بيروت-“القدس العربي”: لوحظ أن البيان اليومي الصادر عن نشاط رئيس الجمهورية ميشال عون يتضمّن فقرة عن متابعته الاتصالات الجارية لمعالجة الوضع الذي نشأ على صعيد العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج، في إطار تأكيد رغبة لبنان في إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية عموماً ودول الخليج خصوصاً، من دون أن يكشف هذا البيان طرق المعالجة وطبيعة الاتصالات، الأمر الذي دفع البعض إلى انتقاد مثل هذه المواقف التي لا تقدّم ولا تؤخّر والتي تعني الدوران حول الأزمة من دون حلها بدءاً باستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، في وقت تبقى جلسات مجلس الوزراء معطلة بسبب اشتراط حزب الله “قبع” المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
واللافت أن “كتلة الوفاء للمقاومة” دعت القائمين بشؤون السلطة “إلى معالجة الموانع التي تحول دون انعقاد مجلس الوزراء وأدائه لدوره وصلاحياته وفق النصوص الدستورية والقوانين المرعية الإجراء دون أي انحياز أو مجاملة لاتخاذ القرار المناسب والمسؤول”، من دون أن توضح المقصود بالانحياز أو المحاملة. واضافت الكتلة في ما يُعتبر غمزاً من قضية الوزير قرداحي ورفض إقالته “أن مناسبة يوم الاستقلال تؤكد الأبعاد والمعاني الوطنية التي ينبغي أن تترسخ في نفوس شعبنا الذي يستشعر المزيد من الإحساس بالانتماء الوطني وبالكرامة كلما تجسدت في وطنه الاستقلالية عبر المواقف السيادية الشجاعة المتحررة من الارتهانات السياسية لهذه الدولة النافذة أو تلك، وكلما تمكن المسؤولون في البلاد من حفظ المصالح الوطنية الكبرى المنسجمة مع مبادئ وقيم الحرية والسيادة والعدالة والرفض القاطع والدائم للإذعان للاحتلال أو للعدوان أو للتهديد”، معتبرة “أن الحرص على تنمية روح السيادة والاستقلال لا يتنافى مطلقاً مع الحرص على بناء أحسن العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، كما أن التعامل وفق قاعدة الارتهان أو التبعية من شأنه تهديد أحسن وأعمق العلاقات بين الشعوب والدول”.
ووسط هذه الأجواء ووسط تعاظم الأزمات الحياتية بعد رفع الدعم عن الأدوية المزمنة، يبدو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يواجه منفرداً التحديات في ظل معركة جديدة فُتحت في وجه رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود الذي يتهمه الثنائي الشيعي بحماية المحقق العدلي وبأنه أساس المشكلة، متأسفاً لما يسميه “انشطار القضاء بين قضاة مسلمين وقضاة مسيحيين”.
وتركّزت الأنظار في الساعات القليلة الماضية على ما سيصدر عن الهيئة العامة التمييزية إزاء دعوى مخاصمة الدولة في قضية تجاوزات المحقق العدلي المقدّمة من رئيس الحكومة السابق حسان دياب ومن وزير الداخلية الأسبق النائب نهاد المشنوق بعد دعاوى الرد المقدمة من الوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس. وقد عقدت الهيئة العامة لمحكمة التمييز اجتماعها في قصر العدل برئاسة القاضي عبود، لكنها انتهت من دون اتخاذ قرار في ما خصّ الدعاوى المقدمة التي يتم التعويل على نتائجها لعودة جلسات الحكومة، مع العلم أنه في حال تثبتت الهيئة العامة التمييزية من جدية اتهام المحقق العدلي بتجاوز صلاحياته في مسار التحقيقات، لا سيما بالشق المتعلق بملاحقة الرؤساء والنواب والوزراء، ترى مصادر قانونية أن قرار الهيئة قد يصل إلى حد كف يد القاضي البيطار كلياً عن ملف تحقيقات المرفأ وليس فقط حصر نطاق تحقيقاته في القضية بالموظفين والإداريين والأمنيين.
وتعليقاً على الحملة التي بدأت تستهدف رئيس مجلس القضاء الأعلى، لفت “نادي قضاة لبنان” إلى أنه “يتردد يومياً في الآونة الأخيرة خبر مفاده بأن تغيير رئيس مجلس القضاء الأعلى هو أحد شروط حل الأزمة الحكومية”، فقال في بيان “كفى تهديداً وتهويلاً، فرئيس مجلس القضاء الأعلى هو رئيس سلطة دستورية لا يُقال حسب الرغبات”. وأضاف: “آن الأوان لتتعودوا على قضاة مستقلين لا يلبون طلباتكم مهما كانت. حلّوا أزماتكم بعيداً من السلطة القضائية، واحترموا مبدأ الفصل بين السلطات، وكفى تهديماً وتخريباً في ما تبقّى من معاقل الدولة”، وختم النادي: “اتقوا الله في هذا الوطن”.