نحن هنا في علاقات دبلوماسية مع بلد ثان؟ إذا كانت لدينا علاقات دبلوماسية لا يمكنك أن تقول له لا تأتي إلى البلد. هل يا ترى سوف تتفاعل القوى السياسية ورئيس مجلس الوزراء مع إيران بضغط من حلفائه الذين أعطوه الثقة؟ هذا ما أود أنا معرفته كي أعرف كيف سأقارب الموضوع».
ويضيف مخزومي في حديثه إلى «القدس العربي»: «أن يجتمع به رئيس الحكومة فهذا أمر ملزم به لأن لدينا علاقات دبلوماسية، ولكن هل يا ترى سيتعاطى ويتفاعل معه حتى في النهاية يقول لنا إنه حزين من انتهاك السيادة اللبنانية من خلال إدخال المازوت الإيراني؟ هذا أمر يجب ترقّبه لمعرفة كيفية التعاطي به، فهو رئيس الحكومة ويفترض أن يصدر عنه كلام غير موضوع الحزن، وأتمنى على الجميع أن نكفّ عن الضحك على بعضنا البعض لجهة أننا نتحدث مع فلان ولا نتحدث مع فلان. طالما هناك تمثيل دبلوماسي لا يمكن على السلطة التنفيذية ألا تتعاطى مع الزيارة. السؤال هو كمية التفاعل معها لنرى ردّات الفعل من قبل العالم العربي والمجتمع الدولي».
وكيف يرى توقيت الزيارة بعد التوافق الفرنسي الإيراني على تسهيل تأليف الحكومة يجيب: «لا شك أن الحكومة جاءت بتوافق إيراني-حزب الله، هذا هو الواقع ومن أعطوا الثقة هم حلفاء حزب الله وهذا هو الواقع أيضاً. اليوم هل يا ترى ستكون هناك وصاية؟ إذا لم نبرهن اليوم للمجتمع الدولي أننا قادرون على التغيير ستصبح هذه الصورة واقعاً. الصورة أهم من الحقيقة، واليوم ما نراه من ممارسات يُظهِر للعالم أن هناك سيطرة كاملة من قبل حزب الله على البلد، وما رأيناه في مجلس النواب وتثبيت قانون الانتخاب الطائفي والمذهبي الذي أقرّ عام 2018 يعني هذه رسالة أن الأمر الواقع بات حقيقة ولا يمكنك تغييره ونحن نرفض هذا الكلام».
أما القوات اللبنانية فلا تختلف نظرتها من الموضوع الإيراني عن نظرتها للموضوع السوري سابقاً، ويقول عضو «تكتل الجمهورية القوية» النائب وهبه قاطيشا عن زيارة عبد اللهيان: «هو آت لتأكيد سيطرة إيران على لبنان وهذا معروف من قبل السياسة الإيرانية، ونحن كقوات لبنانية سنواجه أي سيطرة وفقاً للدستور ووفقاً للرأي العام ومن خلال الانتخابات، فلسنا اليوم في وارد مواجهة عسكرية من خلال المقاومة كما فعلنا في السابق، إنما من خلال الطرق المتاحة ونحن مدعومون من الرأي العام».
وعن إعلان المسؤول الإيراني الوقوف إلى جانب لبنان بعد إدخال المازوت الإيراني يقول قاطيشا لـ «القدس العربي» بإستهزاء: «إيران تقف إلى جانب لبنان بالسلاح وبالتدخّل، ومن المؤسف أن قسماً من شعبنا مجنّد كعسكر لإيران في الإقليم ويموت شبابنا من أجل إيران في سوريا والعراق واليمن وكل مكان، لذلك المازوت يعتبر كرشوة انتخابية على أبواب أشهر من الانتخابات النيابية».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية